مقالات سياسية

هَذا.. أو الطوفان..!!

كتبت هنا أمس: (من الحكمة اعتماد الغايات في تصميم “دولة سودانية حديثة” قبل الوسائل، فالاتّفاق على الغايات يُخفِّف من غلواء الاختلاف على الوسائل).. لأنّ الغايات في مصلحة الجميع، لن يخسر أحدٌ.. واختصرها لكم بإيجاز:

بلادنا مُترفةٌ بالخيرات وقادرةٌ على تعويض الماضي الذي ضاع من عمرنا الوطني.. وبكل يقينٍ يكفي عام واحد.. 365 يوماً فقط.. لنقفز أعلى مِمّا يتصوّر الكثيرون.. لو توفّرت إدارة رشيدة تستلهم روح وإمكانيات العصر.. وليس المطلوب ضَخ شعارات مرمرية وأمانٍ سندسية كما تعوّدت الأحزاب والنظم السياسية، بل المطلوب أن يعلم ويثق كل مُواطن ما الذي يعود عليه، بحسابٍ دقيقٍ.. ليصبح شريكاً في الحكم لا محكوماً بالقهر والجبروت.

الحكم الرشيد يعني خُطة استراتيجية طموحة وذكية، وهياكل حُكم رَشيد، وإدارة عصرية ذات كفاءةٍ عاليةٍ.. ثُمّ مفاهيم ومبادئ تستند إلى (الرؤية) التي نُريدها من أجل بناء “دولة السودان الحديثة”.

لحُسن الحظ كل هذا مُتوفِّرٌ.. لدينا العُقُول والخبرات التي يشهد لها العالم أجمع، ولدينا شَعبٌ مُستنيرٌ قَادرٌ على الاستجابة بكل قوة لتحدي بناء مُستقبل أكرم.

ولكن في المُقابل كل ذلك يعوقه ويُعطِّله المُعادلة السِّياسيَّة التي تُسيطر على مقاليد الحركة والسكون في بلادنا.. المُعادلة التي تجعل حكم البلاد (تعويذة) أكثر منه سياسات ومفاهيم.. انتهى العصر الذي تُدار فيه البلاد بعقائد حزبية أقرب للدين.. للدرجة التي يصبح فيها التحول من حزبٍ إلى آخر في مقام (الردة).. فالخُرُوج من حزب كالخُرُوج من الدين.

من حق أيِّ مُواطنٍ أن يعتنق الفكرة التي يريدها، لكن ليس من المنطق أن يصبح الانتماء لحزب كالدخول في دين.. فك الارتباط بين العمل السياسي والفكر العقيدي واحدٌ من أهم مطلوبات إصلاح الملعب السياسي، حتى يصبح التنافس بالبرامج وخدمة الدولة لا بالولاء المذهبي.

في تقديري ليس من الحكمة افتراض أن كل شيء سيمضي كما تريد الحكومة، وأن على الشعب السوداني أن ينتظر انتخابات 2020، فالانتخابات لا تعني يوم الاقتراع وإلقاء البطاقة في الصندوق، بل هي مُمارسة ديموقراطية وحُريات تمنح الجميع مضماراً زمنياً للسباق، كافٍ ليعرض كل حزب أو فرد بضاعته أمام الناس، لكن الواقع الآن أنّ حزباً واحداً (وأحزاباً تابعة له) هي التي تستطيع أن تُسيِّر المواكب وتقيم الندوات في أيِّ مكان في السودان، وما عداه لا يستطيع حتى مُجرّد إقامة ندوة صغيرة داخل داره.. فنزاهة الانتخابات في الطريق المُفضي إليها وليس في يوم الاقتراع.

الحكمة تقتضي الآن النظر بعين الاعتبار لبناء (دولة سودانية حديثة) بدلاً من الاعتداد بالماضي الذي ثبت بالدليل القاطع فشله.. فليكن عام 2019 خط البداية لبناء هذه الدولة الحديثة، ولنتّفق على الرؤية والخُطة والبرامج ومطلوبات التنفيذ.

لنبدأ الآن.. نطوي حقبة (الإنقاذ) لنفتح عهداً جديداً لمُستقبل يتّفق عليه كل السودانيين بلا استثناء.

التيار

تعليق واحد

  1. 1- من أولى غايات التغيير هي مقولة تغيير وليس إعادة تدوير، وهذه الغاية تستلزم رمي كل تجارب الديمقراطية الحزبية السابقة في مزبلة التاريخ لأنها طائفية وعقائدية أحادية لاتؤمن بالآخر إلا كعدو يجب التخلص منه وبالتالي فهي في حقيقتها لا تؤمن بالديمقراطية التي تقتضي أن تؤمن بمسواة حق الآخر بحقك، ويشمل هذا كافة الأحزاب العقائدية والمذهبية اليمينية منها واليسارية بالإضافة إلى الطائفية بالطبع.
    2- نحن لا نريد ديمقراطية شكلية وإنما لبّ الديمقراطية وهي تساوي الأفراد في الحقوق والواجبات والحريات والرامة الانسانية وعدم التمييز والفرص في كل مناحي الحياة الخاصة والعامة.
    3- عدم إنفراد أي فرد أو جهة سياسية لا لتحكم الأفراد أو هيمنة الأغلبية إلا وفق القانون فإن كان تكتلهم على ما يخالف الدستور والقوانين الصادرة بموجبه فلا قيمة لقرار الأغلبية المخالف للدستور والقانون ويجوز لل فرد أو جهة رقابية (وزارة العدل والنائب العام) رفع الأمر للمحكمة الدستورية والتي يتم تشكيلها وفق المؤهلات التي يحددها القانون وتثبيت الوظيفة فيها بعد اجتياز فترة الطعون من أي فرد أو مجموعة أو جهة رقابية.
    4- فصل الجهاز التنفيذي وابعاده عن ل ما هو حزبي ولا يعني أن يمنع الموظف من التحزب خارج نطاق عمله العام ولا أن يأتي الوزير من حزب معين ولكن الموظف أو الوزير لن يحصل على الوظيفة بصفته الحزبية أو بأغلبيته الحزبية وانما يتم تعيينه بمؤهلاته بعد تنافسه مع آخرين إذ أن الوظيفة هي للتكنوكراط فقط والوظيفة على أي حال وظيفة عمومية تخضع لقانون الخدمة العامة مدنية وعسكرية ويحاسب الوزير بها وليس عن طريق سحب الثقة في البرلمان فهو موظف عام ومثله رئيس مجلس الرائاسة وإن ان الأخير لا يشترط أن يكونوا من التكنوقراط ولنهم يخضعون لقانون الخدمة العامة. والفرق الوحيد من استثنائهم من أن يكونوا تكنوقراط هو أن تعيينهم يأتي بالترشيح من الأفراد والأحزاب مع الخضوع للطعون ومصادقة المحكمة الدستورية. وهذا هو المجال الثاني لعمل الأحزاب بعد مجالها الأول في الترشيح لممثلي المنطاق الجغرافية في المجالس التشريعية والخاضع للطعون قبل الاقتراع.
    5- طبعاً لابد من وضع دستور يتضمن هذه الغايات وقوانين تفصل ذلك بالاضافة لقوانين الخدمة العامة المدنية والعسكرية ومؤسساتها ومهامها ولجنة الاختيار للخدمة العامة والمؤهلات المطلوبة للوظائف للسودانيين.

  2. شكرا استاذ عثمان علي ما كتبت وهو لا ينقصنا لو توحدنا حول استراتيجية ومن هنا احيلك لخطاب السيد الصادق المهي عام 1967في نشاة الدولة الحديثة يومها كنا طلبة في الثانوي قلنا علي الاحزاب ان تجتمع عليه بالاضافة والخذف ليصبح برنامج عمل قد لا تصدق ان دولة قطر في تثدمها هذا الذي تري استهدت بهذا الخطاب وقد اسر لي الامام نفسه حين ناقشته في هذا الخطاب قال لي في اول لقاء بالامير حمد بعد السلام اخرج لي هذا الخطاب وقال هل تذكره فقلت له نعم هذا عام 1967 رد قائلا نحتفظ به ونستهدي به في تطورنا الكامل ولسنا في عجلة من امرنا ارجو منك ان ترجع لهذا الخطاب لتري اي زمن اضعناه وشكرا فقط لك كان لديك فكرة انشاء حزب باسم دولة القانون انا اقترح ان تسميه ( الحزب الدستوري ) وشكرا لان هذا اشمل !!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..