مقالات سياسية

الان كل البلد دارفور

بروفيسور حسن بشير محمد نور

نعم حدثت في دارفور انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وتم ارتكاب ابشع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ولفترة طويلة امتدت لاكثر من عشرين عاما ولا زالت مستمرة، لكن مع ذلك هناك انتهاكات مماثلة خطيرة ارتكبت في مناطق اخرى من السودان ومن ضمنها ما تم في واقعة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم عندما تم القتل والحرق والاغتصاب ورمي الناس أحياء مكبلين في النيل من فوق الجسور، اضافة لجرائم في مختلف انحاء السودان في الشرق أو النيل الأزرق أو جبال النوبة وكردفان وغيرها. ايضا هناك الجرائم المرتكبة بعد ثورة ديسمبر وتصاعد تلك الجرائم بعد انقلاب 25 اكتوبر 2021 والذي تم تنفيذه من قبل (المكون العسكري) بجميع فروعه بما فيها الجيش والدعم السريع.

أما الحرب المستعرة الان في السودان منذ 15 ابريل 2023 فهي حرب علي الشعب السوداني في مجمله، وما تم من انتهاكات في الخرطوم والجزيرة ومناطق واسعة في كردفان وغيرها عبارة عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب كاملة الاركان.

اذن لماذا اهتمام المجتمع الدولي ومنظمات الامم المتحدة والعديد من المنظمات والدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الامريكية (التي يقال إنها خصصت في هذه الايام جائزة مالية كبرى لمن يرشد علي أحمد هارون المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور منذ زمن طويل) ، لماذا كل هذا الاهتمام بدارفور علي وجه التحديد دون أخذ الانتهاكات والجرائم بشكل شامل ومتوازن سواء في التقارير والاحاطات الدولية وفي التناول الاعلامي المهمل في تغطيته للحرب الجارية في السودان ولانتهاكات طرفيها بالشكل الذي يتناسب مع الواقع؟. الاسباب عديدة لكن اهمها:

1/ ان دار فور دخلت ضمن منظومة الرأي العام العالمي والغربي علي وجه الخصوص والامريكي بشكل اخص وبالتالي أصبحت ملف جيد التوظيف للكسب السياسي وفي الحملات الانتخابية خاصة وإن هناك انتخابات أمريكية علي الأبواب.

2/ عندما تصبح اي قضية مسألة رأي عام يتكون لها لوبي مساند، وهذا اللوبي بقدر ما يفيد يستفيد سياسيا وماديا وما اكثر المكاسب المادية والمالية التي تقف وراءها السياسية بشكل غير مباشر في الدول المتقدمة وفي العلن خارج تلك الدول.

3/ أصبحت قضية دارفور بقرة حلوب تستجلب التمويل للعديد من المنظمات ومن ذلك التمويل تخرج (لقمات حلوة) لموظفي تلك المنظمات والقائمين علي امرها مما يجعل اولئك الاشخاص كافراد أو كشخصيات اعتبارية شديدي الحرص علي تعلية صوت تلك المناطق الساخنة (Hot spot area) لضمان التمويل وبالتالي تحقيق المكاسب.

لذلك يجب ان نكون ساذجين حتي نصدق أن الاهتمام الكبير بما يحدث في دار فور (رغم ايجابيته بشكل عام) مع أهمال الانتهاكات الاخري، كما يحدث مع فظائع حرب 15 ابريل أو علي الاقل وضع تلك الحرب وماسيها بما فيها ويلات الجوع والمرض في دائرة الاهتمام، يجب ان نكون ساذجين حتي نصدق أن كل ذلك الاهتمام بدارفور يتم من أجل عيون الدارفورين بعيدا عن المكاسب السياسية والمالية وبدون التوظيف في تعظيم تلك المكاسب وإلا لعملت تلك الجهات علي ايقاف الحرب هناك، والمستمرة لحوالي ربع قرن أو علي الاقل الذهاب بمجرمي تلك الحرب للعدالة الدولية وجعلهم عبرة لمن بعتبر، لكن يبدو ان الاستثمار في الماسي وويلات الشعوب وتحقيق المكاسب من وراءها اهم من الارواح التي تزهق والفظائع التي ترتكب هناك. انني علي قناعة بان القوى الفاعلة دوليا إذا ارادت لكل ذلك العبث ان يتوقف لتوقف.

 

الان بالاضافة لجميع انتهاكات طرفي حرب 15 ابريل هناك مجاعة تهدد ما لا يقل عن نصف سكان السودان بناءا علي اجماع الجهات المختصة حول ذلك، والامل ان يكون للمجتمع الدولي والمنظمات الأممية والدولية والدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية تجاه هذه الكارثة المحدقة وتجاه انتهاكات طرفي حرب 15 ابريل، ان يكون لتلك الأطراف نفس الحساسية والاهتمام إلذي تجده انتهاكات دارفور دون العمل علي تطاولها أو استثمارها في تحقيق اهداف معادية للانسان السوداني اينما كان موقعه أو جنسه أو عرقه.

لقد هتف ثوار وثائرات ديسمبر (يا عنصري ومغرور كل البلد دار فور) والان بالفعل أصبحت كل البلد دار فور فهل سنشهد الاهتمام المنشود بما يجري في السودان بشكل متكامل.

‫5 تعليقات

  1. كما قلت اخي الكريم يتنافس المتنافسون بدعوي حماية دارفور واهلها ،ويجنوا الهبات والعطايا ،بينما يقبع اهل دارفور في معسكرات النزوح، يعانون من كل مسبغة وظلم وقهر..

    أول المستثمرين والمستفيدين من معاناة اهل دارفور هم بعض من الدارفوريين انفسهم، هولاء الذين يدعون الكفاح ، مارسوا نفس اسلوبهم دول الغرب من صراخ وعويل في مهزلة جوبا ،ذلك الاتفاق الذي نالوا به المناصب والغنائم والهبات والعطايا ولم يكلفوا انفسهم عناء ومشقة زيارة اهلهم في دارفور ومعسكرات النزوح.!!.

    ..هولاء الدارفوريون لن يغيروا ما بانفسهم حتي يغير الله حالهم، فكيف بنا نحن الجلابه العنصريبن ابناء دولة 56 ان نغير حالهم..؟؟؟..

    ..ويبقي خيار قيام دولة دارفور المستقلة هو الخيار الذي لا بديل له..

    1. بالله انت الجلابي من طلب منك ان التدخل في مشاكل دارفور ؟ المطلوب منكم رفع يدكم عن دارفور وهذا ليس ممكن لان الجيش السوداني جنوده والمحاربين كلهم ( ما عدا الضباط الشماليين وانت تعرف الضابط بدون جنود يساوى جندي واحد في حد ذاتهg ومال دارفور من الثروات الحيوانيه والصمغ العربي والبترول !!!!

  2. انتهاكات دارفور التى ارتكبت طيلة ربع قرن بتدبير حكومي و تنفيد حكومي جنجويدي مشترك اضعاف اضعاف انتهاكات كل بقاع السودان الأخرى باستثناء الأقاليم الجنوبية سابقا أو دولة الجنوب الشقيقة حاليا. اعجب كيف يصدر هذا الكلام الذي يناقض بعضه بعضا و ينقصه المنطق من استاذ جامعي كان من المفترض أن يكون قد تعلم كيف يحقق و يدقق و يبحث ثم يكتب؟ أنه حال العلم في بلدي بعد ثلاثين سنة من التجهيل و الترقيات الاحلالية التمكينية. لك الله يا وطني المنكوب….

  3. (يا عنصري ومغرور كل البلد دار فور)

    هذه الجملة يبدو انها من صياغة جهاز أمن صلاح قوش لمغازلة حميدتي وقتها حتى يقف مع ثورة صلاح قوش 2018

  4. الأخ سلمان محمد
    اتفق معك فى ما آل اليه حال التحصيل العلمى فى زمن التمكين الاسلاموى ولكن كيف عرفت أن البروفيسور قد تلقى تعليمه العالى فى الجامعات السودانيه وضمن منظومه التمكين؟؟؟ هذا اولاً

    ثانيًا : كون ان الانتهاكات التى تمت فى دارفور هى أضعاف ما تم ارتكابه من جرائم فى مناطق اخرى هل هذا يبرر غض الطرف عن تلك الجرائم فى باقى انحاء السودان؟؟

    ثالثاً: وبأعترافك قد ذكرت ان انتهاكات حرب دارفور لم تفوقها الا انتهاكات حرب الجنوب و السؤال هو هل وجدت انتهاكات حرب الجنوب نفس هذا الزخم والاهتمام من المجتمع الدولى؟؟؟؟

    أخيراً ما عارف من اين اتيت بهذه الاحصائيه التعبيريه (انتهاكات دارفور اضعاف اضعاف انتهاكات بقاع السودان الاخرى) كنا نود لو ترفقها بأحصائيه رقميه حتى نتفق معك فى موضوع التدقيق والتحقق والبحث. ولكن عموماً فقط للتذكره انه وخلال عشرة اشهر من عمر هذه الحرب التى أشعلها حزب الشيطان هناك اكثر من عشرة ملايين مواطن من منطقه الوسط تفرقوا ما بين نازح ولاجئ وأكثر من ١٥ الف قتيل ، اما الخساره الماديه فهى قد فاقت عشرين مليار دولار، فوق كل ذلك قد تم تدمير البنيه التحتيه بالكامل، خرج اكثر من ٣٠٠ شركه و مصنع بمختلف الاحجام وفى مختلف المجالات من قطاع الانتاج والخدمات، خرجت بعض المشاريع الزراعيه من الخدمه، توقفت الجامعات والمدارس ، كل هذه تعد انتهاكات تأخذ بعين الاعتبار مالم تكن تقصد بكلمة انتهاكات عدد القتلى فقط. وحتى هذه لا اظنك محق فيها، فما كان يحدث من تعذيب وقتل وسحل خلف زنازين ومعتقلات وبيوت أشباح أجهزة الامن والاستخبارات تفوق الخيال الفرق هو اننا لم نكن نسمع بها او نراها كما كان عليه الحال فى دارفور حيث كل وسائل الاعلام مسخره لنقل تلك الانتهاكات ليس حبا ورحمتاً بأهل دارفور بل خدمة للوردات الحرب وتجار الأزمات وعملائهم قاده المليشيات المسلحه من شاكله اركو مناوى وجبريل ابراهيم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..