رغم التحولات السياسية الكبرى .. الإنقاذ..أجواء أيام الصبا..!

مجاهد بشير

(كشات) الإلزامية ، والغلاء ، وانفلات سعر صرف الدولار من يد وزارة المالية وبنك السودان، إلى جانب مصادرة الحريات السياسية، وعلو النبرة الدينية، وأعراس الشهداء وليالي الفداء الكبرى، مظاهر لازمت الإنقاذ في طفولتها وريعان شبابها، وعاد بعضها ليطل برأسه من جديد بعدما تقدم بالإنقاذيين ونظام حكمهم العمر، فعاد الغلاء ليلتهم المواطنين بلا رادع، وعادت النبرة الدينية ودعوات الدستور الإسلامي لترتفع، وأخذت المعارضة تتهم الحكومة بإغلاق الصحف واعتقال الناشطين وتضييق هامش الحريات، ناهيك عن عودة برنامج (في ساحات الفداء) إلى شاشة التلفزيون، وسريان قدر لافت من الحيوية في أوصال قوات الدفاع الشعبي.
صبا الإنقاذ وشبابها الأول، لم يكن مليئاً بالمعاناة الاقتصادية فقط ، بل كان مرحلة تعبوية بامتياز، تملأ فيها صيحات الحرب والقتال التلفزيون والإذاعة والشوارع والطرقات، ولعبت الحرب مع الحركة الشعبية المتمردة في الجنوب بحسب رأي البعض دور الخلفية المناسبة لممارسة سياسة القبضة الحديدية ، ما يجعل من الحرب الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق نافذة يمكن للإنقاذ عبرها أن تعود ومعها الخطاب والسلوك السياسي إلى أيام التسعينيات.

مخاوف عودة الإنقاذ إلى استئناف ما قطعته اتفاقية نيفاشا من مشروعها الحضاري القائم بحسب رأي معارضيها على احتكار السلطة، والتضييق على الحريات السياسية والاجتماعية والصحفية، واستمرار الممارسات الاحتكارية في مجال التجارة والاقتصاد ، تصاعدت عند المعارضين عقب نتائج الانتخابات الأخيرة، وقال القيادي المعارض فاروق أبو عيسى لـ (الرأي العام) في وقت سابق إن الإنقاذ (عملت خلف دور)، وبدأت في الحديث عن الدولة الدينية، و(البرفع اصبعو بنقطعو)، وأخذت في استخدام القوة لفض النزاعات، وتصر على شرعية النظام والانتخابات الأخيرة، وتواصل في منهج التمكين الاقتصادي والسياسي والثقافي، ما يشي برغبة دفينة داخلها في العودة إلى الماضي.

بينما يرى البعض أن الأجواء بعد انفصال الجنوب باتت مواتية للإنقاذ كي تواصل تطبيق مشروعها الحضاري الذي بدأته في العام 1989 وقطعته عليها اتفاقية نيفاشا للسلام ، يؤكد آخرون أن مشروع الإنقاذيين الحضاري طرأت عليه الكثير من التعديلات، ولم يعد ذات المشروع القديم، وبات أصحابه أكثر قناعة بالبحث عن الشرعية عبر الانتخابات، وإشراك الأحزاب في (كعكة) السلطة عبر الصفقات والشراكات، وباتوا أقل إيماناً بجدوى البندقية في حسم النزاعات والصراعات، وهو تحول يتضح في عدد الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع المعارضين والحركات خلال السنوات الماضية، وفي الشراكة الحكومية الراهنة بين الوطني وعدد من الأحزاب أبرزها الاتحادي الديمقراطي الأصل.
التحول الذي طرأ على الإنقاذ لم يقتصر على السلوك السياسي، بل طال الأرضية الفكرية على ما يبدو، ويمكن رصد تلك التحولات عبر مواقف المحسوبين ضمن المفكرين والمنظرين في الإنقاذ حالياً ، مثل د.غازي صلاح الدين الذي دعا الإسلاميين مؤخراً إلى الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ والالتزام بالحرية والديمقراطية، ود.أمين حسن عمر الذي دعا الإسلاميين إلى الانطلاق من الواقع وليس تنزيل أفكارهم عنوة عليه، والابتعاد عن المثالية، والعدمية التي تختزلها شعارات من قبيل : فلترق كل الدماء.
عدم الرغبة في العودة إلى ممارسات الصبا، ومحاولة نسيان تلك الأيام أو تبريرها، أمر برز في تصريحات العديد من القيادات ، ومنها مولانا أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان الذي قال في حوار سابق مع (الرأي العام)، وفي معرض التعليق على احتمال عودة الإنقاذ إلى ممارسات الاعتقال والمطاردة : (لن نخرج على المسيرة الشورية الديمقراطية والتعددية السياسية ، وحريات التنظيم والتعبير ، وهذا جزء من عقيدتنا)، ودعا الطاهر إلى الاتفاق على ثوابت منها أن السودان للجميع، وأكد أن العودة للاعتقالات والمطاردة غير متاحة الآن، بل ربما اقتضتها في السابق ظروف معينة، أما الآن فقد قطعت الإنقاذ شوطاً بعيداً في الممارسة الشورية والديمقراطية ، لكنه حذر أيضاً من أنه لا يمكن السماح بعمل سياسي فيه تآمر مع دول أجنبية.

عدم الرغبة في العودة إلى عصر الاعتقالات والمطاردات ، و(كشات) الإلزامية ، والفصل للصالح العام ، يرى فيه البعض غياباً للقدرة أكثر من كونه غياباً للرغبة ، ويقول هؤلاء إن طبائع الحكومات والأنظمة جرت على أن يصيبها التراخي والضعف مع تقدم العمر، فضلاً عن الانقسام الذي وقع في الإنقاذ وأضعف وحدة صفها وقوة بنيانها الآيدولوجي عقب خروج زعيمها الروحي الترابي، والتحولات الثقافية التي تشهدها البلاد وتزيد من حدة القبلية والجهوية والصراع على المصالح والمنافع ، وارتفاع الوعي المطلبي للمواطنين في المدن والأرياف، إلى جانب تصاعد الضغوط الدولية ، ويقول أبو عيسى في هذا الصدد إن الضغوط المتوقعة من جانب المجتمع الدولي، وتماسك قوى المعارضة في الداخل، لن تسمح للإنقاذ بالعودة إلى المربع الأول، وإن رغبت.
محددات المضي في الانفتاح قدماً، أو العودة إلى ممارسات الماضي وشعاراته، ربما كانت داخل الإنقاذ أكثر مما هي خارجها، ويقول د.حمد عمر حاوي المحلل السياسي : هناك قطاع داخل المؤتمر الوطني يرغب في مواصلة مسيرة التطور والانفتاح، بينما يوجد قطاع آخر في الإنقاذ يعد نفسه لوراثة الوطني وما يراه تراجعاً من جانبه عن المبادئ والتوجهات الإسلامية، ويرى التيار الأول أن صد الهجمة الحالية التي تقوم بها المعارضة المسلحة ممكن دون اللجوء إلى التعبئة الدينية والسياسية، بينما يعتمد التيار المتشدد الصاعد حالياً على التعبئة، ويرى أنه يحمل مشروعية الدين ، ويتابع حاوي : التيار المستنير صوته ضعيف، ولن ينجح في فرض توجهاته ما لم يتحالف مع قوى سياسية خارج الوطني.

عودة بعض المظاهر التي رافقت الإنقاذ قديماً يرى فيها د.عبد اللطيف البوني الكاتب الصحفي ردة فعل ، ويتابع : الإنقاذ كانت تظن أنها سترتاح بعد انفصال الجنوب وتحصل على مكافأة من المجتمع الدولي تريحها محلياً، كان هذا رهان الإنقاذ، لكنه لم يتحقق، وتحاول الإنقاذ حالياً الرجوع إلى وسائلها الأولى التي مكنتها من السلطة، كي تتمكن من الاستمرار في الحكم.
غياب بعض مظاهر صبا الإنقاذ، لا ينفي ظهور بعضها الآخر هذه الأيام مصحوباً بحنين واضح إلى حقبة التسعينيات، فبينما كانت فترة اتفاقية نيفاشا التي توقفت فيها الحرب مع الجنوب وامتلأت فيها الخزائن بأموال النفط فترة مشجعة على الانفتاح وتعديل الخطاب والسلوك السياسي، يبدو أن تجدد الحرب على أكثر من جبهة، وخلو خزائن الدولة من الدولارات، شجع البعض على الرجوع إلى الماضي، واستعادة ذات الأجواء والهتافات..!

الراي العام

تعليق واحد

  1. هل يستطيع التاريخ ان يعيد نفسه ؟؟
    وكما يقولون فان الشخص لايستطيع ان يستحم فى النهر مرتين ؟
    الانقاذ تحاول الرجوع الى عهد التسعينات …ولكن فان استطاع احدكم ذو الستين عاما الرجوع الى شبابه فى عمر الثلاثين .فان الانقاذ تستطيع الرجوع لذلك العهد البغيض .
    فان انسى ما انسى تلك الايام المريره التى مرت على السودان .والاغانى الجهاديه والدفاع الشعبى واخوات نسيبه والامركان ليكم تسلحنا.وساحات الفداء .ولاانسى ابدا تلك المراة التى دفعت بابنها الذى لايتجاوز الخمسه عشره عام دفعته دفعا ليذهب ليحارب بالجنوب ؟
    من حقنا ان نتساءل من جديد .من اين اتى هؤلاء .الم ترضعهم الامات .وما شالتهم العمات ؟؟؟

  2. فى ساحات التخلف والخزى باقى كم من بنات الحور يا متخلفين لك الله يا سودان اجابه على سؤال الراحل المقيم الطيب صالح ( من اين اتى هؤلاء ) اتوا من نبت شيطانى

  3. هذه فرفرت مذبوح ليس الا، والمؤتمر الوطني افلس والتاجر لما يفلس بفتش دفاترو القديمه
    كيف لشاب غيور على دينه يحلم بالاستشهاد يحمل السلاح ليقاتل مسلممن اهل القبلة (يشهد لا اله اله الا الله) لان مغضوب عليه من النظام او يعيش في جنوب كردفان او جنوب النيل الازرق علما ان كل هذه المناطق (مسرح العمليات) فيها مساجد تقام فيها الجمع والجماعات . من يجيز قتل من يشهد لا اله الا الله – قل من قتل او شارك او حرض على قتل المسلمين يتقرب بذلك الى الله ؟ اين انتم يا رابطة العلماء ماذا تقولون عن النفرة ودعوةالبشير لالوية الردع ودق طبول الحرب ؟ هل من يموت من الدفاع الشعبي في هذه الحرب شهيد ام فطيسة ؟ نستحلفكم بالله ان تقولوا رايكم صراحة في هذا الموقف ؟ بما ذا يقول الله عز وجل في هذه الفتنة التي يقودها الرئيس ومن معه ؟ اين الذين ينادون بتطبيق شرع الله والدستور الاسلامي ويقولون ان 97% من الشعب السوداني مسلم !! فان كان كذلك فهل كل المواطنون في جنوب النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور يمثلون 3% وبالتالي يجوز قتلهما باعتبارهم غير مسلمين (وساحة مثالية للاستشهاد) وتسليط ألوية الدفاع الشعبي عليهم وتهديدهم بتقديم(18)ألف شهيد لتاديبهم. ما المطلوب من المواطنين العزل في هذه المناطق مما لا ينتمي للمؤتمر او الحركة الشعبية او الحركات المسلحة !!نقول لكل عالم دين يخشى الله حقيقة ان لايسكت فالساكت عن الحق شيطان اخرس .. الدين النصيحة
    اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا

  4. أي مشروع يطبقه الحرامية لقد كشف الزمان انهم لصوص ومخادعين فأي شريعة سيطبقون شريعة تفصيل الترزي الترابي ام الترزي سبدرات

  5. اين صلاح دولار أقصد كرار واين يوسف عبد الفتاح الذي لهف المدينة الرياضية وغيرها واين بقية أعضاء الثورة وأين غازي صلاح الدين واين علي الحاج والسنوسي والترابي واين وأين ….. والقائمة تطول اين هؤلاء اللصوص

  6. هؤلاء لصان اختلفاء واتقسما الي مؤتمر وطني وشعبي ليس لهم مشروع ولا شيء جاؤ رافعين شعارات دينية لا تطبق عليهم بل يعفوا تحت بند فقه السترة والتقية وغيرها من مصطلحات

  7. هذا هراء .. هذة أضـغـاث أحـلام ، هذة أحـلام ظـلـوط ، هذة الـعـصابة إستنفذت أي فرصة للبقاء ، ناهيك عـن الـعـودة لـفترة التسـعـينات ، لـن تسـتطيـع الـعودة إلـي المـاضي البـغـيض ، لانهـا دولـة مفلسـة مـعـدمـة ، تحاصـرهـا أزمـات قاتـلة لا فـكاك منهـا ، ضـاقـت وإسـتحكمـت حلقاتهـا حـتي .. كتمـت .. هذة الـعـصابة تنازع فـي الـرمـق الاخـير ، هذة فـرفـرة الـمذبوح ، هـذة سـكرات الموت .
    يجـب الانتباه لمـايقـوم به ، ويقـولـة الدكتور حسـن عبدالله الترابي ، هـذا الآفـة لـديه خـبرات وتجـارب لايسـتهـان بهـا ، هـو عـراب هـذة الـعـصابة ، وبما تراكم لـدية مـن معـارف ومـعـلومـات ، يحـاول أن يمتطـي المـوجـة ، كمـا حـاول أن يركبهـا فـي ثورة أكتوبر ، وثورة ابريل ، هـو متخصص فـي سـرقة الثورات .. نبوءاته لاتنطـلـق مـن فـراغ .. ايضـا عـلينا أن ننتبه للهـروب الكبير الـذي يقـوم به كبار جـرذان الـعـصابة أمثال ، الأفـندي ، والطيب عـابدين ، والجميعابي ، ومحمد عبد القادر وقيع الله ، أنهـا محـاولات بائسـة للقفز مـن السـفينة الـغـارغـة .. ايهـا الناس .. تباشير الثورة الـشـعـبية الـعـارمـة لاحـت فـي الافـق ، الثورة آتيه لاريب فيهـا ، إنهـا سـنة الحـياة ، إنهـا إرادة الشـعـوب ، المستمدة مـن إرادة الله .. الـيس الـصبـح بقـريب .. الـيس الصبـح بقـريب .

  8. هل……………….؟ هكذا يبنا السودان بلرقص والحجيج والكذب والنفاق والتضليل للشعب المسكين االماعندو حيله ….ياالسيد/ الرئيس عمر البشير واعوانه اتقو الله في حق الشعب السودانى .ربنا يمحل ولا يحمل ..الهم يازلجلالي والاكرام وريهم يوما اسودا ودمرهم بساطانك ياررررررررررررب العالمين

  9. شوفو الاهبل ابوريالة دا

    هسع بالله عليكم دا شغلته شنو الاسمه عبد الرحيم حسين دا

    ومتين بقعد في مكتبه ومتين بشتغل

    دا قاعد مع البشير اكثر من سواق البشير نفسه

    في اي شارع تلقاه راكب معاه في اي مناسبه تلقاه ماشي معاه بشتغل شنو ومتين بمشي المكتب ومتين بستلم التقارير

    قوموا لفوا انت والبقرة المعاك دا ضيعتوا االبلد الله يضيعكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..