مقالات وآراء

الشاعر معتصم الازرق – وتريات صاحب الربابة

إسم الديوان: وتريات إسماعيل صاحب الربابة
الطابع: دار عزه للطباعة والنشر – الخرطوم
يقع الديوان في 188 صفحة

عرض : الصحفي إبراهيم علي إبراهيم:

* الشيخ إسـماعيل صـاحب الـربابة كما جاء في كتاب الطـبقات لود ضيف الله : “والده مكي الدقلاش من كبار المتصـوفة في مملكـة سنـار , تكلم في المهد وهو شاعر له قصـائد في مدح الرسول صلي الله عليه وسلم , وكانـت له ربـابة يضـرب عليها وكل ضربة لها نغمة يفيق لها المجنون , وهو شخصية حاطت بها الأساطير” .

* تجيء قصيدة وتريات إسـماعيل صاحب الربابة في الديوان كقصيدة مركزية , تتداخل فيها العديد من الموضوعات والقضايا الصوفي منها والعاطفي وتتداعي فيها النوسـتالجيا في كل مقاطع القصيدة, ويصعب الفصل بين ثنايا الديوان في مضامينه الفكرية والوجدانية.    فالديوان كله بالإجمال تتداخل فيه القضايا , فقد جاء مماثلا للسونيتات الشكسبيرية مع الفارق في البناء الشعري , وكل قصيدة في الديوان تتمايز عن الأخري ولا يقوي شـاعر مرهـف مثل الإزيرق الذي عاش في المهجر الإنكليزي لعقود عـديدة ان يخلو شعره من التأثر بالبيئة ومن هذا الكم من الوجد, فالديوان يضج – بالحنين – والحنين هو مفردة غير متواجدة في قواميس بلاد تموت من البرد حيتانها كما يقول كاتبنا الكبير الطيب صالح فهوما إن يتشكل في مخيلته وجوانحه سـماء الوطـن حتي تحاصـره مشـاعر جياشة تلـتف حـول مسـبحة الشـيخ مناجـية  وليستخدمها رمزا يقدم من خلاله  شكواه ونجواه  لتندغم المشاعر كلها في مصـهر شـعري واحد يجمع كل هذه المترادفات .

والغربة في أرض شكسـبير لها أثرها الواضح علي الشاعر وهل يقوي علي الإبتعاد عن التفكير بلغة الفرنجه فضلا عن الأثر الشعري , ولكن سرعان ما يستعيد الشاعر موسيقي الشعر العربي وأوزانه وعروضه وقوافيه , ليسترد قصيدته العربية الحداثية .    وبالعودة لقصيدة الوتريات التي أحتشدت بالغرائبية وتوزعت أوتارها بين النثر والغنائية  ما بين العمق والبساطة , وكما أسلفنا لا يمكن لشاعر السوداني أن ينفك عن تأثير الشعر الإنكليزي لتظهر جلية علي ملامح القصيدة عند الإزيرق وربما هذا الذي جعل منها تتميز بعمق التفكير الفلسفي , لتتنقل بين أبواب الشعر غير عابئة بالتمدرس والقوانين المقيدة لحركة الشاعر , مما يجعل من الازيرق شاعرا متميزا يقف وحده ففي , قصيدة وتريـات إسماعيل صاحب الربابة  كأنموزج نجد هذا الذي مضـينا إليه في التفرد في النسـج الكلي للقصيدة وتوزعها بين شـعر التفعيلة وقصـيدة النثر وهي قصـيدة مفارقة لجوقة الشـعراء السودانيين المعاصرين :

في أوج الجذبة ينام ويصحو

يتوسد أنغام ربابته ..

يبكي ويطير علي أجنحة الأوتار

يعانق إمرأة لا يراها إلاهو ..

تخلق من أمشاج الضوء المجهول بعينيه وبين يدي مولاه..

في أوج الجذبة كان يغني (السراي .. السراي)   قذفت بي الأقدار إلي هذه الأرض وتاهت بي عيناي فماذا أصنع يامولايعلي هذي الأرض بعيني وقيثارة حبي     ..

ماذا قد يصنع بي منفاي؟

وماذا أصنع في منفاي

بما يجهل قلبي

وبما تقترف يداي؟!

فصاحب الربابة يصـدح متوهجـا من قلب الجذبة – وهي حـالة متقدمة من حـالات العشـق الإلهي , ليشكو ما يفعل في أرض لا تعرف كنه حالة الوجد التي تعترية .. وما يعتريه من توهج روحي , بينما كان الأنشاد يتوالي في أذنيه : “السراي .. السراي” وظل يناجي في جذبته الغربة و”طائر غربته المسجون” وهو يستحضر من التاريخ الغابر أشجان إسماعيل المشتعلة: ” كأمواج النار ”

* يفيض الديوان بقضايا متنوعة حركت إقونة الشعر وجادت بشعر مختلف يتتبعه الشاعر أينما حل دون تزحلق وإدعاء وتشعر ببساطته حين تقرأ عملا رومانسيا بعنوان : “أبدا  لم أحبك مثل هذا الحب” فهي قصيدة قادمة من زمن البراءة والرومانسية لم لا وتاريخها 1976م: كانت السماء الحانية تفرد طرحة طازجة

من الماء علي جسدينافي ذلك المساء الوادع المثير أحسست وأنا ممسك في راحتي بقطرات من الدفء الناعم تتمدد بين مسارب الروحساعتها لم أعد أشعر أني وحيد

لا تخلو قصائد الديوان من إبراز الوشائج الحميمة التي تربطه بتراث وعادات وتقاليدالبلاد , وتلك بعض البديعة , من تلك الصور “سيرة العرس” التي تتبعها حتي شواطيء النيل وأنشد يقول :

أينع التفاح “والباوقة”   أستراحت بين أوتاري ونيران التمني

وأضاءت ليلها بفوانيس الأغاني بمراسيم التداعي في رؤي النيل

أقامت عرسها وأستهدفتني ..  فتلاشيت عبيرا بين أهداب العروسين

وإشراقات أسراب النخيل وتعاطيت أباريق الزهول

وقوارير اللجين وتراقصت على زند المطر

* يا له من شعر “طازج” يلامس روح الطقوس الفرايحية ويمزج بين الفرح والأشواق التي تهفـو إلي تلك النفـوس الطـيبة في نسـج درامي بديأع مسـتعيرا من الغناء الشـعبي :  الباوقة اللذيذ تفاحها ” .

بطاقة:

* الشاعر معتصم الإزريق من مواطني وادمدني -ود النعيم-  وهو أحد أعلام الثقافة والاّداب في البلاد ومن المحررين الأساسـيين لمجلة الثقافة السودانية التي أسـهمت بقدر   وافر في النهضة الثقافية وهي رائدة الصحافة الثقافية

* تخرج في جامعة القاهرة بالخرطوم كلية الاّداب – قسم اللغة العربية 1970م

* ماجستير في الادب العربي الحديث من جامعة القاهرة الأم 1980م

* ماجستير في الموسيقي من جامعة لندن – كلية الدراسات الشرقية والإفريقية  .

[email protected]

تعليق واحد

  1. كلمات مرصوصة خاليه من روح الشعر ،
    وموهبة الشعر ،
    وماجستير فى الأدب العربى ،
    لا يعنى شيئا أكثر من فرصة راتب ووظيفه ،
    لا يصنع شاعرا بالضروره .
    حسبه تعاطى ” أباريق الذهول …..
    وقوارير اللجين ”
    والباوقه اللذيذ تفاحها !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..