غياب المشروع الوطني والازمة المستحكمة، التنمية السياسية والثورة (12-9)

مقدمة:

لقد أكملت كتابة هذه الورقة فى اغسطس 2017 ، لكنى لم انشرها كسلسلة مقالات ، بل قدمتها فى سبيل نشر المعرفة والوعى وسط الشباب والمهتمين كمحاضرات بالفيديو عن طريق البث الحى المباشر من خلال وسيلة التواصل الاجتماعى ( الفيسبوك) ، وكنت قد قدمت المحاضرة الاولى يوم 6 سبتمبر 2017 ثم تلتها سلسة الحلقات.

الثورة الروسية 1917 (البلشفية).

الثورة الروسية هو مصطلح يعبر عن سلسلة من الاضطرابات الشعبية حدثت في روسيا عام 1917، والتي كان لها الدور الأبرز في تغيير مجرى التاريخ، وقد قامت بها أساسًا الجماهير الروسية الجائعة؛ منهية بذلك الحكم القيصري، ومقيمة مكانه حكومة مؤقتة، أفضت إلى إنشاء الاتحاد السوفياتي. اندلعت الثورة الأولى في فبراير 1917 (مارس في التقويم الغريغوري)، أما الثورة الثانية التي اندلعت في أكتوبر، أزال إثرها البلاشفة الحكومة المؤقتة واستبدلوها بحكومة اشتراكية، تلا ذلك الفصل الأخير من الثورة وهو الحرب الأهلية الروسية.

اسباب اندلاع الثورة الروسية :

اولا يمكن تحديد الإطار الزمني للثورة الروسية في المرحلة الممتدة بين 1917 و 1919تحولت من خلالها روسيا من حكومة نظام قيصري فيودالي (إقطاعى) ، إلى حكومة مؤقتة (بورجوازية)ثم إلى حكومة بلشفية(بزعامة لينين

ثانيا العوامل التى ادت لاندلاع الثورة الروسية

أ – عوامل عسكرية تتمثل فى (مشاركة روسيا في الحرب العالمية الاولى )

ب – عوامل سياسية عوامل اجتماعية واقتصادية

من نتائج مشاركة روسيا في الحرب العالمية الأولى ، انه تم استنزاف قوى الجيش الروسي في الحرب، وعجزت الحكومة الروسية عن تموينه الامر الذى ادى الى تذمر الجنود وفرار العديد منهم من ساحة المعركة.

من عوامل اشتعال الثورة الروسية نسحاب روسيا من الحرب مما ادى الى إضعاف سلطة الحكم (القيصر نيكولا الثاني)، واستبداد هذا الأخير بالحكم في ظل النظام القيصري بالاضافة الى حله لمجلس الدوما، بالاضافة الى ضعف الادارة البلدية.

ندرة المواد الغذائية ، مثل الخبز ، الحليب و السكر، و ارتفاع الأسعار ،ندرة المحروقات ، انتشار المجاعة، تذمر المجتمع الروسي و انتشار الفوضى و عمليات السرقة والنهب بالمجتمع.

الهرمية (أو الطبقية) التي كان تطبع المجتمع الروسي قبل الثورة حيث تسيطر (تستحوذ) فئة من النبلاء وكبار الملاكين و القيصر واسرته على أجود الأراضي الفلاحية بينما نجد قاعدة هرمية واسعة مكونة من المؤجيك (صغار الفلاحين)، و العمال معرضة للإستغلال و الاضطهاد والمجاعات ، علما ان اغلب سكان روسيا كانوا وقتئذ فلاحين قرويين بنسبة ( 85 % ). ، احتكار وتوارث اسرة القيصر الروسى رومانوف للحكم فى روسيا لمدة 303 عام .

فى هذه الظروف برزت عدة أحزاب معارضة لنظام الحكم. تزايد المعارضة (ضد نظام الحكم القيصري) من طرف الأحزاب والمجتمع ، حيث اندلعت التظاهرات فى مدينة ببتروغراد في يناير1917 بداية الثورة وكانت تلك هى البداية الفعلية للثورة.

نتائج الثورة الروسية :

1 – بعد الثورة، أنهت روسيا الحرب العالمية الأولى من خلال التوقيع على مُعاهدة سلام مع ألمانيا تسمى معاهدة برست ليتوفسك. و تولت الحكومة الجديدة السيطرة على جميع موارد الدولة وانتقل الاقتصاد الروسي من إقتصاد ريفي إلى إقتصاد صناعي

2 – إستولت الدولة أيضاً على الأراضي الزراعية من مُلَّاك الأراضي و قامت بـ توزيعها على الفلاحين

3 – تم أعطاء المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجال و تم حظر تدخل الدين في كثير من جوانب المجتمع

4 ? فى الفترة من عام 1918 حتى 1920، حدثت في روسيا حرب أهلية بين البلاشفة (البلاشفة يُسمّون أيضاً بـ الجيش الأحمر) و معارضيهم و يسمون (الجيش الأبيض).

5 – إنتصر البلاشفة و قاموا بتسمية البلد الجديد بإسم الإتحاد السوفياتي (الجمهورية الاشتراكية السوفيتية المتحدة أو إتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفيتية).

تأثير الثورة الروسية على حركة التحرر الوطني

فتح انتصار الثورة الروسية عام 1917 عهدا جديدا امام حركات التحرر استمر 70 عاما حتى انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1990 . وكانت هذه الثورة الاولى التي تمت بقيادة الفلاحين و التى عمدت لبناء الطبقة العاملة ، والذين سئموا من ويلات الحرب العالمية الاولى التي جلبت انهيار الاقتصاد الروسي وانتشار المجاعة ، مما دفع الشعب للثورة ضد القيصر.

كانت ثورة اكتوبر البلشفية عام 1917 في روسيا أحد أهم أحداث القرن العشرين إن لم تكن أهمها على الإطلاق كما يصفها البعض من حيث الأهمية قبل الحربين العالميتين (بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا معها ) باعتبار أن آثارها وتداعياتها امتدت لتشمل ـ تقريباً ـ كل أنحاء العالم, كما أنها غيرت موازين القوى على الساحة الدولية قرابة نصف قرن من الزمان . ورغم انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي الا ان آثار هذه الثورة مازالت قائمة, ومازالت تشكل تهديدات فعلية وواقعية لخصومها, ومازال الخوف من اسئلة العدالة ، الاستقلال الاقتصادى للدول الفقيرة من نفوذ واستنزاف الراسمالية و الشركات عابرة القارات لاقتصادياتها ، حروب الاستنزاف و الاستغلال التى تتعمد اشعالها الدول الكبرى فى افريقيا و الشرق الاوسط ، الاشتراكية ، العدل الاجتماعى و السلام الدولى ، لاتزال كل هذه الاسئلة قائما تواجه كل انحاء العالم الرأسمالي.

عبدالغفار سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..