أخبار السودان

مقال مؤثر.. ماذا أصابنا؟

كتب:صديق رمضان

“ماذا أصابنا”؟، طرحت علي نفسي هذا السؤال عقب مغادرتنا أحد المنازل بالحي الذي اقطنه بالحاج يوسف بالعاصمة الخرطوم بعد ان سعينا لتقريب شقة الخلاف بين ثلاثة إشقاء باعدت بينهم مساحة أرض أختلفوا حول تقسيمها ،ورغم أن جهدنا تكلل بالنجاح بقيادة أحد الإجلاء وهو أستاذ جامعي علي درجة عالية من التقوي والوعي والإدراك تمكن من إدارة الحوار بحنكة استمدها من تفقه في الدين وامتلاكه لناصية القول اللين الذي يلامس القلوب ويخاطب العقول،إلا أنني كنت في حيرة من أمري حول المتغيرات الكثيرة التي طرأت علي واقعنا وحولت حياتنا الي قفر يباب يخلو من العواطف والرحمة والإنسانية.

لم الجأ وانا أحاول الإجابة علي السؤال الي القفز فوق أسوار الحقيقة والبحث عن مبررات أعلق علي مشجبها ما وصلنا إليه، ولم أهرب من مواجهة الواقع بكل تجلياته المؤلمة،وتجردت واتخذت نفسي مثالاً وقررت أن تكون نموذجاً لقياس ما طرأ علي واقعنا فسألتها :_

متي كان اخر يوم اديت فيه الصلوات الخمسة في المسجد؟

بكل صدق لا اتذكر ،ربما حينما ذهبت الي الاراضي المقدسة في العام ٢٠١٩،فعلاقتي مع المسجد تنحصر في صلاة العشاء والصبح في بعض الأحيان والجمعة.

متي تصدقت آخر مرة لمسكين او فقير او صاحب حاجة؟

لا اتذكر .

هل تصل رحمك بانتظام؟

لا.

هل تقرأ جزء من القران بتدبر يومياً ؟

أحياناً .

هل مازلت تتواصل مع أصدقاء الدراسة والطفولة؟

لا.

هل تدعو لوالدك بالرحمة وهو تحت الثري؟

نعم.

هل تكذب؟

أحياناً .

هل تحقد وتحسد؟

لا.

هل لديك ورد يومياً من ذكر الله؟

لا.

هل تذهب إلى المستشفيات لزيارة المرضى؟

لا

وتناسلت الاسئلة ،واذا طلب أحدهم مني ان اصحح أوراق إجاباتي سيجد ان النتيجة الحتمية هي الرسوب،وحالتي تنسحب علي كثيرون ليس لديهم وقت لطرح الأسئلة الشفافة علي أنفسهم والإجابة عليها بشجاعة،لاننا دائما تأخذنا العزة بالاثم وندمن الإنكار ونتدثر بالمكابرة وتتلبسنا روح رفض الإعتراف بالقصور.

قناعتي تبدو راسخة _ وقد يختلف معي البعض وهذا حقهم _ بأننا لم نعد ذلك الشعب السوداني كريم الخصال الذي يرتكز علي أخلاق ومبادئ وموروثات عظيمة.. ربما مايزال البعض يعض عليه بالنواجز ولكن الأغلبية ليس كذلك.

فقد بات التاجر الامين إستثناء فالجشع اعمي الأبصار والبصائر.

باتت الرشوة سلوك لايثر الدهشة ولايجلب الاستنكار بل تصالحنا معه والبسناها لباس التجميل بأنه مجرد تسهيلات.

نتنفس الكذب ويجري علي السنتنا دون ان يطرف لنا جفن او يرق لنا قلب.

الوضيع صاحب المال بات هو الشريف الذي نضعه في أرفع مكانة ونفسح له في المجالس ونتقرب إليه حتى ولو اراق أحدنا ما وجهه.

أضحت الأنانية تسيطر علينا، وتحيط بسلوكنا إحاطة السوار بالمعصم.

تسلل إلى قلوبنا الحقد والحسد، ونتمنى زوال النعمة على من أنعم الله عليه.

تحولت العنصرية والقبلية والعصبية العشيرة إلى منهج وسلوك يسيطر علينا.

لم نعد نكترث لما نكسبه، هل هو حلال أم حرام، لأن كل همنا انحصر في كيفية جمع المال بغض النظر عن الوسيلة.

والأمثلة تطول، وهنا أؤكد بأن الحياة ليست قاتمة وسوداوية، نعم توجد من الأشياء الجميلة التي لايمكن إنكارها، ولكن لا أعتقد بأنها بذات جمالها الذي كانت عليه، ولا أعرف هل انطباعي هذا شخصي بأن حياتنا لم تعد كما كانت خاصة فيما يتعلق بالمعاني الجميلة والمبادئ أم أنه واقع، عموماً لست من أنصار اجترار الماضي لتخفيف وطأت الواقع ولكن على قناعة تامة أن إبتعادنا عن تعاليم ديننا الحنيف وموروثات الأجداد والأباء سبب مباشر لبحثنا الدائم عن راحة نفسية مفقودة.

خارج النص

هذه وجهة نظري وربما يوجد من ينظر إلى الأشياء بمنظور مختلف

‫7 تعليقات

  1. الدين واستغلال الدين ٣٠ عاما من الكذب والنفاق والسرقه والقتل هو ما سبب هذا الحال… هذا اولا….
    ثم الضغوط الاقتصاديه وفشل المشاريع السياسيه. تذكيه المجتمع والذكر والذاكرين والمشروع الحضاري ووووو كثير من الهراء…….
    فنحن بشر اولا واخيرا له حاجات للعيش. لكن معظم معادن السودانيين طيبه. عادوا اذا تغيرت الأوضاع.

  2. هذا هو المنظور السليم من المفترض أن الواحد يحاسب نفسة في اي لحظة أو حتي علي فترات يجلس مع نفسة ويقيم مساره. وفي أي طريق يسير.
    كلامك عين العقل .

  3. بالعكس كلامك كله واقعي و لا ينكر ذلك الا مكابر .
    نحن فعلا محتاجين لوقفة مع انفسنا نراجع فيها حساباتنا و الا سيظل الحال في حاله.
    نسأل الله أن يصلح حالنا و يردنا اليه ردا جميلا

  4. ثلاثون عاما” من التربية على الكذب والنفاق واستغلال مظاهر التدين للكسب المادي الحرام لا بد ان تكون هذه نتيجتها

  5. خليك في مهاجمة الثورة ياكوز
    الذي اصابنا من هذه الوحدة الكذوب
    لابد من فصل دولة وادى النيل من دولة دارفور
    نعم لدولة البحر والنهر
    لا للوحدة الكذوب
    لا للحروب
    لا خداع
    كل دولة تبني نفسها

    الانفصال سمح

    الحل في الفصل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..