الصادرات غير البترولية سياسات اقتصادية خاطئة تكشف المستور!!

تقرير: جمعة عبد الله

تعتبر الصادرات غير النفطية بالسودان بمثابة الداعم الحقيقي للاقتصاد القومي غير أن القطاع لم يتمكن من القيام بهذا الدور على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية، وخصوصاً بعد استخراج النفط الذي اعتمدت عليه الحكومة كلياً في الحصول على مواردها ونتج عن ذلك إهمال قطاعات هامة ومؤثرة مثل الزراعة والصناعة على سبيل المثال، وهي التي كان بإمكانها أن تشكل مصدر دعم حقيقياً لاقتصاد البلاد في حال تم إيلاؤها الاهتمام اللازم. ويشير مراقبون أن اهتمام الحكومة الرسمي بالبترول دون غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى يعد أحد الأسباب التي أسهمت في تقليل صادرات البلاد غير النفطية خصوصاً المحصولات الزراعية مثل القطن والسمسم والفول السوداني والمنتج الأكثر قيمة الصمغ العربي مع الإشارة إلى أن الاعتماد على النفط لوحده خلق فجوات بائنة لم تفلح المجهودات الحكومية في التعامل معها.

الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي يشير الى أن دعم الصادرات غير النفطية يمكن أن يعود على الدولة بفوائد عديدة، وانتقد توجه الدولة نحو الاعتماد أكثر على القطاع النفطي الذي أشار إلى أنه مورد مهم إلا أنه قابل للنضوب، وأشار الى أن القطاعين الزراعي والصناعي هما المورد الحقيقي لاقتصاد البلاد، داعياً الى مزيد من الاهتمام بهما، وقال إن ظاهرة الارتفاع المتوالي في الأسعار يوجب على الدولة التدخل لكبح جماح الأسعار، معتبراً أن الظاهرة نابعة من عدم وجود صادرات حقيقية تسهم في المنتجات التي يتم استيرادها وبالتالي يتصاعد سعرها لافتاً الى أن هذا الأمر يتحمله المواطن. مشيرًا الى ضرورة قيام الجهات المختصة باتخاذ معالجات مناسبة تمكن من زيادة الصادرات غير النفطية. بيد أنه رهن الأمر بتعزيز الاهتمام بالقطاعات المنتجة وخصوصاً الزراعة والصناعة الذي قال إن ذلك بإمكانه أن يسهم بفعالية في توفير السلع المختلفة المنتجة محلياً عوضاً عن المستوردة وبأسعار مناسبة وفي متناول أيدي الجميع داعياً الى سن التشريعات التي تعزز من هذا الاتجاه كاشفاً عن وجود سياسات اقتصادية خاطئة تسببت في تدهور صادرات البلاد غير النفطية.

تشغيل طاقات معطلة

وزير الصناعة أشار في تقريره عن أداء الوزارة عن العام الماضى الذي ألقاه بالمجلس الوطني أن وزارة الصناعة عمدت الى إصدار العديد من السياسات التي تهدف لتعزيز الصادرات الصناعية، لافتًا الى أهمية تشغيل الطاقات المعطلة، مشيراً الى عملهم على تشجيع الاستثمارات في القطاع الصناعي والسعي لحل المشكلات وتذليل العقبات التي تواجه القطاع مؤكدًا على تنسيقهم مع الجهات المختصة لتوفير النقد الأجنبي لمدخلات صناعة الأدوية والسكر والقمح حتى يتم التقليل من كلفة الاستيراد، مشيراً الى تنسيق الوزارة مع بنك التنمية الصناعية لاستمرار محفظة تمويل الحبوب الزيتية بالإضافة إلى قيام الوزارة بتوفير مدخلات الإنتاج المحلية بالتعاون مع الجهات الأخرى ذات العلاقة خصوصاً صناعة الزيوت والعلف والاسمنت. وقال الوزير إن تلك السياسات أسهمت في استقرار الإنتاج لهذه الصناعات وتقليل المستورد منها وقطع بعدم تطبيق الميزات التفضيلية على السلع المستوردة عبر اتفاقية العربية الكبرى لحين انتهاء اللجنة الفنية لقواعد المنشأ للسلع التي لم يتم الاتفاق حولها وقال بأن تلك السلع سيتم التريث لحين إجازتها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجامعة الدول العربية معتبراً أن تلك الخطوات مهمة لجهة كونها ستؤدي للتأكد من أن الإنتاج المحلي يجد الدعم المطلوب دون تجاوز لأهمية الجودة والسعر المناسب للمستهلك، مشيراً إلى وضع قاعدة بيانات بالتنسيق مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ووزارة التجارة لبعض السلع الاستراتيجية ومنها السكر والقمح والزيوت والاسمنت مشيراً الى أن ذلك الإجراء تم لمعرفة حجم الاستهلاك الفعلي والتعرف الدقيق على كميات الناتج المحلي للمساعدة في اتخاذ القرار السليم في حينه دون أي مخاطر.

إلا أن الخبير الاقتصادي البروفيسر ميرغني ابنعوف يذهب للقول إن مساهمة الصادرات غير البترولية في اقتصاد البلاد في الوقت الحالي تقدر بنحو 46% من حجم الصادرات الكلية معتبراً أن إمكانيات السودان تؤهله لصادرات أكثر من هذه بكثير مشيراً الى أهمية تعزيز الاهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي كاشفاً أن صادرات القطاعين يمكن أن تصل لحوالي 90% من جملة صادرات البلاد، بيد أنه أشار الى أن الوصول لهذه النسبة مرهون بإزالة المعيقات التي تسببت في تدهور القطاعين. وشدد على ضرورة التقليل من الرسوم والضرائب والعوائد المفروضة عليهما حتى يتمكن كل قطاع من النهوض وتعزيز المنتج الوطني وبالتالي زيادة حجم الصادرات من القطاعين الزراعي والصناعي.

نظرة على الأرقام

سجلت الصادرات الصناعية في العام المنقضي تبايناً ملحوظاً، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه مؤشرات الأداء لبعض الصادرات انخفضت أخرى، ففي الفترة من يناير وحتى ديسمبر بلغت صادرات الصمغ العربي 45 ألفاً و466 طناً مترياً بقيمة 72 مليوناً و138 ألف دولار بمعدل نمو 10% عن العام السابق، وكانت صادرات زيت الفول السوداني 711 طناً مترياً بقيمة 900 ألف دولار بنسبة زيادة 86،7 عن العام السابق وحققت صادرات المولاص 60 ألفاً و196 طناً مترياً بقيمة 5 ملايين و738 ألف دولار، وصادرات الأمباز 53 ألفاً و702 طن متري بقيمة 11 مليوناً و532 ألف دولار، فيما بلغت صادرات اللحوم في العام المنقضي 3 آلاف و158 طناً مترياً بقيمة إجمالية 15 مليوناً و409 ألف دولار وصادرات الجلود المدبوغة حققت 31 مليوناً و588 ألف دولار وبلغ إجمالي الصادرات الصناعية 131 مليوناً و599 ألف دولار فيما كان إجمالي الصادرات الكلية أكثر بقليل 3 مليارات دولار.

في سلع البرنامج الخماسي ما تزال بعض السلع الإستراتيجية لا تكفي بالكاد للاستهلاك المحلي وبالتالي فإن نسبة المصدر منها قليلة ومنها سلعة السكر حيث قدرت وزارة الصناعة إنتاج السكر بكميات 652 ألف طن في العام المنقضي معتبرة أن هذه الكمية أقل بنسبة 5،7% عن الموسم السابق وعزا وزير الصناعة أسباب انخفاض إنتاج السكر إلى نقص معدلات الأمطار في الموسم مما أثر على نمو القصب علاوة على انخفاض نسبة الخلف المعمرة حتى الخلفة الثامنة في المزرعة وكثرة الحشائش بالمزارع بالإضافة الى الرعي الجائر على المزارع الطرفية، وتشير الوزارة الى أن من أسباب انخفاض الإنتاجية لهذا العام ندرة وعدم توفر العمالة الموسمية وعدم زراعة المساحات المقررة في سكر النيل الأبيض نسبة لاعتراضات الأهالي مما أسهم في تقادم عمر القصب بالمشروع بسبب تأخر التشغيل التجريبي علاوة على أن المساحات التي تدخل الحصاد في كل عام ظلت ثابتة في شركتي السكر السودانية وكنانة مع وجود مشاكل على الأرض حالت دون الحصول على مساحات زراعية إضافية وأثر هذا الأمر على الدورة الزراعية من خلال وجود قصب خلفة معمر عمرة أكثر من 8 سنوات وهو ضعيف الإنتاجية مع صعوبة تنفيذ برنامج إحلال العينات الجديدة. ولا يختلف الوضع كثيراً في سلعة القمح الأكثر أهمية حيث سجلت كميات القمح المنتج في العام المنقضي مليوناً و957 أف طن بمعدل نمو وزيادة 15% عن العام السابق وبحسب تقرير وزارة الصناعة أن أسباب زيادة الإنتاج تتلخص في تغيير النمط الاستهلاكي للمستهلك السوداني علاوة على رخص أسعار الدقيق المخصص للخبز بالمقارنة مع البدائل الأخرى، كما أن العديد من الدول تعتمد على منتج القمح السوداني مشيراً الى أنه أرخص سعرًا من أسعار السوق العالمي في حال الاستيراد منه، لذا تفضل بعض الدول الاعتماد على القمح السوداني.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..