ترامب (المبْروُك)..!

السيد ترامب هو سيد هذه اللحظة العالمية..هو بلا شك إشارة قوية إلى التغيرات التي تجتاح العالم.. سيتجاوز العالم صدمة فوزه بالرئاسة الأمريكية ويتعامل معه راضياً بقضاء الله وقدره. لم تكن منافسته هيلاري كلينتون سهلة.. فهي أول امرأة تترشح للرئاسة، وهي سياسية قديرة ذات تجربة طويلة، وقد شغلت منصب وزيرة الخارجية، لكن الناخب الأمريكي كان له رأي آخر.
كانت كلينتون نموذجاً محافظاً من السياسيين رغم أنها ديمقراطية، بجانب أنها أيدت الحرب على العراق.. حرب العراق حفرت عميقاً في الوجدان الأمريكي، لهذا وذاك، صوَّت الأميركيين لصالح ترامب، الذي- من يدري- ربما يشعلها حرباً أخرى في المنطقة، ضد التعصب والتطرف.. إن فعل ذلك، وهو الاحتمال الرّاجح، فعلى مقاطعات النفط الخليجية أن تستعد لأيام كالِحات.
ترامب، الذي يحمل اسمه مدلول (المبروك) في اللغة العربية، يعبِّر حالة الموار التي تكتنف المجتمعات البشرية، فالمجتمع الأمريكي مجتمع مختلط، تمّكن قراءة أحواله من التعرف على ملامح التغير التي تعصف بما كنا نسميه المسلّمات.. هي صدمة، لكنه فوز مُستحق بعد ازدياد عدد الناخبين الجمهوريين في الولايات المتأرجِحة في تأييدها للمرشحيْن.. الرجال البيض في أميركا ما كان من الممكن، أن يسمحوا بضياع الرئاسة منهم لثمانية أعوام أخرى، بعد تلك التي أمضاها أوباما في البيت الأبيض.
الغرب حاله من حالنا، فبينما تتصاعد موجات المتنطعين المهووسين عندنا في المشرق، تتصاعد في الغرب موجة تطرف اليمين المسيحي، إثر استشعار البيض للخطر المتمدد نحو حيازاتهم.. البيض ليسوا وحدهم في هذا الإحساس، فالعالم يغلي الآن تحت غلواء التعصُّب.. العالم ينحدر بدرجة مؤسفة نحو نعرة العرق، بعد انتكاسة الأفكار العظيمة التي اعتنقتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية.
سينظر ترامب للشرق الأوسط، وإلينا نحن في السودان، نظرة تختلف تماماً عن نظرة أوباما الحذِرة المتردِدة.. سياسة أوباما أطلقت الفوضى في المنطقة، بينما ستعبُر سياسة ترامب إلى شاطئ ما بعد الفوضى، ترامب أيها السّادة، هو تجلي ما بعد الفوضى.. لم تعد الكرة الأرضية على حالها القديم، بعد ظهور المفخخين، حَمَلة الأحزمة الناسفة، الذين يفجرون أنفسهم بين الجموع، انتقاماً من عدو لا يرجون إليه سبيلا.. لم تعد عواصم بلدان العالم الأول قلاعاً للحرية وحقوق الإنسان، بعد أن شاركت وباركت السطو على المفاهيم الإنسانية، التي تدعي تقديمها للناس.
لقد رأينا عواصم أوربا تسلب القذافي أمواله وتقتله، حتى تختفي معالم الجريمة.. لقد أضحى البحر المتوسط مقبرة للباحثين عن فرص الحياة، بينما كان في الماضي مقبرة للسأم.. العالم يتغيّر بسرعة جنونية، وإشارة ذلك خرجت من بريطانيا التي فارقت الاتحاد الاوربي.. تغيّرت كذلك هيأة سلطان الزمان في كل مكان، عندما أفرزت صناديق الاقتراع حكّاماً موتورين، فوضويين، ومغمورين أو شذاذ آفاق.. إذا كانت (الديمقراطية) تأتي بحكّام على شاكلة دكتاتوريي العالم الثالث، فلا خيار إذن، بين محمد مرسي في مصر وأحمدي نجاد وخلفه في إيران، مقارنة ببزبرلسكوني في ايطاليا، وطاقم الوزارة الذي يحكم الآن في بريطانيا.
بعض مشاهير أمريكا، قالوا إنهم سيغادرون البلاد إذا فاز ترامب بالرئاسة، بينما يتوجس أبناء العالم الثالث الذين يعيشون هناك، بينما تتضاءل أحلام الكثيرين في الوصول الى الشواطئ الأمريكية، خلال هذه الدورة الرئاسية، دورة ترامب.. لكن من يدري، ربما كل هذا يصب في مصلحتنا.. ترامب لن يفعل أسوأ ممّا فعل أوباما الذي انفصل جنوب السودان في عهده.. من يدري، قد يكون ترامب نصيراً لقوى المحبة والسلام، ويساهم بوعي، في اقتلاع بؤر الهوس المتجذرة في مجتمعات الشرق!

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم الكثيرون تحدثوا عن القادم الي البيت الابيض السيد ترامب الموضوع يخص الناخب الامريكي وليس الاخرين عليكم بالطغاة العندكم ةاتركوا الاخرين في خيارهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..