عالم دليب..!ا

عالم دليب!

* (الجهل يعمي ابصارنا ويضللنا
أيها البشر الفانون! افتحوا عيونكم..).

– دافنشي-
.. في بلاد بره ناس يضيعون زهرة شبابهم وما تبقى لهم من شيخوخة في البحث العلمي يحولونه إلى اختراعات تأتي إلينا عالبارد والمستريح بلا تعب ولا وجع رأس.

ومؤخراً توصل هؤلاء إلى تحديد الجزء المسؤول عن الكذب في الدماغ. هذا الكذب الذي يسميه البعض رذيلة ونميمة ملح الرجال وقد اخترع هؤلاء أهل بره جهازاً يرسل تياراً كهربائياً خفيفاً غير مؤلم يوجه إلى رأس الشخص ليعرفوا إن كان صادقاً أم أن كلامه نجر بنجر ودليب بدليب.‏

الكومبيوتر في بداياته كان بحجم الغرفة وبدأ يتطور إلى أن صار ضمن الهاتف الخلوي يحمله صاحبه بيده مع علبة السجاير. ولعل جهاز كشف الكذب يأخذ نفس المنحى في النشوء والارتقاء فينحصر بداية استعماله في مؤسسات الدولة كالجمارك والاستعلام الضريبي والشرطة والأمن ومحاكم القضاء. وقد يتسع استعماله ليشمل جلسات المجالس النيابية‏ (البرلمان) واجتماعات‏ مجالس الوزراء .

وقد تقرر بعض الحكومات التي لا تخبىء شيئاً من مواطنيها، فتعرض تلك الجلسات على التلفزيون مع إظهار الشاشة الموصولة أشرطتها بهذا الجهاز الموجه إلى رؤوس الخطباء، المتكلمين . وقد يعتمد هذا الجهاز رسمياً في جلسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن واجتماعات الأوبيك. وقد يتطور هذا الجهاز ليصبح جهازاً فردياً مثل الموبايل ويغدو أمراً مألوفاً، أن تجد شلة الأصدقاء في المقاهي قد وضع كل واحد جهازه أمامه على الطاولة لتتحول أشعته بشكل أتوماتيكي إلى رأس كل من يفتح فمه للكلام.
وقد ترى عاشقين في كافتريا وكل واحد مشهر جهازه برأس الآخر وهات بعدها يا صراخ وتكشير. وفي المنازل أيضاً الله يستر من حالات الحرد وارتفاع نسب الطلاق أو سرقة كل من الزوجين لجهاز الآخر.

وقد يتم الاتفاق بين بعض الأزواج العقلاء على عدم تفعيل هذا الجهاز داخل الحرم المنزلي. أو اتفاق العشاق على طفي الأجهزة أثناء اللقاءات العاطفية . وقد يصبح تقليداً أن يطلب مدير الندوة في المحاضرات والندوات أو الجلسات الحزبية والسياسية طفي جميع الأجهزة مع طائلة طرد المخالف من القاعة.‏

من المؤكد أن هذا الاختراع سيخلق مشكلات لا حصر لها بين البشر في سائر أنحاء المعمورة (حتى لا تكثروا في التفاؤل هذا الجاهز ممنوع في السودان، وأنتم طبعاً عارفين ليه!!).
فبعض الكذب يفرح قلب الإنسان . وهناك احتمال ضئيل أن يساهم هذا الجهاز في اختفاء الكذب أو جعله في الحدود الدنيا بين الناس. ومن المؤكد أيضاً أن الحكومات الرشيدة والعربية تحديداً والحريصة على الوحدة الوطنية بين أفراد مواطنيها أنها ستعمل كل جهدها لمكافحة هذا الجهاز الذي لا يؤدي إلا إلى البلبلة وزرع الشقاق بين الأخوة المواطنين وتقويض التفاهم والانسجام في المجتمع. طبعاً مع حرص هذه الحكومات على حصر هذا الجهاز في الأماكن التي تؤمن مصلحتها المرتبطة دائماً بمصلحة الوطن التي هي من مصلحة المواطن.‏
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..