جماعات فرق الموت والتعذيب في بيوت الأشباح..هل مصابون بمرض الانفصام.؟..نافع على نافع : ذلك تقرباً لله..!!! مـن هنا أتى هؤلاء..يا أديبنا الطيب صالح !

الشيطان عندما اعتنق الإسلام .. يصلي ويعذّب .. ويسرق أولادكم !

"قمْ للمعلم وفّه التبجيلا … كاد المعلّم أن يكون رسولا" …
كل تلاميذ أو تلميذة، طالب أو طالبة درس في السودان يحفظ هذا البيت من الشعر! حتى الآباء يحفظونه والأمهات يحفظنه .. كلنا وإلى اليوم نوقر أساتذتنا الذين درّسونا في مختلف المراحل الدراسية. التلاميذ والطلاب والطالبات في السودان كانوا يضعون المدرّس والمدرّسة في مقام رفيع داخل المدرسة أو خارجها .. بدون "كاد" التي في بيت الشعر! فقد كانوا يجدون فيهم وفيهن القدوة المجسدة في تفاني المدرّسين ومعارفهم المتنوعة وسلوكهم التربوي التعليمي وفي تأنقهم ونظافتهم وحسن هندامهم .. لكن سوف نرى أن الجبهة الإسلاموية السياسية قد استغلت تلك العلاقة الروحية العلمية التربوية بين المدرّس وبين الطالب أبشع استغلال ودنّستها تدنيسا …
وقبل أن أتوغل في موضوعنا الأساسي، لابد لي، ولعلكم أيضا، من إشارتين صغيرتين عن المدرسين. الأولى أن المدرسين كانوا، آنذاك، على قدر عال من التأهيل لأداء أخطر مهمة وطنية، فمعظمهم من خريجي معاهد التربية، بخت الرضا، شندي، الدلنج وغيرها، فقد خبرت فيهم التفاني منذ طفولتي في المدرسة وفي بيت أسرتي عندما كان الأستاذ الراحل محمد أحمد سالم يسهر على تصحيح الكراسات وتحضير جداول العمل و"الوسائل" في وقته الخاص، كدأب غالبية ذلك الرعيل من المدرسين والمدرسات. والنقطة الثانية هي أن الدكتاتوريات والمذهبيات استهدفت فئة المدرسين فدمرتها تدميرا، ومعها تدمر الهيكل التعليمي القائم أساسا على العنصر البشري، فانهار العمود الفقري للاقتصاد وسقطت هياكله التقليدية والنامية. وفي حضيض المستوى التعليمي الراهن الدليل القاطع على التحطيم المتعمد للتعليم. حتى الأقطار المجاورة التي كانت تبعث أبناءها للدراسة في السودان مثل السعودية وأقطار الخليج لم تعد اليوم تعترف بالشهادات السودانية .. لن تقوم للسودان قائمة قبل نهوض قطاعات المدرسين أولا ..

التعذيب ثم الصلاة :
أما كيف استغلت الجبهة الإسلاموية السياسية تلك العلاقة الروحية العلمية التربوية بين المدرّس وبين الطالب أبشع استغلال، فلأبدأ من ظاهرة غير طبيعية شدت انتباهي وردت في معظم قصص الفظائع التي رواها ضحايا التعذيب في بيوت الأشباح والسجون التي فتحتها الجبهة الإسلاموية السياسية. فقد لاحظ معظم ضحايا التعذيب أن أعضاء فرق الموت والتعذيب بمجرد سماعهم الآذان يهرعون إلى الوضوء وأداء الصلاة في جماعة. وبعد الصلاة والتسبيح ينهضون إلى مواصلة عملياتهم الوحشية في تعذيب الضحايا! .. وفي بعض القصص أن أعضاء فرق الموت والتعذيب بين كل "فاصل" تعذيب وآخر يجلسون في استرخاء ودعّة يتسامرون ويضحكون، يحتسون أكواب الشاي ويتبادلون حكايات "بطولاتهم" مع الأسرى ويتشاورون حول أصناف الطعام التي سوف يلتهمونها بشهية وتلذذ في وجبة العشاء! .. هذه السلوكيات تشكل مجتمعة واحدة من أغرب أنماط السلوك ولا أقول البشري ولا الحيواني. إذ لابد لأي إنسان سوي أن يتساءل كيف يتنقّل هؤلاء بسهولة وفي غضون دقائق جيئة وذهابا بين تعذيب البشر وامتهان آدميتهم وبين الوقوف بين يدي الله في الصلاة دون أن يطرف لهم ضمير أو تتحرك فيهم عضلة من إنسانية؟ .. كيف لمخلوق أو كائن أن ينتقل في نفس المكان والزمان من انتزاع أظافر بشر مثله وضربهم بالسياط والخراطيش وتعليقهم من المعاصم وإطفاء السجائر على حدق العيون ودق المسامير في الرؤوس واغتيال الأسرى إلى القهقهة وشراب الشاي والتحضير للعشاء؟ أنها حقا ظواهر سلوكية جديرة بالدراسة المعملية لعلنا نفك طلاسمها لنعرف على الأقل كيف يفكر أعضاء فرق التعذيب ودوافع السلوك عندهم، وهل هم هكذا بالميلاد ثم النشأة، أم أن هنالك مؤثرات دخلت على حياتهم؟ أم هما الميلاد والنشأة مضافا إليهما المؤثرات؟ ولنبدأ بحزمة من الافتراضات. لكن قبل الفرضيات، نثبت حقيقتين عن موقف القوانين الجنائية الوضعية والتشريعات السماوية من جريمة التعذيب:

جريمة في نظر قوانين الأرض والسماء:
أولا: التعذيب جريمة في نظر القوانين الجنائية كافة، وعقوبته رادعة لأن الألم مقصود لذاته عن عمد وإصرار. زد على ذلك أن التعذيب غالبا ما يكون أسوأ من الموت بالنسبة للضحية. فجريمة القتل برغم أنها تزهق حياة الإنسان بلا رجعة، إلا أنها غالبا ما تكون أقل وأقصر ألما للضحية. أما التعذيب فإنه يجعل الضحية يتردى في الآم أفظع من الموت ولمدة طويلة قد تمتد لسنوات من العذاب المقيم. وبسبب بشاعة الآم التعذيب، يقدم بعض ضحايا التعذيب على الانتحار مفضلين الموت كوسيلة "مريحة ورحمة" تضع حدا لآلامهم وعذاباتهم. فالموت في بعض الحالات قد يغدو رحمة، وأوروبا تشهد منذ فترة حوارات ومحاكمات حول موضوع "الموت الرحيم" الذي يطلبه بعض المرضى وأسرهم لوضع حد لآلامهم.
ثانيا: أما بالنسبة للتشريعات السماوية، لمن آمن بها، فإن التعذيب جريمة قد تصل عقوبتها القتل الحدي متى ما توخى الناس العدالة في التشريع. فقد ورد في محكم التنزيل، والخطاب لبني إسرائيل، "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" فالآية الكريمة تنص صراحة على مبدأ العقاب من جنس الفعل العمد. فالقتل يحتمل العمد والخطأ "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ" إلى آخر الآية الكريمة، " وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" أما التعذيب فكله فعل عمد نسبة لتكراره المؤكد للفعل العمد. فإذا أخذنا جزئية الآية الكريمة "وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ" نستطيع أن نتبحر في معاني كلمة الْجُرُوحَ. فالجرح ليس القطع النازف فقط، خاصة وأن فرق التعذيب والموت قد أتقنت أساليب تعذيب فظيعة ووسائل قتل لا تنزف ولا تخلف أثرا. فهناك انتزاع الأظافر وإطفاء السجائر وإتلاف الأعضاء الحساسة للضحايا والجروح النفسية الغائرة والصعق بالكهرباء وبعض الأجهزة الجديدة التي تؤلم ولا تترك أثرا، وهذه كلها وغيرها تقع في باب الجروح. وفد ورد في الأثر الاقتصاص بالصفع. وإذا أخذنا مبدأ العقوبة من جنس الفعل، فذلك يعني تعذيب من يعذب بمثل ما عذب به ضحاياه. مثلا تعذيب من قام بتعذيب الدكتور علي فضل بنفس الطريقة والدرجة من التعذيب المفضي للموت ما لم ندرأ الحد بشبهة صعوبات الإثبات وصعوبة تحديد الفاعل أو الآمر بالفعل، فهم فيه شركاء. ومن ذات الوجهة الدينية لمن آمن، فإن العقوبة الدنيوية لا تلغي عقوبة الآخرة بسبب إنكار الجاني وبالتالي عدم توافر شروط التوبة النصوح، مفتاح المغفرة، وأهم شروطها إعادة الحقوق إلى أصحابها. والقوانين الجزائية الوضعية بدورها تواجه إشكالية صعوبات إثبات جريمة التعذيب. فجرائم التعذيب من الجرائم المخفية لأن مرتكبيها يعلمون تمام العلم أن جرائمهم مخالفة للقوانين الوضعية والسماوية والأخلاق والأعراف كافة، لذلك يرتكبون جرائهم من خلف جدر ظاهرها عادي وباطنها من قبله العذاب والتعذيب. وعليه فإن إخفاء التعذيب في حد ذاته دليل على الجرم واعتراف به! لذلك تقوم الدنيا ولا تقعد متى انكشف أمر التعذيب مثلما حدث بعد انكشاف تعذيب أميريكا للأسرى في سجن أبو غريب في العراق، وافتضاح تعذيب حكومة الجبهة السياسية الإسلاموية للأسرى في سجونها وبيوت أشباحها ..

ومن حيث أن حكومة الجبهة السياسية الإسلاموية تزعم أنها تحكم بما أنزل الله، فقد أردت من هاتين النقطتين، خاصة النقطة الثانية، التأكيد أن الله قد حرم التعذيب. فالله الذي كتب على نفسه الرحمة لا يقبل التعذيب، وتكاد الآيات القرآنية أن تنص صراحة على إيقاظ الحدود على مرتكبي جرائم التعذيب، والرسول الكريم وصحبه عاملوا الأسرى من الكفار أفضل معاملة وأطعموهم أفضل من إطعامهم لأنفسهم ووضعوهم على مرأى من الناس يفادون أنفسهم بتعليم المسلمين. والإسلام يدين ويعاقب في تعذيب الحيوان، والحديث الشريف "دخلت امرأة النار في هرّة … " وفي السنّة المطهرة هناك شروط واضحة تمنع تعذيب الذبيح من بهيمة الأنعام مثل ضرورة حدّ الشفرة وإخفاؤها عن الذبيح وسرعة عملية الذبح وموضع الذبح .. فما بالك بالإنسان الذي نفخ الله فيه من روحه؟ زد على ذلك أن القتل العمد الذي يستوجب القصاص شرعا ووضعا هو رديف للتعذيب لأن التعذيب يفضي إلى القتل العمد وليس العكس. نقول ذلك حتى لا يأتينا من يظن أن الله أمر أو يقبل تعذيب الحيوان أو الإنسان حتى لو كان كافرا بالله، أو من يقول أنه يعذب الناس جهادا في سبيل الله، أو من يقول أنه يعذب الناس طاعة لمرؤوسيه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا طاعة لمخلوق في معصية مكارم الأخلاق "لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ" "وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ" " وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا" " قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ" إذن التعذيب، من الوجهة الدينية البحتة هو جريمة نكراء فاعلها مجرم له عقاب في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد حيث اختص الله نفسه دون غيره بتعذيب الطغاة والمجرمين، والآيات القرآنية تشير إلى هذا الاختصاص. ونختم هذا المفصل بالسؤال: هل يدري حسن الترابي وأشياعه داخل وخارج السودان هذه البديهيات عن تحريم التعذيب أم أنهم لا يعلمون؟

أما بالنسبة لموقف شبكة الإسلام السياسي العالمية التي تحكم السودان من وراء حجاب الجبهة الاسلاموية، فإنها ترى السودانيين "عبيد يقتل بعضهم بعضا ويعذّب بعضهم بعضا" فلا مانع من التعذيب طالما أنه يبقي السودان تحت الحكم والسيطرة، حسب فقه الضرورة الذي يفصلون منه للسودان ما يشاءون من مقامع الحديد والظلم والعذاب والتجويع وتحليل التعذيب. أعلم أن قولي هذا عن شبكة الإسلام السياسي العالمية قد يكون صادما للبعض، لكنها الحقيقة المرّة التي سوف أتناولها تفصيلا في الجزء الأخير من هذا السياق، ويكفي دليلا أن هذه الشبكة صدّرت التعذيب للسودان عن طريق وكيلها الجبهة الإسلامية ودربتهم في بلدانها على أقسى أنواع التعذيب وبعثت بمدربين وخبراء تعذيب وأجهزة تعذيب للسودان. فالسودان لم يعرف التعذيب كوسيلة للحكم عدا بعض التجاوزات الفردية والنادرة التي لا تستحق الذكر هنا. لذلك ظل التعذيب دخيلا وغريبا على الأعراف والأخلاق السودانية.
وأما عن موقف الإدارة الأميريكية وأوروبا فهو: ترك السودان وشعبه ضيعة ومرتعا ليس لحكومة الجبهة الإسلاموية الوكيل تحديدا، بل ضيعة للشبكة الإسلامية العالمية مقابل صفقة نتحدث عنها لاحقا وعن كيف أفلتت السعودية وأقطار الخليج والجزائر من قبضة الشبكة الإسلامية العالمية وكيف سقط السودان. فكل ما يطفح عن أميريكا وأوروبا عن محاربتها لحكومة الشبكة الإسلامية العالمية في السودان لا يخرج عن التمويه .. وما كان لحكومة الشبكة الإسلامية العالمية أن تعمر في السودان لولا الدعم الاستخباري الأميريكي والغربي وسند بعض أقطار الجوار ضمن الصفقة التي بانت نتائجها في تقسيم السودان .. وهذا هو أحد أهم مقاصدي من السياق .. فصبرا !

مصابون بمرض الانفصام؟
خلصنا من الدين والقوانين ونجيء إلى الافتراضات العلمية باليقين:
الفرضية الأولى: أن جماعات فرق الموت والتعذيب أعضاء الجبهة السياسية الاسلاموية في السودان مصابون بحالة متأخرة من مرض انفصام الشخصية. ففي الحالات المتأخرة من هذا المرض تعيش شخصيتان متناقضتان تقوم كل منها بعمل مناقض تماما لما تقوم به الشخصية الأخرى. فقد يكون الشخص المريض عاديا يمارس حياته العادية في المجتمع، لكن تتقمصه أحيانا شخصية قاتل يرتكب سلسة من جرائم القتل. هذه الفرضية قائمة على التناقض بل والتضاد بين التعذيب وبين العبادة حيث اجتمع الضدان، التعذيب والعبادة، في نفوس أعضاء الجبهة الاسلاموية في السودان، فهم يعذبون ويصلون لله! على أن فرضية مرض الانفصام تسقط تماما من حيث أن الشخص المصاب بحالة انفصام متأخر لا يدري في الوعي ما تقوم به الشخصية الأخرى التي تتقمصه، بينما جماعات فرق الموت والتعذيب أعضاء الجبهة الاسلاموية السودانية يعذبون الناس في الوعي ويصلون في الوعي، ويتفكهون بانفعالات الضحايا في الوعي بعد نهاية صلاتهم فينهضون من "برش" الصلاة إلى حفلات التعذيب .. كله في الوعي .. التعذيب في الوعي .. والصلاة في داخل نفس الوعي، وهذا ما يخلق نوعا من المواءمة الشاذة بين أمرين متناقضين في وعي نفس واحدة. وهنا يتماهى ويمتزج التعذيب بالعبادة بما يجعل منهما أمرا واحدا داخل نفوس هؤلاء، وبذلك يقع التعذيب عندهم كجزء من العبادة لأن صلاتهم لا تنهى أو تنكر التعذيب بل تحرض عليه. في مثل هذه الحالة يصبح التعذيب عبادة، أو على أقل تقدير اعتقادهم أنهم يؤدون واجبا دينيا يثيبهم الله عليه. صحيح أن بعض حالات الانفصام الأقل حدة تعتري البعض في الوعي في نوبة غضب عارمة قد تنتهي بتحطيم الأثاث أو ضرب شخص أو ارتكاب جريمة قتل. لكن بمجرد زوال الحالة يشعر الشخص بالندم، ويعترف بالخطأ ويعمل على إصلاحه. هذه الحالة أيضا غير واردة بالنسبة لفرق الموت والتعذيب المعنية هنا لأنهم ببساطة لا يندمون على تعذيب الناس، بل يقهقهون على آلام ضحاياهم ويمضون إلى الصلاة!

ونافع يؤكد: عمل الجهاز "مراعاة حق الله ! .."
التقرب إلى الله بتعذيب البشر ليس مجرد استنباط تحليلي من عندي. يقول الدكتور نافع علي نافع الرئيس المباشر لجهاز أمن الحكومة خلال الفترة من نوفمبر 1989 إلى سبتمبر 1995: (أحسن ما في الجهاز أنه كان فيه مجموعة من البشر متجردة كانت ترى أن مراعاة حق الله تعالى وحق عباده أهم لها … نحن لسنا جهاز حكومة تحكم وفقط فلا نفعل شيئاً يضرنا لمصلحة حاكم، وهذه القيم الأخلاقية كانت هدفاً لنا في الجهاز) المعروف أن الفترة التي راس فيها نافع جهاز أمن الحكومة هي الفترة التي أنشأت فيها حكومة الجبهة الاسلاموية بيوت الأشباح والسجون وتكوين فرق الموت والتعذيب، وشهدت تلك الفترة أبشع أنواع التعذيب، والتي شارك فيها نافع بيده ولسانه وتعليماته، ومن بين من عذبهم نافع أساتذة زملاء له مثل الدكتور فاروق محمد إبراهيم. نافع قال ذلك في حوار مع صحيفة البيان الإماراتية في 16 يوليو 2005. مقولة نافع لا تحتاج إلى تفسير لإيجاد العلاقة عندهم بين التعذيب وبين العبادة. فقد وصف فرق الموت والتعذيب بأنها مجموعة (متجردة) والتجرد يكون لله، وأن مجموعته ترى (مراعاة حق الله تعالى وحق عباده أهم لها) واصفا ما يقومون به من تعذيب بالقيم ا|لأخلاقية بقوله: (وهذه القيم الأخلاقية كانت هدفاً لنا في الجهاز) … نافع بالمناسبة تلقى تدريبا في إيران حسب ما تواتر من داخل جماعته ..

التعذيب .. طقوس دينية:
وصلنا إلى أن التعذيب يدخل في إطار العبادة والواجب الديني عند الجبهة الاسلاموية. لكن وصلنا أيضا أن الدين الإسلامي لا يقر التعذيب ويعتبره جريمة نكراء. وبذلك وصلنا إلى عقدة المتناقضات الممزوجة وهي أن أعضاء الجبهة الاسلاموية يعذبون ويصلون! ومن حيث استحالة الجمع بين الإسلام أو أي دين سماوي آخر وبين التعذيب، نقف أمام احتمالين:
الاحتمال الأول: أن تكون الجبهة السياسية الاسلاموية تعتنق دينا آخر غير الدين الإسلامي تعبد ربه وتعذب الناس تحت شعائره. (لذلك نسميها الاسلاموية، إذ يصعب استخدام صفة "الإسلامية")
الاحتمال الثاني: أن زعامات الجبهة الاسلاموية يعلمون تحريم الإسلام للتعذيب، لكنهم أضلوا أتباعهم وزينوا لهم أن الإسلام يقر الاغتيال والتعذيب ويجزي عليه فيقع عليهم قول الحق "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ" أو قوله تعالى "وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا" أول قوله تعالى في سورة الأنفال "وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ" بديهي إذن أن من ضل الناس عن الدين إلى ما يرفضه الدين وهو عالم بالدين يكون قد خرج بنفسه وبمن تبعوه عن الدين مثل فرعون "يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ" والخروج عن الدين يفضي بالضرورة إما إلى الدخول في معتقد آخر أو البقاء خارج كل المعتقدات والأديان.

ومن حيث براءة وتبرؤ الدين الإسلامي من التعذيب، فإن الاحتمالين أعلاه يقودان إلى نتيجة واحدة هي أن ما تقوم به فرق الموت والتعذيب أعضاء الجبهة الاسلاموية لا يخرج عن كونه قتل وتعذيب ديني لكن خارج معطيات الدين الإسلامي وتعاليم كل الأديان السماوية كافة، وبالتالي يكمن تصنيفه كنوع من التعذيب والقتل الطقسي (من طقوس) سواء فعلوه افتراء تحت اسم الإسلام أو اسم أي معتقد آخر يختارونه لا فرق. والقتل والتعذيب تحت المعتقد ليس بجديد. فهناك العديد من المعتقدات الوثنية الموغلة في القدم التي كان من بين طقوسها تقديم القرابين البشرية كنوع من العبادة تقربا للآلهة ومرضاة لها. طبعا لا يشعر معتنقو تلك العبادات أنهم يرتكبون جريمة، بل على العكس، يفعلون ذلك في حفل ديني بهيج تتلى فيه الصلوات يلتهمون الأطعمة بشهية كما يفعل أعضاء الجبهة الاسلاموية بعد أن تكون الأضحية البشرية قد نالت قدرا لا يطاق من العذابات النفسية والجسدية مثل حال ضحايا التعذيب على أيدي جماعات الجبهة الاسلاموية في السودان. ومع اختلافات الأزمنة، وربما الآلهة، لا تختلف طقوس أصحاب تلك المعتقدات القديمة عن طقوس فرق الموت والتعذيب التي كونتها الجبهة الاسلاموية. فكلاهما يعذب الناس مرضاة لله وقربانا له وهم في حالة تصالح مع أنفسهم، يقيمون حفلات التعذيب ولله يركعون شاكرين!
ومن حيث أن الذين يباشرون عمليات التعذيب هم دائما من الصفوف الدنيا في هذه الحركة الباطنية المسماة بالجبهة الإسلامية، لابد أن نطرح الأسئلة: من الذي شرعن لهؤلاء القتل والتعذيب باسم الدين الإسلامي؟ ومن ذا الذي واءم لهؤلاء بين الإسلام وبين التعذيب ووضع في أيديهم صكوكا إلهية بتعذيب الناس وقتلهم ثم الوقوع لله ساجدين؟ باختصار، من الذي أضل هؤلاء وغسل أدمغتهم وأقنعهم أن ما يقومون به هو مرضاة لله؟ .. والسؤال الذي نحن بصدده: من أين أتى غلاة الجبهة الاسلاموية بهؤلاء الفعلة؟

مجرمون بالميلاد والنشأة؟
أما الافتراض الثاني فهو أن أعضاء فرق الموت والتعذيب مجرمون بالميلاد يحملون مخصبات جينية إجرامية تغلب على الوازع الأخلاقي الطبيعي، وفوق ذلك نشأوا في أوكار للجريمة والقتل والتعذيب يضمحل فيها الوازع أو الضمير المؤنب والكابح، وبالتالي يتضاءل عندهم الوازع ويختفي عندهم الشعور بآدمية الإنسان أو حيوانية الحيوان. طبعا هذا الوازع موجود عند الحيوان غريزيا يضبط سلوكه مع فصيلته وصغاره، حيث لا تلتهم الضواري صغارها ولا تأكل فصيلتها إلا في ما ندر ضمن غريزة تنقية البيئة عند عدد محدود من الفصائل الحيوانية. والوازع عند الإنسان مكون طبيعي من مكونات النفس البشرية في الفطرة والعقل بحكم رقي النفس البشرية وقابليتها للتطور المعرفي والقيمي والأخلاقي. ومع ذلك يوجد بعض البشر الذين يغيب عندهم الوازع تجاه الآخر، وهؤلاء يصفهم علم نفس الجريمة بالذين يقتلون بدم بارد. فهل نستطيع أن نصنف أعضاء فرق الموت والتعذيب أعضاء الجبهة الإسلامية السياسية ضمن هذه مجموعة من عتاة المجرمين من فاقدي الوازع؟ الواقع لا! .. فالذين يبلغون المرحلة المتأخرة من مرض الجريمة لا يصلّون لله لأن خلايا القيم الروحية والإيمانية تكون قد اضمحلت وطغى عليها السلوك الإجرامي الذي أضحى يطبع تصرفاتهم العادية، فلا يرتكبون الجريمة تقربا لله لا في عقلهم الباطن ولا في عقلهم الظاهر. وبالمقارنة تتفق فرق الموت والتعذيب الاسلاموية في السودان مع هؤلاء في ارتكاب الجرائم، وفي ارتكابها دون شعور إنساني تجاه الضحايا، بينما "تمتاز" فرق الموت والتعذيب الاسلاموية في السودان أن جرائمها عبادة وقربي لله يقيمونها وهم في كامل الوعي والتصالح مع النفس .. واثقون من الأجر من عند الله!

مجرمون أم ضحايا؟
المحصلة الثابتة من مجمل الافتراضات أننا حصلنا على مجرمين وعصابات ترتكب باسم الله والدين الإسلامي جرائم الاغتيالات وجرائم التعذيب والترويع والاغتصاب وهتك الأعراض ونشر الإرهاب ونهب الأموال والتشريد الجماعي وإفشاء الرذيلة والمسغبة التي ضربت ملايين الأسر .. وكله باسم الله والإسلام. هذه المحصلة تعيدنا مرة أخرى إلى طرح نفس السؤال: من برر لهؤلاء الفعلة ارتكاب الجرائم باسم الله؟ وهل أعضاء فرق الموت والتعذيب مجرمون جناة أم ضحايا مثل ضحاياهم؟

المدارس .. مصائد الشباب:
هنا نعود إلى ما بدأنا به عن تلك العلاقة بين الطالب والمدرّس لنجد أن غالبية أعضاء فرق الموت والتعذيب قد التقطتهم الجبهة السياسية الاسلاموية من مدارس السودان، خاصة المرحلتين المتوسطة والثانوية ثم السنة الأولى بالجامعات والمعاهد. التقاط التلاميذ والطلاب في هذا العمر مدروس بعناية بالغة لأنه مرحلة التحول من الصبا إلى الشباب التي تتشكل فيها الشخصية. وهي مرحلة عمرية تتسم بالاندفاع نحو اتخاذ مواقف الناضجين سياسيا وفكريا، ومرحلة التأثر بالرموز الاجتماعية القريبة مثل المدرّس والمدرّسة والرموز البعيدة مثل السياسي والأديب والمطرب والكاتب، وأحينا المجرم! جيلي من شهود بدايات حقبة التقاط الطلاب والتلاميذ بواسطة جبهة الميثاق وجماعات الإخوان المسلمين أو "الكيزان" حسب التسمية التي أطلقها حسن الترابي على جماعته "الدين بحر ونحن كيزان" ثم سارت بها الركبان! عمليات الالتقاط كانت أيضا منظمة، فقد كانت وما زالت تتم عبر شبكة خلايا متداخلة يقوم بها بعض المدرسين ويشارك فيها طلاب كل مرحلة عليا أو فصل دراسي أعلى بتجنيد الطلاب والتلاميذ الأصغر سنا .. طلاب الجامعات يعملون وسط طلاب الثانويات وطلاب الثانويات بين تلاميذ المراحل الدراسية الأوسط والفصول الأدنى. وعلى قلة عدد المنتمين لتيارات الإسلام السياسي آنذاك، لكن مجموعة من المدرسين المستقطبين كانوا يديرون شبكات الالتقاط والتجنيد. ثم تلتقي خيوط الشبكات والخلايا عند حسن الترابي وبعض أساتذة الجامعات. وبعد أن تمكن الترابي من إقصاء شيوخ تيارات الإسلام السياسي بلا رحمة، أمسك الترابي وحده بكل خيوط شبكات وخلايا التقاط الطلاب والتلاميذ مستعينا بمجموعة من الشباب غالبيتهم من تلاميذه من بينهم علي عثمان طه، والذي تم التقاطه هو أيضا خلال المرحلة الثانوية، حيث لم تكن له علاقة بجماعات الإسلام السياسي حتى نهاية المرحلة المتوسطة في مدرسة الخرطوم الأميرية. ومع مضي السنوات يتحول الملتقطون إلى لا قطين للأجيال اللاحقة. وهكذا ظلت تدور العجلة إلى اليوم ..

من هنا كانت البداية .. من المدارس التي أضحت بؤرا خصيبة لالتقاط التلاميذ والطلاب، وفي الأثناء دفعت تيارات الإسلام السياسي بأعداد لا باس بها للانخراط في سلك التدريس بغية التأثير المباشر على الطلاب والتلاميذ. طبعا حدث ذلك بالتناغم مع عمليات إفراغ حقل التدريس من المدرسين الأكفاء تحت فرية اتهامهم بالشيوعية. وقد نزلت "الحرب على المدرسين" بردا وسلاما على الأحزاب الطائفية التي قامت بدور "حمّالة الحطب" في محرقة التعليم وعمليات تشريد المدرسين التي زاد أوارها الترابي وتيارات الإسلام السياسي. فالطائفية بتكوينها لا تطيق المدرسين أصلا لأن المدرسين أحدثوا تآكلا كبيرا في قواعد الطائفية في الأرياف بفضل ما ينشرونه من تعليم ومن وعي بين التلاميذ وبين الآباء والأمهات ومجتمعات القرى، فالعلم والوعي هما آفة الطائفية وسمها الزعاف. والإسلام السياسي بدوره يرى في المدرسين الوطنيين العقبة الكبرى التي تعيق انتشاره في جسد الأمة. ثم جاءت الطامة الكبرى بطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان، ولم يكن من المستغرب أن تتم عملية الطرد بزعامة حسن الترابي. ساعتها ظنت زعامات أحزاب الطوائف أنها استخدمت الترابي كقفاز في "العملية القذرة" وأبقت يدها نظيفة. لكن الواقع أن الترابي هو الذي استخف زعماء الطوائف فتبعوه وهو الذي امتطى أحزاب الطوائف وامتشق سلاحها، أي أغلبيتها البرلمانية، وضرب ضربته، ولم ينزل عن ظهرها ولم يرجع لها سلاحها إلى اليوم! والملهاة أن الترابي بعد ذلك حمّل أحزاب الطوائف وزر عملية طرد الحزب الشيوعي ولطخ بها أيديهم ووجوههم علنا عندما اضطرهم إلى استخدام أغلبيتهم البرلمانية وكراسيهم الطائفية في رفض قرار المحكمة التي قضت بعدم قانونية حل الحزب الشيوعي! ما يهمنا هنا أن تلك الحوادث كانت ذريعة إضافية لتشريد الكفاءات في حقل التعليم وبداية انهيار الهيكل التعليمي، ثم جاء حكم مايو العسكري وقضى على اليابس بعد محاولة 19 يوليو الانقلابية.
لا نقول ذلك لأن الحزب الشيوعي هو الأفضل، فهو حزب محدود السقف بالتكوين، وارتكب بدوره أخطاء مميتة في تاريخ السودان السياسي أقلها أنه ساهم في انقلاب 25 مايو 1969 ردا على عنف تيارات الإسلام السياسي والطوائف. بل نقول ذلك لأن الحزب الشيوعي كان بمثابة المعادل الطبيعي أو الترياق المضاد لتيارات الإسلام السياسي خاصة داخل المدارس والجامعات والمعاهد. فالمدارس والجامعات تظل دائما "نقاط التجمع الثابتة" لكل شباب المجتمع. لكن بعد أن أسهمت أحزاب الطوائف في كسر قارورة الترياق المضاد "الحزب الشيوعي" وجدت تيارات الإسلام السياسي في المدارس مزارع مثمرة مات نواطيرها لا ينافسهم عليها منافس ولا يقرعهم عنها قارع، فألقت بشباكها وحبالها وعصيها واصطادت غلة من الطلاب والتلاميذ. أيضا من العوامل التي سهلت مهمة تيارات الدين السياسي أن الطائفية ارتكبت خطأ آخر في حق نفسها والبلاد عندما التهمت الحزب الوطني الاتحادي الذي كان يشكل منطقة الاعتدال، وكان في مقدور ذلك الحزب استيعاب القوى الشبابية. لكن بعد تدمير الوسط والاعتدال، استدارت الجبهة الاسلاموية على الحزبين الطائفيين وطردتهما شر طردة عن الحياة السياسية إلا بما تجود به عليهما اليوم. وبذلك انفتح السهل الاجتماعي الخصيب أمام تيارات الإسلام السياسي وغابت مواعين الاعتدال وصعد عنف وتطرف الجبهة الاسلاموية بكل ما فيه من تنكيل وتعذيب.

حتى بروش الصلاة:
ولم تتوقف الخطط الشيطانية لتيارات الإسلام السياسي عند أسوار المدارس، بل خرجت في ثياب الواعظينا بمكر ماكر تحذر الآباء والأمهات من خطر الشيوعيين على أبنائهم في المدارس وتعظهم بالعبارة المشهورة "ما تخلو أولادكم يبارو الشيوعيين لأنهم يفسدون بناتكم بالدعارة وأولادكم بشرب الخمر" ! وقد استغلت تيارات الإسلام السياسي تجمعات الآباء في الأحياء لأداء صلاتي المغرب والعشاء في نشر الشائعة، ولم يكن من المستغرب أن تتبعهم أحزاب الطوائف في الغي وهي لا تدري أنها قد أُكِلتْ يوم أَكِل الثور الأحمر! وفي المدارس مارست خلايا الإسلامويين إرهابا عظيما على الطلاب والتلاميذ يصفون كل مخلوق يعارضهم بأنه شيوعي وكافر، كانت عبارة "أنت شيوعي" كفيلة أن تجعل الطالب يهرب عن "التهمة" كما يهرب السليم من الأجرب! لكن لأنه عمر الانتماء، سقط عدد من الطلاب والطالبات صيدا سهلا في شباك تيارات الإسلام السياسي. ومع كل ذلك وقفت المضادات الحيوية الاجتماعية الطبيعية في وجه تغلغل وسيطرة وانتشار تيارات الدين السياسي في السودان فعجزوا عن تحيق قاعدة اجتماعية تؤهلهم لحكم البلاد .. لذلك حسموها بالبندقية بانقلابهم العسكري بالوكالة عن شبكة الإسلام السياسي العالمية بعد سيطرتهم المطلقة على الاقتصاد والمعيشة! فالانتخابات واحدة من وسائلهم للانقضاض على السلطة، إذا فشلت لهم بدائل أخرى .. وقد كان!

منهج الحركات الباطنية:
اصطياد الصبية والشباب من المدارس والجامعات ليس من إبداعات حسن الترابي ورهطه في السودان. فحركات الإسلام السياسي من حيث أنها حركات باطنية، تظل تنتهج هذا الأسلوب منذ عصور إسلامية باكرة باستدراج والتقاط الصبية والشباب من حلقات الدرس وتربيتهم على العنف وتدريبهم على الاغتيالات بعد غسل أدمغتهم بفرشاة دينية وإقناعهم أن جرائمهم جهاد في سبيل الله. وفي التاريخ القريب قامت جماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ حسن البنا بالتغلغل في أوساط الطلاب واستدراجهم وتربيتهم على العنف والاغتيالات باسم الله! وقد كانت جماعات الإسلام السياسي تفعل نفس الشيء في جامعات سوريا والأردن قبل قمعها دمويا. واليوم تنشط الجماعات الإسلامية داخل الجامعات المصرية. والجبهة السياسية الإسلاموية في السودان تسير على نفس نهج سلفها من الحركات الباطنية وتتوسع فيه وهي مطلوقة اليد والسراح. وغني عن القول أن اتفاق حركات الإسلام السياسي في الوسائل والأهداف يبرهن أنها خيوط في نسيج شبكة واحدة في تاريخ طولا وفي الجغرافيا عرضا. وضمن هذا الترابط المحكم تقوم العلاقة بين الانقلاب العسكري للجبهة السياسية الإسلامية في السودان وبين شبكة الإسلام السياسي العالمية.

جففوا منابعهم في الجامعات والمدارس:
نستطيع مما سبق أن ندلل ونفهم لماذا تحرص الجبهة السياسية الإسلاموية على إحكام سيطرتها على المدارس والجامعات، ولماذا برك شيوخ الجبهة على حصير مسجد جامعة الخرطوم يدبرون ويديرون عمليات السرقة والتزوير في انتخابات اتحاد الطلاب في دورة 92، 93 حسب ما ورد تفصيلا في شهادات الشهود في الجزء السابق من هذا السياق. سرقوا وزوروا وأفتوا تجهيلا وافتروا الكذب على الله ورسوله لأنهم يعلمون أن فقدانهم للاتحادات الطلابية والطلاب والتلاميذ سوف يجفف منابعهم وبؤر صيدهم داخل المدارس والجامعات، الأمر الذي سوف ينتهي لا محالة إلى اضمحلال وجودهم إن لم يكن زوالهم تماما عن الخارطة السياسية في السودان. نعم وبكل تأكيد سوف تموت الجبهة السياسية الإسلامية في السودان وتغدو حرضا وعرجونا قديما ذاويا متى فقدت سطوتها على المدارس والجامعات، فمنها تستمد الوجود وقوة الدفع ومنها تحتطب نضير الشباب لمواقدها ومحارقها، ومنهم تنتخب حراس هيكلها وفرق الموت والتعذيب.

الثورة التعليمية بؤر شيطانية لصيد الشباب:
عشرون عاما وزيادة كافية وزيادة لإقناع كل صاحب عقل وبصر أن حكومة الجبهة السياسية الإسلامية قد حطمت عن قصد وتدبير مستويات وأسس ومناهج التعليم في البلاد وألقت بحطامه إلى ما دون الحضيض. هذه الحقيقة الجاثمة في كل بيت تؤكد بدورها أن حكومة الجبهة السياسية الإسلامية غير راغبة في تطوير التعليم وكارهة له. لكن الذي قد يدعو للاستغراب أن حكومة الجبهة الاسلاموية قامت بفتح العديد من الجامعات والمدارس في ما أسمته بالثورة التعليمية! وهنا أيضا تبرز لنا حقيقة أخرى تبدو مناقضة لما يسمى بالثورة التعليمية وهي أن جامعاتها ومدارسها التي لا تحصى والتي فتحتها في طول البلاد وعرضها هي أن مجرد لافتات فارغة عن المحتوى التعليمي وفاشلة أكاديميا وتربويا، ودليلنا على فراغها أن القادرين ماديا قد عافوها وهربوا إلى التعليم الخاص التجاري باهظ الكلفة على الفقراء. قد يبدو الأمر متناقضا أن تحطم حكومة الجبهة التعليم ثم تفتح المزيد من المدارس والجامعات الفاشلة لا يؤمها إلا أنباء الفقراء. لكن المؤكد أن كل هذه المعطيات المتناقضة تدفع نحو حقيقة واحدة هي أن حكومة الجبهة الاسلاموية قد فتحت هذه المدارس والجامعات فقط من أجل زيادة عدد البؤر التي تتصيد منها الطلاب والتلاميذ من أبناء الكادحين وغسل أدمغتهم وإلحاقهم بأجهزة قمع وإرهاب المجتمعات السودانية. ويستطيع أي أب أو حادب أن يلاحظ أن كل الشباب في مليشيات حكومة الجبهة وأجهزتها القمعية وفرق الموت والتعذيب قد تم التقاطهم في الآونة الأخيرة من هذه المدارس الفاشلة ومن أبناء الطبقات الفقيرة. ومن يظن أنني على خطأ عليه أن يجيب على السؤال: فلماذا فتحوها إذن إن لم يكن من أجل صيد الأبناء والبنات وتحويلهم إلى قنابل بشرية لضرب المجتمع؟ هل لمجرد أن يقال عنهم أنهم عملوا ثورة تعليمية؟ لا .. إنهم أذكى من ذلك وأشد مكرا مما تظنون، ففشل هذه المدارس واضح، وفرية الثورة التعليمية أقصر من أن تحجب عن بصائرنا وعيوننا الهدف الحقيقي.

خطوات التقاط الأولاد والبنات:
كما ذكرت في البدء فإن التلاميذ والطلاب يتأثرون بالمدرّس، وهو تأثر متفاوت حسب كل تلميذ وطالب. لذلك كان من المحتم وقوع بعض الطلاب تحت تأثير أحد المدرسين من عناصر تيارات الإسلام السياسي. وهنا تبدأ الخلية وتدور العجلة .. طالب طالبان .. ودعوة للصلاة في المسجد الفلاني، حيث يجد الطلاب مجموعة صغيرة من أقرانهم وردوا من مدارس أخرى .. وبعد الصلاة يجري "الدرس" على شكل دردشة عامة في الدين والأخلاق والصحابة وسن المراهقة وبعض نوادر الصحابة .. ويكيل المدرس كل أفعال التفضيل على الحفنة الصغيرة من الطلاب بأنهم الأفضل والأكمل إيمانا والأقرب إلى الله عما عداهم من الطلاب، ثم يستدرج المدرس الطلاب للحديث عن أسرهم وحياتهم، فيعرف عنهم كل شيء. وهكذا تتشكل علقة الخلية وتتكرر اللقاءات، وأحيانا الرحلات. وفي داخل المدرسة ينتاب هذه الحفنة من الطلاب شعور داخلي أنهم فعلا متميزون عن غيرهم من الطلاب على الأقل عند الله! هذه هي مرحلة التميز، أي أن يشعر الطالب أنه متميز بشيء ما عن أقرانه. هذا الشعور بالتميز عند الله يسد فجوات ونواقص، كبيرة أحيانا، في نفوس بعض هؤلاء الفتية فيشعرون، أيضا في أنفسهم، أن الفوارق قد زالت وأنهم أصبحوا على مستوى باقي أقرانهم ومتميزون عنهم. ومن المهم أن نشير هنا أن أعدادا من الطلاب يرتادون المساجد لأداء الصلاة من تلقاء أنفسهم خارج هذه الخلايا الصغيرة، وكثيرا ما تجري محاولات جذبهم للخلية، لكن المحاولات تفشل دائما إلا نادرا.
بعد مرحلة التميز عن الآخرين تبدأ مراحل إدانة الآخرين ثم الانفصال والعزلة داخل النفس و"الجماعة" ثم التهيؤ والتقمص، ثم يتم إلحاقهم مباشرة بالصحابة! وصولا إلى مرحلة التكفير قولا ثم فعلا .. وهي مراحل متداخلة يوظف فيها أمير الجماعة المدرّس الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة والموضوعة توظيفا يخدم خطته العزل ثم الاحتواء مثل الحديث "الصلاة عماد الدين من أقامها أقام الدين ومن تركها فقد ترك الدين" أو عدم جواز الأكل أو مجالسة تارك الصلاة أو اللعب معه! عندها يصدر الطالب حكمه داخل نفسه أن كل أقرانه قد تركوا الدين، وبالتالي لا يجوز مخالطتهم أو حتى السير معهم من مناطق السكن إلى المدرسة بصرف النظر عما إذا كان هؤلاء الأقران يصلون في بيوتهم أم لا! إبان مراحلنا الدراسية كانوا قلة، وإلى اليوم قلّة، وكنا نداعبهم بأن يذهبوا معنا للسينما أو أن ينظروا إلى فتاة جميلة، فكانوا يردون بأننا مراهقون! وكان بعضنا يجيب: نعم نحن مراهقون اليوم، لكن مراهقتكم أنتم سوف تبدأ بعد أن يتقدم بكم العمر! ويبدو أن نبوءتنا قد صدقت فيهم .. فهذه السيارات الاسبورت التي يجمعها جماعة حكومة الجبهة وتعدد الزوجات وغير الزوجات والركض وراء الملذات والمتع هي فعلا مراهقة الكبار! الشاهد هنا أنهم نشأوا في كبت خطير لا متنفس له، فلا رياضة ولا موسيقى ولا فنون ولا لعب ولا سينما ولا أدنى من ذلك. ومن بديهيات علوم السلوك والنفس أن يتنفس الكبت في غير مجاريه الطبيعية في داخل تلك الخلايا المغلقة، وأن يتحول الكبت والحرمان إلى حقد على المجتمع، وأن ينفجر لاحقا قتلا وتعذيبا وفسوقا ونهبا وإنكارا لآدمية الناس كالذي يعم الساحة السودانية اليوم.
وهكذا يبدأ الفتية مرحلة الانعزال عن أقرانهم وعن نشاطاتهم والعيش داخل حلقتين مغلقتين، الحلقة الأولى داخل حلقة الشخصية الافتراضية التي رسمها الطالب لنفسه وتقمصها بما فيها من صحابة، وهي شخصية لا تخرج أبدا عن الإطار الذي رسموه له. والحلقة الثانية هي الخلية وامتداداتها من خلايا "التنظيم" ويغلق الطالب نفسه من الداخل ويتم إغلاقه من الخارج بإحكام! وطالما أن العزلة تمت داخل كبسولة دينية، تكون الخطوة التالية مباشرة هي تكفير الآخر وتكفير الأب والأم والإخوة والأخوات والجيران والناس أجمعين. عند بلوغ هذه المرحلة تتم عملية الفقس عن الحاضنات، أي إخراجهم عن البيض إلى السفور لإقامة الدين الحق على المجتمع الكافر. ثم يجيء اليوم الموعود، يوم يحشر أعضاء الخلايا الجديدة ضحى لمقابلة "المرشد" .. في ذلك اليوم ترجف راجفتهم فلا يكادون يصدقون عيونهم المشرعة أنهم يتطلعون بعيونهم المجردة إلى وجهه .. لم لا؟ فهذا يوم بعثهم ونشورهم الذي انتظروه طويلا .. وتم التعميد بنظرة من المرشد.
هكذا تتم عمليات الاستدراج والالتقاط، ثم غسل الأدمغة وتنشيفها وكيّها ثم حشوها. بعدها يكون الشاب أو الشابة قد فقد الإحساس تماما بآدمية المجتمع، بما فيه أفراد أسرته والأصدقاء والجيران، والأخطر من كل ذلك أنهم أصبحوا آلات بشرية تنفيذية لتنفيذ كل ما يطلب منها .. فقد تم انتزاع العقول التي لا داعي لها .. فهناك من يفكر نيابة عنهم ..

شهادة حاسمة:
عمار محمد آدم كان من صفوة شباب الجبهة الإسلامية السياسية، وهو الآن صحافي وقد كان الحارس الخاص لحسن الترابي، وعمار هو الذي كشف لزملائه الطلاب كيف تمت عملية تزوير انتخابات اتحاد الطلاب حسب ما ورد في الجزء السابق. أورد هنا مقتطفات من مقال كتبه عمار محمد آدم. شهادة عمار تكتسب أهمية كبيرة بحكم أنه خاض التجربة الواقعية من داخل "التنظيم" يقول عمار:
(يتم تجنيد الأخ المسلم في فترة مبكرة من العمر ويوضع في قالب تنظيمي يشكل شخصيته ويحجبه عن أي مؤثرات أخرى فيتحقق العقل الجمعي أو قل سلوك القطيع فيكون رد فعلهم تجاه الأشياء واحد يضحكهم أمر واحد ويحزنهم كذلك أمر واحد يعطون شرعية داخلية لفعل ما بغض النظر عن المقاييس العامة الأخرى يعظمون الزنا مثلا وشرب الخمر والميسر، ولكنهم في قضايا المال الأمر مختلف وحتى في التعامل مع الأجنبي مثل ذلك، المهم أن يكون ضد أعدائهم التقليديين حتى وان كان ضد الوطن! .. اغلبهم لا علاقة لهم بكرة القدم وعالمها أو السينما والمسرح وعامة الفنون ولربما يكون لهم موقف ديني من التشكيل والغناء وما إلى ذلك وتحول ذلك بمرور الأيام إلى موقف نفسي حتى من بعد أن جاءت فتاوى تبيح ذلك. ولكن لا يمكن أن يقف أخ مسلم ليغنى في المسرح ولكنه قد يفتتح الحفل بآيات من الذكر الحكيم. لذلك حينما جاءوا إلى السلطة كانوا أشخاصا منغلقين على أنفسهم لا يعرفون الناس ولا يعرفهم الناس ولا يدركون جوانب الحياة المختلفة وقد واجهوا عزلة اجتماعية كاملة جعلتهم يزدادون انغلاقا على أنفسهم وحاولوا أن يدخلوا الحياة كلها في التنظيم ويحولون مؤسسات الدولة إلى مكاتب تنظيمية حتى يستطيعون أن يتعاملوا معها فهم لا يعرفون غير طريقة واحدة في التعامل مع الأشياء وقد يريحون أنفسهم بعض الشيء بذلك ولكنهم آذوا الناس إيذاء شديدا وأتعبوهم تعبا لا حد له "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" ..)
ويواصل عمار محمد آدم: (الإسلامي يعتقد انه وكيل الله في الأرض. هو لا يقول ذلك ولكنه في قرارة نفسه مقتنع به وينظر إلى الآخرين أنهم على ضلال حتى وان بدا في تعامله معهم على غير ذلك. لذلك فانه يظهر ما لا يبطن ويحس باستعلاء زائف يعطيه الإحساس انه متميز لذلك تبدو الابتسامات الصفراء المتكلفة وطريقة السلام المصطنعة والتكلف في كل شيء).
والحديث مازال لعمار محمد آدم:
(بعد المصالحة الوطنية تم سحب الإسلاميين من الحياة العامة وحشروا في المؤسسات الإسلامية كانوا معلمين وعمال وموظفين ومهندسين، فظهر بنك فيصل أولا ثم المركز الإسلامي الإفريقي ومنظمة الدعوة الإسلامية وتوابعها دانفوديو والوكالة الإسلامية الإفريقية للإغاثة ولجنة مسلمي أفريقيا والأمومة والطفولة ثم مدارس المجلس الإفريقي، ثم جاء بنك التضامن والشمال والشركات التابعة لبنك فيصل العقارية والشركة الإسلامية للاستثمار والوصيد ثم شركة التنمية الإسلامية ولجنة مسلمي أفريقيا الكويتية وشركات التامين الإسلامية وبنك البركة وكل الأفرع في الولايات ودول الجوار وهلم جرا. كل ذلك قبل الدولة. فأصبح الأخ المسلم يعمل في مؤسسة إسلامية وبيته بقرض منها وسيارته وحتى زوجته من الأخوات المسلمات وأبناؤه في المدارس الإسلامية لذلك فلابد أن يكون أخا مسلما كل الحياة. وهكذا تمت تعبئة الإسلاميين في تلك المؤسسات دون أن توضع لهم مواد حافظة فتخمروا وتخمرت الحياة بهم من بعد). انتهى حديث السيد عمار محمد آدم.

الترابي وتحريف الدين:
شهادة أخرى وردت على لسان د. حسن مكي أحد منظري الجبهة السياسية الإسلامية والذي قلدوه حاليا منصب مدير جامعة أفريقيا العالمية. يقول حسن مكي أن الدكتور حسن الترابي كان يقول لنا دائما: "وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا" يعني جاهد الخصوم السودانيين السياسيين. ما كان يردده الترابي هو جزء من الآية الكريمة من سورة الفرقان التي يقول نصها الكامل "فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا" وواضح من الآية الكريمة أن الجهاد المعني محدد باللفظ القرآني ضد الكافرين. لكن الترابي حذف جذر الآية الكريمة، وبالتالي وضع كل من هو خارج جماعته، وغالبيتهم من المسلمين، في موضع الكفار وأعلن عليهم الجهاد وحرض أتباعه على قتلهم، فقط من أجل أطماعه السياسية البحتة. وقد ورد في محكم التنزيل عن تحريف الكلم عن مواضعه "مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً" وقد ورد في التفسير أن تحريف الكلم عن مواضعه "إما بتغيير مواضع الألفاظ بالتقديم والتأخير والإسقاط والزيادة" ومن حيث أن الآية الكريمة تصف تحريف اليهود للكلم، فإن خطابها ومغزاها للمسلم، الأمر الذي يلقي بتبعات جسيمة على المسلم ويضع من يحرف الكلم، أي القرآن، في مرتبة أدنى من اليهود الذين لعنهم الله بكفرهم لأن التحريف وقع على آيات الله. وليس أدنى من تلك مرتبة إلا الشيطان الرجيم. فكأن الترابي اشترى بآيات الله ثمنا قليلا " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُ?

تعليق واحد

  1. با الله ده كلام اين المراقبه الدوليه اين الرقابه العامه اين هم الناس الذين يحملون فى قلوبهم معنى الود والتراحم والاحترام كلهم رحلو ولم يبقى لنا الا ان ننزف مع جراحنا مع هؤالا الارذال من البشر كيف لايكون لهم والى ولامحاسب ينتهكون ابشع انوع التعزيب فى خلق الله ولماذا اكله من اجل الكرسى والسلطه تبا للسلطه التى ازهقت الارواح وحسبنا الله ونعم الوكيل

  2. جميل هذا المقال بل هذه ( الدراسة) كان يجب أن يقال مثل هذا الكلام قبل 21 عاماً أو على الأقل قبل 15 عاماً لأننا الآن فى مرحلة التفكير فى كيفية ( الفكاك) من سلطانهم ومن ثم ب(القضاء) عليهم وأقترح بأن تكون ( الوسيلة ) هى نفسها التى استعملوها من ضرب وتخويف وتعذيب و( الجنازير ) ولنبنى بيوت أشباحنا بنفسنا !

  3. دراسة تستحق التمعن و علينا ان نقرأ لهم ردودهم حتي يستبين الحق من الباطل .هناك في المقال معلومة صغيرة خطأ وهي ان اسم (كيزان) اطلقت لاول مرة في مصر علي الاخوان المسلمين ايام الملك فاروق حيث قال القائل ( فاروق مزيرة لها الاخوان كيزان ) لذا لزم التنويه.

  4. من اجمل المقالات التى تشخص حال الوضع السودانى و تضع له الدواء .. اشعر بان البداية الحقيقية لحل المشكل السودانى يبدا من هذا المقال .. مع انو غسل ما صنعته الجبهة محتاج لمجهود كبير .. اتمنى من سياسي السودان و ضع مقالك ديباجة فى مكاتبهم .. ربنا يديك الصحة و العافية ..

  5. سؤال الطيب صالح "من أين أتى هؤلاء؟؟!" بكل أسف مضى وقته الآن والاجابة عليه قد لا تفيد كثيرا الآن!!ولتكن الاجابة على السؤال التالى هو الأهم واتمنى أن لا يأخذ عشرين عاما أخرى من شعب شمال السودان للاجابة عليه: والسؤال الذي يجب طرحه على كل فرد من شعب ما تبقى من السودان "الى أين سيذهب هؤلاء؟؟؟!!!"

  6. لاشك ان المجرم نافع سوف يلاقى مصيرا اسودا انشاء اللة وكلهم مرضى نفسيين وحاقديين ولو كانت لهم شخصيات نفسية سليمة لما دمرو السودان بهذة الطريقة
    والمعارضة دورها سلبى للغاية
    لكن والحمد للة قد انكشف امرهم للشعب السودانى بانهم مجرمين وحراميةومتاجرين بالدين وهمهم ا نفسهم ومن يواليهم

  7. الأخ سوداني طافش .. لا يمكن لمن يريد أن يصلح أن يفكر في الانتقام … كما تعلم أن الغايات النبيلة لا يمكن الوصول إليها بوسائل دنيئة ، فالثمرة تكون كما الشجرة … هب أنك مارست مثل ما مارسوه ، فماذا سيكون الفرق بينك و بينهم … دع السفلة فإنهم سفلة أما أنت فيجب أن تسمو فوق سفالة السفلة … هؤلاء قوم لا يشبههم في السوء أحد … داهية تاخد دقون التيس النتنة .

  8. الله عليك ياسوداني طافش هي فعلا تشبه دراسه مجموعه علم اجتماع وعلم نفس وكان مفترض تتعمل ايام نميري لان هؤلاء الكيزان بدأ نخرهم لعظام الدوله من مطلع الثمانينات واوخر السبعينات و هذا التنظيم يعمل بمنظومه تشابه فرق الباطنيه الاسماعيليه الملقبه بالحشاشين في القرن الحادي عشر الميلادي مع استبدال وسيلة جذب عناصرهم فالحشاشين يستخدون الافيون للسيطره علي اعضائهم والكيزان يستخدمون المال والوظائف اما اسلوب الكيزان في التواصل مع الاخر من السودانيين فمشابه للجيتو اليهودي ايام الشتات كل الذي يهمنا في الامر ان نتمكن من القضاء عليهم نهائيا وتنظيف الجرح السوداني حتي يندمل

  9. أعتقد أن الأرضية التي ساعدت على نمو وتمدد الإسلام السياسي في العالم وفي السودان بصفة خاصة هي :
    1- لقد كانت معظم الدول الأسلامية ترضخ تحت نير الإستعمار في القرن الماضي وكانت مساهمة الشيوخ ورجال الدين مساهمة فاعلة في حركات التحرر ، إلى ان نالت هذه الدول أستقلالها وقد حرص الإستعمار وهو يخرج من هذه الدول أن يسلم السلطة لأحزاب وتنظيمات إن لم تكن موالية له فعلى أقل تقدير لم تكن معادية لذا لم يكن للإسلام السياسي نصيبا من الكعكة .
    2- قيام الحرب الباردة بين روسيا والغرب جعل الغرب يدعم الحركات الإسلامية لتنوب عنه في وقف التمدد الشيوعي .
    3- إعتماد الأحزاب التقليدية في السودان على قواعدها الطائفية وعدم قدرتها في مخاطبة الشباب بل وإهمالها لهم .
    4- ضرب جماعة الأخوان المسلمين في مصر من قبل حكومتي عبدالناصر والسادات جعلها تركز جنوبا في أنشطتها .
    5- تفتيت الحزب الشيوعى في السودان فسح الأرضية لنمو الحركة الإسلامية .
    6- إرتياح الأباء وأوليا الأمور بل وتشجيع أبنائهم وهم يرونهم يرتادون المساجد .
    7- في الماضي كان حضور الطرق الصوفية والخلاوي التى تدعو الى التسامح ترياق هام في بناء الإنسان السوداني وبعد ضمور دورها بسبب إنتشار المدارس إنفردت الحركة الإسلامية بالطلبة والتلاميذ .
    وقد إنحرفت الحركة الإسلامية بالإنشقاق الكبير بين جماعة الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد الذي كان يركز على النوعية وجماعة الدكتور الترابي المتمددة أفقيا .
    بعد أنتصار جماعة الترابي وإنزواء جماعة الشيخ عبدالماجد أزيلت كل المعوقات أمام الترابي لتحقيق طموحة ولأعتماد الرجل على فقة الضرورة في العمل السياسي ضاع السودان أما آليات العمل والتجنيد سواء في المدارس او الجامعات أو حتى وسط المجتمع ما كانت لتنجح لولا ذلك .
    والأسوا من ذلك وبعد إستلام الأنقاذ للسلطة لم يقتصر تجنيدها في الجامعات والمدارس بل دخلت في معقل الصوفية لتجند شيوخها وحيرانها وقد نجحت في ذلك نجاح كبير .
    الأن اليأس والإحباط في القمة فلا الأحزاب التقلدية طورت نفسها كبديل مقنع كما لم تظهر أحزاب جديدة ذات قاعدة جماهيرية وبرامج بديلة وفاعلة ولا غيرت الحركة الإسلامية برنامجها المدمر .

  10. تتشابه اجهزة الامن القمعية في جميع دول العالم وتفنن في تعذيب خلق الله ولكن الاسلاميون عندنا قد نزعت الرحمة من قلوبهم.
    بالامس رايت خبر في قناة العربية مفاده بتوجيه التهم للرئيس جاك شيراك عن عدد 7 وظائف وهمية وستتم محاكمته عليها وحينها تذكرت حال بلادي مليارات تنهب ولاحياة لمن تنادي وارواح تزهق ولا حياة لمن تنادي .
    ولا تقولو لي يا اخواني الحل في حزب الامة او فروعه الجديدة او في الاتحاد الديمقراطي او الشيوعي فكل ما سبق وجربناهم فشلوا في تحقيق العدل والمساواة على كل الاصعدة ونشرو الفساد وعملوا على تحقيق مطامعهم (الشخصية) والحزبية فقط.
    لله درك يا وطن.

  11. قال لى احد قيادات الامن السابقين ان الذين ينفذون التعذيب يتم اختيارهم بدراسة عميقة اولها واهمها ان يكون الشخص من اصحاب العاهات الاجتماعية فى امه او اخته او والده ان كان له والد فلك ان تتخيل كمية الحقد التى يحملها هؤلاءعلى الناس ..
    ولكن منطق التاريخ يقول لابد من نهاية والشعب السودانى لن يسامح فى هذه المرة
    والايام بيننا

  12. كلام كتيرو يعتبر فارغ رغم محتوياته ، و نافع مهما فعل يعتبر خارج الشبكة ، ليس لديه أي جميل في وجدان الشعب السوداني لذلك هو غير معروف ، وانا معكم منتظرين ، وهذه هي بداية النهاية ، it is better for them to escape

  13. اسهبت واوفيت الامر حقه يا استاذ/سالم: وليتهم يعلمون اننا من واقع تسليط الاضواء على ما خفى عليهم نريد الخير لهم وعلى كل حال هذه المقالة اعتقد انها جاءت معبرة عن ما يجيش بصدر كل حادب على مصلحة هذه البلاد ولخير ورفاهية شعبه الذى ابتلى بهذا النظام!!وارجو أن يكون هذا الذى حدث ويحدث لكبيرهم عظة وعبرة؟!!واتمنى أن يسأل كل من له علاقة مع هذه الجماعة نفسه ما المغزى من كل الذى يجرى او بمعنى اصح (ماذا يريد الله بهذا مثلا؟!!00ألم يقولوا لنا بأن الله ينصر من ينصره وكانوا يقصدون أنفسهم بكلمة الحق هذه؟!وهل يتذكر أحدكم فى سنوات الانقاذ الاولى وفى لقاء كروى بين المنتخب السودانى والمنتخب المصرى كيف أن ازلام الجماعة وقد نصبوا لافتات بطول الملعب وعرضة وقد زينت بقول الحق (ينصر الله من ينصره) وطبعا الجماعة استندوا على ماضى المنتخب السودانى الذى تعود على ايقاع الهزيمة بالمنتخب المصرى وغيره من الفرق فى الملاعب السودانية على وحه الخصوص!!وربما لاول مرة فى هذه الواقعة تجرع المنتخب السودانى اولى هزائمه !! وهذا على سبيل المثال لا الحصر كما يقولون!!وأنا على يقين أن كل من سيعتصر عقله لثوان سوف يتذكر إخفاقات هذا النظام 00 فى شتى المجالات لسوء وخراب نواياهم00 و(هترشات قادته)00 التى لم تعد تقنع جاهلا!!وليتهم أقنعوا انفسهم بأن مشروعهم الحضارى قد فشل فشلا ذريعا لان الشعب أكثر يقينا بأن مشروعهم الحضارى كان وهما كبيرا00وقصور رمال!!ونصيحتى للذين لم يتيقنوا بعد أن يتابعوا (مسلسل الاستاذ/كمال عمر فى قناة Eboryالفضائية) والاستاذ/كمال غنى عن التعريف وهو فى هذا المسلسل أخرج كل ما عنده ضد اخوة الامس وأعداء اليوم ولنرى إن كانت هذه الجماعة هى التى يجب أن نعول عليها فى احياء دين الله السمح الذى يدين به كل من اراد الله به خيرا؟!!0

  14. نعم صدقت كل من يعذب هو صاحب عاهة جسديه ونفسيه ولكن مهما طال ظلام ظلمهم سيشرق نور الفجر الوضاح ,والدليل ان معلمهم اللذي اباح لهم التعذيب شرب من نفس الكاس المر والجيد ان منظمة حقوق الانسان "بجنيف" عينت مراقب لحقوق الانسان السوداني بجنيف ووثقت كل شكوي تصل اليها لجر مجرمي بيوت الاشباح الي المحاكمات ,,,,,,,,وقضايا التعذيب لا تسقط ابدا وهي كالعمل الرديء معلقة في رقبة منتهكيها الي يوم الدين
    يقال ان ضار علي ضار جالو "تسمم" حاد نقل علي اثره الي مستشفي ساهرون ,قالوا لرباطابي يلا يلا بسرعه نزور الزول الرباطابي قال ليهم : اكيد وقطع شك الزول دا يكون بلع لسانو

  15. الغريب العجيب يا أخ سالم أن رأس الحية حسن الترابي ما زال موجود وكأن شئ لم يكن والآن يقف في صف المعارضة فممكن نفهم البحصل دا شنو يا أخ سالم ودي تجي كيف

  16. مهلا يا سادة فيولى القوم علي شاكلتهم فلما الاحتجاج ولما الحديث اصلا عليكم بالصمت حتى تصلحوا مهلا يا سادة فيولى القوم علي شاكلتهم فلما الاحتجاج ولما الحديث اصلا عليكم بالصمت حتى تصلحوا ما بانفسكم ما بانفسكم

  17. لا نافع الا وجه الله وقبح الله وجه زلك المجرم الضار المنشور اعلى الصفحة ان الضار الما نافع هو من أدخل سياسات التعزيب وبيوت الاشباح والسلخ والسحل والحرق والرجم فى سلوكيات الامن السودانى ان كل اجهزة الامن التى تعاقبت فى السودان لم ترتكب الفظائع والانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطن السودانى مثل ما أرتكبه زلك المجرم الضار ان أهل السودانى مستعدين للعفو عن البشير وعن بعض من أبالسة المؤتمر الواطى لكن المجرم الضار المانافع الفريق اول نافع على نافع الرئيس الاعلى لجهاز الامن والمخابرات ورئيس امن المؤتمر الواطى والحاكم الفعلى لن يغفر له احد مهما كان من السودانيين فدكتور الزراعة والبيطرة لا نعرف كيف اصبح سياسى الان وصدق الترابى عندما قال انه دهش وزهل لما عرف ان المانافع الضار اصبح سياسى من اين جاء المجرم الضار الا يعلم ان الله سوف يساله عن كل الانتهاكات الفظيعة التى قام بها بحق الشعب السودانى انتظر يا مجرم لك يوم وحساب عسير مع الشعب السودانى فى الدنيا قبل الاخرة وانت الان اصبحت من الاثرياء يا دكتور الزراعة ونحن نعلم تماما ان كل رجالتك وقوتك مستمدة من جهاز الامن ولكنها والله ما بتحلك يوم النزال وساعة الحارة وانت اجبن من يقاتل ويحارب حتى النساء ان امثالكم من يتلززون بالتعزيب انما هم مرضى نفسيين ومعقدين من ماضيهم وطفولتهم عاد ابقى راجل واستعد للدفاع عن نفسك ولو ما كنت قادر ادعوا اخوات نسيبة للدفاع عنك لان كلاب الامن سوف يكونوا اول الهاربيين ولا نامت اعينكم ايها الجبناء السفلة

  18. البعض يتحدث عن السودان ويحمل كل المشاكل للإنقاذ وقبل ثورة الإنقاذ البلد كان مستباح والفوضة كانت شاملة واذكر اجتماع جمي كارتر بوفد ارتري في مطار الخرطوم بدون علم الحكومة ايام الصادق وتهريب الفلاشا ايام النمير وطوابر العيش وطوابر في االأحياء المخصصة لدعارة هذه هي ديمقراطيتهم تجوع الناس والفلتان الأمني ،وتباكي لهذه الميرااث وللفردوس المفقودة كلمات باطل اريدا بها باطل مبهمة اطالوا في الكتابة واكثروا من العويل
    ومهمة حدث من التجاوزات يجب ان يحاسب عليها مرتكبيها وليست فعل كل القائمين علي الأمن بل جهات معينة
    اما حق تقرير المصير لجنوب سبقت عليه المعارضة الحكومة ومن بطولات المعارضة المساهمة في ضرب مصنع الشفاه وغزو الشرق ، وتغافل علي جرائم القوي الأخرى وتحميل الإسلميين كل المصائب لا يحل القضية ولكل شارك في ما ارتكب من التجاوزات
    ولحل يكمن في تحمل المسؤلية بعيدا عن الحقد والكراهية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..