مقالات وآراء سياسية

السودان في ظل الاوضاع السائبة اي المخابرات اقوي: الأمريكية، الاسرائيلية، المصرية، الاثيوبية، التركية؟!! 

بكري الصائغ
١- ان كلمة “سائبة” التي جاءت في العنوان اعلاه، ليس الغرض منها التحقير او التقليل من قدر السودان، بقدر ما هي حقيقة واقعة وملموسة علي ارض الواقع منذ زمان طويل ولا يختلف حولها اثنان، وان الاوضاع السائبة والمتدهورة يوميآ اصبحت حقيقة واقعة لا تخفي عن العيون، هذا الحال السائب اوصل البلاد الي مستوي سيء ومزري لم تعرف البلاد من قبل له مثيل ، واحدة من الحالات السائبة ، ان السودان دخله بكل ارتياح نحو (٥) مليون لاجئ ووافد من دول الجوار والبلدان الافريقية البعيدة ، واعدادهم تزداد كل يوم ولا احد يهتم !!، هذا الي جانب وجود منظمات اجنبية متطرفة دخلت بسلاحها وعتادها الحربي الثقيل وعاثت فسادا -(داعش، الاخوان المسلمين – مثالآ!!.)، وحاليآ توجد داخل كثير من المدن السودانية عصابات تخصصت في تجارة البشر تعمل بكل ارتياح وطمانينة!!، بجانب وجود عشرات الانواع من “مافيا” مختلفة التخصصات تعمل في مجالات  تجارة السلاح الناري بكل انواعه عادي وثقيل ، وتهريب المخدرات والسلع الضرورية والادوية والمواشي… انه سودان ما كان يمكن ان يكون هذا حاله لولا ان التسيب فيه  يتم برعاية من السلطة العسكرية الحاكمة في الخرطوم!! .
٢- لم يعد يخفي علي احد منذ زمن طويل، ان الاوضاع السائبة المزرية في سودان اليوم هي التي جعلت العديد من اجهزة المخابرات العالمية تنشط في اعمالها بكل حرية وامان ولا تهتم كثيرآ بالرقابة الضعيفة عليها!!، بل حتي ان الصحف والمواقع السودانية قامت في كثير من المرات بنشر اخبار ومقالات عن تحركات اجهزة المخابرات الاجنبية دون ان تجد هذه الاخبار الحظر والمنع!! .
٣- بعد انقلاب يوم الاثنين ٢٥/ اكتوبر ٢٠٢١م ، نشرت الصحف المحلية الكثير عن دور المخابرات المصرية، ونشرت ايضآ اسماء شخصيات مصرية قالت الصحف عنهم، انهم من المخابرات المصرية الذين (ايديهم طويلة) وعندهم القدرة علي التحرك في في طول البلد وعرضها وكانهم من اهل البلد!!، عندهم القدرة علي فهم الاوضاع السياسية في البلاد من خلال الاحتكاك والاتصالات المباشرة مع المسؤولين الكبار بما فيهم من هم السلطة الحاكمة في رئاسة الجمهورية!!، وان كل خيوط اللعبة السياسية والاقتصادية في ايديهم!!، وهنا اطرح سؤال هام مفاده، هل فعلآ المخابرات المصرية في السودان كما كتبت الصحف السودانية في مرات كثيرة هي الاكثر نشاطآ من اي مخابرات اجنبية اخري تعمل داخل البلاد، وانها اقوي بكثيرمن المخابرات الامريكية (CIA)، والروسية (FSB)، والصينية (MSS) ، المخابرات البريطانية (Secret Intelligence Service”SIS”)، والاسرائيلية (الموساد)، والاثيوبية (مركز الاستخبارات الوطني)؟!! .
 ٤- (أ)- واقع الحال يؤكد بلا جدال، ان المخابرات الامريكية (CIA) في السودان هي الاقوي ولا تنافسها اي مخابرات او استخبارات اخري اجنبية ايآ كان حجمها وقوتها، وانه بعد احداث ١١/ سبتمبر٢٠١١م التي وقعت في الولايات المتحدة ، نجد ان المخابرات الامريكية قامت بتوقيع اتفاق رسمي ابرم ما بينها وجهاز المخابرات السودانية تحت مسمي “محاربة الارهاب والتطرف”، هذا الاتفاق اعطي الحق الكامل للمخابرات الامريكية ان تعمل بكل حرية وبلا قيود في السودان، واصبح (جهاز المخابرات الوطني) السوداني مكتب معلومات تابع (CIA) الامريكي، ومنذ عام ٢٠١١م وحتي اليوم لم يتم تغيير او تعديل الاتفاق!! .
 (ب)- لم يعد يخفي علي احد، ان ال(CIA) منذ زمن طويل -وتحديدآ في زمن حكم الفريق/ ابراهيم عبود عام ١٩٥٨م – تعرف بدقة كل شيء يدور في السودان، تمامآ بنفس القدر كما تعرف كيف تسير الامور السياسية والاقتصادية والعسكرية في كل البلاد العربية والافريقية، المخابرات الامريكية هي الاقوي في السودان ، وامريكا ليست في حاجة لارسال جيمس بوند (007) الي السودان ، فاحيانآ تصلها المعلومات من جهات سودانية عديدة في طبق من ذهب!! .
٥- اما عن مكانة جهاز (الموساد) الاسرائيلي في السودان فهي تحتل المرتبة الثانية بعد ال(CIA)، وظهر نشاطها القوي بصورة اذهلت الجميع عندما قامت بنقل (الفلاشا) الاثيوبيين من قلب ولاية كسلا الي تل ابيب باتفاق مسبق مع المخابرات السودانية في عام ١٩٨٤م ، وبعدها توطدت العلاقة ما بينها وال(CIA) لتبادل المعلومات السياسية والعسكرية والامنية في السودان.
٦- لم يعد يخفي علي احد  سواء من المواطنين او من المسؤولين السودانيين ، ان المخابرات الاثيوبية (مركز الاستخبارات الوطني) عندها نشاط واسع وكبير للغاية داخل السودان، وتنشط بشدة في ولايات كسلا والقضارف والبحر الاحمر- علي اعتبار انها مناطق تضم جماعات المعارضة الاثيوبية التي تنشط ضد الحكومة في اديس ابابا، هذا النشاط الاستخباراتي الاثيوبي في السودان ضد المعارضين ليس وليد اليوم فهو امتداد لعمل استخباراتي بدأ اول ما بدأ في عام  ١٩٥٨م وتحديدآ في زمن الرئيس السابق/ ابراهيم عبود، الذي سمح للمعارضة الارتيرية (وقتها) بدخول السودان والاقامة في كسلا والقضارف، وهو الامر الذي لم يعجب الامبرطور/ هيلا سلاسي وقتها واعتبره تدخل في الشأن الاثيوبي، فارسل رجال مخابراته بالمئات الي كل مكان فيه ارتريين ، وتمت عمليات اغتيال وتصفيات جسدية طالت نحو اكثر من (٢٠) الف لاجئ ارتيري واثيوبي وايضآ سودانيين خلال الفترة من عام ١٩٥٨م وحتي ما بعد وفاة هيلا سيلاسي في اغسطس عام ١٩٧٥م .
٧- المخابرات التشادية (ANS) التي تنشط في ولاية دارفور بصورة خاصة ، لا يهمها بقليل او كثير ما يدور في السودان من احداث ونكبات، بقدر ما يهمها اولآ وقبل كل شيء ملاحقة المعارضين التشاديين الذين اتخذوا من ولاية دارفور نقطة انطلاق ضد السلطة الحاكمة في تشاد، ولم يعد يخفي علي احد، ان المخابرات التشادية عندها قوة عسكرية وامنية وعيون وجواسيس في قلب دارفور.
 ٨- المخابرات  البريطانية (Secret Intelligence Service”SIS”) في السودان تعمل بهدوء شديد وبلا ضوضاء او مقابلات استخبارية ولقاءات  مع (جهاز المخابرات الوطني)، ولم نقرأ في الصحف السودانية اي اخبار تتعلق بالمخابرات البريطانية.
٩- من منا لايعرف ان (جهاز المخابرات الوطني التركي) في الخرطوم هو الذي كشف عملية التجسس التي قام بها الفريق أمن/ طه عثمان (سعودي الجنسية) عام ٢٠١٧م ، وكان طه (وقتها) يشغل منصب مدير مكتب عمر البشير في رئاسة الجمهورية، وتم اعتقاله بعد كشف تجسسه وتبين أنه كان يُدبر انقلابا في الخرطوم، لكن سر سكوت السودان عن إذاعة هذه التفاصيل وقتها هو أن الرجل تبين أيضا أنه كان يُنفذ أجندة سعودية إماراتية في مكتب الرئيس البشير… المخابرات التركية هي التي اخطرت الفريق/ محمد عطا مدير جهازالامن السابق بتفاصيل خطط عثمان طه.
١٠- كم هو شيء مؤسف، انه في ظل الاوضاع السائبة الي حد بعيد في سودان اليوم الغارق شعبه وحكومته ومنظماته واحزابه المتعددة في عدم الامبالاة وقلة الاكتراث بحال البلد الذي يسير بسرعة البرق نحو الدمار، نجد فوق كل هذا ان عشرات الجهات الاستخباراتية العالمية العاملة في السودان تزيد كل يوم الطين بلة وتازمنا بمواقف صادمة واليمة.

‫14 تعليقات

  1. تحياتى استاذى الصايغ ، لا شك بأن المخابرات المصرية هى الاقوى والاوسع انتشارا فى السودان لدرجة ان السودان اصبح بالنسبة لضباط وأفراد المخابرات المصرية ميدان التدريب والصقل واكتساب الخبرة علما بأن المخابرات المصرية لاتتواجد فى العاصمة فقط ولكن فى كل مدن السودان وبعض القرى وتحت مسميات الاستثمار حتى ان بعض الضباط يعملون فى المقاولات واعمال السيراميك ومحلات الأثاث ومحلات الحلويات بل ان بعض المخابرات المصريين مطلوب منهم الزواج من سودانيات وهذا ماحدث كثيرا ..صحيح ان كل أجهزة المخابرات الإقليمية والعالمية تعمل فى السودان لكنهم ليسوا مضرين مصل المصريين فهولاء ضررهم بليغ

    1. الاستاذ/سودانى طافش.
      كل عام وانتم بخير.
      ما زالت علي رائي ان ال(CIA) هي الاقوي في السودان منذ عام ١٩٥٦حتي اليوم عندما اعترفت حكومة واشنطن باستقلال السودان واقامت مع علاقات دبلوماسية وامنية، حاليآ سفارة الولايات المتحدة في سوبا هي الاكبر في افريقيا وبالمنطقة العربية، بالطبع سفارة بهذا الحجم لا يمكن ان تكون مجرد مكاتب وصالات استقبال… و(كل لبيب بالاشارة يفهم.).

  2. عندما يعيش الشيوعي في الغرب ويتمتع ويستمتع بدول الغرب الراسمالية الامبريالية ويستبطن نقدها بما وقر في صدره من ترهات اليسار الخاوية البائسة وصدقها قوله بكتابات اكثر بؤسا وتحليلات فطيرة ليست عن دراسة ثاقبة ولا نظرة عميقة بل اجتثاث لنتف ومعلومات شفاهية تتحول مقالاته التافهة التي اقرب الي القطيعة والوناسة السياسية منها الي التحليل الرصين والقراءة المتعمقة للواقع
    رحم الله الاساتذة محمد الحسن الحاج وحسن ساتي وسيد احمد خليفة لم ينالوا حظهم من التعليم النظامي ولكن برعوا كايقونات صحفية ومضوا الي ربهم قبل ان يشهدوا عصر القونات الميمات الصحفية

    1. المثليين يؤيدون الإتفاق الإطاري شرط تضمين حقوقهم في الإتفاق.
      ■□■
      وفق لبيان صادر من الصفحة الرسمية لمجتمع الميم اليوم الأربعاء 4 يناير 2023م ايدوا فيه الاتفاق الإطاري لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية و بسط الحريات و الحقوق.

      وقد ابدا المثليين تحفظهم على بعض بنود الاتفاق مطالبين باعتماد منصب مستشار الشؤون النوع الاجتماعي والذي اعتمد في 2021م كأحد ثمار ثورة ديسمبر المجيدة بأصدر دولة رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك قرار مجلس الوزراء رقم (١٠٤) لسنة ٢٠٢١م،وفقا لأحكام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠١٩م، و القاضي بتعيين
      عائشة حمد محمد _ مستشارةً لشؤون النوع الاجتماعي مؤيدين التحول نحو مجتمع مدني يتقبل الآخر.

      كما دعا البيان بتضمين مشروع قانون يحمي المثلية الجنسية والمتحولين ضمن الإتفاق الإطاري ويجرم أي سلوك عدواني ضدها مع إلغاء المواد المجرمة للحقوق الجنسية داعين إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم إدارج الحقوق الجنسية في المناهج المدرسية.

      وقد دعا البيان تأكيد حقهم بالمشاركة في الحكومة في كافة المستويات بدأ من تعيين مستشار رئيس الوزراء لشؤون النوع و تخصيص 15% من مقاعد البرلمان الإنتقالي وإعادة مقر جمعية القرآن الكريم لهم.

      مؤكدين نضال مجتمع الميم خلال الثلاثين عام من حكم الانقاذ والتي توجت بثورة ديسمبر المجيدة وفقا للبيان .

    2. الاستاذ/ Ali Ahmed.
      كل عام وانتم بخير.
      لم استغرب انك لم تكتب ولا حرف واحد في مضمون المقال، ويعود سبب هروبك من الابتعاد عن الكتابة حول عشرات المخابرات التي زحمت السودان بالعملاء من كل صنف ولون، الي ان عبدالرحمن المهدي هو اول من اقام علاقات مع اسرائيل ومخابراتها عام ١٩٥٥، وهذه المعلومة ليست من عندي وانما من وثائق حزب الامة!!

  3. المرحوم حسن ساتى حائز على بكالريوس الاداب من جامعة القاهرة الاموليس كما ذكر على احمد

  4. الاستاذ/ صدقي.
    كل عام وانتم بخير.
    يبدو يا حبيب ان هذا التعليق قد جاء الي هنا بالخطآ ، فهو تعليق لا علاقة له بالمقال، ويبدو انك اخطأت في الارسال.

  5. الشيء بالشيء يذكر:
    ١-
    البرهان وكوهين اتفقا على إقامة
    تعاون استخباري وأمني:
    28.01.2021:- وزير المخابرات الإسرائيلية يكشف تفاصيل زيارته للخرطوم: البرهان وكوهين اتفقا على إقامة تعاون استخباري وأمني لكبح المنظمات الإرهابية والإسلام الراديكالي وعودة 6000 من السودانيين المتسللين إلى إسرائيل بصورة غير شرعية إلى الخرطوم بعد تدريبهم مهنياً في إسرائيل.

  6. لا شك أن المخابرات الأقوى في السودان هي الأمريكية والمصرية والاسرايلية والبريطانية لكن الملاحظ انهم حلفاء ويتبادلون المعلومات اي لا ضرر ولا ضرار بينهم في الحد الأدنى من المصالح لكن المتضرر هو السودان لانه اختار أن يكون حلبة صراع دولي بسبب صراع أبنائه علي السلطة وهذا قدر الشعب التعيس.

    1. الأخ/ Mohd.
      تحية طيبة.
      لا غرابة علي الاطلاق وجود عشرات انواع من عملاء المخابرات العالمية في السودان، وهو شيء ليس بالغريب ولا بالمستغرب او موضوع يثير الدهشة، السودان مثله مثل كل دول العالم مزدحم بعملاء المخابرات الاجنبية، بل حتي السودان عنده عملاء مخابرات في عديد من الدول يترصدون في اعمالهم بالدرجة الاولي المعارضين والنشطاء السياسيين، لكنهم عملاء يفتقدون الحكنة والعمل الاستخباراتي لذلك يتعاونون مع اجهزة المخابرات في البلدان التي يعملون فيها.
      وصلتني رسالة من صديق سالني فيا لماذا لم اكتب عن دور المخابرات الفرنسية في الخرطوم وكيف انها استطاعت ان تعتقل الارهابي الفنزويلي ماركوس إلييتش راميريز عام ١٩٩٤ بمساعدة حسن الترابي؟!!

  7. المنظمات و الأجهزة الاعلامية من اهم اذرع المخابرات و عموما كما يقولون : المال السايب يعلم السرقة , فطالما ان مخابراتنا نايمة فسيسرح الاخرون في المراعي و و اذا غاب الراعي أكلت الذئاب الغنم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..