أخبار السودان

أصحاب المأكلة

في نهاية كل عام وبالخصوص في ديسمبر،يري الناس أعمال الصيانة علي حوائط المؤسسات الحكومية،بما فيها استبدال البوابات،أو تغيير الشبابيك والأثاث. وتنظر للطرق فتري البلدوزرات تحفر المجاري،التي لا يعرف كائن من كان ماذا سيحشر داخلها من أنابيب.أما سر هذا النشاط الفجائي الذي حل علي السدنة والتنابلة في خواتيم العام فتفسيره في كتاب إسمه(كيف تؤكل الموازنات).
توضع تقديرات موازنة الهيئات العامة كيفما اتفق قبل بداية كل عام،ولأن بند المرتبات والأجور لا يمكن اللعب فيه إلا عن طريق إضافة الأموات لكشف المواهي،وهي حيلة قديمة يكشفها المراجع العام في أقل من دقيقة،فإن السدنة يلعبون في الفصل الثاني للموازنة وهو التسيير وما أدراك ما التسيير،وهو الخاص بمصروفات الوقود والتلفونات،والكهرباء،وغيرها من المشتروات،ويلعبون أيضاً في الفصل الثالث المتعلق بالأصول الثابتة،فتراهم يضعون تقديرات عالية للميزانية تجاز لهم من وزارة المالية دون أدني تعطيل عن طريق سياسة(حنكي وحنكك)،فكلما كان المدير سادناً نافذاً أو كادراً أمنياً متنفذاً،كلما كانت قدرته علي(الهرش)كبيرة فتجاز ميزانية هيئته دون تعديل.
ويبدأ (أكل )المال العام منذ بداية العام في يناير،وعندما يحل شهر ديسمبر تبدأ سياسة إفراغ الخزائن مما فيها،وهكذا يكثر النشاط الزائف،والفواتير المضروبة،فالباب الذي ثمنه (1000) جنيه يصبح 10ألف،والجير والبوهية علي الحوائط تضرب فواتيرها في 100،وفواتير حفر المجاري مليونية طالما كانت المجاري لا تتكلم،وهكذا تنهب الاموال.
ولكن هذا وحده لا يكفي،فالمبدأ الإنقاذي يقول(عندما تأكل المال العام أمسح شنبك)،حتي لا يطمع الآخرون في نصيبهم من المال المأكول،وهنالك المثل الإنتهازي(نفّع واستنفع)أي أعطي جزءاً من المال المسروق للسدنة الكبار إن كانوا وزراء أو أصحاب مناصب دستورية.
وحالما ينتهي العام،يحتفل السدنة علي طريقتهم بإكمال البرج الخامس في شارع الستين،أو تأسيس شركة في الفلبين،وتقضية الصيف في الأمريكتين.
وعندما يأتي المراجع العام يجد المال العام قد لحق أمات طه،وزورت المستندات،وركب البعض الهمر والمرسيدسات.
ويكتب المراجع العام في تقريره،حضرنا ولم نجد المال العام،ويكتب الحرامي في دفتره،نهبنا الخزينة وكلو تمام.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..