وتبقى القضارف سيدة المدن (العطشى) !

نصف الكوب

يُحكى أنه بنهايات إحدى الحقب الظلامية أيضآ في حكمها ( ولأنها جاءت بليل ) ، فكرت السلطات في إقامة مشروع زراعي كبير ، ويلزم ذلك حفر ترعة للري ، فجيئ بخبير دولي ( وهو أجنبي ) ليتولى الأمر ولكنه طلب توفير مروحية للقيام بعمل مسح جوي وقد كان له ما أراد ، فتمت العملية ، وعندما إستقرت المرحية على الأرض لاحظ البعض أن الخبير لديه ما يقوله ولكنه سكت وإمتنع … وبعدها كان الأمر يستدعي تنظيم ما يشبه بالمؤتمر الصحفي للتنوير وتسليط الضوء على المشروع ، ولأن الخبير الدولي يحسن الظن أيضآ أراد تسجيل صوت شكر وإعجاب بالشعب السوداني وحكومته لأنهم أزالوا كل العوائق الطبيعية والتضاريس وغيره التي كان يمكن أن تعيق حفر الترعة وقبل أن يكمل ويسترسل ألجمه الحاضرون بمعلومة أذهلته ؛ وهي أن الأرض أصلآ مسطحة ولم يقوم أحد بفعل شئ !! … عندها قال الخبير (..) : إذن خذو عني ما أقول .. لن تحدث نهضة زراعية بهذا البلد في المستقبل القريب !!! .

عزيزي القارئ ..
ذكرت أعلاه لأننا نتعايش مع الظروف نفسها ، والواقعة التي دفعت الخبير للتصريح بإعتقاده هذا هو أن كل شئ متاح في بلد يجري النيل بطوله مع روافد ، وأراضٍ صالحة للزراعة ، وشمس ، وثروات وكل شئ وفي الوقت نفسه لاشئ ملموس يتم إنجازه ، او لا يرى إستفادة قصوى من الموارد المتاحة ! .
أما ما أنا بصدده اليوم هو مشكلة مياه الشرب التي أوشكت ان تصبح مشكلة كل ربوع بلادي ، وأصبحت أمر ملحوظ جدآ فبورتسودان ، والأبيض، والفاشر وبعض العاصمة وأمري وكوستي وربك هذه مناطق بها شبكات إمداد المياه ولكن لمشكلات مختلفه عايشت تلك المدن إنقطاع وتذبذب في وصول مياه الشرب للمنازل ، وفي الحقيقة لا يوجد مبرر مقنع بإعتبار ان إدارت مثل إدارات المياه يجب أن تتحسب لأي طارئ وفي أي وقت ، وغير مقبول مطلقآ توقف الإمداد المائي ، هذا هو الأصل فيما يتعلق بالمياه التي هي عصب الحياة سادتي ! .
ولا ننسى أن هنالك الكثير من المناطق النائية في كردفان ودارفور والشرق ( في القرى والحضر ) يعانون في سبيل توفير مياه الشرب ، ويحصلون عليها بمبالغ ليست بالقليلة في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يعلمها الجميع ، وأصبحت تحدٍ حتي لمتوسطي الدخل وميسوري الحال ؛ فكيف الأمر بالفقير المعدم ؟! ، وبالرغم من أن المواطنين في الكثير من المناطق يحصلون عليها بأسعار مرتفعة وخاصة عند حدوث مشكلة وقود ( الجازولين ) إلا أنه من غير المؤكد أنها صحية وصالحة للشرب … وهذا أمر مؤسف أيضآ .
أما عن القضارف والتي تستحق بجدارة لقب ســيــدة الـمــدن العطشى فحالها لا يحتاج لوصف او توضيح فمعظم أحياء القضارف ( المدينة ) مشكلتها الأساس هي مياه الشرب فبعض الأحياء تأتيهم المياه بعد منتصف الليل ولوقت قليل ؛ هذا بعد غياب يستمر أكثر من عشرة أيام أحيانآ ، وفي الوقت نفسه هنالك أحياء تصلها المياه بصورة شبه يومية والجميع يدفع الفاتورة نفسها ، أي عدلٍ هذا ؟! وغير مفهوم ما يجري بالضبط ، هل الأمر هو صعوبة جدولة وتوزيع المياه بعدالة للأحياء وإصدار منشور بمواعيد محددة ، يرفعون عن المواطنين السهر والترقب إنتظارآ للمياه ، أم ماذا ؛ لا أحد يعلم ! … بالرغم من أن الوالي الحالي قطع وعودآ عديدة ، وحدد لأكثر من مرة موعد لإنتهاء العمل بمشروعه ( مشروع الحل الجذري لمياه القضارف ) والواضح أنه يتم تنفيذه بعشوائية ملحوظة تهدر المال ، ولا نعلم مدى كفاءة الشركات المنفذة ، وهل هي تملك الآليات والخبرة لتنفيذه ؟؟!
وتساءلت ماذا لو تم إسناد أمر تنفيذ مشروع الحل الجذري لمياه القضارف لهيئة مياه القضارف مع تحفيز كوادرها ومهندسيها و توفير الآليات واستيراد ما يلزم ؟؟!! … برأيي ستوفر الدولة مبالغ طائلة صرفت في هذا المشروع الذي لا يعلم المواطن في القضارف متى سينتهي وكم صُرِف فيه الى الآن ؟!
على كلٍ إن توفرت الإرادة ستنتهي معاناة جميع أهل السودان مع مياه الشرب ، لأنه يتوفر كل شئ هنا ؛ سوى الرغبة في إنهاء معاناة المواطن .
أخيرآ:
* تناولت هنا- بنصف الكوب ? بتاريخ 18/11/2017 موضوع مياه القضارف تحت عنوان ” القضارف .. مشروع مياه ( السراب )” ، ولإعادة مطالعته بإمكانكم زيارة الرابط أدناه .
[url]https://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-83849.htm[/url]

أيمن الصادق
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..