حول ازمة المياه… كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها….!!

حول أزمة المياه *
كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها….!!

محمد احمد بكاب
[email][email protected][/email]

مثابرة أغلب الصحف اليومية لكشف مواطن الخلل والفساد والتي صاحبت مشروعات مياه الشرب لا يخفى على أحد وإن كانت تبدو دون جدوى تؤتي أكلها عاجلاً فإن ذلك مرده عدم توفر صحفيين محترفين في هذا المضمار إضافة إلى الأساليب والمناهج السلحفائية الملتوية تارةً تتناوبها الجهل وتارةً أخرى القصد لسبب أو لأخر والتي ما إنفكت تستخدمها أجهزة الدولة المختصة إلا أنها وبفضل النواميس التي اودعها المولى عز وجل في أتون هذا الكون لابد انها سوف تفعل أفاعيلها في سبر أغوار الكوابح التي تعترض سبل النجاح وفضح من لهم مصلحة ذاتية في إنتاجها (إن مع العسر يسرا).
اما فيما يختص بالإعلام الذي نسمعه ونشاهده عبر أزمنة الشمولية هو إعلام تحتكره سلطة ديكتاتورية مهمتها التستر على أخطائها وتغطية فشلها وخداع الشعب والكذب عليهم بالوعود الزائفة يساعدها في ذلك جهاز قمع مهمته إسكات وتشريد العناصر النبيلة من أبناء هذا الوطن .
هذه المقدمة في حقيقة الامر أردت بها أن أدلف إلى المسار الذي لازمت الجهات ذات الصلة ومنها الإعلام ، جمعية حماية المستهلك ، برنامج المياه وإصحاح البيئة المدعومة من قبل منظمة اليونسيف بإمكانيات هائلة متمثلة في أجهزة الحاسوب ? عربات ذات الدفع الرباعي ? ماكينات حفر (Drilling Rigs) ضواغط هواء (Compressors) – طلمبات مياه غاطسة ومولدات وخلافها في إطار إتفاقية بين الأمم المتحدة وحكومة السودان تتولى أمر إدارتها الهيئة العامة للمياه إلا أن ميزانيات التسيير من نثريات سفر داخل وخارج السودان والإقامة في الفنادق الفارهة تستأثر على أموال طائلة دون كثير عمل أو قليل خير فضلاً عن المنتديات وورش العمل المتعددة التي ظلت تنعقد في كثير من المناسبات كتلك التي تعرف باليوم العالمي للمياه وصنوتها اليوم العالمي لغسيل الأيدي وهي تنشد مقاربة الحلول لما نحن بصدده الآن ظلت ولا تزال تتناول ظواهرها دون الجوهر مفتقدة القدرة التحليلية التي من شأنها أن تلقي الضو على الدواعي والمسببات (وجعلنا لكل شئ سببا) ومن ثم تحديد المواقع الفعلية للخطأ والقصور مما نتج عنه توهم للأسباب ونقد الادوات والمواعين الممثلة في هيئات المياه الولائية ولا سيما هيئة مياه ولاية الخرطوم كما وأن إلغاء أمر تأسيس الهيئة العامة للمياه على أن تؤول إختصاصاتها ومهامها بإدارة عامة بوزارة الموارد المائية وذلك دون أن يدور نقاش مستفيض حول حقيقة أدائها للمهام التي أنشئت من أجله ومراجعة مكوناتها .
الأمر كان يتطلب أن تستأنف التحقيقات في شأن الكثير من المشروعات الفاشلة والمعدات والتي كانت قد باشرتها الجهات المختصة في العام 2009م والاموال الطائلة التي تم تخصيصها لشراء طلمبات مياه القضارف التي أوردها تقرير المراجع العام مؤخراً والتي ذهبت هدراً وأن تخضع التجربة برمتها للدراسة والبحث لنفي الطالح منها ونقل خلاصة الفائدة والعمل على تطويرها، ومن ثم التقرير بشأن جدوى وجودها هي من أبرز إفرازات التناول السطحي لإشكاليات مياه الشرب .
وحتى نستوثق من ما بدأنا به إليكم هذه النماذج مما نشرته الصحف خلال قرابة النصف قرن الماضية في شأن إشكاليات مياه الشرب .
الصحافة 16 اغسطس 1970م :
السودان يطلب من ج.ع.م بحث إمكانية تصنيع طلمبات للآبار :
طلبت وزارة التعاون والتنمية الريفية من المختصين في الجمهورية العربية المتحدة إجراء دراسات عن تصنيع 600 طلمبة للآبار الإرتوازية في السودان ضمن مشروع مكافحة العطش كما طلب بحث إمكانية تصنيع هذه الطلمبات بالسودان .
الصحافة 18 أغسطس 1970م :
أسبقيات لدراسة وتنفيذ مشاكل المياه في المناطق الصعبة بكردفان :
صرح وزير التعاون والتنمية الريفية للصحافة بانه قد وجه الفنيين في الوزارة لإعطاء اسبقية في الدراسة والتنفيذ لحل أشكال المياه في المناطق الصعبة التي تعذر فيها الحفر الجوفي لوجود الصخور الأساسية وفي المناطق التي يستحيل فيها تشييد الحفائر لعدم وجود القاعدة الطينية ، خاصة في منطقة حمر والمناطق الأخرى .
الأيام 11/7/1971م العدد 6272 :
الهيئة المركزية للكهرباء للمياه :
لقد درج بعض المستهلكين على عدم سداد قيمة الإستهلاك الشهري للكهرباء والمياه الأمر الذي أدى إلى تراكم المتأخرات بصورة أثرت على إنجاز بعض المشاريع الضرورية والهامة .
السودان الحديث 15 أبريل 1992 العدد 816 :
خطة لتأمين مياه المدن في الصيف :
أعدت الهيئة القومية لمياه المدن خطة لمواجهة فصل الصيف ولتوفير الإحتياجات من المياه .
وقال مدير الهيئة القومية لمياه المدن أنه أتم إجراء الصيانة لمحطات المياه ونظافة الخزانات وتجهيز المولدات الكهربائية في مواقع الآبار لمواجهة أي قطوعات محتملة في الإمداد الكهربائي .
وقال أن كافة ترتيبات الخطة قد تم إنجازها وقال أنه دائماً يتوقع حدوث شح في المياه خلال فصل الصيف لوجود فجوة كبيرة بين المياه المتوفرة والكمية المطلوبة وأن المنتج حالياً من المياه يبلغ 220 ألف م3 بينما تبلغ إحتياجات العاصمة القومية 567م3 ألف متر مكعب أي أن العجز يبلغ 256 ألف متر مكعب … وقال أن جهوداً مبذولة حالياً لمواجهة نقص المياه ستشيد محطة مياه الخرطوم الجديدة والتي يبلغ إنتاجها 300 ألف متر مكعب .
الرأي العام 6 أبريل 1992م العدد 817 :
الصيف يقرع الأبواب … وقد تظل أزمة المياه برأسها من جديد وقد تتجدد القطوعات الكهربائية من جديد وقد شهدنا خلال شهر رمضان بعض القطوعات … وحتى نقف على الأبعاد الحقيقية (لشح المياه) أو القطوعات الكهربائية .
الأيام 24 ديسمبر 2011م :
حماية المستهلك تشدد على تطوير وترقية خدمات المياه .
السوداني الأحد 25 ديسمبر 2011م العدد 2159 :
تقرير المراجع العام بولاية القضارف :
المراجع كشف في تقريره تجاوزات بوزارة المياه والري والسدود بالصرف خارج الموازنة وتحويل مبلغ1.607 مليار جنيه في الهيئة القومية للمياه الخرطوم لحساب الوزارة في إكتوبر 2010 لشراء طلمبات الضغط العالي ووضع المبلغ لحساب الدائنين بالوزارة بدلاً من إظهاره ضمن إيرادات وزارة المالية حسب تصميم الموازنة العامة لعام 2010م وأشار التقرير إلى أن المبلغ ثم التصرف فيه خارج إطار الميزانية إيراد وصرف ، الامر الذي يقتضي إلى عدم إعطاء صورة حقيقية لإيرادات الولاية وإقتناء الأصول غير المالية والمركز المالي غير الحقيقي للولاية لعام 2010 إلى جانب عدم التقيد بقانون ولائحة الإجراءات المالية والمحاسبية وطالب التقرير مواصلة الجهود نحو تفعيل الرقابة على منع تجنيب الإيرادات والصرف خارج إطار الميزانية .
الإهرام العدد 14503 مايو 2011م
أفاد السيد مدير مياه ولاية الخرطوم بأن 40% من كلفة إنتاج المياه تذهب لكهرباء محطات المياه لتشغيل أبارها غير أن في الصيف تحتدم إستخدامات المياه ثم طبيعة الشعب السوداني في عدم الإقتصاد في إستخدام المياه فنجد ان أحدنا يتوضأ بحنفية مياه ولا يبالي .
الأخبار الجمعة 22 مايو 2011م :
نقصان الطاقة الإنتاجية لمحطات مياه الخرطوم إلى النصف .
الرأي العام تاعدد 4884 ? 11 مايو 2011م
أزمة مياه في الخرطوم وتظاهرات تطالب بإقالة مدير الهيئة :
ضربت العاصمة القومية أزمة مياه حادة وبلغ سعر برميل المياه 25 جنيهاً والجركانة جنيهين . ومن جهته إتهم مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم جهات سياسية منظمة تقف وراء شح المياه بإقفال البلوفة في الشبكة .
الإنتباهة 11 يناير 2012 العدد 2099:
هذا التردي المخيف في توفر الخدمات لمسناه من خلال الإتصالات المتكررة من أبناء الولاية في الكثير من المدن والقرى وهم يرجون أن يسلط الوء على قضاياهم الاساسية لعلها تجد الحل ن فأهل القرى تحديداً لا يريدون شوارع معدية ولا إنارة الشوارع بل يحلمون بماء نقي .
الإنقاذ الوطني 17 أبريل 1991 العدد 473 :
مخلفات المصانع تتسرب للنيل الأزرق وتهدد صحة البيئة :
طفحت بالنيل الأزرق ظهر أمس بقعة كبيرة من مخلفات المصانع وإنهمرت المخلفات من شارع الصناعات بالخرطوم بحري وإتجهت جنوباً حتى غرب سجن كوبر حيث تدفقت في النيل الأزرق بكميات كبيرة ولا زالت مخلفات المصانع المكونة من بقايا الزيوت والصودا تصب في النيل الازرق حتى مثول الجرنيد للطبع .
وأفادت تحريات الإنقاذ الوطني ان تعطل طلمبات المجاري الرئيسية وإهمال أصحاب المصانع وغياب السلطات الصحية …. ألخ .
الأيام عدد 6314 بتار يخ 31/8/1971م
المياه تندفع بإرتفاع 4 أقدام من إحدى الآبار علمت الأيام أن المياه قد تدفقت من إحدى الآبار التي قامت هيئة توفير المياه بحفرها بشرق كرفان بإندفاع ذاتي بلغ إرتفاعه 4 أقدام فوق سطح الأرض ولا تزال المياه تتدفق في البئر بصورة دائمة ومستمرة في شكل نافورة .
الإنقاذ الوطني 2 مايو 1991م :
25 مليون دولار من البنك الدولي للسودان :
تم الإتفاق بين السودان والبنك الدولي على توفير مبلغ 25 مليون دولار لتغطية بعض الإحتياجات والتي تشمل توفير المياه لبعض المناطق الحضرية والريفية وصحة الإنسان والحيوان وذلك قي إطار برنامج التعاون بين السودان والبنك الدولي .
الإنقاذ الوطني 5 مايو 1991م :
مشورعات قومية من الميزانية الجديدة :
قال السيد/ مدير ميزانية التنمية أن العام الاول من البرنامج شهد أيضاً العمل بجد في مجال الطاقة والمياه خاصة في المناطق المتأثرة كما أن هناك تكثيفاً لبرنامج توفير المياه مشيراً إلى أن منطقة الابيض ستشهد العام الحالي من عمر البرنامج مد المياه من بارا لحل الضائقة هناك .
أشار السيد/ مدير الميزانية إلى أن ميزانية هذا العام 91/92 بها مشاريع الطابع القومي مشيراً إلى أن مراجعة المشاريع السابقة التي تمت مؤخراً ومكنت من إضافة مشروعات جديدة مرتبطة بقضايا البلاد الحقيقية وتسعى للإكتفاء الذاتي كسمة من سمات الميزانية وقال أن الميزانية هذه المرة ضمت مشاريع جديدة في مجال الخدمات الجديدة .
رأي الشعب العدد 1505 بتاريخ 14 اكتوبر 2011م
أزمة مياه حادة بمستشفى الأبيض :
شهد مستشفى الأبيض أمس ازمة حادة توقف على إثرها العمل بمعمل بنك الدم الذي إفتقد المياه للنظافة والجوينتيات وقالت أم برعي مسؤوله المعمل ان إنعدام المياه والجوينتيات ادى إلى توقف العمل في بنك الدم .
وكشف بعض الاهالي التقتهم (رأي الشعب) أنهم أضطروا لشراء المياه والجوينتي من أجل إكمال عملية نقل الدم لذويهم وقال مرافقوا نزار حسن الذي يعاني نزيفاً حاداًفي الفم والانف أنهم عانوا بسبب ذلك وإضطروا لشراء مياه صحة وجوينتي من الصيدليات التجارية .
وأيضاً مما تناقلته الصحف عن منتدى الجمعية السودانية لحماية المستهلك (المياه ….. حق أم سلعة) بتاريخ 8 يناير 2012م تصريح مفاده بان 4.500 مشترك هم من يدفعون رسومهم بإنتظام من سكان ولاية الخرطوم ، يمثلون ذوي الدخل المحدود8000 مشترك لا يدفعون الرسوم الشهرية للهيئة خاصة الفنادق الكبرى والمجمعات السكنية والمدن الصناعية والأبراج والاغنياء وفي سياق متصل تم إنتقاد تجربة تحصيل فواتير المياه مع مستحقات الهيئة القومية للكهرباء وفى مضمار التلوث أوردت الصحف بأن شبكة المياه بولاية الخرطوم تتضمن أنابيب من مادة الأسبستوس المسببة للسرطان وأنها تعاني من حوالي 200 كسر يومي جراء قدمها الامر الذي يسهل عملية إختلاط المياه بالملوثات .
أزمة المياه أزمة قديمة ومتجددة وأس البلاء التي تعاني منها البلاد لاسيما القطاعات الإنتاجية الرعوية منها والزراعية إضافة للمدن الكبيرة التي يتوافر فيها القدر المتواضع من الصناعة .
الحكومة تدفع ملايين الدولارات في إنشاء مشاريع جديدة ولديها وحدات قائمة ومتوافر لها المياه طوال العام ? المستفيد الأول من المشروعات الجديدة الآن هي الراسمالية الطفيلية المرتبطة بحكومة الإنقاذ التي إستمرأت أن تقتات بهذه الطريقة .
وما يؤخذ على الجهات ذات الإختصاص تجاهل أصحاب الشأن من جامعات ومؤسسات اكاديمية وشركات قطاع خاص ولجت هذا المعترك وخبرته فضلاً عن من تم فصلهم تعسفياً من هيئة مياه الريف ومياه المدن وخلافها ممن لهم تجارب غنية وهم بالآلاف تطويراً للنقاش وإثراءاً له وتعميماً للفائدة .
وهنا يبرذ السؤال المحوري والهام كيف الوصول لمعالجة دائمة لهذه الأزمة حتى تتوفر إحتياجاتنا الفعلية من المياه كماً ونوعاً .
مهندس / محمد أحمد بكاب
الهيئة العام للمياه سابقاً

* المقال كما هو..
** بعد السمكرة-حسب رؤيتنا!

أزمات المياه المستعصية عبر الزمن!
ظلت الكثير من وسائل الإعلام السودانية ? خاصةً الصحف ? تتناول بإسهاب معوقات ومشكلات الإمداد المائي خاصةً ، والقضايا المتعلقة بالمياه كالبيئة والصحة بصفة عامةً ، فأجرت الكثير من اللقاءات والمقابلات لسبر تلك الأغوار المعتمة بغية التخلص من هذه الأوجاع المزمنة المستعصية ، وذلك مما يحمد للأعلام المقروء اهتمامه وتناوله لهذه الموضوعات المهمة .
لكن للأسف- وآه من لكن هذه- فقد انهزمت كل الجهود المخلصة تلك بسبب العقليات الإدارية المتحجرة التي ظلت جاثمة علي صدر هذه المرفق الحيوي فأقعدت به وحرمته من التطور ليواكب متطلبات الوطن و طموحات مواطنه المتواضعة المشروعة التي تتلخص في توفر مياه شرب نظيفة صالحة وفق المعايير والمواصفات العالمية. (Safe, Sufficient and Sustainable Supply of Drinking Water)
أمَّا الإعلام المسموع والمرئي فقد ظلَّت تهيمن عليه السلطة وفي معظم الأحوال لا يعكس إلا ما يرضيها بالتستر على أخطائها وفشلها بمخادعة الشعب وتخديره بالوعود المكذوبة ، وهي نفسها ?أي الدولة ? يخدعها الغوغائيون المطبلاتية عبر الحشود والمبايعات وهتافات التأييد الزائفة ، يساعدها في ذلك جهاز قمع باطش مهمته إسكات الأصوات المعارضة والتنكيل بالقيادات من أبناء هذا الوطن، وفي خضم هذا الزخم ضاعت الحقيقة واختلط الحق بالباطل والحابل بالنابل!!
روي أن أعرابياً سأل رسولَ الله صلي الله عليه وسلم : متي الساعة ؟ فأجابه إذا وسٍّد الأمر الي غير أهله فانتظر الساعة. وكأنِّه أراد أن يقول لنا أن وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب يفضي الي الفساد فيترتب علي ذلك الانهيار الكامل – مثلما هو الحال في السودان – مما يستوجب العقاب الجماعي، تماماً كما تقرر الآية الكريمة (وإذآ أرَدنا أن نُهلك قريةً أمرنا مُتَرفيها فَفَسقُوا فيها فَحَقَ عليها القولُ فَدَمرناها تَدميراً) ? (الإسراء :16) . ولعله من الجدير بالملاحظة أنَّ المفسدين هم الأثرياء المترفين ، إذ أنَّ الفساد يتطلب قدرات عالية من مال وسلطة لا تتوفر لدي الفقير. كما أنَّ الشخص المحصن ضد اللوائح والقيم، بحماية من السلطان لا يتورع من ارتكاب كل الموبقات لأنَّ يد القانون لا تطاله ! وعندما ذمَّ القرآن الكريم الكافرين وصفهم بأنَّهم كانوا لا يرجون حساباً. ومحاسيب الأنظمة المتسلطة لا يخافون ولا يرجون حساباً- علي الأقل في هذه الدنيا ، هذا إن يتملكه الإحساس بأنَّه مفوض إلهي .. لماذا ؟ لأنَّ ذوي القربى من السلطان وأصحاب الولاء هم من ظلّوا يتولون أمور الناس بمؤهلات ضعيفة وقدرات أضعف وشهادات مشكوك فيها فعاثوا في الأرض فساداً عقب كارثة إبعاد الكوادر والخبرات الوطنية فيما عرف بالصالح العام ، الذي ثبت أنَّه الضرر العام المحض للوطن والمواطن علي حدٍ سواء!

النماذج أدناها من أرشيف الصحف السودانية تناولت فيه مشاكل المياه بأوجه مختلفة منذ ما يقرب من نصف قرن ، مسلّطةً الضوء عليها بغية المعالجة الفاعلة ، إلا أنَّ الحال لم ينصلح ، بل ظلَّ في حالة تردي مستمر الي يومنا هذا !
? السودان يطلب من مصر بحث إمكانية تصنيع طلمبات للآبار :-
طلبت وزارة التعاون والتنمية الريفية من المختصين في الجمهورية العربية المتحدة إجراء دراسات عن تصنيع 600 طلمبة للآبار الارتوازية في السودان ضمن مشروع مكافحة العطش كما طلب بحث إمكانية تصنيع هذه الطلمبات بالسودان ، الصحافة 16 أغسطس 1970م .
? أسبقيات لدراسة وتنفيذ مشاكل المياه في المناطق الصعبة بكردفان : –
صرح وزير التعاون والتنمية الريفية للصحافة بانه قد وجه الفنيين في الوزارة لإعطاء اسبقية في الدراسة والتنفيذ لحل أشكال المياه في المناطق الصعبة التي تعذر فيها الحفر الجوفي لوجود الصخور الأساسية وفي المناطق التي يستحيل فيها تشييد الحفائر لعدم وجود القاعدة الطينية ، خاصة في منطقة حمر والمناطق الأخرى . الصحافة 18 أغسطس 1970م .
? الهيئة المركزية للكهرباء للمياه :
لقد درج بعض المستهلكين على عدم سداد قيمة الإستهلاك الشهري للكهرباء والمياه الأمر الذي أدى إلى تراكم المتأخرات بصورة أثرت على إنجاز بعض المشاريع الضرورية والهامة ، الأيام 11/7/1971م العدد 6272.
? خطة لتأمين مياه المدن في الصيف :-
أعدت الهيئة القومية لمياه المدن خطة لمواجهة فصل الصيف ولتوفير الاحتياجات من المياه .
وقال مدير العام لهيئة مياه المدن أنه أتم إجراء الصيانة لمحطات المياه ونظافة الخزانات وتجهيز
المولدات الكهربائية في مواقع الآبار لمواجهة أي قطوعات محتملة في الإمداد الكهربائي ، السودان
الحديث 15 أبريل 1992 العدد 816 .
? مياه المدن تسعي لتأمين الإمداد المائي بالعاصمة :-
وقال أن كافة ترتيبات الخطة قد تم إنجازها ، وقال أنه دائماً يتوقع حدوث شح في المياه خلال فصل الصيف لوجود فجوة كبيرة بين المياه المتوفرة والكمية المطلوبة وأن المنتج حالياً من المياه يبلغ 220 ألف م3 بينما تبلغ حاجة العاصمة القومية 567م3 ألف متر مكعب ، أي أن العجز يبلغ 256 ألف متر مكعب … وقال أن جهوداً مبذولة حالياً لمواجهة نقص المياه بتشييد محطة مياه الخرطوم الجديدة التي يبلغ إنتاجها 300 ألف متر مكعب والصيف يقرع الأبواب وقد تطل أزمة المياه برأسها من جديد نتيجة لقطوعات الكهربائية خلال تلك الفترة . وقد شهدنا خلال شهر رمضان بعض القطوعات ولابد من الوقوف على الأبعاد الحقيقية لشح المياه والقطوعات الكهربائية ، الرأي العام 6 أبريل 1992م العدد 817 .

? حماية المستهلك تشدد على تطوير وترقية خدمات المياه ، الأيام 24 ديسمبر 2011م .
? تقرير المراجع العام بولاية القضارف : –
كشف المراجع العام في تقريره السنوي عن تجاوزات بوزارة المياه والري والسدود بالصرف خارج الموازنة
وتحويل مبلغ 1.607 مليار جنيه في الهيئة القومية للمياه الخرطوم لحساب الوزارة في إكتوبر 2010
لشراء طلمبات الضغط العالي ، ووضع المبلغ لحساب الدائنين بالوزارة بدلاً من إظهاره ضمن إيرادات
وزارة المالية حسب تصميم الموازنة العامة لعام 2010م . وأشار التقرير إلى أن المبلغ تمَّ التصرف فيه
خارج إطار الميزانية إيراد وصرف،وترتب عليه إخفاء الصورة الحقيقية لإيرادات الولاية، قيمة الأصول
غير المالية والمركز المالي غير الحقيقي للولاية لعام 2010 إلى جانب عدم التقيُّد بقانون ولائحة
الإجراءات المالية والمحاسبية وشدد التقرير على منع تجنيب الإيرادات والصرف خارج إطار الميزانية ،
السوداني الأحد 25 ديسمبر 2011م العدد 2159 .
? المياه تعاني التكلفة الباهظة للكهرباء :-
كشف السيد مدير مياه ولاية الخرطوم بأن 40% من كلفة إنتاج المياه تذهب لكهرباء لتشغيل آبار محطات المياه ، وخلال الصيف يتضاعف الاستهلاك لطبيعة الشعب السوداني المسرف في استخدام المياه ، فمن يتوضأ في الحنفية قد يهدر كمية كبيرة جداً ولا يبالي ! الأهرام العدد 14503 مايو 2011م
? نقصان الطاقة الإنتاجية لمحطات مياه الخرطوم إلى النصف . الأخبار الجمعة 22 مايو 2011م :
أزمة مياه في الخرطوم وتظاهرات تطالب بإقالة مدير الهيئة ، الرأي العام 11 مايو 2011م العدد 4884 .
? ضربت العاصمة القومية أزمة مياه حادة وبلغ سعر برميل المياه 25 جنيهاً والجركانة جنيهان . ومن جهته اتهم مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم جهات سياسية منظمة تقف وراء شح المياه بإقفال البلوفة في الشبكة ، الإنتباهة 11 يناير 2012 العدد 2099.
? سكان القرى بالولايات يجأرون بالشكوى من التردي المريع في خدمات إمداد المياه لا سيما خلال اشهر الصيف وتوفير الماء النقي أولوية قصوى قبل تعبيد الشوارع و إنارتها. الإنقاذ الوطني 17 أبريل 1991 العدد 473 .

? مخلفات المصانع تتسرب للنيل الأزرق وتهدد صحة البيئة :-
طفحت بالنيل الأزرق ظهر أمس بقعة كبيرة من مخلفات المصانع وانهمرت المخلفات من شارع
الصناعات بالخرطوم بحري واتجهت جنوباً حتى غرب سجن كوبر حيث تدفقت في النيل الأزرق بكميات
كبيرة ولا زالت مخلفات المصانع المكونة من بقايا الزيوت والصودا تصب في النيل الأزرق حتى مثول
الجريدة للطبع .
وأفادت تحريات الإنقاذ الوطني ان تعطل طلمبات المجاري الرئيسية وإهمال أصحاب المصانع وغياب
السلطات الصحية وراء ذلك ، الأيام 31/8/1971م ، العدد 6314 .
? 25 مليون دولار من البنك الدولي للسودان :
تم الاتفاق بين السودان والبنك الدولي على توفير مبلغ 25 مليون دولار لتغطية بعض الاحتياجات
والتي تشمل توفير المياه لبعض المناطق الحضرية والريفية وصحة الإنسان والحيوان وذلك قي إطار
برنامج التعاون بين السودان والبنك الدولي . الإنقاذ الوطني 5 مايو 1991م .
? مشروعات قومية من الميزانية الجديدة :
قال السيد/ مدير ميزانية التنمية أن العام الأول من البرنامج شهد أيضاً العمل بجد في مجال الطاقة والمياه خاصة في المناطق المتأثرة كما أن هناك تكثيفاً لبرنامج توفير المياه مشيراً إلى أن منطقة الأبيض ستشهد العام الحالي من عمر البرنامج مد المياه من بارا لحل الضائقة هناك .
أشار السيد/ مدير الميزانية إلى أن ميزانية هذا العام 91/92 بها مشاريع الطابع القومي مشيراً إلى أن مراجعة المشاريع السابقة التي تمت مؤخراً ومكنت من إضافة مشروعات جديدة مرتبطة بقضايا البلاد الحقيقية وتسعى للاكتفاء الذاتي كسمة من سمات الميزانية وقال أن الميزانية هذه المرة ضمت مشاريع جديدة في مجال الخدمات الجديدة . رأي الشعب العدد 1505 بتاريخ 14 أكتوبر 2011م

? أزمة مياه حادة بمستشفى الأبيض :
شهد مستشفى الأبيض أمس أزمة حادة توقف على إثرها العمل بمعمل بنك الدم الذي افتقد المياه
للنظافة والجوينتيات وقالت أم برعي مسئوله المعمل أن انعدام المياه والجوينتيات أدى إلى توقف العمل
في بنك الدم ، وكشف بعض الأهالي التقت بهم (رأي الشعب) أنهم اضطروا لشراء المياه والجوينتي من
أجل إكمال عملية نقل الدم لذويهم . وقال مرافقو نزار حسن الذي يعاني نزيفاً حاداً أنهم عانوا بسبب ذلك
واضطروا لشراء مياه صحة وجوينتي من الصيدليات التجارية . رأي الشعب العدد 1505 بتاريخ 14
أكتوبر 2011م.
مما جاء في منتدى الجمعية السودانية لحماية المستهلك (المياه ….. حق أم سلعة) بتاريخ 8 يناير 2012م أنَّ 4.500 مشترك هم من يدفعون رسومهم بانتظام من سكان ولاية الخرطوم وهم يمثلون ذوي الدخل المحدود بينما هنالك 8000 مشترك لا يدفعون الرسوم الشهرية للهيئة خاصة الفنادق الكبرى والمجمعات السكنية والمدن الصناعية وأبراج الأغنياء ، وانتقدت فكرة تحصيل رسوم المياه بفواتير للكهرباء .
كما أوردت الصحف بأن شبكة المياه بولاية الخرطوم تتضمن أنابيب من مادة الأسبستوس المسببة للسرطان وأن هذه الشبكات المهترأة تعاني من الكسور والإنفجارات بمعدَّل 200 كسر يومياً مما يهدر كميات ضخمة من المياه المعالجة الجاهزة للاستهلاك ، فضلاً عن علمية اختلاط المياه بالملوثات .
أزمة المياه قديمة ومتجددة وأس البلاء الذي تعاني منه البلاد لاسيما القطاعات الإنتاجية (صناعية ، رعوية ، وزراعية) إضافة لقطاع الخدمات .
إذا كان الأمر كذلك فهل من سبيل إلي الإصلاح ؟
الإجابة بكل بساطة نعم و ليس مستحيلاً ، بل ولا صعباً إذا أراد الحكام أدراك ما تبقي من السودان وذلك بالآتي:-
1- ضع الشخص المناسب في المكان المناسب بسبب كفاءته وإخلاصه ، وليس لقربه من السلطان .
2- مساواة الناس أمام القانون،بألا يقام الحد علي الضعيف ويترك الشريف
3- بسط العدالة القانونية والعدالة الاجتماعية.
4- إعطاء أولوية الإنفاق للتنمية الحقيقية العادلة وفق الأولويات الوطنية وليس لهواء الحكام ترضية أهليهم وذويهم ومواليهم.
5- السياسيون الممارسون للتجارة أضرَّوا بالاقتصاد وحرموا الخزينة العامة من إيرادات ضخمة لسبب الإعفاءات التهرب من الضرائب والالتزامات الوطنية الأخرى ، بينما يتحمل العبء الضريبي الضعفاء والغلابة .
6- محاسبة الذين تسببوا في تدمير الوطن واسترداد المنهوبات والابتعاد عن سياسة (عفا الله عما سلف) المجحفة المدمرة التي تكافئي المجرمين وتجني علي المخلصين الملتزمين.
هذا أو الطامَّة الكبرى وليس ذلك ببعيد.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد..

—————-

* مهندس / محمد أحمد بكاب
الهيئة العام للمياه سابقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..