مقالات وآراء سياسية

العلمانية في سطور..

خليل محمد سليمان

العلمانية هي ليست دين او معتقد، وبالضرورة هي ليست ضد الاديان او المعتقدات، ولا يوجد منطق للصراع بين العلمانية والاديان..

العلمانية هي إسلوب حياة مدني، لإدارة الدولة، يحتكم علي الدستور، والقوانين، التي يتوافق عليها المجتمع في عقد للتعايش، بغض النظر عن الدين، او اللون، او العرق، او الجنس..

فالعلمانية تحمي الاديان، والمعتقدات، والدليل هو النموذج الامريكي..  الذي يجهله الكثير من الناس ان كل هجرات الشعوب الاوربية إلي امريكا مَثَل الدين وحرية الإعتقاد، والممارسة، سبب من اسباب هذه الهجرات..

واخيراً اصبحت الولايات المتحدة الامريكية قبلة لهجرات المسلمين، بعد ان ضاقت بهم بلادهم، حيث القتل والتشريد، بإسم الدين في ابشع صورة..

تعتبر الولايات المتحدة هي ام العلمانية، حيث وضعت نصوص واضحة، في الدستور، غير قابلة للبس، او التأويل..

ورد في الدستور الامريكي.. حرية الدين تعني ان تعتقد او تمارس ايّ دين او لا تعتقد او لا تمارس اي دين، فللمواطن الحرية الكاملة في الإعتقاد والممارسة ..

اعتقد العلمانية لا يمكن ان تكون خصماً علي ايّ دين، بل هي وعاء يحمي الجميع، و تقف في مسافة متساوية من الجميع..  للأسف في بلادنا لدينا المقدرة علي تطويع المصطلحات، لتصبح ادوات للصراع، لا نزال اسرى لأمراض الحرب الباردة، و صراعات ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم توظيف المصطلحات وتعريفها لأغراض الصراع فقط..

فالمصطلحات في بلادنا هي الذخيرة المناسبة للحروب، وتقسيم المجتمع، والتي بسببها إنفصل الجنوب، ولا يزال الحبل علي الغارب.. من يتشبث بالعلمانية بانها ضد الدين او يمكنها ان تحجم دوره في المجتمع فهو واهم..  ومن يعارضها ويرى في الإنتصار عليها تمكين للدين، وفتح، فهو واهم ايضاً..

فالمؤسسات الدينية في الغرب راسخة، وتعمل بعيداً عن السلطة والحكم، دون ان تؤثر او تتأثر بها.. فبمجرد ان نتحدث عن ضرورة وجود دستور، فهذا هو الاصل في الإتجاه نحو الدولة المدنية العلمانية، اما الدين، وشرائعه معلومة النصوص، والاحكام..

اعتقد التلاعب بالمصطلحات عندنا هو مرض مزمن يُيصيب النخب، والتي تُغرد دائماٌ خارج سرب المجتمعات السودانية وحاجاتها..

حرب المصطلحات لا وجود لها في الشارع السوداني المتسامح بطبعه، فكل الاديان في بلادنا متعايشة،  ومتسامحة، في الممارسة، والإعتقاد، من الناحية العملية، ولكن تعقيدات السياسة وعدم تخلصنا من امراض الصراعات بالوكالة، والتي انتجت نخب تدير هذه الصراعات دون مراعاة لمصلحة وحاجات المجتمع السوداني، عقدت الموقف، وجعلته ضبابياً، تكتنفه غيوم المجهول..

فإعتماد الدولة العلمانية لا يعني الأبتعاد عن الوجدان، او إلغاء الأديان او التعدي علي حرماتها..

ففي ام العلمانية في العالم، الولايات المتحدة الامريكية، يتم إقتباس جمل ذات طابع ديني منها “في الله نعتقد” in god we trust وتكتب في العملة الامريكية “الدولار”، ولا تعتبر غلواً، او شذوذاً، بل تمثل إرتباط الوجدان بالإيمان..

فالدولة العلمانية التي ننشدها فهي في الإسلام نصاً وروحاً ” لكم دينكم ولي دين”

اعتقد هذا اهم إقتباس، وعنوان، يمكننا ان نتخذه منهج، ودستور في بلادنا، ليعيش الجميع بالتساوي، في الحقوق والواجبات، بسلام، وحب، من اجل البناء والتعمير، في ابهى صور للإنسانية روحاً، ونصاً، في الإسلام..

فالصراع الذي يدور في حلقة مفرغة، بين العلمانية والإسلام، لا طائل منه، فعلينا بالعمل من اجل الدولة المدنية، التي تحمي الجميع، ويعمل الكل لأجل نهضتها ورفعتها..

نريد ان نعيش بلا فقر، وبلا جهل، وبلا مرض، فأمر الدين مسؤولية الفرد امام خالقه، فلا تملك الدولة له نفعاً ولا ضراً، إن آمن او لو يؤمن..

 

خليل محمد سليمان

[email protected]

تعليق واحد

  1. يا سلام يا استاذنا الفاضل ، ليك تعظيم سلام .
    افتكر مقالك دا من اجمل ما كتب في شان الصراع الايدولوجي بالسودان و عن مفهوم العلمانية الحقيقية التي يتعمد الأحزاب الايدولوجيه في السودان تفسيره بكل تعمد و قصد نفاقي بانها محاربه الإسلام و معتقداته في وقت هم أنفسهم كانوا يمارسون العلمانية في دوائر الدوله بكل حذافيره ذهاء الثلاثين عاما و لا احد منهم يوما انتقد ذلك او سال أين الاسلام و ذلك لانهم هم من كان يدير البلاد و من هنا ظهر ان معاداتهم و ضجيجهم للعلمانية كتوجه ما كان الا لتقييد البلاد تحت نفوذهم و تكويش ثرواتها بكل انانيه وحرمان الآخرين بحجه انهم اخرين ويعارضونهم الرأي في ممارستهم للإسلام و بهذا يحق لهم قتلهم و ابادتهم و تهجيرهم من نفس المنطلق الايدولوجي الخاطئ حتي ان كانوا لهم حقوق مواطنه وهم سكانها الأصلين و لهم حقوق مساويه لما لهم لكنهم يحرمونهم بكل بجاهه بسبب مفهومهم الانغلاقي للدين و تعاليمه حتي اعطوا البسطاء من هذا الشعب مفاهيم سيئه عن مفهوم التوجه الايدولوجي بالبلاد و كل من كان وراءهم مما سبب ازمه ما كان من المفترض بان يكون أصلا لكنها الانانيه و النفوس المريضة و العقول المنغلقة و المفرطة في الانانيه و جهل بتعاليم دين نفسه بدليل فسادهم الأخلاقي و المالي و الإداري و سفكهم للدماء و إهانتهم لكرامه الانسان السوداني و بهدله سيادته محليا و اقليميا و دوليا . من الامثله التي ذكرته عن العلمانية و اثارها الاقتصادية و الامنيه في بلاد الغرب كان وراءها الانتشار العظيم للإسلام نفسه في بلاد الغرب اكثر منه في البلاد العربيه ذات الطابع الاستبدادي و بسبب الانغلاق الايدولوجي و عدم أعمال العقل في المفاهيم الدينيه . يا للهول ، انهم يحجمون عظيما ، وهو الإسلام ، في قمقمهم الضيق بسبب ضيق اذهانهم و عقولهم . في وقت الإسلام هو دين الحريات و دين الانفتاح و دين العقل و دين حقوق الناس و دين الوعي الجمعي و دين التجدد و دين مجاراه لأحداثه و التحضر ، و لكن فقط اذا خرجت من دايره شيوخ عقولهم تائهه في شكليات القرون الوسطي شكلا و مضمونا حتي وصل بهم التردي بان جعلوا من الدين عصمه لأنفسهم من المحاسبه و بشفافية . و انا استغرب لماذا لا يدرسون هولاء الشيوخ العلوم التطبيقية اولا ثم المشيخة الدينيه حتي لا يفتوا في أشياء عقولهم لا تستطيع ادراكه بسبب جهلهم له لكنهم يصرون علي تشويهه لأغراضهم الدونيه الضيغه حتي و ان أدي ذلك الي ضرر و اذيه الاسلام نفسه بسبب ممارستهم ذات طابع الجهل الي درجه الاعمي لأبجديات الاقتصاد و اداره الدوله و التنمية و المواطنه و الشفافيه و النذاهه في المحاسبه .
    و يكفينا قول الرسول (ص) : الدين المعاملة . و هنا فاليقس من كان معاملته سيئه لخلق الله فاليعلم ان لا دين له حتي و ان مد اللحي و قصر ثوبه و تذين جبهته بعلامه الصلاه و اشتدد بياض جلبابه و تفصح لسانه في نثر الآيات و الأحاديث . و يكفينا أيضا قوله (ص) : يظهر في اخر الزمان أناس عليهم لبوس الاسلام و قلوبهم قلوب الذئاب .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..