تعليم.. إنما أيه؟

ساخر سبيل

تعليم.. إنما أيه؟

الفاتح جبرا

كنت أظن وليس كل الظن إثم بأن التعليم في بلادنا قد انهار، وأن أركان العملية التعليمية قد (لحقت الصح) لولا أنني بين شوطي مباراة القمة أول أمس تابعت عدداً من الإعلانات (التجارية) لأكثر من عشر مدارس كل مدرسة تقول للتانية (إنتي وين).. أكاديمية ايه كده مش عارف (الحديثة) ومدارس مين كده مش عارف (النموذجية) ومؤسسة مين كده (التعليمية)!
مدارس خمس نجوم.. الكاميرا تَتَجَوّل وسط الفصول.. المكيفات و(الأسبليتات) والأرضيات (السيراميكية).. كل طالب (ما شاء الله) يجلس على كرسي مريح وأمام درج (إنما أيه).. تدلف الكامير إلى قاعة فخمة تتناثر عليها أجهزة (الحاسوب) والطلاب منهمكون في تشغيل (الويندوز) ومواقع التواصل الاجتماعي والصفحات العلمية.. ثمّ تدخل الكاميرا إلى أحد مكاتب المعلمين حيث تقوم بالتركيز على الأثاث الفاخر من دواليب زجاجية حديثة تحتوي على أحدث الوسائل التعليمية بينما المعلمون منهمكون في تحضير الحصص وأمام كل واحد (لابتوب) آخر موديل.
الكاميرا تركز على لافتة مكتوب عليها (العقل السليم في الجسم السليم) ثم تنتقل إلى ميدان (الباسكت) و(الطائرة) والطلاب يمارسون هوايتهم.. تنتقل بعد ذلك الكاميرا إلى قاعة اجتماعات فيها يجتمع مجلس الأساتذة يتوسطهم (المدير).. والجميع طلاباً ومعلمين (نايرين ونضيفين).. ولا تنسى الشركة (أقصد المدرسة) أن تبث في نهاية الإعلان الجائزة التي تنتظر الطالب إن استفاد من هذا الجو التعليمي الصحي وهي عبارة عن عربات (موديل السنة) تمنح للخمسة الأوائل! فتقوم الكاميرا بالتركيز على الطلاب الفائزين وهم يستلمون مفاتيح العربة ويجلس كل واحد منهم أمام (الدركسون) متهيئاً للانطلاق! يتبع ذلك ظهور أرقام الهواتف التي يجب الاتصال عليها إذا أراد المواطن أن يضمن مستقبل ابنه ونعم المصير!
على قناة أخرى هي قناة (الواقع المُر).. كانت تبث ذات الإعلانات التي تعلن فتح باب القبول للعام الدراسي الجديد فها هي مدارس (الشعب الفضل) تعلن كافة الطلاب الكحيانين من أبناء (مهدودي) الدخل والمعدمين أن يقوموا بالتسجيل.. نحن نتميّز بفصول (آيلة للسقوط) من غير شبابيك ولا حتى أبواب وإنتا وبختك مرات سقف (في) ومرات (مافي).
لدينا مراحيض غير آدمية تبعث على التقيؤ وتزكم رائحتها الأنوف.. وتَتسبّب في إثارة (الربو) وخمة النفس والذبحة الصدرية وأنواع الجلطات كافة.
مدارسنا تهتم بالرياضة كرياضة (النط من فوق السور).. كما أن لدينا مقررات دراسية لا يستطيع حَملها (خليك من قرايتا) إلاّ عُتاة الجبابرة وأبطال المصارعة الحرة.
لدينا معلمون للمواد والتخصصات كافّة لم يقبضوا رواتبهم لأكثر من عامين، لذا فهم أكثر حماساً لتعليمكم في هذا الجو الدراسي المثالي على الرغم من إنو (أخلاقهم في راس نخرتم) من الفلس.
نحن نؤهلكم للالتحاق بصفوة كليات (الضللة) بنين و(الشرشحة) بنات.. وجميع كليات (الصياعة والضياع) قسم الوقوف في الإشارات وبيع (الكلينكس)!
.. لا تحلم عزيزي الطالب بشئ اسمه كرسي لتجلس عليه لأنو (المعلمين ذاااتم ما عندهم) شوف ليك كم طوبة وأقعد عليهم.. ثم إنتا ذاااتك القاعد ليها شنو أساتذة يدرسوك ذاااتو مافي والكتب ما جات من الوزارة.. لن تشعر عزيزي الطالب بالوحدة مطلقاً ففصولنا ذات كثافة قياسية (3 طلاب كل سنتمتر مربع)، لذا نحن ننصحك لو بدت عليك علامات الاختناق من عدم توافر الأوكسجين أن تطلع بره الفصل (تجر ليك نَفَس) وترجع وللاّ أحسن ذاتو ما ترجع وتمشي بيتكم على طول.
كسرة:
ميزة التعليم الحكومي أنه يضع الخريج على أولى عتبات التعليم!
كسرة ثابتة:
أخبار خط هيثرو شنوووووووو؟

تعليق واحد

  1. يا أستاذ

    والرسوم بتاعت شركات التعليم دى..طبعاً مُضمنة فى عقودات عمل أباء المنتسبين إليها …على حساب طلاب الواقع المر فى مدارس الشعب الفضل

    بالمناسبة:

    هجليج حرروها؟؟؟

  2. لاننا دولة رسالية فجل ميزانيتنا للقوى الامنية وبناء الابراج على هيئة سفينة وطائرة بالقيادة العامة .. والتعليم والصحة فرض كفاية لمن استطاع اليه سبيلا ..

  3. 24 سنة وضياع الاجيال لانو لاحكومى ولاخاص والمحصلة صفر والنتيجة دى انتو براكم شايفنها طالما الانقاذيين والمستفيدين منهم فمن البديهى مانراه الان من شباب مسخ لا متعلم ولا امى وياخسارتك يابلد

  4. يا لضيعة بلدنا، القوى الأمين حين (تولى) الأمر (انقلاب وكدة) أضاع الوطن واضاع الانسان ونهب كل شئ

    حليل زمن فقراءنا الاذكياء كانوا نجوما وهم يقتحمون جامعة الخرطوم بدرجاتهم العالية ( وليس دولاراتهم

    المنهوبة) يوم كانت العدالة سمة نظامنا التعليمي : لا يرتقي للأمام الا الأكفاء!

    الان يرتقي الجميع عدا الأكفاء.

    في زمن مأمون حميدة أصبح التعليم لمن استطاع اليه سبيلا!

    تخلت الدولة الظالمة عن مواطنها رغم انه يدفع ثمن كل شئ

    حتى ثمن الطلقة التي تريحه من العذاب المسمى حياة!

    ولا حول ولا قوة الا باالله!

  5. الأخ الفاتح حبرا – انت فاااااايق وبيتكم ملااااان غلة !!

    احد الرواعية كان يقف اما ابقاره وهي ترعي على قش الكوريب – وفجأة ظهرت امامه احدى النساء منهمكة تفرك في ذات الكوريب – فحدثته نفسه بمغازلتها – فرفعت رأسها وردت علية ( انت فااااايق وبيتكم ملان غلة ) خليني اكورب لي كوريب لعيالي !!!

  6. معظم طلبة الشهادة السودانية بقدوا عربى وكانهم عايشين فى الهملايا واثناء قراءة التعليقات بالراكوبة يستحسن تخلى ليمونة قريبة منك علشان ما تطرش من غلطات النحو والاملاء

  7. وشوف كمان نكران الجميل للشعب، معظم قيادات الانقاذ جاءوا من عائلات فقيرة ومن أرياف فقيرة تعلموا على حساب الشعب ثم حرموا أبنائه من حقهم في التعليم المجاني. في مرة قال وزير انقاذي: ان التعليم المجاني هو تعليم رديء. في حين انه هو نفسه تعلم كل المراحل مجاناً.
    واحد كان وهو صبي يجري مع أترابه خلف القطارات ويصيح: كرامة … كرامة … كرامة. ثم انفتحت عليه الدنيا من الحرام والحلال فحرم المواطنين أبسط حقوقهم.

  8. اولا”: فى قناة الواقع المر نسيت تضيف الطلاب يتداولو التمباك وتخميس السيجارة مع الاساتذة..
    ثانيا”: فى الكسرة الاولى(التعليم الحيكومى اول عتبات التعليم)حيكومتنا الرشيدة,ادامها الله,شافت انو الاطفال يولدون من بطون امهاتهم علماء فعشان كده قامت رفعت يدها..
    ثالثا”:وده الأهم, المدارس البتشع منها انوار الحضارة دى بتعادل خورى عمر وطقت وحنتوب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    كسرة ثابتة ليها 20سنة:متى استبعدتم الطلاب وقد ولدتهم امهاتهم علمااااااااء؟؟؟

  9. ماذا تنتظر من مدارس تعتمد في تسييرها على ما تجود به ايادي التلاميذ الفقراء الذين يضحون بثمن وجبة الافطار من اجل ارضاء المعلم الذي لا يجد ما يقتات به غير ان يمدح من يتبرع ويذم العاجز عن دفع الجبايات المدرسية –
    مهنة التعليم اصبحت طاردة ولم تعد مجزية لا ماديا ولا ادبيا ولا اجتماعيا – وقد تحول المعلمين والمعلمات الى مجموعة من المتسولين والشحادين – ليس هذا تقليل من قدرهم بقدر ما يعكس اختلال العقلية التي جعلت التعليم والصحة في الحضيض وصرفت على بسخاء على الامن حيث لا امن
    كسرة
    ربنا يمهل ولا يهمل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..