لا خيار لا خيار …الا صحيح الاختيار

لا ادري حتى متى لا يزال البعض يصر على التعتيم وتغبيش الواقع وتدليس الوقائع وهم يرسمون سورة متوهمة لشخصة ( البشير ) كما لو كان في إمكانه ان يصبح المخلص باتخاذ مواقف او قرارات بعينها ، وينسى او بالأحرى يتناسى الكثيرون الذين ظلوا يلمعون شخصية البشير كمنقذ مخلص من هذه المحن التي يعيشها الوطن.
ان هذا البشير وشيخه الكبير وحواريه هم أُس الازمة القائمة حالياً وهم من صنع هذه المحن ماظهر منها وما بطن وهم بهذا انما نفذوا منهجاً متفقون عليه وهم ملتفون حوله بايمان راسخ على مبدأ انهم مرسلون من عند الله لإنقاذ البشرية من ازماتها وهم يعتقدون ان هذه الازمات ما وقعوا فيها الا لأنهم ممتحنون من عند الله سبحانه وتعالى ويتناسون ان ما قاموا به من أفعال كانت سيئة لا ترضي الله ولا رسوله ، وسائلوا دارفور عما حدث ولم يزل يحدث من مأسي دفعت بالكثيرين الى الكفر بوحدة البلاد ،ما اثار النزعة العنصرية وهدد الوطن الى مزيد من التمزق والتفتت الانقسام .
نظام الإنقاذ ممثل في (عمر البشير وشيخه الكبير وحواريه ) هم اليوم غير مؤهلين للخروج بالوطن الى بر الأمان ، وما يجري الآن من حوار لم يزل الكثيرون يعولون عليه لن يكون سوى إعادة انتاج لمادة انتهت صلاحيتها بتجديد ديباجة غلافها الخارجي فحسب ، ومالم ينتبه الجميع قبل فوات الأوان والتركيز على تنحية نظام الإنقاذ ابتداءً وترك الامر لوضع انتقالي حقيقي يقوم به أناس شرفاء افئدتهم بيضاء ولم تلوث أيديهم بدماء الأبرياء والحقوق العامة ، وهذا امر ان لم يحسم الآن فان حسمه في الغد سيكون عصياً حيث لن يكون هناك الا خيار المواجهة وبدلاً من الحوار فستكون المواجهة بالسلاح ….. هذا السلاح الذي اصبح في متناول القاصي والداني في الداخل والخارج بسبب سياسة نظام الانقاذ العرجاء ، وما يروج له البعض بان البشير قد سنحت له فرصة ان يكون بطلاً فهذا ايحاء فاسد على اطلاقه قُصد به المزيد من التعمية والتسويق للبشير كضمان لسلامته وسلامة سدنة نظام الانقاذ من المساءلة المستقبلية ، واي بطولة سيحققها البشير لهذا الوطن الذي تمزق وتأزم على يديه حتى وصل لهذا الحال المزري والذي يُنبئ بالمزيد من التفتت والمعاناة ما لم تتفتق عبقرية اهل السودان عن مخرج آمن يؤمن للوطن المحافظة على ما تبقى منه ، وهذا المخرج الآمن لن يتحقق الا بان يقود الحوار اناسُ محايدون ذوي حنكة عالية وعندما نقول محايدون هذا لا يعني انهم بعيدون عن السياسة في معناها السامي والفكري ولا يعني هذا ايضاً انهم غير منتميين طالما ان انتماءهم هذا ظلّ على ثبات الايمان بالديمقراطية الحقيقية ، ذلك اننا لو وقعنا في خطأ التفسير لمعنى الحيادي وحصرناه في المعنى الحرفي فلن نخرج من جلباب ما يسمى ببحكومة التكنوقراط كحكومة فنية ، ذلك ان المهندس والطبيب والقانوني والزراعي والمالي وغيرهم من الفنيين المتخصصين حتى لو كان احدهم من المتخصصين فنياً في العلوم السياسية فلن يكون به مخرج ذلك ان مثل هؤلاء التكنوقراط كمشتغلين بالعلوم فهم معنيون بقياس الظواهر الاجتماعية والسياسية والحياتية بصورة عامة من جانب فني فقط ، وتكون لهم المقدرة على قياس و استخلاص قوانين يمكن استخدامها للحكم على هذة الظواهر حيث أن اقتصاديات النظام الاجتماعي هي من التعقيد بحيث لا يمكن أن يفهمها ويسيطر عليها رجال السياسة ويجب أن تخضع إدارة الشؤون الاقتصادية للعلماء والمهندسين, كافراد يستعملون لتقدم التكنلوجيا ,وشتان ما بين دور هذا ودور ذلك السياسي المطلوب منه الخروج من ازمة سياسية كمثل الازمة التي نحن بصددها .
ذلك انّ التكنوقراط هم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا في مجال المهام المنوطه بهم فنياً , وهم غالباً غير منتمين للأحزاب. ولكن قد تتوفر في احدهما الصفتين ، صفة الفني ذو المهنية العالية في مجال تخصصه العلمي وفي ذات الوقت صفة السياسي المحنك دون ان يكون له انتماء لحزب بعينه ومثل هؤلاء هم كُثر في بلادي الا انّ سياسة نظم الحكم الحزبية المفتقرة للوطنية لا تتيح لمثل هؤلاء الفرصة لإبراز مواهبهم والاستفادة منها ، وان من عيوب احزابنا انها لا ترى في كل من لا ينتمى لها الا عدواً ، وعلى هكذا منوال قد سار نظام الانقاذ ومن اول وهلة على مبدأ ( من ليس معنا فهو ضدنا ) ومن لم يركب في سفينة الانقاذ فهو هالك ، لذلك اقصى نظام الانقاذ خيرة ابناء الوطن من وظائفهم وابعدهم وهم الخبراء واحل محلهم افراد يفتقرون الى الخبرة المهنية ولا يملكون الا انتماءهم للحزب حتى سادت ثقافة اختزال الوطن بل والدين في الحزب الحاكم وكان هذا هو أس البلاء الذي اقعد البلاد عن المضي قدماً للأمام ، ما احدث خللاً مريعاً في قيم الوطنية غير مسبوق .
عوداً على بدء ، فلا مناص لنظام الانقاذ ومن يسادنونه والذين لا يزالوا يغازلونه برغم وجهه الذي اصبح مشوه بكثير من القبح ، الا بالرجوع الى الحق كفضيلة ينبغي ان يتواضع عليها الجميع ، ذلك بالتوافق على حكومة انتقالية تقوم بانجاز مرحلة التحول الديمقراطي الحقيقي الذي يعقبه نظام حكم مستقر على ثوابت نظام دولة القانون التي تحكم بمؤسسية في كافة سلطاتها التشريعية والقضائية والانفيذية على مبدأ نظام يعتمد الفصل بين السلطات مبدأً مقدساً لا ينبغي ان يتجرأ احد على تقويضه او خرقه وهذا لن يتحقق الا عبر دستور ديمقراطي لن تصنعه الا قوى تؤمن بالديمقراطية ايماناً قاطعاً في اعلان صريح على مبدأ فصل الدين عن الدولة وتمجيد قيم المواطنة لدى الجميع واشاعة ثقافة الوطن للجميع هم مسؤلون امام بعضهم البعض في كل ما يخص دولتهم في دناياهم وما يتجاوز ذلك فهو لله وحده ذلك ان المسؤلية امام الله أخيراً فهي مسؤلية فردية حيث لا تزر وازرة وزر أخرى .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مالفت نظري عنوان المقال ولا صورة صاحب المقال و لا أسم صاحب المقال لكن مالفت نظري هو لقبه(المحامي والمستشار قانوني)،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..