بعض المذيعين لم يصدقوا نبأ تنحي مبارك..العالم تابع ثورة الشباب بالصورة الحية.. نصب تذكاري لشهداء ثورة شباب مصر في قلب ميدان التحرير..دعوات لتغيير اسمه إلى «ميدان الشهداء»

تطلب الأمر ثمانية عشر يوما لزلزلة العالم، لكن الثورة هذه المرة بثت بالصورة الحية. وشاهد الناس في العالم المصريين يخرجون في ثورة سلمية. كانوا يشاهدون تعلوهم الدهشة أفول نظام حسني مبارك على شاشات التلفزيون. فحتى سقوط جدار برلين عام 1989 لم يحدث نفس الفرحة والإثارة نتيجة التغير في الأحداث – كانت تلك يقظة طويلة حملت تهديدا دائما بعنف جماعي على مستوى عال.

وعندما حلت النهاية يوم الجمعة كانت نهاية آمنة ومفاجئة، حتى إن التلفزيون الأميركي تفاجأ بعد وقوع الخبر. ركزت كل شبكات التلفزيون العالمية على القاهرة منذ الصباح الباكر، وقطعت الشبكات التلفزيونية برامجها المعتادة للانتقال إلى البث الحي من القاهرة عندما تواترت الأنباء، لكن المشاهدين لم يطمئنوا إلى صحة الخبر إلا بعد نزول الحشود إلى شوارع المدينة. كان مترجم قناة «سي إن إن» الفوري مندهشا للغاية وهو ينقل كلمات عمر سليمان نائب مبارك، إلى درجة أنه تلعثم وكرر اسم مبارك ثلاث مرات.

بدا بعض المذيعين متشككين بشأن إمكانية حدوث ذلك. فتحول ريتشارد لوي مذيع قناة «إم إس إن بي سي»، الذي بدا في حيرة كبيرة، إلى مراسل القناة ريتشارد آنغل في القاهرة، وسأله عما يمكن أن يستشفه من بيان سليمان المقتضب. توقف آنغل وابتسم ابتسامة عريضة مع ارتفاع موجة الفرح من ميدان التحرير.

لم يكن هناك أي تردد في خدمة قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي غطت الانتفاضة على مدار الساعة، وقدمت تجربة شبه شخصية ومفصلة لثورة شعبية.

وقال أدريان فينيغان، الذي وصف كلمة عمر سليمان بالقصيرة لكنها حلوة «لقد رحل مبارك». وتدافع المذيعون والمراسلون باتجاه هذا الهياج لوصف المشهد والتخمين حول مستقبل مصر في المرحلة القادمة. توقف فينيغان عن الحديث وترك السيل المنهمر من أبواق السيارات والأعلام والدموع يروي القصة.

كان من الواضح أن «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية تحاول استخدام الثورة في مصر للعب نفس الدور الذي لعبته قناة «سي إن إن» خلال حرب الخليج الأولى عام 1991. وكان رد الشبكة سلبيا. فخلال الأزمة حاول مراسلو «سي إن إن» الذي يغطون المظاهرات التمسك بموقف حيادي صارم، حتى إنهم لم يحاولوا التصنع.

وكما فعلوا في ذروة حرب العراق، اختار الكثير من الأميركيين مشاهدة القنوات الأجنبية خاصة بث قنوات «بي بي سي». أحيانا ما تكون تلك الطريقة مثمرة، ففي يوم الخميس عندما توقع العالم تنحي مبارك ظلت قناة «إم إس إن بي سي» مقتنعة تماما بذلك، حتى إنها واصلت استخدام كلمات «الرئيس المصري سيتنحى» على الشاشة عدة دقائق أثناء إعلان مبارك أنه لن يرحل. قبل ذلك بساعات عندما سئل أيمن محيي الدين عن رأيه في إمكانية مغادرة مبارك حقا، قال المراسل إنه يعتقد أن الرئيس المصري لن يتخلى عن السلطة. وعندما اتضح صواب ما قاله ظل محيي الدين متحدثا بصوت خفيض وهو يغطي رد فعل المتظاهرين الغاضبين.

بيد أنه كان أقل سخطا من أندرسون كوبر، مذيع «سي إن إن»، الذي قال لوولف بليتزر «هذه صفعة على الوجه، وخطوة نحو القبر على دماء الشعب المصري التي أريقت على مدار أسبوعين في ذلك الميدان الذي ننظر إليه الآن وولف».

وطلب فينيغان من محيي الدين، المصري المولد والذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، يوم الجمعة الخروج عن الحيادية لبرهة، وأن يقاسمه مشاعره الشخصية بشأن تحول مجريات الأحداث (محيي الدين كان واحدا من المراسلين الذين اعتقلتهم قوات الأمن خلال المظاهرات).

لم يسمح لنفسه بالتعبير عن الفرحة، وأشار عوضا عن ذلك إلى أن كل المصريين لا يسعهم سوى الشعور بالفخر بما حدث في شوارع القاهرة. وكان أكثر ما عبر به عن مشاعره قوله «لم أعتقد أبدا أنني سأعيش لكي أشهد مثل هذا اليوم»، كان ذلك تعبيرا مقتضبا لكنه ينم عن الكثير.

* خدمة «نيويورك تايمز»

[COLOR=blue]نصب تذكاري لشهداء ثورة شباب مصر في قلب ميدان التحرير

دعوات لتغيير اسمه إلى «ميدان الشهداء»[/COLOR]

في نشوة الاحتفالات التي غمرت ميدان التحرير، بعد إعلان الرئيس المصري حسني مبارك تنحيه عن الحكم، لم ينس شباب الثوار بالميدان شهداءهم، وأقاموا لهم نصبا تذكاريا وسط الميدان، وأوقدوا حوله الشموع ووضعوا دفترا لتسجيل التعازي والكلمات للشهداء.

محمد عبد اللطيف، أحد أعضاء لجنة النظام بميدان التحرير قال لـ«الشرق الأوسط»: «كل منا كان له دور في تلك الثورة، ولكن هؤلاء الشهداء كانوا أصحاب الدور الرئيسي في الثورة، فلولاهم ما كنا وصلنا إلى ما نحن فيه الآن».

وأضاف: «أدعو كل المصريين إلى عدم استخدام اسم (ميدان التحرير) في تعاملاتهم اليومية واستخدام اسم (ميدان الشهداء) اعتبارا من اليوم».

ودعا عبد اللطيف النظام الجديد الذي سيأتي في مصر إلى تغيير اسم محطة مترو الأنفاق التي تقع أسفل ميدان التحرير من محطة «أنور السادات» إلى محطة «الشهداء»، على أن يطلَق اسم أنور السادات على المحطة التي تقع أسفل ميدان رمسيس التي تحمل اسم محطة «حسني مبارك».

عدد من المواطنين المصريين الذين كانوا في ميدان التحرير حرصوا على تسجيل كلمات للشهداء في دفتر العزاء الموجود بجانب النصب التذكاري الرمزي المقام وسط ميدان التحرير، كان منهم ليلى إبراهيم، وهي ربة منزل وأم لطفلين، أتت إلى ميدان التحرير بصحبة زوجها وأطفالها، لتشارك في «فرحة مصر كلها»، حسب ما قالت. وتضيف ليلى: «أشكر كل شباب مصر. أثبتوا أنهم رجال بحق، خلصونا من الفساد بكل أشكاله».

أما الحاج عواد عبد الحميد، فوقف بجوار النصب التذكاري واضعا عصابة بألوان علم مصر حول رأسه، وهو يردد: «ألف مبروك للمصريين كلهم»، وأضاف: «لا أعرف هؤلاء الشهداء، ولكن الآن هم جميعا أولادي، بل هم أولاد جميع المصريين، ويكفي أنهم أشجع منا بكثير. نحن نزلنا بعدما سكت الرصاص، لكن هم تلقوا الرصاص في صدورهم العارية ليمنحونا الخلاص من حكم الطاغية».

وكما انطلقت الدعوة لشرارة ثورة شباب مصر من على موقع «فيس بوك»، حمل الموقع نفسه أيضا الدعوة لمسابقة لاختيار أفضل تصميم لنصب تذكاري يحمل أسماء هؤلاء الشهداء وتاريخ استشهادهم ليتم وضعه في ميدان التحرير، وأطلقتها «جمعية نهوض وتنمية المرأة»، وتحمل المسابقة اسم «أبطال مصر الحقيقيون».

وللمسابقة عدة شروط، منها ألا يزيد عمر المشارك في المسابقة على 35 سنة، على أن يضم النصب التذكاري كل الشهداء الذين استشهدوا خلال أيام الثورة، بأسمائهم وتاريخ استشهادهم وصورهم، بالإضافة إلى قصة استشهاد خالد سعيد، الشاب السكندري الذي لقي حتفه على يد اثنين من رجال الشرطة السريين، لأنه كان الشرارة التي انفجر من خلالها الشباب، على أن يكون الموعد النهائي لتلقي التصميمات المقترحة هو 28 فبراير (شباط) الحالي.

وقالت الجمعية إن التصويت على التصميمات المقدمة سيكون من خلال موقع «فيس بوك» خلال الفترة من 1 – 4 مارس (آذار) المقبل، مشيرة إلى أن النصب التذكاري سيقام بالجهود الذاتية حيث سيتم جمع جنيه واحد من كل شاب عن طريق أحد البنوك. في حين ذكر البعض بالحملة الشعبية التي دعا فيها طلعت حرب رائد الاقتصاد الوطني في عشرينات القرن الماضي، المصريين للتبرع بـ«قرش» (الجنيه يساوي 100 قرش) من رواتبهم لتمكين المثال محمود مختار من إنجاز تمثال «نهضة مصر».

وقال أحمد متولي شقيق الشهيد محمد متولي الذي توفي بطلق ناري في رقبته يوم 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، أمام قسم شرطة المعادي، وهو يضع صورة شقيقه بجوار بقية صور الشهداء في النصب التذكاري: «هذا النصب يجب أن يظل موجودا في ميدان التحرير ليبقى شاهدا على ظلم نظام مبارك، وحتى لا ينسى أحد فضل هؤلاء الشهداء في ما تحقق». وأضاف: «أرفض أن يعزيني أحد في استشهاد شقيقي. بدلا من أن تعزيني قل لي ألف مبروك». وأبدى ترحيبه بتغيير اسم الميدان من «التحرير» إلى «ميدان الشهداء» لـ«تخلد ذكراهم في وجدان المصريين».

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..