أحزابنا دكتاتورية وصناعة أجنبية ومستوردة فكيف لا يكون السودان ضحية الحلقة الأخيرة

الديمقراطية ليست وسيلة للسلطة للطامعين فيها وإنما حكم الشعب لنفسه

سدوا أبواب الثراء من سوق الدولار تعود للجنيه السوداني مكانته

الحلقة الأخيرة الجزء الثاني

خلصت في الجزء الأول من الحلقة الأخيرة والخاصة بالبحث عن مخرج للسودان والذي أسميته بالمخرج في الزمن المستحيل إلى خطوط عامة رئيسية لابد من تناولها بحوار موضوعي متجرد بعيدا عن الانتماءات وذلك لان أزمة الحكم في السودان مكابر من ينفى وجود أزمة كما إنها لا تقف على فترة بعينها وان تفاوتت في المسئولية حيث إن الثابت فيها إنها ظلت تسير من سيء لأسوأ من بداية الحكم الوطني فكل فترة حكم تأتى أسوأ من سابقتها لذلك ظل الشعب كل ما شهد السودان انقلابا عسكريا قوبل بترحاب أو بموقف سلبي وينتهي بانتفاضة الشعب عليه ويهلل لرحيله وستظل أنظمة الحكم الوطني تحت هذا الواقع تسير للأسوأ إذا لم تعالج الأزمة من جذورها وهذا ما تهدف إليه الدعوة لحوار جاد يخرج عن الإطار التقليدي.

ولعل أهم النقاط التي توقفت فيها:

1- أن التكوين الحزبي للمؤسسات السياسية السودانية عاجز عن بناء دولة ديمقراطية مؤسسية لان فاقد الشيء لا يعطيه فأحزابنا أما طائفية أو عقائدية وجميعها أما صناعة أجنبية أو مستوردة نظريا لهذا فإنها ليست قوى سياسية وطنية من رحم الوطن وهمومه لهذا لم يكن غريبا عليها بلا استثناء من ان تقحم المؤسسة العسكرية فى السياسة وتقصيها عن دورها لتصبح ضلعا في الصراع السياسي ذلك لان الصراع بينها ظل وسيبقى من اجل السلطة والديمقراطية لا تقوم أركانها على من هدفه الذاتي السلطة وإنما هي حكم الشعب لنفسه وهذا ما تفتقده البنية السياسية السودانية مدنية أو عسكرية.

2- كيف للسودان المخرج من هذا المأزق وما هي القوى التي تملك ذلك

3- كيف يمكن للسودان أن يؤسس حكماً ديمقراطياً مؤسسيا يضع حدا لهذا الخلل.

كما إنني حددت قضايا هامة وعاجلة لابد من إعادة النظر فيها إذا كان الوطن والمواطن هما الهدف وليس أي شيء غيرهما ووعدت أن أعود لهذه القضايا العاجلة بتفصيل دقيق في الحلقات التالية.

وليعذرني القارئ إذا لم التزم بتناولها حسبما وردت في الترتيب وإنما أتناولها حسب الأهمية

ولعلها صدفة غريبة أن تكون أول هذه القضايا وأكثرها أهمية في تقديري الخاص والتي أوليها الأسبقية وهى مطالبتي بان تكون على رأس المهام العاجلة رد الاعتبار للجنيه السوداني وكان هذا من أكثر الموضوعات التي تعرضت لها في الحلقات السابقة لعلها صدفة أن يستوقفني خبر في هذه الصحيفة ربما لم يجد حجمه من الأهمية فلقد نشرت الصحيفة خبراً إن بنك السودان يبحث في الحد من استيراد الكماليات وهو ما يصب في القضية لأنها خطوة وان جاءت فطيرة إلا إن المعنى بها الحد من ارتفاع الدولار مما يصب لصالح الجنيه السوداني.

ولكن قضية رد الاعتبار للجنيه السوداني لن تعالج من بنك السودان بالنظرة الضيقة وبمثل هذه القرارات الجزئية الفطيرة وإنما يتطلب الأمر وقفة صادقة وجادة مع هذه القضية لوضع الحلول الجذرية وليس الشكلية للحد من تغول الدولار على الجنيه السوداني بسبب سياسات صنعناها بأيدينا.

ومن الأهمية هنا أن أوضح إن أولوية قضية الجنيه السوداني الأكثر أهمية على الصعيد الاقتصادي إنما ترجع إلى إن كل ما لحق بالمواطن السوداني وتعانى أغلبية الشعب العظمى من الدمار الذي أصاب حياته وافتقاده لأهم ضرورات الحياة من كأقة نواحيها التي حرص الانجليز عليها وسببه ما لحق بالجنيه السوداني من دمار منذ أن عرفنا الحكم الوطني حتى هبطت قيمته التي كانت تساوى ثلاثة دولار لان يساوى الدولار سبعة ألف جنيه قديم ?هذا إذا لم يتدنى أكثر-

وبدءا هنا وقبل أن نغوص في عمق الموضوع وما يتطلبه الموقف من حلول لابد من الإشارة لأمر أراه شخصيا بالغ الخطورة فالمتتبع لحركة الدولار لابد أن تستوقفه ظاهرة ظلت تفاقم من خطورة موقف الجنيه حيث أصبح الاتجار بالدولار هو الذي يحرك السياسة الاقتصادية بعد أن أصبح معبرا لثراء فاحش لكبار تجار العملة وأكثريتهم من القابضين على مراكز القرار وبينهم من يملك النفوذ غير المباشر على مراكز القرار لهذا فلقد أصبح واضحا إن هذه الطبقة من تجار العملة تجلت إرباحهم الباهظة في الاتجار بالدولار من التقلبات الكبيرة التي يخططون لها بخبرة تحكم السوق فى كل مناحيه حيث ظللنا نشهد في السنوات الأخيرة كيف تتناقض القرارات حول الدولار حتى فقد سوق العملة استقراره وإنما بسبب سياسات تتفاوت في رفع قيمته ثم تهبط بها لتعود وترفعه مما يمكن أثرياء الدولار من دخول السوق والتكويش على كل ما هو متاح منه ثم بيعه عندما يرفع سعره دون أن تكون هناك مبررات علمية لانخفاضه أو ارتفاعه غير إن تعدد القرارات وتناقضاتها هي التي تفعل ذلك لتضاعف من أرباح أثرياء الدولار والدولة مغيبة يدفعونها لتصدر قرارات متناقضة يكون مردودها ارتفاعا كبيرا في قيمته ليستفيد من استحوذوا عليه لحظة انخفاض قيمته ليجنوا المليارات من ارتفاعه وثم يعودوا لشرائه عندما تصدر قرارات تؤدى لانخفاض قيمته لهذا فإنما يشهده الدولار من تقلبات لم يعد طبيعيا ولابد من وضع حدج لهذه الظاهرة والاستغلال البشع للقرارات المتناقضة التي ترفع وتخفض قيمته دون دراسة لأنها تصب لمصلحة أثرياء الدولار دون مراعاة لحقوق المواطن المشروعة .

الأمر الثاني فالمواطن الزى تطحنه المعاناة لا يفهم إن ما لحق بالجنيه السوداني هو سبب معاناته وضيق حياته ولتقريب الأمر لفهم المواطن البسيط فأغلبية احتياجات المواطن تستورد بالدولار بل حتى التي تصنع محليا أو تزرع يدخل فيها الدولار سواء في زراعتها أو تصنيعها ولكي تتضح الصورة فان السلعة التي يحتاجها المواطن من الضروريات ولتكن السكر على سبيل المثال فان كان كيلو السكر يكلف دولارا زمن الانجليز فانه يقع على المواطن بأربعين قرش يعنى الجنيه السوداني يوفر له اثنين كيلو ونص ونفس كيلوا السكر إن كلف نفس الدولار اليوم فانه يقع على المواطن بسبعة ألف جنيه سوداني قديم (سعر الدولار اليوم) يعنى ارتفع سعره على المواطن عشرين ألف ضعفا فهل ارتفع دخل المواطن بهذه النسبة حتى لا يهتز موقفه وتضعف قدرته على شرائه ومن هنا كانت المعاناة التي أصابت المواطن السوداني بسبب تدنى قيمة الجنيه السوداني في مواجهة الدولار وهى القيمة التي حرص عليها الانجليز بما وضعوه من أسس تحكم هذه العلاقة وهذا هو النتاج الطبيعي لما لحق بالجنيه السوداني في عهد الحكم الوطني عندما أطاح هذا الحكم بالنظام الذي أسس له الانجليز لضمان حقوق المواطن الضرورية.

إذن إذا كنا حريصين على المواطن ونرغب في رفع المعاناة عن كاهله واسترداده حقوقه الضرورية التي افقدها له الحكم الوطني اذا لم نكن منحازين لأصحاب المصالح الخاصة الذين اثروا من هذه السياسات التي مكنوا بها الدولار ليحكم على الجنيه السوداني بالإعدام فانه يتعين علينا إذن إن كنا حقا منحازين للمواطن أن نبحث كيفية إعادة الاعتبار للجنيه السوداني وقيمته وهنا يبرز السؤال الهام.

هل من الممكن أن نعيد الاعتبار للجنيه السوداني وكيف ذلك؟

وللإجابة على هذا السؤال هناك أسئلة فرعية لابد من الاهتمام بها:

كيف نجح الانجليز فئ الحفاظ على قيمة الجنيه السوداني في مواجهة الدولار ؟

هل من الممكن أن نعيد الحال لما كان عليه وبنسبة معقولة على الأقل إذا تعذر ذلك؟

المسالة قد تبدو معقدة وصعبة ولكن بالنظر إليها بتجرد وبدون اعتبار لما سيلحق بالطبقات المميزة أو التي ميزتها السلطة عبر مسيرة الحكم الوطني من فقدان للامتيازات التي تحققت لهم على حساب إفقار المواطن فان الحل لن يكون صعبا وإنما يحتاج لقوة الإرادة وللسلطة المنحازة للمواطن دون فرز.

فمن ابسط المبادئ والقواعد الاقتصادية إن قيمة السلعة يحددها العرض والطلب أي المتاح من السلعة وحجم الطلب عليها لهذا فان الذي يحدد قيمة الجنيه السوداني في مواجهة الدولار هو المتوفر من الدولار مقارنة بالمطلوب منه لسد الاحتياجات التي تتكلف الدولار ويبقى الجنيه السوداني هنا رهن هذه العلاقة حيث إن الطلب للدولار هو الذي يحدد قيمة الجنيه السوداني وطالما إن السياسة التي انتهجها السودان للاستيراد من الخارج ضاعفت من الطلب عليه آلاف المرات كان لابد أن يقابل هذا انخفاض بنفس النسبة في قيمة الجنيه السوداني.

لهذا فلقد أسست الحكومة الانجليزية نظاما اقتصاديا يوازى بين الطلب على الدولار بما يحفظ للجنيه السوداني قيمته وفق قدرات الدولة في توفير العملة الصعبة وذلك بالتحكم في الطلب على الدولار على أن يتركز استغلال الدولار حسب احتياجات المواطن حتى لا يترك الباب مفتوحا بحيث يخل بالتوازن بين الطلب للدولار وقيمة الجنيه السوداني وكانت أهم مقومات النظام:

1- أولاً أن يكون الدولار المتوفر عبر المصادر الشرعية تحت أمرة بنك السودان بحيث يحظر التعامل في الدولار إلا عبر بنك السودان حتى بالنسبة للمسافرين للعلاج أو للترفيه. وهكذا كان الدولار المتوفر في البنوك عبر أي مصدر لا يتم التصرف فيه إلا بتصديق من بنك السودان ولهذا أصدرت الدولة ما سمى بقانون رقابة النقد الذي يحكم قبضة بنك السودان على الدولار وأي تعامل خارج نطاق هذه الرقابة على الدولار يعتبر جريمة لهذا فان سلطات الجمارك تتولى مسئولية الرقابة القانونية على القادمين أو المغادرين للسودان عبر المطارات والموانئ بحيث يتم الإعلان عن الدولار الوارد او الخارج بموجب إقرار رسمي للتأكد من التزام القانون في التعامل مع الدولار.

2- ولإدراك الحكومة الانجليزية إن المتوفر أو العرض من الدولار بيد البنك وفق قانون الرقابة فلقد حددت الدولة سياسة الأولويات في الاستيراد حسب الحوجة الضرورية من السلع أو الخدمات التي يحتاجها المواطن كأولوية قصوى وتشمل السلع الضرورية مثل الدقيق والسكر والأدوية وغيرها من الضرورات بجانب احتياجات المصانع من آليات ومواد خام لتشجيع الصناعة المحلية للحد من الاستيراد من الخارج كما أولت السيولة النقدية اعتبار خاصا لمدخلات الزراعة باعتبارها أهم مصادر الدولار وسد احتياجات المواطن التي يتحتم وضعها في الأولويات

. ولإحكام قبضة الدولة على إنجاح هذه السياسة أنشأت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتموين وأوكلت لها مهمة إصدار التراخيص لاستيراد أي سلعة من الخارج وفق الأولويات وحظرت أي استيراد مهما كان مصدره ما لم تصدر به رخصة استيراد بختم الوزارة .

3- ولتأكيد التحكم في الدولار أحكمت الدولة العلاقة بين بنك السودان المسئول عن الدولار وبين وزارة التجارة بحيث إن أي ترخيص باستيراد أي سعة تصدره وزارة التجارة لا يعتبر نافذا إلا بخاتم بنك السودان الذي يعنى رصد القيمة الدولارية الموازية للرخصة وبهذا يتحقق للدولة التحكم فئ الدولار.وان أي بضاعة لا يتوفر لها الدولار لدى بنك السودان فإنها لن تجد طريقها للسودان

4- ولإنجاح هذا التنسيق بين بنك السودان ووزارة التجارة فلقد حظر القانون الاستيراد بدون قيمة حيث انه لا يسمح باستيراد أي سلعة إلا غبر الترخيص الصادر من الوزارة والمعتمد من بنك السودان حتى إن مسئولية الجمارك كجهة رقيبة على سياسات الدولة الاقتصادية فإنها تصادر أي حقائب يشتبه فيها إنها تشمل بضائع بكميات تتعدى الحاجة الشخصية ولا يجوز لها أن تتقاضى جمارك عليها لتسمح لها بدخول البلد كما يحدث اليوم بل تتم مصادرتها وكان الهدف من هذا واضحا لان السماح بدخول السلع بغرض البيع بدون إذن استيراد و بعيدا عن رقابة الوزارة وبنك السودان فإنها تؤدى لوجود طلب للدولار خارج الوعاء الرسمي للبنك مما يعنى وجود سوق اسود للدولار يخل بسياسة التوازن .بل ولإحكام الرقابة على أي بضائع تتسرب للسوق تحت هذه الطريقة فان جهاز الرقابة بوزارة التجارة يلزم أي محل تجارى يعرض أي سلعة للبيع أن يبرز مستندات حصوله على البضاعة عبر الوسائط الشرعية وإلا خضع للمساءلة والمحاكمة ومصادرة البضاعة كما إن التاجر يخضع لرقابة قسم الأسعار للالتزام بسعر السلعة حسب النسبة المقررة بالقانون وعلى التاجر أن يقدم المستندات التي تثبت قانونية سعره متى طلب منه ذلك لهذا فان حركة أي بضاعة تتم وفق المستندات القانونية

لما أحكمته هذه السياسة من ضوابط في استخدام الدولار لتغطية الأولويات الضرورية للمواطن والتي كانت محصلتها استقرار قيمة الجنيه السوداني في مواجهة الدولار بل وات تكون قيمة الدولار بين 35 وأربعين قرشا (يعنى اقل من جنيه قديم سبحان الله).

تحت هذه السياسة أمكن للدولة أن تؤمن للمواطن التعليم والعلاج المجاني وتوفر أهم احتياجاته الضرورية من خدمات وسلع ضرورية وان تحقق المساواة بين المواطنين على أعلى قدر من الإمكانات المحدودة وان تحول دون أي فوارق طبقية لقلة مميزة عن سائر المواطنين تحقيقا للعدالة بين المواطنين

بالرغم من إن مظاهر الدولة تخلو من الواقع الترفي والبهرجى الذي تشهده العاصمة اليوم لهذا فان النظام كان أكثر توفيرا للعدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد.

لهذا لم يكن هناك طلبا للدولار فيما سمى بالسوق الأسود طالما إن صاحبه لا يملك أن يدخل به أي سلعة للسودان ويبقى الطلب على الدولار خارج الشرعية محدود على نطاق ضيق لا يؤثر على قيمة الجنيه السوداني. ويعرض من يثبت تورطه في أي عملية خارج الوعاء القانوني للمحاكمة بل ذهب الأمر بان يحاكم مواطنين بالإعدام بسبب هذا الحظر

هكذا كان النظام الاقتصادي الذي أورثه الاستعمار للحكم الوطني قبل أن يقضى عليه الحكم الوطني.

بالرغم من إن إخفاقات كثيرة سيأتي ذكرها في حلقات قادمة كان لها الأثر السالب على هذه السياسة في عهد الحكم الوطني ألا انه لابد من وقفة خاصة مع اخطر خطوتين أقدم عليها الحكم الوطني وتسببتا في الدمار الشامل للاقتصاد السوداني بالرغم من المظاهر الخادعة التي تقول غير ذلك وكانت محصلتهما الواقع المأساوي ى للمواطن السوداني اليوم:

أولاها تحت طل النظام المايوى كانت ضربة البداية التي أطاحت بالنظام الاقتصادي المميز الذي أسسه الانجليز وهى الخطوة التي أقدم عليها القانوني الضليع الأستاذ بدرالدين سليمان وزير المالية في العهد المايوى عندما الغي قانون رقابة النقد الأجنبي صمام الأمان لقيمة الجنيه السودان والذي رفع سلطة بنك السودان الرقابية على النقد الأجنبي ى والدولار تحديدا ليبدأ سوق العملة خارج القنوات الرسمية ولتنفتح الأبواب لما عرفت بتجارة الشنطة والتي لم تكن إلا تقنينا للتهريب وبطرق شرعية حيث ان سلطات الجمارك لم تعد ترفض دخول سلع خارج السياسة الاستيرادية وإنما أصبح الهم فقط تحصيل الرسوم الجمركية على سلع تدخل خارج إطار رقابة وزارة التجارة.

كما إنها أفقدت التنسيق بين الاستيراد ومصادر النقد الأجنبي أي توافق مما اخل بالتوازن لحساب الدولار

وثانيها ولعلها قاصمة الظهر وتتمثل في القرار الذي صدر في عهد السيد عبدالرحيم حمدى بما اسماه تحرير الاقتصاد وحرية التجارة حيث أصبح السودان سوقا مفتوحة للاستيراد لكل أنماط السلع الكمالية الصالح والطالح منها الأمر الذي فتح الأبواب على مصراعيها لمضاعفة الطلب على الدولار بصورة فاقت أضعاف أضعاف المصادر المتاحة للدولة من للدولار الأمر الذي اضعف قيمة الجنيه السوداني حتى بلغ قيمة الدولار سبعة ألف جنيه ولقد شهدنا كيف كان التاجر يحمل جوالا من الجنيه السوداني ليعود بحزمة أوراق من الدولار في جيبه لتنعكس هذه القيمة على هذه الحالة المأساوية التي يعيشها المواطن اليوم وان ألبست هذه السياسة مظهرا خادعا يعكس تميز القلة التي أثرت ثراءً فاحشاً بسبب هذه السياسة خاصة من الاتجار في سوق الدولار. واخطر من هذا كله إن السودان ولتغطية هذا العجز في الدولار إن وقع تحت قبضة القروض الأجنبية التي أصبحت نفسها عبئا ماليا فوق طاقته وواحدة من مصادر الضغط عليه لتجزئته وتقسيمه تحقيقا لمؤامرات المتربصين به

هنا نواجه السؤال/

هل من الممكن أن يسترد الجنيه السوداني مكانته حتى برفع العبء عن المواطن

وما هو ما يمكن عمله لاسترداد قيمة الجنيه السوداني ليس كهدف لذاته شكلا ولكن لما يترتب على ذلك من انخفاض فئ الأسعار لصالح المواطن لارتفاع قيمة الجنيه المحلى لتغطية احتياجاته الضرورية حتى لا يواصل دفع الثمن غاليا مقابل ما حققته القلة المميزة لنفسها من حياة مترفة بسبب سوق الدولار السود؟

نعم يمكن آن تعود الأمور لما كانت عليه وذلك ب:

1- إعادة قانون رقابة النقد لتعود لبنك السودان سلطته في إحكام قبضته على مصادر العملة وأوجه صرفها على ألا تكون هناك أي حركة له بعيدا عن البنك

2- إعادة سلطات وزارة التجارة والتموين وحظر استيراد أي بضاعة دون الحصول على ترخيص من الوزارة على أن تخضع الرخصة لختم واعتماد بنك السودان لضمان توفر العملة وعدم فتح الباب للاستيراد إذا لم تكن العملة متوفرة

3- التأكيد على سلطات الجمارك بعدم السماح لدخول أي بضاعة على أي مستوى كان دون الحصول على رخصة الاستيراد مع تشديد الرقابة على السفريات العادية والحقائب الشخصية

4- إلغاء الصرافات طالما انه لن يسمح بأي تداول للعملة الأجنبية إلا بتصديق بنك السودان

5- حظر الاستيراد بدون قيمة تحت أي مبرر كان حتى لا يكون هناك طلب على الدولار خارج الوعاء الرسمي ببنك السودان

6- وضع تصنيف للسلع التي يتم استيرادها حسب الآليات التي يراعى فيها:

أ-احتياجات المواطن الضرورية من سلع استهلاكية ضرورية او التى ترتبط بالخدمات الأساسية

ب – احتياجات المستشفيات والأدوية وكل ما يرتبط بتوفير العلاج والصحة

ج – السلع الإنتاجية التي تصب في مضاعفة مصادر العملة الأجنبية من آليات ومواد خام

د- مدخلات الزراعة من آليات وكل ما يلزم لإنجاح الزراعة لتوفير الاحتياجات المحلية وتشجيع الصادر

ه – حظر استيراد السلع الكمالية وتوفير الحماية الكاملة للسلع المنتجة والمصنعة محليا مع أحكام الرقابة عليها

و- تحفيز تحويلات المغتربين لدعم مصادر الدولار

ع- الحد من سفريات المسئولين للخارج إلا عند الضرورة القصوى وعدم الإسراف في النثرييات الدولارية بوضع حد أقصى لكافة مسؤوولى الدولة

ن- وضع الضوابط لتحويلات المسافرين للخارج للعلاج أو السياحة

س – إلغاء أي صادرات سودانية بغير الاعتماد وضد المستندات لضمان العائد من الصادرات

ر- وقف استيراد أي سلع بسداد اجل للقيمة وحتى لا تستغل غطاء للاستيراد بدون قيمة حتى لا تمثل طلبا للدولار خارج الرقابة النقدية أي إن تعامل معاملة الاستيراد بدون قيمة المحظور فلا يسمح بها

ف – حظر الاستثمار في التعليم لأنه حق للمواطن على الدولة إلا لمن يساهم به كعمل خيري بنفس شروط مدارس الدولة

ش – حظر الاستثمار في العلاج والمستشفيات الخاصة الأمن يساهم به كعمل خيري ليس بغرض الربح

و – إلغاء المادة 179واعتبار قضايا الشيكات قضايا مدنية لوقف استغلال المرابين للمادة والمواطن وكذلك وضع الضوابط التي تحكم المادة 162 حتى لا تكون تصفية الشركات سلوكا متعمدا للتهرب من الالتزامات المالية

بتفعيل هذه الاحتياطات وبالرغم من إنها لن تعيد الحال لما كان عليه إلا إنها سترد للجنيه اعتباره واستقرار قيمته في وجه الدولار الأمر الذي سيكون له مردوده لصالح المواطن وان كان هذا لو تحقق سيحد من سطوة الذين اتخذوا فوضى الدولار طريقا للثراء الفاحش على حساب المواطن والحلقة القادمة الجزء الثالث لنرى كيف إن أحزابنا دكتاتورية وصناعة أجنبية فكيف لا يكون السودان ضحية أما الديمقراطية فإنها ليست وسيلة للسلطة للطامعين فيها وإنما حكم الشعب لنفسه وكيف نبنى دولة مؤسسات ديمقراطية

تعليق واحد

  1. مشكلة السودان الكبري أن معظم أهلنا الطيبين وشبابه المغيب ثقافياً وسياسياً متمسكين بأن هذه الطوائف الدينية التي كونها وقواها الأستعمار أحزاب ديمقراطية وقومية ؟؟؟ في ذبح صريح لكلمة حزب ومعناها الصحيح والمعروف لدي المستنيرين ؟؟؟ وقد يكون ذلك لأن ما ترسب في العقول منذ الصغر قد يصعب إزالته في الكبر ؟؟؟ كيف يمكن أن يكون حزب ملكاً لعائلة بعينها وحكراً لها وكل مناصبها الرفيعة من نفس أعضاء العائلة ؟؟؟ يقال أن طائفة الأنصار هي التنظيم الوحيد في العالم الذي لا يتكبد تكلفة مواصلات عندما يجتمع المجلس الرئاسي للطائفة لأنه مكون من نفس العائلة ويسكنون في نفس البيت ؟؟؟ وكيف يكون كبير العائلة بالوراثة وهو الآمر الناهي في التنظيم ولا يمكن نقده أو تصحيحه أو إقالته مهما بدر منه ؟؟؟ وكيف يكون رئيس هذه الطائفة الآمر الناهي وبالإشارة وعلي اتباعه الإنحناء وتقبيل الأيادي والطاعة العمياء علي نهج زعماء المافيا ( دون كارليوني )؟؟؟ هل يمكن لأرجل راجل في طائفة الأنصار أن ينتقد أو يصحح سيده الصادق المهدي ؟؟؟ هل يمكن لأرجل راجل في طائفة الختمية أن ينتقد أو يصحح سيده الميرغني ؟؟؟ أين ديمقراطية هذه الأحزاب ؟؟؟ أين برامجها الوطنية المتطورة ؟؟؟ أين تاريخها الوطني وإنجازاتها علي مدي التاريخ ؟؟؟ أن تاريخها المظلم لا يخرج عن تربعهم وتشبسهم بالسلطة لحماية إمبراطوريتهم وزيادة وتوسع أملاكهم ومكاسبهم الشخصية ؟؟؟ هل لهذه الطوائف الدينية مصلحة في تطوير السودان ورفاهية وتعليم شعبه أم مصلحتها تكمن في بقائه جاهلاً زليلاً يركع ويبوس الأيدي ويخدمهم بدون أجور في شكل من أشكال العبودية في القرن ال21 وكذلك يطيع أومراهم فقط بالإشارة ليغدقوا عليهم بأموال الندور والمحاصيل وهلم جررر؟؟؟ فيا أهلنا الطيبين أفيقوا الي الحقيقة الدامغة وسموا الأشياء بمسمياتها الصحيحة ؟؟؟ الحزب تننظيم ديمقراطي وطني له برنامج وطني متقدم لتطوير الوطن وله قادة مشهود لهم نصبوا بالأنتخابات الشفافة ونزيهة وأنتخبوا نتيجةً لمواقفهم الوطنية وحسن سيرتهم ولمدة محددة ويمكن أن ينتقدوا ويصححوا ويقالوا ؟؟؟ الحزب يرنامج وطني متطور ينضم اليه أعضائه بعد الإقتناع بهذا البرنامج وليس بالخداع الديني وشبر في الجنة وفاتحة من أبو هاشم ؟؟؟ فإن لم يحاول أهلنا الطيبين أن يمحوا من ذاكرتهم ما شبوا عليه في الصغر ويفكروا بعقلية العصر عصر الفضاء والإنترنت الخ فسيكون الحال علي ما هو عليه ونهتف مع كهنتنا ونسبح بحمدهم ونركع ونبوس أياديهم ويتوارثونا الي يوم يبعثون ؟؟؟
    أما بقية التجمعات والشلل المتقوقعة بالخرطوم بأسماء وأعداد لا تحصي ولا تعد فهي ضعيفة العددية والتأثير ولا يمكن أن يكون لها حضور ؟؟؟ وإنما هي تساهم في تشتت الجماهير وبالتالي ضمان وصول الطوائف الدينية المتاجرة بالدين للسلطة أو بقاء الكيزان الفاسدين في السلطة لمدة أطول ؟؟؟ هنالك حوالي 86 شلة تسمي نفسها حزب مسجلة وأكثر منها عدداً غير مسجل فإذا قدرنا عددها ب 200 شلة وطائفة وأولاد فريق وأولاد دفعة والدارسين في سوريا ( حزب البعث العربي الأسدي ) وكذلك الدارسين في العراق (حزب البعث العربي الصدامي ) والدارسين بمصر(الناصريين ) وغيرهم من أحزاب الوجهاء ذوي الصوالين الفاخرةوهلم جرر ؟؟ وإذا قدرنا تعداد سكان السودان بعد إنفصال الجنوب ب 25 مليون وخصمنا منهم عدد القصر وغيرهم وتبقي لنا علي أكثر تقدير 15 مليون يحق لهم الترشيح فهذا يعني أن لكل عدد 75 الف سوداني حزب خاص؟؟؟ والتجربة العملية تقول إن إنتخابات الجهلة تأتي بجهلة ؟؟؟ وهنالك طرق كثيرة للتزييف والتلاعب وعلي سبيل المثال عندما يترشح الترابي في الجنوب حيث لا يعرفه أحداً منهم بأنه رجل أو إمراة اليس هذا نوع من التزييف الفج والصريح ؟؟؟ أميركا بجلالة قدرها لها حزبان وإنجلترا لها ثلاثة والصين حزب واحد ؟؟؟ فلنعمل معاً لتكوين حزب جماهيري وطني أو ننضم لجبهة الثوار وندعمهم لكنس الكيزان تجار الدين الجدد اللصوص القتلة مغتصبي الرجال والنساء والأطفال وحلفائهم تجار الدين العواجيز القدامي الكهنوتية أسياد الطوائف الدينية قاتلهم الله في أقرب وقت ممكن والثورة في الطريق إن شاء الله ؟؟؟
    فأرجو من الذي يعترض علي هذا الرأي أن يصححني بالمنطق السليم ؟؟؟ والثورة في الطريق ؟؟؟

  2. هذا المقال ، نادر في نوعه ، فالجميع يكاد يتكلم فقط عن الحل السياسي لأزمة البلد ، في تجاهل تام ، لتفاصيل البرنامج الاقتصادي ، الذي عن طريقه يمكن للبرامج السياسية ان تجد طريقها الى التحقق عمليا في حياة الشعب .. فإنهيار المحاولة الديمقراطية الثالثة 85الى 89م لم يكن بسبب نقص الحرية وانما بسبب العجز عن الانجاز الاقتصادي .. والآن اذا حدثت ثورة شعبية والقوى السياسية على حالها الراهن في الحديث العام عن الاقتصاد ـ وهو حديث يمكن حتى للمؤتمر الوطني ان يوقع عليه !!! ـ فإن العجز عن الانجاز الاقتصادي ، سيؤدي الى مزيد من التأزم السياسي ، الى درجة الفوضى والانهيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..