مقالات سياسية

الجيش السوداني في عيد ميلاده ال(٦٦).. منها (٥٢) عام عجاف!!  

بكري الصائغ

 ١-
عيد القوات المسلحة السودانية يعتبر عيد القوات المسلحة السودانية عيداً لكلِّ مواطن سوداني، حيث إنّ الاحتفال يأتي بمناسبة استلام أوّل قائد سوداني لزمام قيادة القوات السودانيّة (قوة دفاع السودان) الفريق أول أحمد محمد باش الجعلي الذي استلم القيادة من القائد الإنجليزي في الرابع عشر من أغسطس عام 1954م، واعتبر هذا اليوم هو يوم عيد القوّات المسلحة السودانيّة.
 ٢-
 منذ ان تسلم الفريق أول/ أحمد محمد باش الجعلي زمام القيادة من القائد الإنجليزي() في يوم ١٤/اغسطس عام ١٩٥٤، وتمت (سودنته) من (قوة دفاع السودان) الي الجيش السوداني عام ١٩٥٦، لم يفكر احد من الضباط ان يزج الجيش في اتون السياسة، وان يظل الجيش علي الدوام كما كان في زمن الحكم البريطاني بعيد عن السياسة ولا يتدخل في الشآن السياسي وصراعات الاحزاب، وان يلتزم الجيش بعقيدته المقدّسة، الذود عن حمى الوطن وحفظ سيادته، حالها كحال جميع القوّات المسلحة في اغلب دول العالم ، ويقع على عاتقه بالدرجة الاولي حماية أراضيه والدفاع عنها، والحفاظ على أمن وأمان الشعب.
 ٣-
 منذ ان تاسست (قوة دفاع السودان) عام ١٩٢٥ لمساعدة الشرطة في حالة الاضطرابات المدنية، والحفاظ على حدود السودان تحت الإدارة البريطانية ، ثم بعد سودنتها عام ١٩٥٦، جاءت الطامة الكبري في يوم ١٧/ نوفمبر ١٩٥٨ ، وحلت الكارثة بالبلاد، والتي مازلنا نعاني من اثارها السلبية حتي اليوم ، ففي هذا اليوم الاسود، استلم الجيش زمام الامور وبسط سيطرته الكاملة  بقوة السلاح علي كل شبر في البلاد،، واصبح هو الحاكم بامر الله، وصاحب الكلمة الاولي والاخيرة في كل شيء يتعلق بالسودان.
 ٤-
 دخل الجيش بقوة في عالم السياسة السودانية بلا خبرة او دراية بشعابها، وكانت النتيجة ان “المجلس العسكري العالي” برئاسة الفريق/ ابراهيم عبود، قبل المعونة الامريكية المشروطة بمعادة مصر التي كان يحكمها الرئيس/ جمال عبدالناصر وقتها، وكان يعتبر العدو اللدود لامريكا والغرب!!
 ٥-
 اكبر خطأ ارتكبه “المجلس العسكري العالي”، انه وافق علي العرض المصري عام ١٩٦٣ باغراق اراضي النوبة مقابل تعويض مادي مقداره (١٥) مليون دولار تدفع للنوبيين، وحتي اليوم وبعد مرور (٥٧) عام علي تهجير النوبيين، لم يستلم احد منهم اي مبالغ تخص تعويضه عن الاراضي والمساكن والحواشات التي فقدها.
 ٦-
  دخل الجيش بقوة في عالم السياسة السودانية بلا خبرة او دراية، وتسبب هذا الجهل في عدم فهم ابسط ابجديات السياسة والتعامل بدبلوماسية وحنكة تجاة ازمات البلاد، ان ضاعت ارواح اكثر من نصف مليون مواطن جنوبي وشمالي في حرب ضارية، ما كان لها ان تنشب لولا سياسة جنرالات  “المجلس العسكري العالي” الغبية.
 ٧-
 كانت الضربة القاضية لإبراهيم عبود، هي مشكلة جنوب السودان، حيث أصدر بحق جنوب السودان قرارات جنونية بإلزامية تعلم الجنوبيين للغة العربية وإدخالهم في الإسلام قسرا، وطرد المسيحيين الأجانب من جنوب السودان، ومحاولة إدخال زعماء القبائل الجنوبية في الإسلام إما بالقوة أو بالإغراء بالمال، مما كون مشكلة كبرى، فهرب الأب سارتينو وهو أسقف لكنيسة كاثوليكية ومعه مجموعة من أتباعه وطلب اللجوء السياسي لدى حكومة الإحتلال البريطاني في أوغندا.
 ٨-
 اصبحنا ما ان تجي سيرة انقلاب ١٧/ نوفمبر، الا ورحنا نتذكر الموقف المخزي المخجل، الذي بدر من حزب الأمة عام ١٩٨٥، وزج بحماقة شديدة الجيش في اتون السياسة قبل (٦٢) عام مضت، ومنذ ذلك الوقت وحتي اليوم مازالوا جنرالات الجيش في السلطة، قابضين علي زمام الامور بلا خبرة او دراية!!
 ٩-
 قمة المهازل بعد رحيل نظام الفريق/ ابراهيم عبود، الذي حكم البلاد ستة اعوام عجاف، ان جاء من بعده في السلطة البكباشي/ جعفر النميري – الملقب بـ (طيش حنتوب)!!، وحكم السودان بقوة السلاح، ومن عاصر سنوات حكم النميري، يعرف كيف ان سنوات حكمه الستة عشر عام (١٩٦٩- ١٩٨٥) كانت اسوأ الف مرة من حكم سابقه الجنرال/ عبود، لقد وقعت احداث كثيرة دامية في زمن حكمه، واشهرها كانت “مجزرة الشجرة” عام ١٩٧١، الحرب في الجنوب ضد الفريق/ جون قرنق عام ١٩٨٣ ، قوانين سبتمبر الاسلامية عام ١٩٨٣، اعدام محمود محمد طه.
 ١٠-
بالله، من يصدق ان الجنرال/ عمر البشير حكم البلاد مدة (٣٠) عام من اصل (٦٦) عام – اي ان
 البشير بقي في الحكم تقريبآ طوال سنوات ما يعادل نصف عمر الجيش السوداني؟!!، اسوأ ما في سنوت حكمه: انفصال الجنوب عام ٢٠١١، مجازر طالت نحو (٣٥٠) الف قتيل، سرقة ونهب عائدات النفط والذهب، فساد مالي افلس الخزينة العامة علي حساب ثراء اخوانه وآل اهله والمقربين، باع القوات المسلحة السودانية للسعودية والامارات، وشارك في حرب الحرب دون موافقة او استشارة اجهزة الدولة الرسمية، فرط في السيادة الوطنية وسكت عن ضياع حلايب والفشقة وابيي،…بلغت به الوقاحة، انه طالب في احد اجتماعاته بالقياديين في حزب المؤتمر البائد، – مستندآ علي فتوي المالكية، بقتل ثلث الشعب السوداني ينعم الباقي بالرخاء، قالها البشير بكل صراحة وعلي الملأ: “: “نحن مالكية ، ولنا فتوى تبيح لنا قتل ثلث المواطنين المحتجين ليعيش البقية بعزَّة”.!!
 ١١-
 (أ)-
 انقلب الجيش السوداني علي البشير، واطاح به من السلطة عام ٢٠١٩، وجاء لحكم البلاد جنرال جديد اسمه عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان ، يحمل رتبة فريق أول ركن، لم نسمع به من قبل الا بعد ان تنحي الفريق أول ركن/ أحمد عوض بن عوف من موقعه لبرهان في يوم الجمعة ١٢/ ابريل ٢٠١٩، وقال ابن عوف إنه اختار الفريق أول عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان المفتش العام للجيش خلفا له في منصبه.
 (ب)-
 منذ ابريل عام ٢٠١٩ وحتي اليوم، وطوال مدة (١٦) شهر من حكمه للبلاد، لم نلمس منه اي شيء ايجابي او انجاز حقيقي، انه قابع في القصر بدون “شغل او مشغلة” رغم الازمات الطاحنة التي تعاني منها، وزادت اكثر حدة وسوء في الشهور الاخيرة، دخل التاريخ بصفته اول رئيس سوداني، انه قام علانية بلقاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنامين نتنياهو ـ وما عداها من انجاز اخر- لاشيء!!
 (ج)-
  في يوم ٢٠/ اغسطس ٢٠١٩ تم تشكيل “مجلس السيادة” السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان، وان مدة حكم “مجلس السيادة” للبلاد (٣٩) شهرآ..ومن شروط السيادة، تولى المجلس العسكري رئاسة المجلس السيادي لمدة (٢١) شهرا ثم تترأسه شخصية مدنية لمدة (١٨) شهرا.
 (د)-
 معني هذا، ان ما تبقي من مدة حكم البرهان للبلاد (٥) ايام فقط لا غير تنتهي في يوم ٢٠/ اغسطس الحالي، يجي بعدها حاكم مدني.
 (هـ)-
 ياتري، هل البرهان هو اخر جنرال يحكم السودان، وان البلاد لن تشهد بعد رحيله انقلابات عسكرية، ولن يسمع الشعب بعد اليوم مارشات عسكرية، والبيان رقم واحد؟!!
 ١٢-
 كم اتمني ان يتم اعادة هيكلة القوات المسلحة وبقية المؤسسات العسكرية علي اسس جديدة، وان يكون اهم شرط في الهيكل العسكري القادم، عدم السماح للقوات المسلحة الخوض في الشآن السياسي، وان يبتعد تمامآ عن زجه في صراعات حزبية او ايدلوجيات، تمامآ كما كان الحال قبل وقوع انقلاب ١٧/ نوفمبر.
 بكري الصائغ

‫2 تعليقات

  1. استاذنا الغالي / بكري الصائغ … لك تحياتي بعد زمن طويل توقفت فيه عن التعليق في الراكوبة …. وذلك بفعل الاحباط الذي حصل في التفاوض مع العساكر وادخالهم مجلس السيادة …. وبعد المجزرة المروعة في ميدان الاعتصام … استاذي كل شيء تدمر بفعل العسكر في السودان …. حكم العسكر أكثر من خمسين عاماً في السودان والناتج اليوم السودان بقى دولة لا معنى لها … أصبحت صغار الدول تلعب بنا …… في زمن الانقلاب الأول تم بيع حلفا وأراضي النوبة… نعاني من آثارها إلى الأن … في الحكم العسكري الثاني تم رهننا إلى الدول الخارجية … والقروض التجارية التي انهكت الاقتصاد السوداني إلى اليوم …. أما في الحكم العسكري الثالث بقيادة الجبهة الإسلامية فكانت نهاية السودان ………. أما اليوم ما نعانيه من هؤلاء العسكر الجدد أو الفترة الرابعة لحكم العسكر….. فهم صنيعة الانقاذ فاسدين سارقين نهابين مغتصبين كل الصفات والموبقات فيهم ..

    تحياتي لك استاذنا الغالي…. وهذه الايام رجعت أقراء صحيفتي المحببه الراكوبة بعدها طلاقي وهجراني لها… … أتمنى لك طول العمر والصحة …..

  2. لأنك رددت على نفسك فيما زعمت بأن ما اسميته عيد الجيش السودانى هو ( عيد لكل مواطن سودانى) وهذا عين الإفتراء من قال إن كل الشعب السودانى محتف بهذا الجيش؟ إذا كان كان هناك ثمة (عار وطنى) فإن هذا الجيش هو العار ذاته جيش لم يقاتل طوال تاسيسه إلا لخدمة الأخر فإبان الإستعمار استبسل لخوض معارك المستعمر وفي حقب الحكم الوطنى حارب إلى صف جيش يحتل أجزاء عزيزة من تراب الوطن وداخليا صار سيفا مسلطا على رقاب الشعب من اصغر رتبة حتى جنرالاته ممن رفعوا اسم السودان عاليا بإرتكاب جرائم إبادة وضد الإنسانية ضد هذا الشعب إنه جيش السودان الذى يسئ للمواطن السودانى ويطلق عليه سخرية منه ب( الملكية) هل حقا عيده هذا هو عيد لكل مواطن؟؟
    جيشنا هو من قال أحد قادته إنه رب أحدى القبائل السودانية لأنها مستضعفة لا حيلة ولاحول ولا قوة لها الا بالله. إنظر لقوافل عربات الجيش وهم محملة بجوالات الفحم دليلا على سوء فعلها بتدمير البيئة وتتباهى بذلك؟؟ ترى كم من شركات هذا الجيش المغوار تتعرض ميزانياتها واستثماراتها للمراجعة وهى عمل رسمى ضمن مسئوليات الحكومة لتدقيق صرف أية مؤسسة ولكن جيشنا الباسل يمد لسانه ضاربا عرض الحائط بأسس العمل والإدارة الصحيحة لأى مرفق.. هذا جيشنا يمطر أهل دارفور بالبراميل الحارقة ويصدر بيانا يصفهم بالعدو والخسائر الملحقة به. وهم فى حقيقة الأمر بقايا واشلاء مواطنين لا حيلة لهم فهربوا من الجحيم إلى سقر وجيشنا منتش بإنتصاراته المزعومة. جيشنا يا بكرى يا من تزعم بأن عيده هو عيد أى مواطن هو نفس الجيش الذى توارى يوم قصفت اسرائيل مواقع داخل الخرطوم وانتهكت حرمات سماواتنا لكن الجيش الباسل إنزوى في ليلة إفتقدنا فيها بسالة وتضحيات وشجاعة مزعومة في هذا الجيش لقد ظهرت بطولة جيشنا وهو يقتاد صبية أيفاع إلى ساحات الإعدام دون محاكمتهم حتى صوريا يوم هاجم خليل ابراهيم في عملية الذراع الطويل قصر غردون وما حوله حين كان هذا الجيش مدفوعا بعنجهية عنصرية مؤدلجة إفرغها في حملة أنتقام ضذ فئة من مواطنيه وأخذت البرئ والمجرم باللون واللكنة حيث أراد غير مكترث. يا بكرى اتق الله فينا فجيشنا لم يطلق سراح أى أسير وقع تحت يده في معاركه ضد مواطنيه بل كان يصفيهم قدر ما استطاع وأتحداك أن تسجل لنا عبر تاريخه كم من الأسرى أطلق سراحهم هذا الجيش.لا أتحدث عن الفساد و ييع نتائج المعارك في جنوب السودن وغيره ولا ننسى طائرات الهيلوكوبتر التى كان يستخدمها بعض قادة جيشنا لإصطياد الفيلة في جنوب السودان.. وأروى لك هذه : كنا في منزل قائد القيادة الإستوائية ذات يوم نهاية السبعينات حيث دعانا سياة القائد بمنزله أو قصره ببساتينه الغناء حيث جلسنا في صالونه واحضرت لنا الصبية الدينكاوية بعض الشاى بالحليب ولسوء حظها أغرى نهداها أحد العسكر من جيشنا .. كان بحق نهدا نافرا مكارا يرتج وهو على صدر اختنا تجرأ ذلك الجندى الهمام ومد يده الأثمة متحسسا بها ذلك النهد الهائج الطرى ولكن الفتاة دفعت تلك اليد وألحقتها بالشاى والحليب والأوانى على راس المتطفل.. كان قائد المنطقة برتبة لواء وبإمتيازات ملك وقد هاله رد فعل ( الدينكاوية ) الأثمة ولاداعى لباقى النعوت والأوصاف التى لحقت بها لأنها تجرأت على تلك (الفعلة) وقال لها أمشى بيتكم طوالى مضيفا ويعنى شنو لو لمسها وهذه عقيدة راسخة فقد قالها المخلوع منتشيا في حديثه الشهير بحديث الغرابية الذى رواه شيخهم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..