مقالات متنوعة

ثورة مسلحة بسلميتها وبالتوثيق

بثينة عبدالرحمن

شكرا شادية شكرا عبدالعظيم, والشكر موصول لكل الثوار ممن تحولوا فجأة الى اعلاميين ومصورين, وليس مبالغة ان قلت امسوا مراسلين حربيين, أليس ما تعيشه بلادنا حاليا حربا شعواء تستخدم فيها الحكومة مختلف اساليب الردع واقساها بما فيها الرصاص الحي ناهيك عن” البمبان” الكثيف رغم سلمية الثوار الذين يتسلحون بالهتاف لا اكثر.

حسبتها الحكومة” شطارة” باستباقها انتشار المظاهرات بقطع الانترنت عن وسائل التواصل الاجتماعي الا ان الشباب سريعا ما الحقوا بها اول هزيمة ساحقة بنجاحهم في استخدام كواسر الروكسي ونسوا”  نت زين”, وامسى ال VPN هو الكاسر المتداول الاهم(( ونحن وما شاء الله شعب تكافلي يتقاسم النبقة فتقاسمنا التقنية وكيفية الكسر….وعلم هذا ذاك وهذه تلك بالاضافة لكيفية التجديد والاستمرار)).

وهكذا, وما بين يوم وليلة عاد الوتساب وسريعا لحق الفيسبوك بالركب واليوتوب والانستغرام فانتقلت اخبار الثورة ومواعيد وتحركات التظاهرات والتعليمات بسلميتها مما زادها انضباطا وقوة كما انتشرت الصور ومنها تلك الصور التي تساوي الواحدة منها الف كلمة.

في سياق مواز انتشرت الفيديوهات عن الثورة وعن مظاهرات الكر والفر نهارا وليلا في مختلف القرى والحضر, وكيف تجابه بالرصاص, ومنها تلك الفيديوهات المحزنة المشرفة  للام التي اجلت البكاء على الشهيد حتى تنجح الثورة, وتلك التي اكدت الهسترية التي اعترتهم لدرجة ضرب طفل اعزل رفعوه  داخل” تاتشر” ونزلوا عليه بعصيهم, ولا حول ولا قوة الا بالله.

وما اجمل الفيديوهات الحماسية التي تدفع للامام كالتي صورت الاعتصام امام رويال كير, كما من الفيديوهات ذاك بالغ الاهمية الذي يسجل تهديد على عثمان للشعب السوداني بملشيات لا تهاب الموت في سبيل النظام, فسارع نشطاء بمدينة لاهاي لتسجيل ما قاله صوت وصورة وقدموه لمحكمة الجنايات الدولية بينة موثقة, وجميعكم يعلم كم يخشى” الجماعة” تلك المحكمة ويخافونها.

وبمناسبة المحكمة لا يفوتني أن اؤكد للسيد الرئيس ولزمرته من المطلوبين ان المحكمة في لاهاي لن ترصصهم برصاصات انشطارية كالتي يقتلون بها الثوار, ولن تعذبهم, كما لن تضربهم بسياط كالتي يجلدون بها الموقوفين وينزلونها حتى على رؤوس الاطفال.

وليطمئن المطالبون فأن اقسى حكم ينتظرهم هو” الحبس” في سجن(( ليس كسجونهم)) وبيوت اشباحهم, سجن يوفر لهم زنزانات بمقاييس قانونية نظيفة وحدثية لها ابواب وحمامات احتراما للخصوصية الانسانية.

وقد لا يصدقون ان من حقهم طلب كتب كما من حقهم فسحة يومية وممارسة ما يختارون من انواع الرياضة بل وطلب طعام يتناسب وما تعودوا عليه اذا اضرهم اكل” الخواجات” ممن يصفونهم بالكفار.

وذلك كله مما تمتع به زميلهم في الجرائم ضد الانسانية الرئيس الليبيري الاسبق تشارلز تيلر الذي ادانته الجنائية وسجن عندها ثم انتقل لاحقا الى سجن في لندن.
وقد يحظون بالنقل الى لندن كذلك, فلماذا لا يتنحون ومن الخرطوم الى لاهاي مباشرة بدلا عن هذا الخراب والقتل والفساد الذي يعيثونه في السودان واهله.

من جانبهم والى ان يكتب لهم النصر, وما النصر ببعيد,  يواصل ثوار ونرجو بكل حيطة وحذر تصوير ونقل الاحداث والمواقف وتوثيقها حتى لا ننسى.

وفي هذا السياق هناك دعوات لتخفيف الضغط  ولتنشيط الانترنت بالتنويع بدلا عن الاعتماد شبه الكلي على الهوت اسبوت شيلد VPN ومن ذلك امكانية الاستعانة باستخدام كواسر اخرى منها على سبيل المثال Psihpon و Tor Project والمعلومات متوفرة بالشبكة العنكبوتية والتنزيل مجاني..

وللحصول على صور ذات جودة أعلى يستحسن الاستعانة بمحرك TruePic الذي يعالج تقنية الالتقاط ويجود الالوان, وله اكثر من اصدار>

كذلك هناك برامج تشرح كيفية الاستعانة ب ال TruePic خطوة خطوة من بينها فيديوهات سهلة على موقع يوتوب. ولهذا المحرك اهمية توثيقة قصوى اذ يضيف للصور تاريخ وتوقيت التقاطها.

رغم المعاناة ورغم خطورة المشاركة في مظاهرات سلمية تقاوم بالرصاص الا ان هذه الثورة فجرت ودون شك حقيقة الطاقات الكامنة لدى شبابنا ممن كان البعض يشكك في جديتهم وفي سودانية من يعيش منهم خارج السودان, اذ اثبتوا عندما ناداهم منادي الثورة حقيقة معادنهم الاصيلة ولم يتخاذلوا بل هبوا كل حسب قدراته وحسب امكاناته, ودعواتنا ان يغطيهم رب العباد ويحفظهم.

هناك من دفع حياته ثمنا للتغيير ومن لا يزال يخرج للتظاهر يوميا كما هناك من يخطط ويبرمج ويوجه ومن يوثق ويغرد دون انقطاع وكأنهم وزارات اعلام متخصصة تربط بين ليس بين سودانيي الداخل فحسب بل و بسوداني الشتات ممن تصلهم اخر الانباء لحظة بلحظة عن الاحداث والتطورات وحقيقة ما يدور وما يوفر ما هو ضروري من معلومات ووثائق لكشف النظام في محافل دولية ومما يشحذ مشاركات السودانيين بالخارج فيدلو بدلوهم في تنظيم مظاهرات ووقفات في مدنهم. ولنرتب يا سوداني المرافئ مرحلة الاضراب عن الطعام امام المنظمات العالمية.

ان هؤلاء الشباب الذين ورغم قسوة الظروف وخطورتها يسابقون للتصوير والتسجيل هم في واقع الامر يسجلون ما لا تسجله وسائل الاعلام الرسمية كما يؤرخون ويوثقون لهذه الثورة ولشجاعة هذا الشعب رجالا ونساءً.

وان عرفت ثورة الخميني بثورة اشرطة الكاسيت فان الثورة السودانية هذه ثورة تقنية رقمية و” تكنوفيليا” بمعنى الكلمة.

ثورة استفادت من فضاءت مفتوحة وتقنية عنكبوتية رغم ما تظنه الحكومة الديكتاتورية من قدرات على التجسس والتحكم والحظر والهيمنة مع جدية المظاهرات انتهى الشغف بالتقاط السلفي وتحولت الصور لنقل وقائع ومواقف عما يحدث في السودان ومدنه كافة كما زاد الشغف بتسجيل فيديوهات التقطت حتى هتاف اهل نيالا” تسقط بس” الذي سمعه الرئيس وطرق اذنيه فلم يعرض ويهز كما هي عادته, وحتى اليوم.

وما اروع الفيديوهات التي تكشف كيف يتابع النشطاء في واشنطن رجل الامن محمد عطا ويعايرونه بجرائمه وجرائم الجهاز.

هذا وتزداد فيديوهات المتظاهرين اهمية لكونها حتى الان الوسيلة الاكثر نقلا للمظاهرات سيما مع غياب وسائل الاعلام المحلية بسبب الرقابة القبلية والاعتقالات والمصادرة كما لم تحظ مظاهرات السودان بعد بالصدارة المرجاة من قبل معظم وسائل الاعلام العالمية المشغولة  بشوؤن أخرى لسوء حظنا تحظى باهمية اكبر عما يحدث عندنا بما في ذلك الاخبار عن تقديم الرئيس ترامب لسندوتشات” بيرقر” لضيوفه بسبب اغلاق الحكومة الامريكية وبالتالي أغلق مطبخ البيت الابيض.

وبينما تزداد مصداقية الصور والفيديوهات تنعدم الثقة في التسجيلات التي تبث صوت دون صورة تؤكد هوية المتحدث خشية ان تكون” بالونات اختبار” يطلقها جهاز الامن لتهبيط همم الثوار او لتمرير رسالة مضللة.

لحظة قبل النشر

دخلت الخرطوم في ساعة مبكرة جدا من صباح اليوم السبت 19 الجاري بصات سفرية ضخمة, وصلت تباعا بص وراء بص, قدرها نشطاء فاجأهم المنظر بحوالي 30 الى 50 بص, مقدرين انها تحمل قوات يبدو انها جلبت من الاقاليم لتشديد الحصار على العاصمة.

يا اهل الاقاليم يا وقود الثورة ومن اشعلها ما بنوصيكم على تشتيت القوى الضاربة الغاشمة بمزيد من المظاهرات كسيل جارف في السودان كافة… وما النصر ببعيد باذن الله.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..