مقالات سياسية

نيران صديقة جداً ..!

منى أبوزيد

لم أرتكب شيئاً إطلاقاً .. حسني مبارك ..!

قبل أيام ناقش الإعلام المصري – بشيء من التوتر – تزايد أعداد رحلات السياحة الدينية التي يقوم بها الحجيج المسيحيون إلى مدينة القدس، بمباركة أمن الدولة .. ويوم أمس الأول أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حالة الطواريء في مصر لمدة ثلاثة أشهر، بعد وقوع تفجيرين استهدفا كنيستين، ووقع ضحيتهما (46) قتيلاً وأكثر من مائة مصاب، كان تنظيم الدولة الإسلامية داعش قد أعلن مسؤوليته عنهما عبر وكالته أعماق ..!

ما يزال ورثة ثورة يناير من المسيحيين – يدفعون فواتير القتل غيلة على مذبح الاحتجاج الإرهابي، إلى الحد الذي طالبت فيه بعض الأحزاب المصرية حكومة بلادها العام الماضي – بوزارة مختصة بالحرب على الإرهاب.. وهذا يعني باختصار – أن التاريخ في مصر يعيد نفسه بتصرف ..!

المسؤول الأول في تقديري – هو الإعلام المصري، لأنه سمح لنفسه يوماً بتأجيج مخاوف الشعب، واستبطأ حكمه النهائي على تجربة الإخوان، بينما الحل الوحيد لغربلة حقيقة الحركات الإسلامية أو غيرها – هو عدم الوقوف في طريقها إلى الحكم، وعدم استعجال منتوج تجاربها المثيرة للجدل ..!

الوعود الانتخابية في القطارات السياسية ركاب في غاية الخفة، ويسهل جداً إلقاء جثثها من النوافذ عند محطات الوصول، لذلك تبقى أقصرالطرق لمعرفة استحقاق الغير للثقة هي أن نعطيه إياها فينجح ونرتاح، أو يفشل فنستريح .. وتاريخ مصر المعاصر سيحفظ لإعلامها مسؤوليته عن مآلات الثورة، ومصائر ورثتها من الإسلاميين، ومصائر ضحايا غزوات «الدواعش» وثاراتهم المتواترة! .

الإعلام العربي مسؤول أيضاً عن إثارة عاطفة الجماهير، وعن إضرام توقها نحو مواقف البطولة والمجد، وعن وقفات الشارع السياسي الذي خرج على نفسه وبات مصلوباً في وقفة إعزاز عظمى لأبطال القتل والانتحار تحت شرفات الحكام والمسؤولين، أو قاب قوسين أو أدنى من أبواب المعارضة الرسمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع!

الإعلام العربي هو الذي صور البوعزيزي التونسي بطلاً أكثر شجاعة من فرسان الخوارج لأنه قضى نحبه ولم ينتظر! .. بينما الرجل في حقيقته ليس صلاح الدين الأيوبي الذي قاتل بسيفه حتى قال الأعداء كفى، بل هو مواطن مسكين مغلوب على أمره، وقع في مصيدة الانفعال، وليته استثمر مقدرته على مواجهة الموت في إضرام ثورة تغيير ..هكذا يجب أن يكون عبور الإعلام المسؤول من مآزق المواقف السياسية ..!

أما الإصرار على وصف ذلك السلوك الانتحاري بالبطولة والشجاعة فذاك هو الهوس الجماعي الذي يصيب المجتمعات عندما ينهك فكرها الغبن ويتلف أعصابها طول الصمت والظلم والقهر .. الحمد لله إننا في عصر العلم الذي تحرر فيه مفهوم البطولة من أسطرة الخرافة ..!

ذلك الهوس بالثأر والقتل والدمار يسلب المجتمعات المسلمة أعز مقومات تمايزها واستقلاليتها، بينما تلك الهستيريا الجماعية هي طبيعة المجتمع الإسرائيلي ذو الهوية الجماعية القاتمة وليس مجتمع خير أمة أخرجت للناس ..!

الإعلام المصري هو الذي صنع الإرهاب الجديد في بلاده، بانسحابه المبكر من معارك الديموقراطية، ووقوفه في صفوف المرجو والمأمول على حساب الواقع الانتخابي، والمسؤولية الأخلاقية، وعلى حساب الحياد المهني الواجب .. فهل من مُذَّكر ..؟!

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. أصبحتى ممن يخشى غضب الثوار ضد الطغاة القتلة !! إستمتعى بحياة خضراء الدمن ولنا فى أمثالك أسوة سيئة ،

  2. أصبحتى ممن يخشى غضب الثوار ضد الطغاة القتلة !! إستمتعى بحياة خضراء الدمن ولنا فى أمثالك أسوة سيئة ،

  3. عبد الباقي الظافر

    قبل عدة سنوات كنت رفقة صديق صحفي نهم مساءً بعبور جسر المك نمر ..رأيت تزاحماً في نهاية الشارع..قادني فضولي الصحفي للتوقف..عدد من رجال الشرطة يحاصرون وزيراً لأنه يقود عربة حكومية بلا لوحات..تم رفع العربة على سحاب والوزير في جوفها..تابعت القضية وزرت الوزير علي مجوك المؤمن ..كتبت الحلقة الأولى فيما الثانية منعت من النشر.

    الوزير الذي قبضت عليه الشرطة كان يشتكي من وزير آخر مسنود في ذات الوزارة..سحب النافذ كل صلاحيات الوزير المهمش بما فيها حقه في قيادة العربة الحكومية..كل ذلك تم لأن الوزير لم يكن مشمولاً بعضوية الحزب الحاكم وجاء للمنصب في إطار المحاصصة.

    قبل أيام كان الدكتور نافع علي نافع الذي يتمرن تحت الأضواء استعداداً لمرحلة قادمة.. صرح نافع أن المعارضة التي تطرح فكرة السودان الجديد لن تبلغ الحكم ولو سعت لذاك الهدف بعمر نوح المديد.. حاولت أن أتجاهل تصريحات الدكتور نافع باعتباره لا يشغل منصباً تنفيذياً مهماً..كما أن جميع الناس قد اعتادوا على لغته الخشنة جداً في كل مراحل عمله بالسياسة.

    إلا أن تصريحاً آخر جاء على لسان الأستاذ إبراهيم محمود حامد، نائب رئيس الحزب الحاكم، جعلني أعيد قراءة الأمر..الأستاذ حامد، الذي كان يخاطب المؤتمر التنشيطي لقطاع الشباب بالحزب الحاكم ،أوضح أن حزبه لا يسعى للسلطة فقط ثم استدرك ” بل همنا بناء الأمة والمجتمع”..العبارة الأخيرة تفيد بتوجه فيه نوع من الوصاية على الناس..بل تفتح الباب لسؤال كيف كان حال المجتمع والأمة قبل أن يصل إبراهيم وإخوته الى كرسي السلطان.

    صحيح أن الحزب الحاكم لا يسعى للسلطة ..تلك مهمة انتهت بالتمكين الذي استمر نحو ربع قرن من الزمان قبل أن يعلن الرئيس نهايته العام الماضي ..الآن السلطة تجرجر أذيالها وتسأل عن عنوان الحزب الحاكم..منذ أن وصلت الإنقاذ إلى القصر الرئاسي تعاقب على الولايات المتحدة ستة رؤساء..أربعة منهم قضوا دورتين في الحكم برضاء الشعب.. حينما يضطر الحزب الحاكم لإخلاء وزارة يجري الترتيبات اللازمة التي تجعل الوزير الغريب يتحرك (بريموت كنترول) مثبت في جزء ما من الوزارة أو خارجها تماماً.

    الآن وبعد ثلاثة أعوام من الحوار جعل الحزب الحاكم المقاعد الستة الأمامية محرمة على من سواه.. الرئيس ونائبيه ورئيس الوزراء بجانب رئاستي البرلمان ..بالطبع جميع مقاعد الولاة غير مطروحة أصلاً للنقاش ..هنالك أيضاً مقاعد حساسة يمنع الاقتراب منها بتاتاً. كل تلك شواهد أن الحزب الحاكم غير مستعد أبداً لفكرة تداول سلمي للسلطة .

    في تقديري هنا تكمن أزمتنا ..الحزب الحاكم يشعر أن مهمته رسالية..وأن وصايته على الناس طوعاً أو كرهاً ينال عليها ثواباً عظيماً..تحت هذا الإحساس الإيماني يعتبر أي انسحاب من المسرح كمن يولي دبره يوم القتال..ذات الإحساس المؤسسي ينتقل لشاغلي المناصب..لا أحد لديه الرغبة في إفساح المجال حتى لإخوته في التنظيم..لهذا يحدث التكلس والتكالب على المقاعد .

    بصراحة..ستظل أزمة التداول السلمي للسلطة حاضرة ما لم يحدث تغيير حقيقي في عقلية الوصاية..إن لم يشعر حكامنا أن لبلدنا رباً يحميه فستظل السلطة محتكرة بدواعي حماية بيضة الدين.

    الصيحة

  4. عبد الباقي الظافر

    قبل عدة سنوات كنت رفقة صديق صحفي نهم مساءً بعبور جسر المك نمر ..رأيت تزاحماً في نهاية الشارع..قادني فضولي الصحفي للتوقف..عدد من رجال الشرطة يحاصرون وزيراً لأنه يقود عربة حكومية بلا لوحات..تم رفع العربة على سحاب والوزير في جوفها..تابعت القضية وزرت الوزير علي مجوك المؤمن ..كتبت الحلقة الأولى فيما الثانية منعت من النشر.

    الوزير الذي قبضت عليه الشرطة كان يشتكي من وزير آخر مسنود في ذات الوزارة..سحب النافذ كل صلاحيات الوزير المهمش بما فيها حقه في قيادة العربة الحكومية..كل ذلك تم لأن الوزير لم يكن مشمولاً بعضوية الحزب الحاكم وجاء للمنصب في إطار المحاصصة.

    قبل أيام كان الدكتور نافع علي نافع الذي يتمرن تحت الأضواء استعداداً لمرحلة قادمة.. صرح نافع أن المعارضة التي تطرح فكرة السودان الجديد لن تبلغ الحكم ولو سعت لذاك الهدف بعمر نوح المديد.. حاولت أن أتجاهل تصريحات الدكتور نافع باعتباره لا يشغل منصباً تنفيذياً مهماً..كما أن جميع الناس قد اعتادوا على لغته الخشنة جداً في كل مراحل عمله بالسياسة.

    إلا أن تصريحاً آخر جاء على لسان الأستاذ إبراهيم محمود حامد، نائب رئيس الحزب الحاكم، جعلني أعيد قراءة الأمر..الأستاذ حامد، الذي كان يخاطب المؤتمر التنشيطي لقطاع الشباب بالحزب الحاكم ،أوضح أن حزبه لا يسعى للسلطة فقط ثم استدرك ” بل همنا بناء الأمة والمجتمع”..العبارة الأخيرة تفيد بتوجه فيه نوع من الوصاية على الناس..بل تفتح الباب لسؤال كيف كان حال المجتمع والأمة قبل أن يصل إبراهيم وإخوته الى كرسي السلطان.

    صحيح أن الحزب الحاكم لا يسعى للسلطة ..تلك مهمة انتهت بالتمكين الذي استمر نحو ربع قرن من الزمان قبل أن يعلن الرئيس نهايته العام الماضي ..الآن السلطة تجرجر أذيالها وتسأل عن عنوان الحزب الحاكم..منذ أن وصلت الإنقاذ إلى القصر الرئاسي تعاقب على الولايات المتحدة ستة رؤساء..أربعة منهم قضوا دورتين في الحكم برضاء الشعب.. حينما يضطر الحزب الحاكم لإخلاء وزارة يجري الترتيبات اللازمة التي تجعل الوزير الغريب يتحرك (بريموت كنترول) مثبت في جزء ما من الوزارة أو خارجها تماماً.

    الآن وبعد ثلاثة أعوام من الحوار جعل الحزب الحاكم المقاعد الستة الأمامية محرمة على من سواه.. الرئيس ونائبيه ورئيس الوزراء بجانب رئاستي البرلمان ..بالطبع جميع مقاعد الولاة غير مطروحة أصلاً للنقاش ..هنالك أيضاً مقاعد حساسة يمنع الاقتراب منها بتاتاً. كل تلك شواهد أن الحزب الحاكم غير مستعد أبداً لفكرة تداول سلمي للسلطة .

    في تقديري هنا تكمن أزمتنا ..الحزب الحاكم يشعر أن مهمته رسالية..وأن وصايته على الناس طوعاً أو كرهاً ينال عليها ثواباً عظيماً..تحت هذا الإحساس الإيماني يعتبر أي انسحاب من المسرح كمن يولي دبره يوم القتال..ذات الإحساس المؤسسي ينتقل لشاغلي المناصب..لا أحد لديه الرغبة في إفساح المجال حتى لإخوته في التنظيم..لهذا يحدث التكلس والتكالب على المقاعد .

    بصراحة..ستظل أزمة التداول السلمي للسلطة حاضرة ما لم يحدث تغيير حقيقي في عقلية الوصاية..إن لم يشعر حكامنا أن لبلدنا رباً يحميه فستظل السلطة محتكرة بدواعي حماية بيضة الدين.

    الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..