مشروب ?الآبري? يحافظ على موقعه في المائدة الرمضانية السودانية على مر الأزمان

الخرطوم ? عرفة وداعة الله
رائحتها المميزة تعبق شوارع المدن السودانية كافة هذه الأيام وهي ميقات ومنبه بأن شهر رمضان اقترب، والأمر ينسحب على الأسواق التي تشهد انتعاشا عاما في شهر رجب الأغر استعداداً لرمضان المعظم، وفي مقدمتها الحلو مر أو (الآبري)، وهو مشروب تقليدي متوارث عبر الأجيال له مذاق خاص، وهو مشروب موسمي يتم تناوله عند الإفطار في شهر رمضان، فلا تجد سودانياً حتى وإن كان في الاسكيمو إلا وهو يبتدر إفطاره بجرعات من مشروب الحلومر.
يرجع الباحثون تاريخ هذا المنتج إلى جذور الحضارات السودانية القديمة، ويعتقد البعض أن هذا المنتج صنع في بربر حاضرة التركية السابقة ثم تداولت بقية الحواضر سر الوصفة، فالحلومر في حقيقة الأمر توليفة سودانية خالصة انسكب في قوامه ومزاجه وعناصره النتاج العبقري للذاكرة الشعبية.
انتهت لمة الجيران !
وترى الكثير من النساء أن الحلو مر معقد في عمله وصناعته، فالحلو مر يعد مشروعاً قومياً ارتبط بالسوادان، بالرغم من تنوع عاداته وتقاليده وبيئاته، وتم التوافق في حركة الانصهار الثقافي والاجتماعي على مشروع الحلو مر مشروباً مشتركً في كافة أنحاء السودان، ففي زمن ليس بالبعيد كان يوم عمل الآبري عبارة عن لمة للأهل والجيران في الحي، وتقوم النساء بـ (عواسة) الآبري مع بعضهن على أن تقوم صاحبة الحلو مر بسد الدين لكل من ساعدنها، ولكن الآن بدت ظاهرة استئجار (العواسات) ويتم استئجارهم بمبالغ طائلة، وتقول آمنة حسن إحدى النساء اللائي يقمن بصناعة الحلو مر بمنطقة الدروشاب لـ (اليوم التالي) إنها أصبحت لها سمعة طيبة بجودة صناعتها، وأضافت بأنها من بداية رجب إلى رمضان يكون يومها مزدحماً بالانتقال من منزل إلى منزل، لذلك تقوم النساء بحجزها عبر الهاتف من وقت كاف لكي لا ترتبط مع غيرها، وقالت إنها تقوم بصناعة الحلو مر مقابل (25) جنيهاً للجردل الواحد، وترى أن أسعار (العواسة) في زيادة سنوية بدون مبرر، ولكنها صعبة ومتعبة وتتطلب جهداً بدنياً وأحياناً تصاب النساء بالإعياء والمرض، والمبلغ الذي نجمعه لا يكفي للعلاج.
صناعة موسمية !
وفي ذات السياق، تحكي الخالة سعاد لـ (اليوم التالي ) مأساتها مع استئجارها لصناعة الحلو مر، وأنها تعمل في هذا العمل منذ سبعة أعوام في منطقة من مناطق ولاية الجزيرة مقابل مبالغ مالية زهيدة، لم تجن منها سوى المرض والتعب، ولكن ? بحسب سعاد ? لا مفر من ذلك لتكسب رزقها، خاصة وأن (عواسة) الحلومر موسمية، لكن في منطقتها لا تدفع النساء للمستأجرات. حيث الجردل بـ(15) جنيهاً، وجردل الآبري الأبيض بـ (30) جنيهاً والرقاق بـ (35) جنيهاً، لكنها أبدت أسفها من اندثار العادات السمحة في المجتمع والتعاضد وتكاتف النساء متمنية رجوع النساء إلى العواسة مع بعضهن.
اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..