أهم الأخبار والمقالات

لماذا برطم وليس الفاتح عز الدين؟

د. مزمل أبو القاسم

  • عندما طالعت خبراً يفيد إقدام الحزب الحاكم على مقاضاة النائب البرلماني أبو القاسم بُرطم، في محكمة جرائم المعلوماتية، على خلفية اتهامه للحزب بامتلاك مليشيات داخلية، تقتل المظاهرين في الشوارع، تساءلت في سري، لماذا بُرطم وليس الفاتح عز الدين؟

  • أيهما أكثر ولوغاً في إشانة سمعة الحزب الحاكم، وأيهما أوفر استحقاقاً للملاحقة القضائية؟

  • حديث بُرطم عن المليشيات التابعة للحزب الحاكم يمكن اصطحابه في سياق ما أدلى به علي عثمان محمد طه في قناة سودانية 24، عندما تحدث (بصفته الحزبية التي لا يمتلك سواها حالياً) عن استنادهم إلى (كتائب)، تمتلك الاستعداد الكامل (للتضحية بالنفس) إذا لزم الأمر، ومصطلح (كتائب) عسكريٌ في أصله، والحديث عن إخراج القول عن سياقه لا يبرره أبداً.

  • لو كان المعني بتلك الكتائب أنها مدنية مسالمة، لما تطلب منها الأمر التضحية بالنفس، التي عادةً ما تتم في ميادين القتال، إذ لا يوجد ما يستدعي من أي طبيبٍ أو مهندسٍ أو أي مهنيٍ ينتمي إلى الحزب الحاكم أن (يموِّت نفسه) في العمل، لتغطية إضرابٍ، أو سدِّ نقصٍ ينتج عن امتناع المعارضين عن العمل، للضغط على السلطة الحاكمة.

  • حديث بُرطم ليس أسوأ من حديث الفاتح عز الدين، الذي تحدث بصفةٍ حزبية ٍ(لا يمتلك سواها حالياً)، مهدداً بقطع الرؤوس، ومتوعداً المحتجين بالحسم خلال أسبوعٍ واحد، حال إقدامهم على الخروج إلى الشوارع.

  • تصريحات في غاية القبح والتهور، أحرجت الحزب نفسه، وأجبرته على التبرؤ منها وردِّها إلى قائلها، الذي يشغل منصب (رئيس قطاع الفكر والثقافة) في المؤتمر الوطني.

  • أي فكرٍ ذاك الذي يدفع صاحبه إلى توعد مواطنين سودانيين بالقتل والسحل، وأي ثقافةٍ تلك التي تقوم على تهديد الآخرين بفصل الرؤوس عن الأجساد، حال إقدامهم على ممارسة حقهم الدستوري في المطالبة بالحقوق؟

  • لو سارع الحزب إلى محاسبة الفاتح عز الدين، وأقدم على مقاضاته بسبب حديثه القبيح، ولغته الاستعلائية المقيتة، ولهجته النرجسية التي تقطر وعيداً وتهديداً، لتفهمنا سعيه إلى مقاضاة بُرطم، الذي طرح أسئلةً منطقيةً عن هوية من يقتلون الناس في الشوارع، بعد أن عجزت كل أجهزة الدولة عن تحديدهم، وفشلت في توقيفهم وجلبهم إلى سوح العدالة.

  • لا يكفي أن يسارع النائب العام إلى جمع رؤساء النيابات من كل ولايات السودان، كي يثبت بتقاريرهم أن عدد الضحايا (24) وليس (40)، كما يزعم المعارضون، لأن مهمته لا تنحصر في عقد المؤتمرات الصحافية، لدحض الأرقام التي تتردد عن عدد القتلى، بل تمتد إلى فتح التحقيقات، والاجتهاد في ضبط المجرمين الذين قتلوا المحتجين بدمٍ بارد، تكراراً لما حدث في هبَّة سبتمبر 2013، عندما اهتمت أجهزة الدولة بتحجيم العدد عند ثمانين، لم يُضبط أيٌّ من قتلتهم حتى اللحظة.

  • الفاتح عز الدين لا يشغل أي منصب حكومي حالياً، وهو لا يمتلك سلطة إصدار الأوامر لأي قوات نظامية، بإطلاق النار على كائنٍ من كان.

  • الفاتح ليس قاضياً كي يحاكم الناس بالإعدام، ولو كان كذلك لما جاز له أن يعاقبهم بالقصاص من قبل أن يخضعوا إلى محاكماتٍ عادلةٍ، تدينهم وتستفتي أولياء الدم في مصيرهم.

  • كل صفته محصورةٌ في حزبه، وحديثه عن قطع الرؤوس يرتد قطعاً على تنظيمه السياسي، ويحسب عليه، طالما أن الحزب اكتفى منه بموقفٍ سلبيٍ، لم يتعدَ محطة التبرؤ منه، وإعادته إلى قائله، الذي نطق بحديثه القميء في محفلٍ يخص الحزب، شهده معظم قادة الحزب، ولم يُساءل عنه حتى داخل الحزب، ناهيك عن ملاحقته قضائياً مثل برطم، أو ذلك الذي أُجبر على الظهور في التلفاز، للاعتذار عن وعيده الشهير للمحتجين بالسلاح!

  • لماذا تلاحقون برطم وتتركون الفاتح عز الدين؟

  • أيهما أصاب سمعة حزبكم بأضرارٍ لا يمكن جبرها، إلا بالملاحقة القضائية؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ما زال الأخ مزمل يمارس لعبة ( التذاكي) فالنقد هنا موجه بشكل أساسي للفاتح عز الدين، ومعروف أنهم جميعاً قد غسوا إيديهم من الفاتح وتصريحاته، إذاً ليس في انتقاده جديداً.. وما زلت عن رأيي بأن أي زميل مهنة يود أن ينتقد الحكومة نقداً جاداً عليه أولاً وقبل كل شيء أن يسمي ما يجري حالياً بإسمه الحققي فهي ثورة وليست مجرد ( احتجاجات) يا مزمل.. ولو كانت كذلك لتوقفت منذ يومها الثاني بعد اعتراف الحكومة بتقصيرها وبدأها في توفير بعض الاحتياجات…

  2. استاذنا الجليل كمال الهدي.. كل الإحترام لشخصكم النبيل ولقلمك المصادم الشفيف العفيف..لست أكثر معرفة منك أن الصحافة تستخدم الوصف المحايد في هذه الحالات.. الشعب يراها ثورة والحكومة تراها تخريب والصحافة تقول إحتجاجات كوصف محايد.. أعتقد هذا ماعناه مزمل أبوالقاسم، وأنت أدرى بمايدور بخلد وفكر مزمل أكثر منا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..