مقالات سياسية

جرة نم 34

ديفة العنس البي الصي مشيها رواين
بشوفك تاج على البنوت قدر ما نعاين
تمشي مدنقرة بت ريف وحاكمة مداين
قدمك ما نزل لي جار وجابلي محاين

قائل الأبيات أعلاه هو شاعرنا الشاب الفاتح أبو السارة، صاحب ديوان أبو السارة، وهو شخصية غنية عن التعريف، فشعره قد بلغ الآفاق داخل وخارج السودان، سيما وأنه شاعر مبدع ويجيد هذا الفن أيما إجادة وهو أيضاً صاحب صوت ندي ومطرب غاية الطرب. أبو السارة يعد الآن أحد أهم فرسان الشعر الشعبي أو الشعر العامي؛ وهو الشعر الذي يستمدّ كلماته، وألفاظه، وطريقة أدائه، ومعانيه، وأسلوبه، مِن الحياة العامّة أو الشعبيّة، حيث يكتب بكلمات من اللهجة المحكية بين الناس، ولا يستخدم الفصحى، لكنه يختار أجمل التوصيفات التي يقولها الناس في كلامهم ولهجتهم الدارجة. وعندما نتحدّث عن الشعر المحكي نقصد بذلك البساطة والأصالة؛ فالذين يكتبونه يُعبّرون عن أصالة الأماكن الشعبية، وطبيعة الحياة، وجمالها من كل الوجوه، والشاعر هنا يبحث عن أعذب مُفردة وأكثرها تلقائية؛ ليكسبها المعنى الذي يطير إلى أذن المتلقي. ودليلنا على ذلك ما نجده عند أبي السارة من ألفاظ هي من صميم لهجة دار الريح أو تحديداً لهجة دار حامد التي ينتمي إليها هذا الشاعر الفذ. وعلى سبيل المثال يقول شاعرنا:
فطيم القاشر الحايمة ونقز لي أماتة
قلل نومنا خلا الأو علينا شماتة
أدعج وأفلج روق الحمحمن خالاتة
ريدو أزية إلا الناس بشوفو بخاتة
والشاهد هنا في استخدام كلمة “القاشر” وهي كلمة من صميم لهجة دار حامد وهي تعني “الذي يكره” وفي هذا الصدد يقول ود الشلهمة:

النوم البريح قاشرنوا أبصاري
أخلى الدكة ظعن المسو بيبرد ناري
شدرة دارو قوقن فوق فروعا قماري
يرتاح كيفن ذهن عقلي وتروق أفكاري
بمعنى آخر أن بعض مفردات اللهجة العامية أو الدارجة قد تكون مشتركة بين كثير من مناطق البلاد بذات المعنى. والشاهد الآخر من كلام أبي السارة هو كلمة ” الأو” التي تعني الخلق أو الناس عموماً ولا أعتقد أنها مستخدمة عند غير دار حامد مما يعني ارتباط هذا الشاعر بلهجته المحلية ارتباطاً وثيقاً. ويقول أبو السارة في مربوعة أخرى:
فطيم القاشر الحايم وبزاول حيده
شن يشبه بلا الرايدنو مايقه وجيده
تقيل قدمو وعسل نغمو سماحة شديده
عنده كزيمة شان رايدني أنيْ منريده
وفي هذه المربوعة نجد الشاهد في كلمة “كزيم” وهي تستخدم لوصف رقة البسمة وطلاوة الشفاه أو الفم عموماً. وتقول الشاعرة الحامدية:
كزم البلوم
غيّك حماني النوم
فرّق الهموم
غرارة كان بدوم
فهذه الشاعرة تستخدم ذات المفردة التي يوردها أبو السارة وهذا ببساطة يعني أن الشعر الشعبي لا ينفك عن اللهجة الدارجة التي هي بمثابة الوعاء لهذا الضرب من الشعر الأصيل. ويُعتبر الشعر الشعبي أكثر قُرباً بطبيعة الحال إلى الناس من الشِعر الفصيح.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..