أضرار الأكياس وشرور الأسواق

أضرار الأكياس وشرور الأسواق

في الأنباء أن ولاية الخرطوم شرعت فعليا في حظر تصنيع وتداول أكياس النايلون .. هذه الخطوة التي أقدمت عليها الخرطوم ليست الأولى من نوعها فقد سبقتها اليها ولايات أخرى، نذكر منها ولايتي القضارف والنيل الأبيض ، بل أن والي النيل الأبيض عبد الحميد كاشا، كان قد عمل على استقدام شحنة قطار كامل من قفاف دارفور لتحل هذه «القفاف ? جمع قفة» محل أكياس البلاستيك التي أصدر قراراً بمنعها، ولكن رغم كل هذه الجهود لمحاربة الأكياس وبافتراض النجاح في القضاء عليها ، فان المشكلة الأكبر منها ستبقى قائمة لا يعنيها كيس نايلون أو ورق أو قفة أو حتى شوال ، تلك هي مشكلة هذا التردي المريع في الأوضاع المعيشية وتدني مداخيل السواد الأعظم من الشعب في ظل غلاء متوحش ومتفاحش ومتصاعد.
صحيح أن قرار منع الأكياس قد يكف عن الناس أضرارها الصحية ، ولكن ماذا بشأن شرور السوق والغلاء ، فهذا الغلاء هو من فرض الكيس وأزاح القفة التي كانت لها «شنة ورنة» أيام الرخاء ويقال عنها شعبياً «القفة أم إضنين بشيلوها اتنين»، وتقديري أن أيما حديث عن استبدال الكيس يقتضي بالضرورة ابدال حال الناس وتحسين سبل عيشهم وتيسير حصولهم على المواد الغذائية من لحمة وخضار إلخ، وتقديري أن عهد «قفة الملاح» قد ولى وراح، وهذا ما جعل «كيس الملاح» يحل بديلاً لها، ليس من حيث الشكل بل قبل ذلك وأهم من ذلك من حيث السعة والمحتوى والمضمون، إذ اعتاد الناس الآن بسبب الأوضاع المعيشية المتردية وتدني مستوى دخل الفرد معطوفاً على تدني قيمة العملة الوطنية في على الأوعية صغيرة الحجم لحمل القليل مما يستطيعون شراءه من مواد غذائية، ذلك لمن يستطيع للشراء سبيلاً وإن كان قليلاً بالكاد يقيم الأود ويطفئ لسعة الجوع ويسكت قرقرة البطون من شاكلة «مس كول لحمة» وليس حتى ربع كيلو، حتى كادت أن تصدق فينا النبوءة المتشائمة التي تقول سيمر على البلاد زمان يضطر فيه المتسوق الى حمل نقوده في قفة عند ذهابه للسوق ليعود منه بأشياء محمولة في جيبه، وغير أولئك الذين يكابدون مشقة حتى شراء القليل، هناك آخرون لم يكن لهم قبل حتى بهذا الكيس على ضالته وقلة محتوياته كماً ونوعاً، منهم من صار يعتاش على فضلات الكوش ومقالب الزبالة، ومنهم من تفتقت «عبقريته» لمقاومة حالة الضنك والمسغبة عن أكلات شعبية عجيبة من أمثلتها «سندوتش الموز» و«أم بلقسات وكدارين الدجاج» إلخ، ولا أظنني في حاجة لإضافة الأعداد الكبيرة من تلاميذ وطلاب المدارس الذين يقضون يومهم الدراسي وهم جوعى بلا فطور، وهذا والله على ما أقول شهيد ليس مبالغة مني بل حقائق لم أذكر منها إلا أقل القليل والأمثلة «على قفا من يشيل» ..

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..