معاهدة مائدة التقلية 2/2

ملخص ما سبق(ذكر ابو شريف انه كان يرغب في الحصول على وقت لقراءة حوار صحفي مع بله الغائب فاختلق حكاية فقدانه للهاتشتاق حتى يغافل زوجته ام شريف وتتركه في حال سبيله يستمتع بما يقوله راسبوتن السودان) ..
وقت الغذاء كانت المائدة (مدنكلة) تجمع كل الطيبات التى احبها.. اكلتُ اكل الجياع الذين ضربت تخومهم المجاعة والفاقة ..
ثم قالت لي (ام شريف) وهي تضع امامي قطعة دجاج مشوية : شايفاك ما مهموم ؟..
– انا مهموم بي بلة الغايب ..
– دا دخلو شنو بالهاشتاق ؟..
– هاشتاق شنو يا ام شريف ..
– الهاشتاق بتاعك الضايع .. شايفاك ما مهموم ؟
قلت لها بيت شعر الشافعي الشهير وانا اجري عليه بعض العمليات الجراحية:
– نفسي التى تملك الاشياء ذاهبة *علامة ابكي علي (الهاشتاق) اذا ذهبا..
– طيب والسجن؟
– سجن شنو كمان ؟
– موش ح تتسجن لو ما لقيت الهاشتاق ..
– اي صاح صاح؟
– خلاص اتصل على قريبك (حمدان) ..
– حرام عليك (حمدان) كلفاناه كتير..المثل بيقول حبيبك كان عسل ما تلحسوا كله..
– خلاص اتصل على (خليفة) بيكون عنده هاشتاق احتياطي عشان تربطه مع الهاشتاق بتاعك..
كنت ادرك سلفا ان هاتف قريبي (خليفة) به عطل.. ذهبت (ام شريف) بعيدا عني بعدما جلبت كوب موز باللبن ووضعته على التربيزة.. ثم امرتني اريح بالي واواصل باجتهاد البحث في كل محركات البحث.. كنت انظر اليها وهي تحاول الاتصال علي قريبي (خليفة) -خبير الكمبيوتر- دون جدوى.. ثم سألتني:
– بلة الغايب دا شنو ؟
– ال عرفك بيهو شنو يا ام شريف؟
– انت قبل شوية قلت مهموم بي بلة الغايب..
– دا فكي ليهو شنة ورنة ..
– طيب امشي ليهو؟
– ليه دايرة توديني للدجال دا؟
– يمكن يلقى الهاشتاق..
– دا فكي بتاع الحكومة لو مشينا عليهو الحكومة بتزعل..
– ممكن اطلب منك طلب..
– اتفضلي ..
– ما نزعل الحكومة اليومين ديل ما تصرح ضدها ولا تكتب مقالات.. لانو ناس الحكومة لو عرفوا انت ضيعت الهاشتاق ح يتعبوك وح ينتقموا منك.. بالواضح ما تفتح جبهة وانت مضيع الهاشتاق..
في اليوم التالي ومع الصباح و عقب شروق الشمس فتحت اللابتوب كالعادة.. بعد شوية اسمعها تصيح على الاولاد:
– وطوا صوت التلفزيون ابوكم في ورطة..
جلبت لي كوب شوب كبير مليء بالحليب ومعه كباية شاي .. ثم امرتها ان تجلب لي عصيدة بملاح روب لان ملاح الروب يدغدغ الدماغ ويفتح عروق المخ مما يسهل عملية البحث ..
– عصيدة بالروب الصباح دا..
بعد لحظات جاءت ضعت ثانية كوب ليمون بالنعناع ثم قلت لي : عايز شطة بالدكوة مع ملاح الروب وللا لا ..
اجبتها : اكيد ..
لليوم التالي ظلت زوجتى تتصل على قريبي (خليفة) دون جدوى ..قلت لها اتصلي على (جبران) .. (جبران) رجل تربطنا به صلة قرابة لكنه لايرد على ارقام التلفونات التى لايعرفها نسبة لمشغولياته الكثيرة مع الولاة والوزراء واصحاب القرار.. وكان رقم تلفون زوجتى مجهولا بالنسبة له لذا اصريت على زوجتى ان تتصل من هاتفها النقال وليس من هاتفي..
زوجتى المسكينة ظلت (تدق) عليه باستمرار على هاتفه دون جدوي.. حتى انني تعاطفت مع قضيتها..
تمر الايام والشهور وحياتي كلها سعادة ووئام وزوجتى الصبورة تساعدني في رحلة البحث الشاقة عن الهاشتاق.. لم نترك محرك بحث بالنت والا سالنا فيه قوقل وياهوو وآسك .. وظلت وفية توفر لى المناخ القطبي هدوئا وطقسا.. وشربت من اكواب الليمون اكثر من عدد المنقة التى التهمتها في جبل مرة.. والحقيقة شربت عصير غريب لكنه حلو المذاق اخضر اللون قالت انه عصير الافاكاتو.. كما انني كثيرا ما تجرعت عصير الجزر لانه حسب رايها يساعد على التذكر.. وشاي اليانسون يرفع الروح المعنوية.. والقرفة تخفض ضغط الدم.. رغم كل هذا المجهود العظيم فشلنا في ايجاد الهاشتاق المفقود كأنه فص ملح وذاب..
استمرت سفينة الزوجية بتناغم وتجانس ومحبة لمدة ستة اشهر كاملة .. الي ان جاء شقيقها ذات لزيارتنا سمعت زوجتي تقول له: لو عندك هاشتاق زايد اديهو لي ابو شريف..
اجابها : هاشتاق زايد كيف؟ الكلام دا محتاج لي شرح..
– طيب ايدهو الهاشتاق بتاعك عشان يطلع الهاشتاف بتاعو..
– الكلام بتاعك دا ما موزون انا ما فاهم كلامك ..
– الهاشتاق بتاع زوجى وقع في البير ادينا الهاشتاق بتاعك عشان يربطه ويجره برة.. مسكين ح يخش السجن.. ليهو سته شهور ما لاقيهو..
– انا ما فاهم كلامك دا .. ياتو بير وقع فيها الهاشتاق.. وعلاقة السجن شنو بالهاشتاق..
لحظتها كنت اكتم ضحكتي .. جاءني شقيق زوجتى وسألني عن حكاية السجن والبير والهاتشاق.. قلت له ان لدي قاعدة ذهبية الا اتدخل في نقاش بين اخ واخته مطلقا حتى لو الموضوع يعنيني شخصيا..
جاءت زوجتي غاضبة ناحيتي وقالت : شيل منه الهاشتاق دي فرصة .. عشان ما تدخل السجن ..
قال لها اخوها : يا جماعة انتو عايزين تجنوني ياتوا هاشتاق بيقع في البير وياتو هاشتاف بيربطوه مع التاني..
قالت له براءة: الهاشتاق بتاع ابو شريف وقع في بير الفيس بوك ..
سالها اخوها : انتي عارفة الهاشتاق شنو..
اجابت : ابرا واستبرا ما عارفاهو شنو..
عندها ضحك ورسم لها علامة الهاشتاق على التربيزة ..
– دا الهاشتاق.. عايز اعرف بيقع في البئر كيف؟..
– انت متأكد دا الهاشتاق.. يعني ابو شريف كان بيغشني الزمن دا كله؟
لذت بالصمت نظرت الي وطالبتي بتفسير ما كنت اقوله لها .. لكنني تمسكت بموقفي انني لن اتدخل في اي حوار بين اخ واخته حتى ولو كان الموضوع يعنيني شخصيا..
ضحك شقيق زوجتي وادرك انني كنت (استهبل على اخته) طيلة الستة اشهر: يا نسيب يا دسيس عايز اعرف الحاصل ؟..
– الحكاية يا فردة كنت عايز اقرا حوار بلة الغائب والموضوع جرَّ لى ستة شهور كاملة ..
– تعرف يا نسيب دا انت الوحيد ال الاستفاد من بلة الغائب .. كل الناس بلة الغايب يغشهم ويلحس قروشهم بما فيهم ناس الحكومة.. الا انت ..
– فعلا انا الوحيد ال استفاد من بلة الغائب ..خللاني اعيش ستة شهور زي الورد والفل والياسمين..

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..