هل عادت الروح للحوار الوطني

كثر الحديث عن ضرورة تحريك أجراءات الحوار الوطني وذلك بعد الانتخابات التي أظهرت إستياء الناس وسخطهم من النظام بصورة أرتعدت لها فرائص أرباب النظام فضربوا أخماساً في أسداس فلم يجدوا ما يتعلقون به للنجاة إلا الحوار لأنقاذ أنفسهم وإنقاذ البلاد، هذا الحوار الذي ظل يرواح مكانه منذ حديث الوثبة قبل أكثر من عام .. ولم يتقدم قيد إنملة غير الاجتماعات التي تنعقد وتنفض دون أن ترسي شيئاً مفيداً والقليل الذي تم الاتفاق والتواثق عليه وتعهده الأطراف بالإنفاذ لم يجد طريقه إلي النفاذ ، ظل المؤتمر الوطني يماطل ويسوف ويؤخر الي أن بلغ الانتخابات وهي الهدف الحقيقي للحوار من أصله ولكن أتت النتائج مخيبة لأمال المؤتمر الوطني , وبعكس ما كان يبتغيه ,
مقاطعة شاملة للانتخابات أدخلت المؤتمر الوطني في علبته الحقيقية وأنكشف المستور!! فكان لا بد من البحث عن مخرج لهذه الورطة ولو حلا مؤقتا فتم أحياء الحوار بعد مماته !!
سارعت آلية الحوار المسمي ب (7+7) علي أجتماع عاجل لاثبات أنها ما زالت علي قيد الحياة وتسعي لتحقيق اهداف الحوار ولا ندري علي وجه الدقة النقاط التي تناولها الاجتماع بالنقاش ولكن ومن خلال التصريحات عرفنا أن الاجتماع تطرق إلي مسألة انطلاقة الحوار و أن هنالك تباين في وجهات النظر بين من يقول بضرورة انتظار إنضمام الرافضين للحوار من المعارضين والحركات المسلحة ومن يقول بالاسراع في الحوار بمن حضر , كما شدد الاجتماع علي ضرورة أن تلتقي الآلية بالرئيس قبل تنصبيه لتضمين قضايا الحوار داخل خطابه الذي سيلقيه في حفل التنصيب كما اتفقت اللجنة علي مخاطبة رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوي ثامبو امبيكي وذلك بغرض التعامل المباشر مع آلية الحوار الوطني ودعوتها للمؤتمر التحضيري باديس ابابا ….. ومع احترامنا لعمل هذه الآلية (7+7) إلاً أنها تحتاج إلي إعادة الهيكلة لا سيما أن تنازعاً حول تمثيل بعض أحزاب المعارضة قد ألقي بظلاله علي عمل الآلية علي الأقل في الجانب الذي يمثل المعارضة وفي رأينا يجب توسيع هذه الآلية بحيث تستوعب أكبر عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فأن الآلية وبالرغم من انها لا تملك سلطة أصدار قرارات إلاً ان ماتمخض عن الاجتماع يوضح بجلاء بؤس هذه الآلية كل المناقشات دارت في قضايا أجرائية , المطالبة بمقابلة الرئيس لتحديد موعد انطلاقة الحوار ولتضمين قضايا الحوار في خطاب تنصيبه هذه الرجاءات لا تشبه حوار حقيقي تتكأفأ فيه الاطراف علي حد سواء فرئيس الجمهورية جزء من الحوار وليس حكما وهو يمثل حزبا من الأحزاب فأن كان الأمر بيده في تحديد موعد انطلاقة الحوار فذلك يعني ان الحوار يتحرك بمزاج المؤتمر الوطني وسبق ان تم تأجيل إجراءات الحوار لانشغال المؤتمر الوطني بمؤتمراته وكذلك انشغاله بالانتخابات وبالتالي فان انطلاقة الحوار سوف يبطئ حتى يفرغ المؤتمر الوطني من احتفالات تنصيب الرئيس للدورة الخامسة أو السادسة وكذلك تشكيل الحكومة القادمة وإدائها اليمين الدستورية ومن ثم ياتي دور الحوار وفقاً للبرنامج الانتخابي للمؤتمر الوطني أما الحديث عن تضمين مسألة الحوار في خطاب التنصيب فليس بالأمر المهم عطفاً علي أن كل خطابات الرئيس في الفترة السابقة تميزت بالحديث عن الحوار الوطني حتى مل الناس!!
اما مخاطبة آلية رفيعة المستوي للتعامل مع ألية الحوار فتكشف بجلاء الدور الخارجي وتأثيره علي الحوار الوطني مع أن كل أعضاء آلية الحوار يتحدثون بلسان واحد بضرورة الحوار الداخلي الشامل والتعويل عليه أذن لماذا الحرص علي التعامل مع الآلية رفيعة المستوي أليس هذا شكل من أشكال التدخل الخارجي؟ وبالعودة الي تصريحات قادة آلية الحوار نجد ان مصطفي عثمان القيادي بالمؤتمر الوطني أفاد ان الاجتماع بحث موقف الحوار ومالاته ومساراته واتجاهاته وأن الاجتماع أقر بأهمية الحوار الوطني والمضي فيه واستكمال مسيرته , هذه العبارات ذاتها ظلت تتكرر باستمرار في أي مناسبة !! ألم تناقش الألية في اجتماعاتها السابقة وهي ليست قليلة مسألة أهمية الحوار والمضي فيه أم أن الأمر قد اختلف بعد الأنتخابات الكارثة … وأهم ما جاء به مصطفي عثمان قوله بضرورة تجديد الالتزام بخارطة الطريق وختم تصريحه بأن الآلية سوف ترفع تقريرها للرئيس لتحديد موعد انطلاقة الحوار ونحن لا ندري ما المقصود بتحديد موعد انطلاقة الحوار بحسبان أن الحوار عملية مستمرة عبر اللجان الست التي كونت من قبل مع أننا لم نري لها عملا ملموساً !! كما وأن الآلية تتابع عملها وهنالك الجمعية العمومية والأمانة العامة الخ وإذا كان الأمر علي هذا المنوال فما المقصود من تحديد موعد انطلاقة الحوار بواسطة الرئيس وحده؟
اما تصريحات الاستاذ/كمال عمر عبد السلام الامين السياسي للمؤتمر الشعبي و أحد أقطاب لجنة (7+7) فكانت متفائلة أكثر من اللازم حيث أكد علي توافق الجميع وحرصهم علي بلوغ الحوار لأهدافه في اطار خارطة الطريق وأعتبر أن أكبر أنجاز للمعارضة في قضايا وأجراءات السلام الشامل من خلال مشاركتها في الحوار وان الآلية أكدت علي رغبتها في الاتصال بالقوي الممانعة … هذا القول فيه كثير من التفاؤل و يتقاطع مع تعاطي المؤتمر الوطني مع الحوار الوطني ومع استحساننا لتفاؤل صاحبنا كمال عمر إلاً إننا نري أن التعامل مع قضايا الحوار يجب ان يكون برؤية واضحة مستصحبين الوقائع علي الأرض فالنظام لم يتغير فيه شئ نفس الاعيب والمراوغات وشراء الزمن وأن الحديث عن خارطة الطريق يجب التمعن فيه فهذه الخارطة ومنذ اطلالتها في أغسطس 2014م وحتى اللحظة لم ينفذ منها بند واحد ولم تلتزم الحكومة حتى بمطلوبات تهيئة المناخ وإجراءات بناء الثقة لا الاعتقالات السياسية تراجعت و لا كفالة الحريات السياسية وحرية التعبير والنشر انداحت علي سعتها وعلي العموم ظلت خارطة الطريق مجرد حبر علي الورق وبالتالي فعلي الأستاذ/ كمال عمر وهو القانوني المعروف عدم استخدام غربال ذي فتحات واسعة ,الأمر لا يحتمل المجاملات بل يحتاج إلي شئ من الشدة والجدية.

بارود صندل رجب – المحامي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. حوار شنو يا اخوي بارود ؟؟
    انت زول طيب ..
    الشعب السوداني برهن عمليا على ايمانه القاطع بكذب البشير وجماعته وذلك من خلال مقاطعته لانتخابات الاصم ..

    يديك العافية يا حبيب ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..