مقالات سياسية

دار أبوك كان خربت ….

أسامة ضي النعيم  

 

شيل ليك منها شلية ، هو تكملة المثل العنوان الذي تنفث به الارواح السالبة والأنانية ، يثبت تحقيق معادلته ما يدور بين النخبة السودانية اليوم ، لا تجلس  النخب اليوم كما جلست نخب أمة السودان في 19 ديسمبر 1955م للالتقاء علي شعار السودان للسودانيين ، أطاحت في تلك الجلسة بمخططات الصاغ صلاح سالم ومن خلفه وذهبت الرشي التي وزعها أدراج الرياح ، خرج السودان من بين أنياب مصر وبريطانيا مستقلا ، تتقدمه قيادات لم تتمترس داخل الحزبية الضيقة ، كانت الحصة وطن الجدود حين رفع الازهري والمحجوب علم السودان خفاقا ، ومن علي مسافة قريبة كانت أعين السيدين عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني وجموع شعب السودان ترقب اللحظة التاريخية.

بلا تكالب علي قسمة السلطة والثروة أو المحاصصات كان الاستقلال حضورا في يناير 1956م ، وهاهو اليوم ينسحب من بيننا الوطن السودان ليعود الي حضن استعمار بتطبيق ذكي حديث ، عدة التطبيق وأداته هم النخبة السياسية في مشهد العمل العام ، تنشطر الاحزاب المنقسمة وتزيد في انقساماتها للحصول علي مناصب تكفي الملأ من عضويتها ، تسير علي نهجها الحركات المسلحة وتبيع مزيدا من الرتب والنياشين لتضخيم خيال المآته ، الهدف هنا وهناك هو توزيع ثروة السودان في باطن الارض ومن عرق الرجال علي النخب السياسية والحركات المسلحة ، توزيع بطاقات الفقر علي المواطنين يفترعه جبريل ابراهيم بمحاولات تفكيك شيخ مشاريع العالم ، تحويل مشروع الجزيرة من أكبر مزرعة في العالم تحت ادارة واحدة الي أفشل مزرعة تحت رعاية جبريل ابراهيم.

الحرية والتغيير تتحول من قبلية الي أفخاذ ، التوم هجو واسامة سعيد والهادي ادريس والطاهر حجر ومناوي ، أبناء عمومة الامس يتحلقون علي موائد طعام بقدر عددعضويتهم ، تلحق بهم شلة جبريل ابراهيم والتجاني السيسي علي مائدة أخري نعتها الميثاق في اطار الحرية والتغيير ، يلحق اليسار بصفوف الموائد المصطفة وتُجهز له مائدة الحرية والتغيير الجذري ، فلول الاخوان يحنون لكرسي السلطة أيضا وتكون لهم مائدة تيار الاسلام العريض ، التناسل الحزبي لا يقف عند الساسة بل هو أيضا صرعة الحركات المسلحة ، يأبي عقار الا أن يؤجج الفتنة في النيل الازرق ليمسي بيرقه يعلن حضور حركته من بين الموائد عند قسمة السلطة والثروة.

يغيب نموذج الصاغ صلاح سالم بطريقته في ذلك الزمان لابقاء السودان تحت جناح الدولة المصرية ، لكن تظل الرغبة في الحصول علي الرجال الاشداء للجندية والذهب من السودان حاضرة عند بعض الدول ، في نموذج الصاغ صلاح سالم كان هو المسكين الذي (يحوم) بين النخب السودانية من جوبا الي الخرطوم ، كانت النتيجة أن طرده الازهري شر طردة ورفض مقابلته في بعض المناسبات ، النخب السودانية والحركات المسلحة هي اليوم في مقام النخاس البائع (تتنطط) لعرض السودان وموارده علي الدول ، تذهب وفود بعض تلك النخب الي روسيا أو دول الخليج ثم تعرج علي مصر أو ليبيا ، الهدف هو عرض السودان الموارد من الذهب والمقاتلين من الرجال علي تلك الدول ، حصيلة البيع تحتفظ بها النخبة في حسابات ببنوك تركية أو خليجية بعيدة عن يد ثورة ديسمبر 2018م.

غاب القائد القومي السوداني في نخب اليوم ، مكانه استنسر بغاث الطير، حلت بيننا وأبت أن تفارقنا مقالة النخبة : (دار أبوك كان خربت شيل ليك منها شلية) ، يعلنها البعض صراحة في مجالسهم وتكتمها بعض الحركات المسلحة الا من بعض القول تحت التربيزة.

حفظ الله السودان من كل عابث باستقلاله وحرية شعبه وسلام مواطنيه.

وتقبلوا أطيب تحياتي.

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..