ليس قول الحقيقة هو دعوة لليأس

الفرق بين العلم والجهل هي التجربة ، في العلم تكون مادة التجربة وشروطها معروفة  لذلك من السهل تقييم نتائجها  اما في عالم الجهل لا يمكن اجراء تجربة مبدئيا ، وعلى الرغم من ذلك ومع ان محنة وطننا اليوم تنتمي الى عالم الجهل لكن هناك مختبر قتل ونهب وتشريد واستباحة لحياة اهل السودان عموما واهل مثلث العاصمة خصوصا يعمل بكامل طاقته ، وكي نغادر عالم الغموض اليكم بعض الامثلة : قائد الامة البرهان مثلا يتلون بعد تحقق حلم ابيه كالحرباء  حتى كاد البعض ان يصدق مقدار حرصه على اوسع مشاركة للاطراف السياسية في صياغة مستقبل الوطن . ودون حاجتنا لمختبر نعرف  ان جذور البرهان ترجع إلى ولاية نهر النيل الواقعة إلى الشمال من العاصمة الخرطوم. ولد في قرية قندتو لأسرة دينية تتبع الطريقة الختمية -إحدى الطرق الصوفية الكبرى في السودان- والتي كان لها دور في الحياة السياسية السودانية ، ممثلة بالحزب الاتحادي الديمقراطي، المنافس التقليدي لحزب الأمة ، والنتيجة ان المسار الموازي لما سمي بالاتفاق الاطاري الذي استضافته القاهرة وعودة مومياء الختمية الى السودان قبل المحنة الحالية يؤشر الى انحياز البرهان الى احزاب العفن الطائفي كحد اعلى للموافقة على حكم مدني ومن جهة اخرى لان البرهان هو خريج مصانع الاخوان المسلمين يعتقد انه يستطيع  اعادة تجربة عبود والنميري والبشير بالارتكاز الى تطبيق الشريعة السمحاء التي ابادت من السودانيين اكثر من معسكرات شوفيتيز في ابادة اليهود في اوروبا علما ان ابادة  اهل السودان هي حقيقية بينما ابادة اليهود هي عبارة عن دجل صهيوني وغض طرف من قبل الغرب اللعين عن اكاذيب اليهود الصهانة . ولا نريد التوقف عند كباشي وهذه الكلمة مشتقة من كبش وهو تيس الماعز اي ان مناقشة اطروحات تيسي “كباشي في الاوراق الثبوتية” واكاذيبه عن مجريات الحرب هو بمثابة نقل معلومات صادرة عن حيوان ناطق ارتكازا الى اقوال ارسطو اليوناني ، في الوقت الذي ينزف دم الزنجي على ارض السودان .
وبالمناسبة نحن في السودان هويتنا واحدة  نحن زنوج منا العرب ومنا غير العرب اما ان تكون اللغة العربية التي تكتب وتدون بها مصائبنا وماسينا هذا لا يعني ان عرب السودان هم من يفعلون  ذلك ، فلو كتبت ودونت مصائبنا وماسينا ياللغة الانكليزية هل ستكون الدول الناطقة بالانكليزية هي المسؤولة عنها ، ام ان الاسلام السياسي هو المسؤول عن القتل خصوصا وان الاسلام عموما هو المسؤول عن تخلفنا. اما الفريق ياسر العطا وخلال مقابلة له مع جريدة الشرق الاوسط تحدث عن ام المعارك التي جرت في القيادة العامة في وسط الخرطوم وليس في الفشقة مثلا واستهجن ان حميدتي  يلقب «الأمير» وحاكم السودان ولا يستهجن ان حربه في وسط المدن شرد ما لا يقل عن 700 الف مواطن وقتل الالاف وروع الاطفال والنساء وتباهى العطا بان جيش السودان وقيادته يمثلان كل مناطق السودان وقبائله  وأكد تدخل قوات «فاغنر» الروسية في القتال وفي عمليات استخراج الذهب ، كاشفاً عن أن حميدتي يملك مخزونا كبيرا من الذهب 53 طنا في روسيا و22 طنا في دولة أخرى شقيقة وداخل السودان . لكنه لم يتذكر انه كان في رتبة فريق عندما سمح لفاغنر بالدخول الى السودان عبر مطار الخرطوم ولم يتذكر ايضا ان زعيم فاغنر او طباخ بوتين حائز على اعلى الاوسمة السودانية وهاجم العطا رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس باعتبار ان دوره سلبي للغاية والأفضل استبداله بمبعوث آخر محايد وتناسى دور الامارات التي حولت جيش السودان الى مرتزقة وان امارات محمد بن زايد تنهب 100% من ذهب السودان بالتكافل والتضامن بين حميدتي والبرهان وكباش والعطا نفسه . واكد ان الاتفاق الإطاري ، أتى لخدمة المجلس المركزي وإقصاء الآخرين والانفراد بالسلطة وهذا يثبت ان انتصار جيش الفلول على حميدتي هو نهاية الامل بانتقال ديمقراطي بل هذا النصر سيؤدب الى تشكيل حكومة انتقالية تناسي مزاج الحكومة العسكرية والاخوان المسلمين . واما ما قاله عن الهبوط الناعم مستشهدا باقوال الحزب الشيوعي ما هو الا بهدف زيادة الشرخ في صفوف المكون المدني الذي يعيش في غيبوبة  .
وما يهمنا توضيحه للراي العام هو ان ما يجري من مباحثات في جدة اليوم برعاية اميركية سعودية يهدف الى مسائل تتعلق بمسائل انسانية لبلسمة بعض جراح الضحايا اما ان تتحول الهدنة او وقف اطلاق النار الى عودة القتلة البرهانيون والحمداتيون الى طاولة المفاوضات السياسية فامر مرتبط بمن يرعاهم في الخارج من دول ومنها الامارات وروسيا واسرائيل اصحاب الدور السلبي ومصر صاحبة الدور المحايد لان مصر عاجزة عن لعب  اي دور .
وللاسف الشديد نقول باننا في الجولة الاولى من الحرب الاهلية وبغض النظر عن من سوف ينتصر في مدن العاصمة الثلاث سيكون هناك جولات اخرى وفي مناطق اخرى انها الحرب في ظل نظام عالمي متصدع لذلك ندعو المخلصين لاهلنا عدم الاصطفاف خلف البرهان وما يمثله او خلف حميدتي وما يمثله لان خلاص بلادنا سيكون بخلاصنا منهما معا اي من ارث البشير من ثلاثين سنة من حكم شريعة محمد وال محمد .