وماذا بعد الدمار الشامل ؟

إنقضى العام ٢٠١٥ ووطني يئن من الألم وقد تمزقت احشائه بمخالب شريرة لا تعرف الرحمة ولا تحب من يؤمن بها او حتى يدعو لها وصرخ إنسان وطني من شدة الألم بكل فئاته نساءاً ،رجالاً، شيوخاً، شباباً وحتى الاطفال ابكاهم الجوع وحر الصيف الحارق وبرد الشتاء القارس وهم يحلمون بسقف يقيقهم لفحة الشمس او بطانية تبعث فيهم الدفء.. تلك المعاناة أرقت اعيننا وابكتها وألمت مشاعرنا ولامتها وظللنا نصرخ بالكلمة ونقول لا لكل من عبث بتراب الوطن وسرق وباع وتنفّع ولم يقدم له إلا الاكاذيب والوعود الوهمية واللعب على عقول اهله الكرام ولكن الى متى ؟ هل ستشرق شمس اول يوم من ايام السنة الجديدة ٢٠١٦ ونحن كما نحن صامتون ؟ لماذا نرضى بمعيشة الشقوق والحفر والطين ؟ لننظر الى ما لحق ببلدنا من دمار في كل المجالات ولنبدأ بالتعليم وما ادراك ما التعليم والذي صار خراباً ولم يتبق منه سوى ذكرى في نفوسنا نشعر بالحنين له ولمجده كلما رأينا هيكل مدرسة يبعث الرعب والفزع كما الشيطان وحُكام الوطن الغالي يشربون الذ المشروبات ويأكلون اطعم المأكولات ويمتلكون اغلى السيارات ويلبسون افخر الثياب ويجلسون في افخم القاعات ليتناقشوا في الهوية وهل نحن نحمل الدماء والملامح السودانية ام نحن اتينا من كوكب اخر وذي ما قالوا (هم يضحّك وهم يبكّي ). الصحة.. تلك الكلمة والتي لم يعد لها معنى او قيمة وكل المشتشفيات تقف شاهداً ودليلاً فكل من يدخلها مريضاً يتمنى ان تطلع روحه ولكن بعيداً عنها فقد تحولت لاماكن للاشباح والاوساخ وللعدوى للكثير من الامراض واذا صبرت على وجع سوء المستشفى وشكوت ألمك للطبيب لزادك ألماً ولعجّل بموتك ولادخل الشك في نفوس من كانوا معك هل هذا الطبيب طبيباً او هو يؤدي مشهد مسرحي وهو يلبس البالطو الابيض ويا عجبي !!!! غياب القوانين في السودان إلا مع المغلوبين والمتعبين فهم محاسبون في كل صغيرة وكبيرة وعليهم ان يصبروا حتى الموت وينتظروا (وهم يبتسمون )الحكام حتى يشبعوا وما تبقى من موائدهم ( الفضلات) ستكون من نصيبهم ويجب عليهم ان يشكروا الله لتلك النعمة الكبيرة … الجامعات رفاهية ويكفيهم اهل وطني فك الخط وكتابة الاسماء عند الحاجة والجامعات لابناء وبنات الحكام القادرين على دفع الملايين من الجنيهات او ما يعادلها من العملات الصعبة ومد رجليك على قدر لحافك يا من ترغب في دخول الجامعة من عامة الشعب الطيب والله يعينكم .. . كنا بنتم البطن بالطماطم بالدكوة وفتة الفول والكسرة ولكن حتى هذه المطايب اصبحت مرهِقة مادياً وتحولت لرفاهية فالاسعار اصبحت كالصاروخ لا تقبل إلا بالتحليق في السماء والعين بصيره واليد قصيره .. اذا كان الغاز والفحم نشمّر لهم السواعد ونقف في صفوف لا تنتهي ونظل منتظرين ومنتظرين حتى يترفق احد الحكام ليكذب علينا بكلمتين من طرف لسانه (بعد ان فطر وإتغدى وإتعشى واستحم وتعطر واستغل فارهته الانيقه وخلفه وامامه الاعلام والحراس) ليلقيهم على مسامعنا ونحن قد جفّت حلوقنا وتورمت اقدامنا وعزفت بطوننا موسيقى الجوع وزاغت ابصارنا من البحلقة في السماء والارض وللاسف وبعد كل هذه الاعراض نعود بخُفي حُنين …السكة الحديد ذلك الصرح العظيم والكنز الثمين أين ؟ اصبح ذكرى وقصة نرويها لصغارنا كيف كانت السكة الحديد وكيف تحولت لخراب ..مشروع الجزيرة أين ؟ طار في الهواء وطارت معه ارزاق اهلي وحلّ مكانه الجوع والهوان .. الجامعات العريقة والعلم والعلماء من ابناء وبنات بلدي اين هم ؟الجامعات أصبحت اسماء فقط والعلم والعلماء هاجروا وخلوا الريح تنوح فوق البلد.. اين الثقافة واهلها وصُناعها ومعاهدها كقصر الشباب والاطفال واين الفن الراقي وكل من اجتهدوا لصُنع مجد ثقافي للوطن ؟ تحول كل هذا لاطلال نزرف من اجله الدموع وننتحب… اين الطرق المسفلتة والشوارع النظيفة والحدائق الخضراء ؟ ده كلام رفاهية ولازم نسكت وما نسأل عنه ابدا …ماذا يحدث في شارع النيل ؟ لا توجد اجابة ما دام مافي حكومة تشرف على الشارع ولاهي فاضيه عشان تُنير الشارع او تعمل مقاعد وكافتريات اكل وشرب محترمه وخلينا نكون شيكاغو السودان !!! …. أين تلفزيون زمان وبرامج الثقافة الممتعة ؟ أين الكلام المفيد في كل مجالات الحياة ؟ أين مساحات الاطفال ومشاركاتهم في بناء عالمهم والمجتمع ؟ التلفزيون كجهاز موجود ولكنه تحول لصالات لعروض الازياء وبرامج كثيرة في تعليم كيف نصبغ الشعر ونضع المكياج وعمل الساونا المغربية وغيرها وإعلانات عن الثياب النسائية ومراكز الجمال وبرامج لعرض العطور السودانية وغيرها ومغنيين ومغنيات لا حصر لهم وشعراء لا يقولون شعراً واما الاطفال فأقم عليهم مأتماً وعويلا والباقي من الزمن مقسم بين كلام في السياسة وكله كذب ولعب بالعقول والقليل من الزمن في برامج الدين وكلوا لغياب الحاكم المتعلم والمثقف والذي يخاف الله ويخاف على سمعة بلده … أين اخلاقنا السمحة ومميزاتنا المتفردة وطيبتنا السودانية والتي لا يوجد مثيلها وأين غيرتنا على بلدنا وحبنا للسمو والرفعة ؟ هذا هو السؤال الصعب واتمنى ان تكون الإجابة بأن كل ما سألت عنه موجود حتى لا نفقد الأمل ونواصل المسيرة لنعيد للوطن ما ضيعته النفوس المريضة والمجرمة ولكن لنتّحد ونقوى بحبنا للوطن وغيرتنا على الحبيب السودان ونقسم قسم شرف واكُفنا فوق بعضها ان يكون ٢٠١٦ عام النصر لنا وانتهاء الازمات وعام السلامة في الشمال وحمايته من خطر النفايات وعام الجنوب وإعادته لخريطة السودان وعام الشرق لتنميته وتطويره وعام الغرب لوقف الحروب والنزيف والجوع وعام تطيب فيه جروحنا وجروح الوطن ويسود الحب مكان الدم… وتنوم العين بعد الهم… ونشوف اطفال نضاف تأكل وتشبع … في الصباح تفرح… وبالعصريه تلعب وتمرح… ونشوف رجال للارض تزرع ونشوف نساء تشارك وللراس ترفع… ولعنة الله على كل جائر وظالم ودمت يا وطن.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..