ما يطلبهُ الموجوعون..!!

سفينة بَوْح

هل يراودكم شك في أن كل من يقف داعماً أو راضياً عن حكومة المؤتمر الوطني ، بعد ما جرى للبلاد والعباد إما أن يكون مخبولاً وغير مُدرك وهو في ذلك قد وقع في زمرة من رُفعت عنهم الأقلام ، وإما أن يكون وجوده المُتعلِّق بحالة رضاهُ عن نفسه على مستوى المكانة الإجتماعية أو المنصب والوظيفة أو ما تدفق من أموال ومنافع مرتبط إرتباطاً أساسياً بإستمرار هذه الحكومة التي لا إنجاز لها سوى الإبداع والإعجاز في تدوير عجلة الفساد والفشل الإداري والسياسي والإقتصادي كأحسن ما يكون ، ورغم كل ذلك دعونا لا نستغرب من وجود هؤلاء في حياتنا المُثخنة بالجراح والصعوبات المتلاحقة ، ولكن ما لا يمكن التعايش معه هو عُلو صوت هؤلاء فوق أصوات الضعفاء والمظلومين والذين لا نصير لهم سوى رب العالمين ، لنقول لأصحاب السلطة وولاة الأمر وببساطة غير مُغلَّفة بتزلُّف ولا مُراءآة (دعوا المُصابين يصرخون حين يتألمون) ودعوهم أيضاً (يجأرون بالشكوى) ، وإفسحوا لهم المجال حتى (ليلعنوا من خانهم وعاش على دمائهم) ثم أسَّس لرفاهيته وطغيانه بمال الدولة والشعب وهو في ذات الوقت جلَّادهم إذا ما إهتزت أجفانهم أو بدت على محيَّاهُم آيات التأفُّف ، حكومة المؤتمر الوطني لم تكتفي بصناعة تماثيلها من البشر الذين لا يعتدون في سبيل الحصول على أطماعهم بمباديء ولا قيِّم ولا أخلاقيات إنسانية يستطيعون من خلالها النظر إلى الوجه الذي تعكسهُ موجة الفساد العام في الدولة وكيف إتسعت تأثيراتها كثقافة عمَّت المجتمع والأسواق والدواوين الوهمية للأدب والثقافة والفكر والرياضة والإعلام ، ثم تمدّدت لتحتوي في بؤرتها المظلمة تأثيراتها على قداسة الخدمة المدنية ولوائحها وقبل ذلك أخلاقيتها بالقدر الذي لم يجعل المؤسسة التربوية وإمتحاناتها قادرة على النجاة من طوق الفساد ، وللذين يهمهم أمر السودان أن يعلموا أن الفقر والفاقة والمرض والجهل إذا ألموا بأمة ، فإن المُحصِّلة الحتمية التي ستمثُل للعيان هي آلة الفساد الواسعة النفوذ والمُعقَّدة في تشابك مصالحها البينيه بالقدر الذي يجعلها ظلاً للدولة والسلطة لا يمكن تجاوزه ولا تجاهله كلما خطوت خطوة ، الفساد الذي ألم بالبلاد تجاوز أصحاب المناصب من أولئك الذين يختلسون ويعتدون على المال العام ، عبر ما أحدثته الأزمات من فقر وتهلُكة في كافة الفئات الإجتماعية التي لا تربطها صلة بالحزب الحاكم ، مما جعل دائرة الهلع والخوف من الغد غولاً يعصف بأخلاق ومباديء المجتمع ، المحليات وأهل الضرائب والجمارك والجبايات الأخرى يلوون عنُق التجار بما يُحدِثون من زيادة في تكلفة السلع ، والتجار يذبحون بدورهم المواطن في ما يحتاج من ضروريات ، وهذا أيضاً يسري على الإستشفاء التجاري الذي أصبح لا بديل له (لمن إستطاع) وكذلك الحصول على الدواء ، وآخر أخبار سطوة السلطة وفجورها في السودان أن لا تستطيع الحصول على أموالك الخاصة من البنوك إلا بقدرٍ يتناسب مع حالة الإضطراب والتخبُط العام الذي أصاب الدولة في كافة مؤسساتها ، (ما يطلبهُ الموجوعون) على الأقل في المرحلة الحالية أن يكُف المسئولون أبواقهم التي ما زالت تهتف بحمدهم من النفعيين والمطبلين وآكلي فتات الموائد.

صحيفة الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..