أخبار السودان

الإخوان جددوا التزامهم بمدنية الدولة..صعود الإسلاميين في انتخابات البرلمان المصري "يلهب" الجدل حول هوية الدولة

أثار التقدم الكبير للأحزاب الإسلامية في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب المصري، خاصة التيار السلفي ممثلا في حزب النور؛ الجدل حول هوية الدولة، دينية أم مدنية، كما تثير نتائج البرلمان جدلا آخر حول اختيار اللجنة المكلفة بإعداد الدستور المقبل للبلاد.

وخلال نقاش أجرته "نشرة القاهرة"، والتي بثتها "العربية" مساء أمس الثلاثاء، قال الفقيه الدستوري محمد نور فرحات إنه من السابق لأوانه الحكم على صعود الإسلاميين في الحياة السياسية، منوها إلى أن التيار الإسلامي ليس شريحة واحدة، بل توجد داخله تيارات متعددة.
أركان الدولة المدنية

وبين فرحات خلال الندوة التي شارك فيها سامح مكرم عبيد، عضو مجلس الشعب عن محافظة البحر الأحمر، ممثلا للتيار الليبرالي، وأحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، والقيادي في جماعة الإخون المسلمين؛ أن رؤى التيارات الإسلامية تختلف في كثير من الأمور، منها موضوع الدولة المدنية.

وقال فرحات إن جماعة الإخوان المسلمين تعلن قبولها للدولة المدنية مع بعض التحظفات تتمثل بالإشارة لضرورة أن تكون دولة ذات مرجعية إسلامية، مبينا أن هذه المسألة تحتاج لحوار معهم، بينما هناك تيارات أكثر تشددا مثل السلفيين والجماعات الإسلامية، الذين يعلنون صراحة رفض الدولة المدنية ويطالبون بقيام دولة دينية.

وتحدث الفقيه الدستوري بشكل مفصل موضحا أركان الدولة المدنية قائلا: إنها نقيض الدولة العسكرية والدولة الدينية.

وقال فرحات إن قواعد الحكم في الدولة المدنية هي القانون والدستور والمجالس النيابية المنتخبة بواسطة الشعب، ولا دخل لرجال الدين في إضفاء مشروعية على القوانيين التي تصدر عن مؤسسات الدولة ويحكمها مبدأ المساواة أمام القانون، خاصة المساواة بين المسلمين وغير المسلمين، ومبدأ التداول السلمي للسلطة دون أي عوائق، واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان المنصوص عليها في مواثيق حقوق الإنسان الدولية.

وشدد الفقيه الدستوري على أن أي إخلال بركن من تلك الأركان يؤدي للتحول من دولة مدنية إلى دولة دينية، وهو أمر مرفوض من جموع الشعب المصري.
الإسلام مع مدنية الدولة

من جانبه، قال المستشار أبو بركة إن هناك خلطا للأوراق بتعمد – حسب وصفه – من الليبراليين في تلك المسألة، فالحكم المدني لا يختلف عليه أحد في مصر من جميع طوائف التيار الإسلامي، لكن مكونات الدولة أمر آخر، مشيرا إلى أن بعض الليبراليين يتعمدون الخلط ما بين شكل الدولة وشكل الحكم.

وأكد أبو بركة على أن كل مبادئ الإسلام تسير في اتجاه مبادئ الدولة المدنية، فالإسلام أقر المساواة وتكافؤ الفرص والحريات والحقوق العامة.

وأضاف أبو بركة أن الدولة مكون كبير، الحكم لا بد أن يكون مدنيا، وهذا لا خلاف عليه، فالسلطات وتنظيمها وعلاقاتها ببعضها البعض ومبدأ سيادة الشعب لا يمكن أن يحيد عنها أحد، فالإسلاميون جميعا لا يختلفون على ذلك.
تراجع ليبرالي وتعنت الإسلاميين

أما سامح مكرم عبيد، فقال إن موضوع التسميات خرج من الأيدي، فقد بدأ الحديث عن الدولة العلمانية وتم الاتهام بأن ذلك كفر وزندقة، ثم تراجع الليبراليون عن ذلك للحديث عن دولة مدنية وتم الاعتراض على ذلك أيضا، وقبل الليبراليون تسمية دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، فرفض فصيل من التيار الإسلامي وثيقة السلمي، وألغوا كلمة مدنية، وسموها دولة ديمقراطية، والديمقراطية نظام حكم وليس وصف دولة.

وأوضح عبيد أن التيار الليبرالي لا يريد أن يحكم رجل دين أو فصيل سياسي باسم الدين، مثل أيام الفراعنة.

وعن الجدل الذي يثيره البعض حول السياحة، قال عبيد إن تصويت محافظة البحر الأحمر للتيار الإسلامي أمر غريب، فالسياحة خير لمصر وتمثل 10 بالمئة من الدخل القومي ويعمل بها ملايين، وآلاف الغرف الفندقية تحت الإنشاء، وتدر دخلا يعيل الملايين.

وأضاف عندما نقنع الناس بأن السياحة حرام، فهذا يعني ذبح الاقتصاد المصري، ونقضي على فرصة قيام الاقتصاد المصري، فالسياحة هي أمل مصر الوحيد في تحقيق نمو سريع.

وعاد فرحات للقول بأن هناك خلطا شديدا في أذهان الناس حول مفهومي الدولة الدينية والدولة المدنية.

وقال إنه ليس هناك اعتراض من الليبراليين أو من غيرهم على أن تكون مبادئ الدين ملهمة لقواعد القانون، ولكن هذا يختلف عن تحديد الحقوق والحريات وفقا لتفسيرات يقول بها رجال الدين فهذا أمر آخر.

وقال إن اللجوء لرجال الدين وسؤالهم عن أرائهم في القوانيين، يعني أننا أمام دولة دينية، مثلما كان الأمر في الدولة العثمانية. أما مسألة أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع وفقا لمقاصدها وقيمها، وتفسراتها التي تتناسب مع روح العصر ومبادئ حقوق الإنسان، فهذه مسألة لا يجادل فيها أحد.
اختيار لجنة الدستور

وعن اخيتار أعضاء اللجنة التي ستعد الدستور، قال فرحات إن الإعلان الدستوري ينص على أن يتولى البرلمان بمجلسيه الشعب والشوري اختيار أعضاء اللجنة، ولكن المادة لم تحدد كيف يتم الاختيار، ونسب التمثيل، وماهية الطوائف ونوعية عملها. وشدد فرحات على ضرورة أن تمثل اللجنة جميع طوائف المجتمع.

واتفق أبو بركة مع فرحات في أن البرلمان هو المخول باخيتار اللجنة، لأن قيام أي جهة أخري بإعداد الدستور ينقض قواعد الديمقراطية، وبناء دولة القانون، ويصادر مبدأ سيادة الشعب، فالبرلمان سيعين اللجنة.

وحول معايير الاختيار وكيفية تمثيل اللجنة لكل ألوان الطيف، قال إن هناك تراثا دستوريا مصريا زاخرا، وضعت خلاله خمسة دساتير مختلفة، ووضعت اللجان بمعايير والتزم بها الجميع، وكانت تمثل جميع طوائف المجتمع، وقيمه وثوابته الأساسية ونظام الحكم فيه، والرأي النهائي للشعب، الذي يمنح الدستور المشروعية أو يسحبها منه.

واتفق مكرم مع أبو بركة في أن البرلمان سيختار اللجنة، ولكن هناك مخاوف من عدم الالتزام بالمعايير، خاصة وأن الغالبية في البرلمان ستكون لقوى الإسلام السياسي.

وقال مكرم: "لا أستطيع تصديق ما يقوله التيار الإسلامي عن التزامه بتمثيل جميع القوى في لجنة إعداد الدستور، الأغلبية العديدة في البرلمان هي التي ستقرر من يتم اختياره في اللجنة".

وشدد أبو بركة على أن هناك ثوابت مستقرة في علم القانون الدستوري والنظم السياسية، والإخوان أحرص ما يكون على الالتزام بقواعد العلم والانضباط بالقيم والثوابت، وأن يقيموا مجتمعا ودولة مساهمين مع بقية المصريين، موضحا أن البرلمان مقيد في ممارسة الاختصاص، لأن هناك ضوابط للبرلمان في مباشرة أي مهمة. والمحكمة الدستورية العليا تراقب كل ذلك.

وحول مكانة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قال أبو بركة إن هذا أمر يخص الجماعة في بنائها التنظيمي ومكانة المرشد فيها، وحديث المرشد للجماعة لا علاقة له مطلقا بسلطات الدولة ولا بنظام الحكم في الدولة، موصحا أن الحزب يمارس العمل السياسي في إطار القانون والدستور.

العربية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..