مقالات سياسية

أكرم يملك الدواء

إسماعيل عبد الله

    تصريح وزير الصحة السوداني أكرم التوم في حد ذاته يعتبر الدواء الناجع لجائحة كورونا, ولكن هذا العلاج ماركة مسجلة في البلدان الشرق أوسطية ولا يصلح للشعوب (المؤدبة), لأن الشعوب التي توسطها الشر الشرقي في الأساس هي شعوب لها من الاستهتار بواجبات الوقاية الصحية, وعدم الاحتياط من الأمراض المعدية ما هو مدهش و صادم للدرجة التي لا يستطيع أن يتصوره أحد, منذ أول يوم سمعنا فيه خبر إطلالة هذا الشبح المقيت المميت واللعين برأسه المتوج بتاج الرعب والخوف, شاهدنا كيف كان تعامل الأجهزة الشرطية ببلدان الشرق الأوسطي والغرب الآسيوي مع مواطنيها الكاسرين لحلقات حظر التجوال.

    ما أدلى به السيد الوزير يعتبر علاجاً نفسياً قبل أن يكون دواءًا بدنياً, فالشعب السوداني وعلى بساطته لا يحمل أي أمر جلل محمل الجد إلا بعد أن يستحفل وتلحقه فوبيا ذلك الأمر, فحديث أكرم لم يستفد منه السودانيون لوحدهم وإنما أصبح مثار الأحاديث الرمضانية في كل مجالس الإفطارات العربية, ولو جاء تصريحه هذا باللغة الانجليزية لعبر كل قارات العالم ولحصد به جوائز نوبل, فالشعوب الأفريقية والمجتمعات الغرب آسيوية لا تمتثل إلا لما يخيفها ولا تلقي بالسمع إلا على من يدخل الرهبة والرعب في قلبها.

    ألصين, منذ اليوم الأول لهجوم كورونا عليها أخذت الأمر بمحمل الجد وأغلقت أبواب مدينة ووهان (الجوة جو والبرة برة), و فرضت حظراً شاملاً على كل المدن الموبوءة وتلك المحتملة الاصابة بهذا البلاء العظيم, وعملت أجهزتها الصحية في صمت ونشاط دائب ودائم كخلايا النحل, وفي فترة وجيزة رأينا رئيس جمهورية الصين الشعبية يتجول بدون كمامة تغطي خشمه وفمه, بين طاقم الفريق الطبي الذي انتصر على العدوان الكوروني رافعاً شارة النصر بالسبابة والوسطى, فمطلقاً الأمر ليست له أية علاقة بالتحديات العنترية الجاهلة لأن العدو لا يحمل سيفاً و لا يتخفى وراء (درقة).

    تعليمات واجراءات واحتياطات صحية وطبية واضحة ومعلنة  ومعلومة حفظناها على ظهر قلب, نحن القاطنون للبلدان التي تتمتع بنظم للرعاية الصحية العالية الجودة, والتي أولها (إلزم بيتك ولا تخرج إلا للضرورة القصوى), كالذهاب للدكان من أجل شراء ضرورات الحياة من مأكل ومشرب, وارتداء الكمامة و (الجوينتات) والالتزام بمسافة التباعد الاجتماعي إذا دعت ونادت بذلك الضرورة القصوى, والتخلي عن المجاملات الاجتماعية مثل الزيارات التي لا تعدو عن كونها دعوات للأنس والكلام ليس إلا, هل تصدقوا أننا و منذ أكثر من شهر لم يخالط أحدٌ منا أكثر من شخصين في نفس المكان وذات اللحظة؟!.

    إلزم بيتك أيها المواطن السوداني وارمي باللوم والعتب على الحكومة إذا سألتك زوجتك وألح عليك أطفالك وتساءلوا عن العطلة التي حدثت لك (فجأة), و لا تكترث لأمر الحكومة لأنها في الآخر مأمورة بأوامر منظمة الصحة العالمية, وهي الجهة المسؤولة (منظمة الصحة العالمية) عن وفاة أي شخص استجاب وامتثل لتوجيهاتها, وهنالك حملات وهبّات عالمية قام بها فاعلو الخير وأصحاب إمبراطوريات المال والأعمال, و آخرها الطائرات المحملة بالمستلزمات الطبية التي أرسلها نائب رئيس دولة خليجية إلى بريطانيا العظمى.

    ما قاله أكرم هو آخر العلاج الذي يتمثل في الكي بالنار دون أي جرعة من جرعات العسل, قالها على بلاطة بأن الموت سيكون نهاية كل من لا يرعوي, ولا شيء غيره سوف يكون المصير المعلوم  والمحتوم لكل من لا يتبع التنبيهات الصادرة من وزراة الصحة, ولن يكون السودان بأحسن حال من البلدان التي فتك بها هذا الغول, استجيبوا و امتثلوا لنصائح ابنكم الحريص عليكم وعلى صحتكم, الرجل الذي تخلى عن أفضل الامتيازات المهنية الدولية التي كان يتمتع فيها بأحسن ما تكون المخصصات الوظيفية فتركها واستجاب لندائكم, فلا تخذلوا انفسكم و تخذلوه.

    لا أدري كيف سيكون مصيركم لو أنّ حمّيدة وأبا القردة الخاسئين ما زالا هما المعنيان بصحة المواطن؟ حتماً ستكون النهاية المحتومة هي موتكم (موت الضان) كما قال قلواك, فادعوا  لرب الكون بالشكر والثناء أن جاءت ديسبمر وأبريل قبل تفشي وباء كورونا, وإلا لكان الحال أكثر سوءًا, فالخطوة التالية التي أتوقع أن تتخذها السلطات السودانية في حال عدم استجابة المواطن للتلعيمات الصحية الصادرة من الجهات المختصة, هي الاستعانة بقوات الردع والحسم السريع في الوصول إلى كل مخالف وإدخاله إلى بيته قسراً وذلك رأفةً به و بعائلته.

إسماعيل عبد الله
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..