مقالات سياسية

التمكين وكيفية تفكيكه (٢-٣)

دكتور يوسف السندي

معركة تفكيك التمكين و استعادة قومية الدولة السودانية ستكون معركة معقدة و طويلة الأمد ، و لكنها معركة وجودية للوطن .

تفكيك التمكين لا يعني الانتقام من الكيزان و إنما يعني إنصاف المظلومين و عقاب الظالمين .

عبر تاريخ البشرية فان قضية الإنصاف بردع الظالمين و انصاف المظلومين ظلت هي اشرف قضايا الحياة ، فالله تعالى لم يرسل رسله الا لكي ينصفه البشر بانه الخالق و انه الله الواحد لا إله غيره ، و الرسل الكرام أنفسهم حينما جاءوا بالرسالات جاءوا للوقوف امام الظالمين و انصاف المظلومين .

لذلك عملية تفكيك التمكين هي في المقام الأول عملية أخلاقية و قيمية تختص بإنصاف المظلومين و محاسبة الظالمين ، و ليست عملية انتقام .

يمكن تقسيم عملية تفكيك التمكين إلى شقين :
الشق الأول انصاف المظلومين
الشق الثاني عقاب الظالمين

لنناقش كل شق على حده

الشق الاول : انصاف المتضررين من التمكين :
ضرر التمكين نوعين :
ضرر عام لحق بجميع الشعب
ضرر خاص لحق بأشخاص بعينهم

الضرر العام :
الشعب السوداني جميعه تضرر من تمكين الكيزان، فلقد أدى التمكين إلى فصل الكفاءات و إلى هجرتها خارج البلاد، و إحلالهم بانصاف الكفاءات و اصحاب الولاء السياسي غير المؤهلين و هذا قاد في النهاية إلى انهيار الخدمة المدنية و إلى الفساد و المحسوبية مما قاد البلاد جميعها الى الدرك السحيق الذي نعيشه الآن .

هذا هو الضرر العام من التمكين و هو الذي تم جبره بالثورة و انتصارها و سوف يعزز بمعاقبة الظالمين . و ليس هناك تعويض أكبر من الاطاحة بنظام التمكين و محاسبته قانونيا على كل الجرائم التي اغترفها .

الضرر الخاص :
هناك أضرار وقعت على اشخاص بعينهم و هذا يستوجب جبر ضررهم باخذ كل حالة شخصية على حدة .

جبر الضرر في الحق الخاص يحتوي على :
– جبر الضرر الأدبي و المعنوي .
– جبر الضرر المادي .

بخصوص جبر الضرر الأدبي و المعنوي فان إسقاط النظام بواسطة الثورة كان أعظم جبر للضرر الادبي و المعنوي الذي تعرض له ضحايا سياسة التمكين ، و سيمثل إنصافهم ايضا عبر وسائل مادية و سائل تاريخية مكتوبة و معلنة وسيلة أخرى لجبر الضرر الأدبي و المعنوي .

فيما يتعلق بجبر الضرر المادي ، فان أهمية هذا الجانب تبرز من كون ان معظم المتضررين تعرضوا لظلم مادي مكلف :
– هناك من فقدوا وظائفهم .
– هناك من تمت مصادرة املاكهم .
– هناك من تعرضوا لاذى جسيم نتيجة التعذيب المنهجي في السجون و المعتقلات مما سبب عاهات مستديمة .
– هناك أسر فقدت عائلها او واحد من أفراد الأسرة المساهمين في استقرار الاسرار الاقتصادي نتيجة تصفية سياسية .
– هناك من فصلوا من الجامعات .
– هناك من اجبروا على الهجرة خارج السودان .
و غير ذلك

لذلك جبرهذه الاضرار المادية عملية لأزمة لإكمال انتصار الثورة بتحقيق قيم الإنصاف و العدالة .

و لكن علاج هذه الملفات يحتاج إلى سلطة و صلاحيات و تفرغ لدراسة كل ملف على حده و الفصل فيه من كل النواحي القانونية و النفسية .
فكيف يتم ذلك ؟
لحل هذه المعضلة اقترح تكوين مفوضية خاصة بذلك تتبع لرئاسة الوزراء تسمى : مفوضية إزالة آثار التمكين ، أو مفوضية العدالة و الإنصاف .

تفتح المفوضية أبوابها يوميا لاستلام طلبات الإنصاف و جبر الضرر و تدرس كل الحالات و تتأكد من صحتها و تفصل فيها بقرار نهائي يعوض من خلاله كل متضرر بما يتوافق و الضرر الذي تعرض له .

في خاتم الأمر و بناءا على الضرر فان التعويض لن يخرج من :
– تعويض مالي
– إعادة موظف إلى وظيفته
– إعادة الأملاك المصادرة إلى أصحابها
– التكفل بالعلاج و التأهيل و التوظيف للمتعرضين للضرر الجسيم .
و غير ذلك

هذا ما يتعلق بالشق الاول انصاف المظلومين ، تبقى الشق الثاني من عملية تفكيك التمكين و هو عقاب الظالمين ، و بحث قضايا التوظيف السياسي و التمكين السياسي و هذا ما سيأتي نقاشه في المقال القادم

د. يوسف السندي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..