مقالات وآراء سياسية

تحرش سياسي

هنادي الصديق

لازال بعضا ممن لم يفق من الصدمة يتعشم في إعادة عقارب الساعة للوراء، لإستعادة حكم 30 عاما، حكم عرف بأنه الاسوأ في تاريخ السودان والمنطقة، حكم أقل ما يوصف به ( سيئ السمعة والسيرة والسريرة).

دعوات جادة لما تسمى (مليونية 14 ديسمبر الأخضر) تحت شعار مثير للشفقة والضحك في آن ، وهو (إعادة تصحيح مسارالثورة).

ولا ندري عن أي ثورة يتحدثون، فغرابة الدعوة تكمن في إصرارهم العجيب على أن تأتي دعوتهم في ذات توقيت إحتفالات البلاد بالثورة المجيدة التي جاءت رفضا صريحا وقويا على حكمهم الذي تسبب في دمار البلاد طولا وعرضا، وفي أنهم لا زالوا بذات الثقة المفرطة التي تقودهم لدعوة منسوبيهم للخروج للشارع لفرض ذات الوصاية المرفوضة على الشعب الذي إرتضى قيادته الحالية وطريقة الحكم حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية.

هؤلاء يعتقدون بأنهم لا زالوا بذات القوة السابقة، ويرفضون الإعتراف بالهزيمة على جميع المستويات، ويطالبون ذات الشعب الذي ثار عليهم ثورته العارمة قبل عام ولفظ حكمهم وحكامهم وأودع رؤوس الأفاعي منهم في السجون في إنتظار محاكمات قضائية عادلة بعد أن تمت محاكمتهم من الشعب حضورا وغيابا عبر لجان الأحياء وعبر وسائل الإعلام التقليدية والإعلام الحديث، فجاءت الدعوة التي اعتبرها (تحرش سياسي) لا معنى له، فهم غير معنيين بهذه الثورة من قريب او بعيد ولم يشاركوا في قيامها حتى يطالبوا بتصحيح مسارها.

ثورة قتلوا خلالها المئات من شباب المستقبل في سبيل البقاء والتشبث بحكمهم، لا يجب أن يطالب أحدا منهم حكومتها بأن تفعل كذا ولا تفعل كذا، لأن ذلك يعني (قوة عين وجلد تخين)، فالأولى لهم أن يتنحوا جانبا ويتركوا الشعب المظلوم يقرر مصيره بعد أن فرضوا عليه قوانينهم القمعية وخطفوا اللقمة من فمه وأوسعوه فقرا وجهلا وفسادا.

شخصيا ضد فكرة منع قيام المسيرات لأن ذلك يدخل في باب كبت حرية الرأي الذي طالبنا به بعد أن عانينا منه سنين، ومن ناحية أخرى حتى يعلم هؤلاء حجمهم الحقيقي وسط المواطنين، فربما تكون هذه آخر مرة يطالبون فيها بالخروج على الحكومة الحالية أو ينادون خلالها بإستعادة حكمهم البائس، فذاكرة الشعب لا تنسى.

دعوة باطل أريد بها تأكيد الباطل، هذا هو بالضبط تقييمي لهذه الدعوة، وخيرا فعل أهلها بأن بدأوا يتنصلون عن قيامها أو يلمحون بذلك بعد أن تأكدوا من رأي الشارع فيها من خلال الحملات القوية للشرفاء في وسائل التواصل الإجتماعي، والذين توعدوا كل من يخرج في مسيرة 14 ديسمبر بمعرفة حجمه الحقيقي، إضافة لخوفهم من السلطات التي إستجابت أخيرا لرأي الشارع بحل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة دوره وممتلكاته بجانب حملات الإعتقالات الواسعة التي طالت عددا من رؤوس الفساد وإيداعهم في سجن كوبر، وخروج قوائم شبه يومية بقوائم الفساد من شركات ومؤسسات للنظام السابق وحزبه المحلول.

كل هذه وغيرها من اسباب تجعل العقلاء من اصحاب الدعوة المفخخة (إن كان فيهم عاقل) التراجع الفوري عن هذه الخطوة الإنتحارية التي ستعجل بنهايتهم نهاية بشعة كحزب سياسي وكأفراد، إضافة للكثير جدا من الخسائر التي ستظهر لاحقا.

دعوة للعقلاء منهم، إبتعدوا عن الحياة السياسية بشكل عام، واتجهوا لعمل دراسة نقدية لتجربتكم في الحكم فربما عرفتم فداحة أخطاء قمتم بإرتكابها في حق انفسكم قبل الشعب.

 

هنادي الصديق

الجريدة

‫3 تعليقات

  1. أشارك أختنا كاتبة المقال الإحساس بالحسرة علي فئة من الناس لا تري في الوطن إلا مصالحها الذاتية وإن أتت مصالحها خصما علي الوطن.

    كلنا اليوم كسودانيين نستشعر طلاوة التغير ونسيمه العليل ، ولا يسر ذلك الأمر من نفسه بغير جمال ، لا يسر ذلك الأمر من تمتع بمخصصات ومزايا في زمن الإنقاذ ما سكب لها عرقاً ولا خاض لها منافسة شريفة.

    رجال بالأمس كنا نحترمهم ونعتبرهم قدوة في مجتمعنا ، وما أن أشرقت شمس الثورة حتي بانت عورتهم ، أصابونا بخيبة الأمل فيهم ، كيف لرجل الدين الذي يدعو الناس ليل نهار بإتقاء الله أن يكون مشاركاً أصيلاً في سرقة مال الدولة…؟؟

    الأدهي والأمر هو أنهم إفترضوا غباء الشعب وما انفكوا يمارسون دجلهم حتي بعد ثبوت كذبهم وحراميتهم..؟؟ نسأل الله أن يخرس أفواههم بداء السرطان

    في عهد الأنقاذ كنت أسأل نفسي دوما…لماذا لا يتحدث ذلك الشيخ الورع ضد الحكومة وممارساتها الفاسقة في خطبه…؟؟ وبانت حقيقته بعد الثورة بأنه كان يقبض ثمن سكاته عن فجور وفسوق الثورة….يا شيخنا أنت أم الشيوعيون أحق بالذم..؟؟؟

  2. لم يزل وسط وذيل الأفعى يتحرك بعد قطع رأسها. فكل يوم نكتشف أن هؤلاء القوم الذين استولوا على كل مناحي حياتنا يعتلون منابر المساجد يحرضون الناس بخطب تستدر العواطف الدينية للعامة. الأخوان المسلمون رضينا أم أبينا هم الأكثر تنظيماً من بين كافة الأحزاب السودانية الأخرى فإذا أضفنا إلى تاريخهم التنظيمي ثلاثين عاماً من التمكين يصبح عبء الأجتثاث والإزالة والمحو والركل والرفس والرمي في مزبلة التاريخ أمراً شاقاً لكل حكومة………….. ها نحن اكتشفنا أن منابر المساجد التي يسيطرون عليها تتطلب أيضاً الاجتثاث والاستئصال والبتر……….. يجب أن يكون الأمة معينون من قبل وزارة الشؤون الدينية، وأن تكون الخطب بعيدة عن السياسة وألا تتدخل في الأمور السياسية لا من قريب ولا من بعيد. ومن سخرية القدر أن من ملك الشجاعة منا في عهدهم واعتلى منبراً بأي مسجد ناقداً لهم كان مصيرة الاستدعاء من قبل جهاز الأمن والفصل من الخدمة وأحيانا السجن!
    أين وصل التحقيق والاستئصال في دواوين الزكاة في كل ربوع الزكاة، وهي دور فخيمة ولكنها في ذات الوقت دور بخيلة لم تساعد فقيراً ولم تسد مسغبة ولا جوع ولا فقر ولا جوع، وإنما ذهبت أموالها لدعم قنوات المديح (والدعوة)….. أين الاستصال في إدارات (الذكر والذاكرين)، و (المحليات) في كل ربوع السودان. أين وأين؟

    يجب أن يتحد الثوار في (جسم)، واحد له قدرة فائقة على الحشد والتحشيد والتناد والتواصل السريع عبر الوسائل الحديثة، كما يجب على الثوار إلقاء محاضرات وتوزيعها عبر اليوتيوب تتحدث عن المقدرة على التحليل والقدرة على تحديد الإشاعات وعدم تصديقها وتصنيف الأخبار والمناعة ضد السموم الأخبارية المصادة……………… اعتقد أن الطريق طويل وشاق ويتطلب التؤدة والروية وعدم التعامل بردود الأفعال أي ألا ننتطر الأفعال حتى تقع ثم يكون لنا رد فعل مضاد لها، بل يجب أن نكون قادرين على التنبؤ بالمستقبل ومعرفة مآلاته واستشراف الأحداث والتحسب لكل صغيرة وكبيرة وسد الفجوات والثغرات والمضي قدما نحو سودان جديد………… قوة المقال توحي بتمعتك بفترة النقاهة واشتهاء الشية والشطة والليمون. حمدا لله على سلامتك.

  3. قرأت المقال استشفاء بعد مرور على مقال يصف كاتبه كل الشعب بالكذب بل حب الكذب. هجمت علي المقال هجوما لعلي أطمن نفسي ولو قليلا. قرأت للكاتبة كثيرا قبلا.

    فكرتها جيدة وكلامها منطقي وتحليلها واقعي وفيها شجاعة وجرأة في طرح الرأي. وبالمقال ما يتقاضى عنه.

    أنتم بلسمنا إذا ما أصابنا البعض بسهام الجهل.

    تشكرات تشكرات تشكرات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..