أخبار السودان

طريق الخرطوم بورتسودان..وعثاء السفر وكآبة المنظر«1»

الطريق القومي: علي البصير
يعتبر طريق الخرطوم بورتسودان, من الطرق القومية المهمة باعتباره شرياناً شرقياً يربط العاصمة بولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، وهو طريق ذو كثافة مرورية عالية، تستخدمة مركبات النقل العامة والخاصة، والشاحنات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة،

يشق هذا الطريق مناطق وعرة ومحفوفة بالمخاطر، وقد شهد الطريق حوادث مأساوية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء ولأسباب مختلفة على رأسها تفلتات الطريق والسرعة الزائدة والتخطي الخاطئ بحسب إحصاءات المرور، وأخرى متعلقة بالبيئة المرورية وما يعتريها من معيقات, وقليلة جداً متعلقة بالمركبة وجاهزيتها، وهو ما قادنا للوقوف على معيقات هذا الطريق ميدانياً (شوف عين)، في رحلة نوعية على متن بص سفري درجة أولى أدار محركه في تمام الساعة (6:19) صباحاً، حتى الساعة (5:22) مساءً, وهي رحلة طويلة تكشفت وراءها الكثير من الإشكالات الحقيقية التي جعلتنا نستشعر دعاء السفر بإحساس مغاير (اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده), ولا نمانع في صحبتكم معنا.
في موقف شندي
تذكرتي تحمل الرقم (7) وهو من المقاعد الأمامية التي تمكن الراكب من الاستمتاع بالرحلة ومراقبة كل ما يحدث في كابينة المراقبة. وقبيل مغادرة البص في تمام الساعة (6:19) صباحاً لاحظت أن الزجاج الأمامي للبص مزين بكميات كبيرة من (الهتش) والأناتيك وتفاصيل الزينة التي أحصيت منها عدد (9) علاقات (نيرد) قماشية أمام السائق مباشرة، (15) دمية دب، (4) سبح، زهور صناعية على طول الطبلون، كيس كمون، مصحفين، عدد (5) مرايات داخل الزجاج الأمامي، واحدة كبيرة في الوسط، عدد (4) مساند أسفنجية على امتداد الطبلون، أما خارج الزجاج الأمامي يوجد استيكر مكتوب عليه (الإدارة العامة للمرور، مشروع التتبع الآلي رقم ….)، هذه أولى ملاحظاتي على البص الذي شق طريقه بهدوء نحو الثغر.
بعد حوالي نصف ساعة تقريباً وصل البص إلى منطقة حطاب بشرق النيل, وقد بدأ البص يترنح يميناً وشمالاً تفادياً للحفر الكبيرة في الطريق، لم يستمر الحال طويلاً حتى وصل منطقة العوتيب بولاية نهر النيل في تمام الساعة (8:40) صباحاً، وظللت طوال هذا الوقت أراقب سلوك السائق عند التجاوز والإفراط في السرعة, إلا أنه وللحق, كان منضبطاً ولم يرتفع مؤشر السرعة عن (100كلم/س)، إلى أن وصل منطقة المسيكتاب في تمام الساعة (9:30) تماماً.
وجبة قهوة وشاي
توقف البص هنا لتناول وجبة إفطار في إحدى الكافتيريات, إلا أن غالبية الركاب احتسوا القهوة والشاي، وأنا منهم رغم الشعور بالجوع، فالكافتيريا غير نظيفة ولا تقدم وجباتها بصورة شهية، فضلاً عن أسعارها المرتفعة, فطبق الفول حاف بـ(15) جنيهاً، لذلك يتوجب أن تمنح سلطات تلك المناطق تراخيص للمطاعم والكافتيريات بمواصفات تراعي أبسط اشتراطات الصحة.
إلى بلد الحديد والنار
وصل البص لمدينة عطبرة في تمام الساعة (11:06), واتجه شرقاً صوب ولاية البحر الأحمر، وقتها طلبت من مضيف البص أن يسمح لي باستخدام مقعده لأغراض التصوير, وقد وافق مشكوراً وهو على درجة من الأدب، وحتى اقترب من السائق للحديث حول الملاحظات في الطريق، فطلبت منه دون أن يسمع أحد من الركاب أن يسرع الخطى ويتجاوز بسرعته الـ(100) التي يحتفظ بها من الخرطوم، لم يرد عليّ واطلعني على إيصال عليه (5) مخالفات في رحلة واحدة جميعها ما بين (101- 105)، وقال إنه دفع تسويات قرابة الـ(500) جنيه، ولن يتجاوز بسرعته الحد المسموح به مهما كانت الأسباب، وعلل ذلك باستخدام نظام التتبع الآلي للبصات السفرية، فأجريت معه حواراً حول المشروع والطريق تجدون إجاباته موزعة على هذا الملف في مواقع مختلفة.
تضاريس جديدة
انطلق البص في طريقه بذات السرعة, وبدأت ملامح الطريق تتغير إلى مساحات (مد البصر)، وبدأت التضاريس تأخذ الطابع الصحراوي، وظللت أراقب الحركة عن كثب، فعندما يحاول البص تجاوز أية مركبة أمامه خاصة الشاحنات, فإن إطاراته كثيراً ما تخرج عن الطريق المسفلت، وقد انتهزت فرصة لقياس عرض الطريق في منطقة سقديت ووجدت أن العرض أقل من (7) أمتار، وهو قياس يجعلني مطمئناً بالقول: (الطريق غير مطابق للمواصفات القياسية).
لاحظت حركة كثيفة لشاحنات ضخمة ومحملة بالحاويات والمواد البترولية والأسمنت والمركبات، كما لاحظت وجود كميات كبيرة من الإطارات التالفة على جنبات الطريق تبدأ من عطبرة وحتى منطقة هيا. فهذه الكميات إما أن تكون إطارات غير مطابقة للمواصفات, أو تكون الحمولات الزائدة هي سبب كل هذه الانفجارات، لم أتمكن من تصوير شاحنة معطلة وسط الطريق.
كآبة المنظر
بعد حوالي ساعة ونصف الساعة من مغادرة عطبرة, وصلنا منطقة سوقدير وهي منطقة قاحلة, وقد لاحظت على طول الطريق أن هذه المسافة تخلو من العلامات الإرشادية، في مواقع تستحق أن تكون عليها علامات كالمنحيات الخطرة وغيرها، وفي بعض المناطق توجد حفر عميقة إما وسط الطريق أو على جنباته، وبعد نصف ساعة تقريباً, وصلنا منطقة رواجل, وقد لاحظت بعض العلامات الإرشادية ولكنها تالفة, إما بسقوطها على الأرض أو محوها بسبب العوامل الطبيعية، حيث يعاني الطريق هناك إشكالات التهالك على الجنبات, وهي ذات المنطقة التي شهدت العام الماضي حادثاً مأساوياً راح ضحيته (32) مسافراً, وأصيب (12) آخرون إثر اصطدام بص سفري بشاحنة وقود.
وبعدها دخل البص إلى منطقة مسمار وهي أكثر المناطق سوءاً من حيث البيئة، فما بين تلك المنطقة وحتى سواكن تمكنت من إحصاء (87) حفرة خطرة تعيق الطريق, ورصدت (83) لافتة مرورية تالفة.
هذه الحفر والتصدعات على الطريق تمتد في كل من منطقة شدياب، أنهى، وفي منطقة تهميم توقف البص قليلاً لأنتهز فرصة لقياس حفرة وسط الطريق لا يمكن تجاوزها، ويصل عمقها تقريبا (7) سنتمترات، تحرك البص بعدها إلى منطقة خور عرب التي تغطيها الكثبان الرملية حتى منطقة أورهيد وشكن.
في منطقة بالقرب من براميم, توجد حفريات يبدو أنها تتبع للتعدين الأهلي, إذ تمت محاصرة الجهة اليمنى من الطريق بكثبان ترابية عالية، كفيلة بدفن الطريق حال أي تغير مناخي.
من الملاحظات المهمة أن الطريق القومي وعلى امتداده الطويل, يحتاج إلى ردم جنباته التي كثيراً ما تكون حادة وعلى مستوى عالٍ أو منخفض من الأرض.
في العقبة
في تمام الساعة (4:07)، دخل البص على العقبة، والتي تبدأ بتهالك جنبات الأسفلت، لاحظت أن مركباتٍ وشاحناتٍ أمام البص, تحاول جاهدة أن تتجاوز رغم ذلك الضيق على الطريق، وبينما كنت أرصد تخطياً لمركبة دفار حاولت تجاوز شاحنة, لاحظت قرب المسافة بين المركبتين وهي قاب قوسين أو أدنى من الحادث، فضلاً عن خروج إطارات الدفار عن الطريق المسفلت، وبعدها بحوالي كيلو فقط توجد (3) مواقع خطرة، وانزلاقات حادة قد تحدث مفاجأة للسائق الذي يعبر بالطريق لأول مرة، وتخلو العقبة من العلامات المرورية. وبعد حوالي (21) دقيقة تجاوز البص العقبة وهو يتخطى أكثر من (8) مواقع خطرة تحتاج لمعالجات هندسية، فالبنية التحنية للطريق متهالكة ومتآكلة وفقيرة، ليحط البص رحالة في مدينة سواكن في تمام الساعة (5:10) مساءً.
داخل بورتسودان
وصل البص السوق الشعبي قبل الساعة السادسة مساءً, لتبدأ تفاصيل أخرى في الرحلة من داخل غرفة المرور بالسوق الشعبي، وحديث خاص مع العميد شرطة أمير أبولبدة مدير مرور البحر الأحمر، ومن ثم العودة للخرطوم, وحمل هذا الملف بتفاصيله إلى هيئة الطرق والجسور, وهو ما سنتناوله في الحلقة القادمة, بإذن الله.

الانتباهة

تعليق واحد

  1. ما يحيرنى ان المسؤلين فى دولتنا لا تنقطع رحلاتهم للعالم الخارجى
    ومشاهدتم لكل التطورات فى مصلحة مواطنى تلك الدول المؤسف أنهم ليست لديهم غيرة ولا عندهم رغبة التعلم
    نحتاج لمسؤلين على قدر من المسؤلية وعندهم قابلية التعلم
    والتحضر بمعنى آخر متمدنين لاكن عقلية الارياف لن تصنع دولة متحضرة ولا اعنى اهلنا فى الأرياف ولكن أقصد طريقة التفكير والقابلية للتطور.واختيار المسؤلين يجب ان يكون بمعايير تخدم حركة التطور.وهذه مشكلتنا فى السودان غير موفقين فى الاختيار .

  2. إنشاء هذا الطريق بمقاييس العمر الإفتراضى للطريق يعتبر إنشاء حديث وجديد فهذا التهالك حتما عيب مصنعى خطير مع العلم أن الطريق عمره لا يتجاوز العشرة سنوات جديد يعنى ما قديم إن لم أكن مخطئاً فلو أحدكم زار مدينة الأبيض وسار على الطريق من كوستى إلى الأبيض يعتقد أن هذا الطريق عمره سنة واحد جديد لنج معلم العلم أن عمر هذا الطريق أكثر من أربعين عاما تقريبا منحة صينية للسودان وتم بناؤه بةواسطة شركة صينية وعندما زرت الأبيض وهى كانت زياتى الوحيدة لها لاحظت طريق مختلف لا شبه الطرق فى جميع أنحاء السودان بما فيها شندى الخرطوم أو مدنى الخرطوم وشوفو وأحكموا

  3. يا الاستاذ/ علي البصير.. الا تري أن حوارك مع السائق يعرض ركاب البص الى الخطر .. الا تدري أن التحدث مع سائق المركبة والحافلة ينافي قانون الحركة ليست في السودان وانما دوليا .. لدرجة لجوء بعض شركات البصات والحافلات الى تصميم كابينة خاصة ومنفصلة بالسائق …
    لا تعليق لي سوى انك بفعلتك هذه كنت قد تتسبب في حادث مروري مروع كاد أن يقتل العشرات من الركاب أن لم يكن جلهم … نسأل الله السلامة لكل مسافري أهلنا في هذا الوطن شمالا وجنوبا وغربا وشرقا ووسطا …

  4. حقيقة المنظر دة بعتبر رومنسي بالنسبة في طريق الخرطوم بوتسودان , كانت يجيبو فاصل من العقبة ولا عظبرة وفي إتجاهك لشندي وكدة هويات من جميع الإتجاهات و زي الماشي في شريحة موبايل يأخي خلي يصلحو طريق الجبل أول يصلحو طريق بورتسودان .

  5. تقرير ممتاز..أهنىء الصحفى القدير على البصير.. و أقترح أن تكون رحلة العودة بطريق كسلا الخرطوم..لتكتمل الصورة…
    المدهش أن الكافتيريات على الطريق الطويلة استثمار ناجح..لو أن هيئة السياحة و ضعت مواصفات و ساعدت بتيسير منح التراخيص..حتى تغلق الكافتيريات غير المطابقة…

  6. ما يحيرنى ان المسؤلين فى دولتنا لا تنقطع رحلاتهم للعالم الخارجى
    ومشاهدتم لكل التطورات فى مصلحة مواطنى تلك الدول المؤسف أنهم ليست لديهم غيرة ولا عندهم رغبة التعلم
    نحتاج لمسؤلين على قدر من المسؤلية وعندهم قابلية التعلم
    والتحضر بمعنى آخر متمدنين لاكن عقلية الارياف لن تصنع دولة متحضرة ولا اعنى اهلنا فى الأرياف ولكن أقصد طريقة التفكير والقابلية للتطور.واختيار المسؤلين يجب ان يكون بمعايير تخدم حركة التطور.وهذه مشكلتنا فى السودان غير موفقين فى الاختيار .

  7. إنشاء هذا الطريق بمقاييس العمر الإفتراضى للطريق يعتبر إنشاء حديث وجديد فهذا التهالك حتما عيب مصنعى خطير مع العلم أن الطريق عمره لا يتجاوز العشرة سنوات جديد يعنى ما قديم إن لم أكن مخطئاً فلو أحدكم زار مدينة الأبيض وسار على الطريق من كوستى إلى الأبيض يعتقد أن هذا الطريق عمره سنة واحد جديد لنج معلم العلم أن عمر هذا الطريق أكثر من أربعين عاما تقريبا منحة صينية للسودان وتم بناؤه بةواسطة شركة صينية وعندما زرت الأبيض وهى كانت زياتى الوحيدة لها لاحظت طريق مختلف لا شبه الطرق فى جميع أنحاء السودان بما فيها شندى الخرطوم أو مدنى الخرطوم وشوفو وأحكموا

  8. يا الاستاذ/ علي البصير.. الا تري أن حوارك مع السائق يعرض ركاب البص الى الخطر .. الا تدري أن التحدث مع سائق المركبة والحافلة ينافي قانون الحركة ليست في السودان وانما دوليا .. لدرجة لجوء بعض شركات البصات والحافلات الى تصميم كابينة خاصة ومنفصلة بالسائق …
    لا تعليق لي سوى انك بفعلتك هذه كنت قد تتسبب في حادث مروري مروع كاد أن يقتل العشرات من الركاب أن لم يكن جلهم … نسأل الله السلامة لكل مسافري أهلنا في هذا الوطن شمالا وجنوبا وغربا وشرقا ووسطا …

  9. حقيقة المنظر دة بعتبر رومنسي بالنسبة في طريق الخرطوم بوتسودان , كانت يجيبو فاصل من العقبة ولا عظبرة وفي إتجاهك لشندي وكدة هويات من جميع الإتجاهات و زي الماشي في شريحة موبايل يأخي خلي يصلحو طريق الجبل أول يصلحو طريق بورتسودان .

  10. تقرير ممتاز..أهنىء الصحفى القدير على البصير.. و أقترح أن تكون رحلة العودة بطريق كسلا الخرطوم..لتكتمل الصورة…
    المدهش أن الكافتيريات على الطريق الطويلة استثمار ناجح..لو أن هيئة السياحة و ضعت مواصفات و ساعدت بتيسير منح التراخيص..حتى تغلق الكافتيريات غير المطابقة…

  11. هذا الطريق الحيوي الهام عبثت به أيدي الفساد وتجسدت فيه عدم المسئولية واللامبالاة المعهودة لدى القائمين على أمر هذا البلد المسكين . إطلعت على المواصفات والرسومات الأصلية التي أعدتها بيوت خبرة أجنبية بآلاف الدولارات بحيث يتم تنفيذ الطريق بمواصفات عالمية بمسارين في كل إتجاه بفاصل بينهما مع إقامة صينية كبيرة في إلتقاء الطريق بالفرع القادم من كسلا ليكون شكل جمالي في شكل قبة مرتفعة قليلآً عن الأرض . وقامت مؤسسة سعودية بتكوين شراكة مع شركة لارسون وتبرو الهندية العريقة في مجال المقاولات والطرق والجسور لتنفيذ الطريق وبعد عمل المسوحات والإطلاع على الموقع فإن بعض الفاسدين قد دبروا أمراً بليل ليخرج الطريق بهذا الشكل .

  12. هذا الطريق الحيوي الهام عبثت به أيدي الفساد وتجسدت فيه عدم المسئولية واللامبالاة المعهودة لدى القائمين على أمر هذا البلد المسكين . إطلعت على المواصفات والرسومات الأصلية التي أعدتها بيوت خبرة أجنبية بآلاف الدولارات بحيث يتم تنفيذ الطريق بمواصفات عالمية بمسارين في كل إتجاه بفاصل بينهما مع إقامة صينية كبيرة في إلتقاء الطريق بالفرع القادم من كسلا ليكون شكل جمالي في شكل قبة مرتفعة قليلآً عن الأرض . وقامت مؤسسة سعودية بتكوين شراكة مع شركة لارسون وتبرو الهندية العريقة في مجال المقاولات والطرق والجسور لتنفيذ الطريق وبعد عمل المسوحات والإطلاع على الموقع فإن بعض الفاسدين قد دبروا أمراً بليل ليخرج الطريق بهذا الشكل .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..