مقالات سياسية

السودان: المراحل المبكرة لمعنى الاسم ودلالته 5

هل كان لاسم السودان دلالة ومفهوم وانتماء بين مواطني بلدنا الحالي قبل العصر التركي؟
لا بد في البداية من مدخل بسيط يساعد على توضيح وفهم ما نحن بصدده وهو الحديث عن المواطنين. ارتباط المواطن ببلدة وحقوق المواطنة في العصر الحديث تحدده الحدود السياسية. فمثلاً سكان دولة الكويت وسكان المملكة العربية السعودية ينتسبون إلى سلالة واحدة ويتحدثون نفس اللغة ويدينون بنفس الدين والمذهب ويتمتعون بتراث وتاريخ مشترك وكل هذا لا دخل له في الانتماء وحقوق المواطنة. فالكويتي لا ينتمي إلى المملكة ولا يتمتع بحقوق المواطن السعودي في المملكة لأنه ينتمي إلى دولة أخرى والعكس صحيح.
فالحدود السياسية هي التي تحدد الانتماء وحقوق المواطنة لا السلالة والدين واللغة والتراث المشترك. فالمواطن السوداني كان يتمتع بالانتماء وكل حقوق المواطنة في جنوب السودان قبل أن ينفصل الجنوب ويكون دولة قومية ذات حدود سياسية وكذلك مواطن جنوب السودان أما بعد الانفصال وقيام الدولة القومية في جنوب السودان فأصبح مواطن الجنوب أجنبياً في الشمال.
هذا الوضع المتعلق بالمواطنة وارتباطها بالحدود السياسية مفهوم حديث تطور في أوربا في القرن التاسع عشر، ولم يكن الحال كذلك من قبل. كان الوضع في أوربا يختلف وكذلك في العالم الاسلامي. وقد تناولنا ذلك بشيء من التفصيل في الفصل الأول من الجزء الثاني من كتابنا السودان: الوعي بالذات وتأصيل الهوية. ونكتفي هنا بالتقرير أن نظام المواطنة وحقوقها في المفهوم الإسلامي لا دخل له بالحدود السياسية.
فالحدود السياسية للدول الاسلامية قبل العصر الحديث كانت مثل الحدود الادارية بين الولايات أو المديريات في الدول الحديثة. فالمواطن من ولاية الخرطوم يمكنه الانتقال إلى ولاية الجزيرة دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، ويمكنه الإقامة والتمتع بكل حقوق مواطن ولاية الجزيرة.
فالحدود بين ولاية الخرطوم والجزيرة حدود إدارية لا دخل لها بالانتماء والمواطنة وحقوقها، وهكذا كانت الحدود بين الدول الاسلامية عبر العصور التاريخية وحتى قيام الدول القومية الحديثة. فالمواطن مثلاً كان يمكنه التحرك من العراق التابع للدولة العباسية السنية والدخول في القاهرة التابعة للدولة الفاطمية الشيعية دون الحاجة إلى إذن دخول، ويكنه الإقامة والعمل والتمتع بكل حقوق المواطن في الدولة الفاطمية. ويمكن الوقف على تفاصيل ذلك في الجزء الثاني من كتاب الوعي بالذات. وهذه المقدمة ضرورية لأننا سنتحدث عن المواطن في بلدنا هذه قبل العصر التركي وقيام الدولة القومية ذات الحدود العازلة.
فكيف كانت الأوضاع السياسية في حدودنا الجغرافية الحالية قبل العصر التركي وقيام الدولة القومية؟ كانت هنالك مملكتان كبيرتان تسيطران على الحياة السياسية هما مملكتا الفونج ودارفور، إلي جانب بعض الممالك الصغيرة والزعامات القبلية مثل مملكة المسبعات ومملكة تقلي. ولم تكن الحدود السياسية بين هذه الممالك – شأنها شأن الحدود السياسية في الممالك الاسلامية – عازلة بل كان مواطنو دارفور – على سبيل المثال – يدخلون مملكة سنار ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة من إقامة وعمل وغيرهما. وكذلك تمتع باقي مواطني الممالك الأخرى بكامل حقوق مواطني المملكة التي يذهبون إليها.
وخير مثال على ذلك ما ورد في طبقات ود ضيف الله من تجول واستقرار الفقهاء والمتصوفة والدارسين والتجار والمواطنين في تلك الممالك. فالشيخ القدال بن ابراهيم من النيل الأبيض كان عنده نحو “ألف طالب علم من غرب دارفور”. وكانت والدة الشيخ المشهور اسمعيل صاحب الربابة في منطقة النيل الأبيض في القرن السابع عشر من جبال النوبة. وابوزبد بن الشيخ غبد القادر حفيد الشيخ ادريس ود الارباب بسنار انتقل إلى دارفور ثم إلى دار برقو ورجع إلى دارفور. والشيخ أرباب بن علي المشهوربأرباب العقائد في سنار “بلغ عدد طلبته ألف طالب ونيف من دار الفونج إلى دار برنو” والشيخ دفع الله بن مِقبِل “قدم من دار الغرب … ونزل جرف الجميعاب [منطقة ام درمان] وتزوج هدية بنت عاطف بأرض الجميعاب فولد منها أولاده الخمسة العدول” والشيخ عبد الله ولد موسى المِشَمِّر بجاوي من شرق السودان ولد واشتهر في رفاعة بالجزير. والشيخ محمد بن فايد من شرق السودان درس وتفقه في الجزيرة و الشيخ علي بن دياب القُريشابي من منطقة الجعليين قرأ عليه “من الأعيان الفقيه جميل الله العمرابي بدارفور” (كتاب الطبقات. ط 3 ،1985صفحات 80 و91 و100 و106 و205 و242 و287 و323)
وقد ورد ذكر غرب السودان وجوارها غرباً بصورة مباشرة وصورة غير مباشرة في كتاب الطبقات في أكثر من مائة موضع، وشرق السودان وجواره شرقاً في ثمانية وثلاثين موضعاً، ووجبال النوية في سبعة مواضع، وجنوب السودان في ثمانية مواضع. والمتصفح لكتاب الطبقات يحس بوضوح بالتواصل والعلاقات الوطيدة بين مختلف سكان تلك الممالك مما يدل على وجود الشعور بالانتماء للمواطن أينما حل في كل أنحاء تلك الممالك.
وهكذا كان التواصل قائماً بين سكان السودان في حدوده الحالية، وتمتع المواطنون في كل تلك الممالك بكامل الحقوق والواجبات. فالمواطن من مملكة دارفور عندما يذهب إلى مملكة سنار أو تقلي لا ينتابه الاحساس بالغربة، ولا يُنظر إلية باعتباره غريباً أو أجنبياً لا ينتمي للمكان الذي يذهب إليه. فالاحساس بالانتماء والمواطنة لم يكن مرتبطاً بالحدود السياسية لتلك الممالك. فحدود تلك الممالك لم حدوداً فاصلة، وحدوداً تحدد الانتماء والمواطنة كما هو الحال في الدولة القومية الحديثة.
ونعود إلى سؤالنا هل كان لاسم السودان دلالة ومفهوم وانتماء بين مواطني تلك الممالك في ذلك الوقت؟ وهل يمكن النظر إلى السودان كعلم عام للسكان منذ قيام الممالك الاسلامية منذ القرن السادس عشر؟ ليس لدينا في تاريخنا المكتوب لهذه المرحلة ما يساعد على توضيح ذلك، ولكن لعل ما ورد في بعض التراث الشعبي المدون في المخطوطات المحلية منذ مطلع القرن السادس عشر ما يساعد على إلقاء بعض الضوء على ذلك.
فقد تناولت بعض تلك المخطوطات المفهوم الذي كان سائداً في ذلك الوقت لأصول السكان ومواطنهم. ونتوقف هنا مع نماذج من بعض تلك المخطوطات بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر الميلاديين لنرى تناولها الجغرافي لتوزيع بعض السكان مثل أسرة الفونج وقبائل جهينة وفزارة وبني سُلَيم والحداربة. وهذه المخطوطات توجد مترجمة إلى اللغة الانجليزية في الجزء الثاني من كتاب ماكمايكل A History of the Arabs in the Sudan وكذلك توجد في الترجمة العربية لهذا الكتاب والتي قام بها الاستاذ سيد على محمد ديدان ونشرها مركزعبد الكريم ميرغني عام 2012.
جاء في المخطوطة المعروفة بمخطوطة النور عنقرة والتي يرجع أصلها للقرن السادس عشر الميلادي عن أسرة الفونج “أنهم دخلوا السودان”. ويقول ود عووضة في مخطوطته التي ترجع إلى القرن السابع عشر أن “قبيلة فزارة استقرت باسودان” وأن الحداربة استقروا “على ساحل البحر المالح بالسودان” وفي مخطوطة ود دوليب الأكبر في القرن السابع عشر أن عرب بنوسليم “لهم فروع في السودان” وفي مخطوطة ابن الفكي في القرن التاسع عشر أن قبيلة جهينة “استقرت في السودان”
ومن الواضح أن السودان المذكور في هذه المخطوطات لم يقصد به الاسم العام الذي يرجع إلى افريقيا جنوب الصحراء، بل قصد به سوداننا الحالي حيث استقرالحداربة في شرقة وجهينة في غربه. وقد اتضح إطلاق اسم السودان في تلك الأوقات على قطرنا الحالي بصورة جلية في مخطوطة ود دوليب الأصغر عام 1738م والتي جاء فيها: “أصل السودان أهل الوطن النوبة والأحباش والزنج، أول الشعوب التي دخلت عليهم البربر … وقبائل العرب.”
تحدث ود دوليب الأصغر عام 1738م عن الوطن الذي ضم المجموعات السكانية التي تناولها وهي: النوبة والأحباش والزنج والبربر والعرب. ولسنا هنا بصدد الحديث عن من هم النوبة والأحباش والزنج والبربر والعرب، وقد تناولنا ذلك في مقالين نشرا في مواقع سودانيزأونلاين وسودانايل والراكوبة في شهر يونيو عام 2014. كما تمت مناقشة ذلك بشيء من التفصيل في الجزء الرابع من كتابنا السودان: الوعي بالذات وتأصيل الهوية (في مرحلة الطباعة الآن)
وما نود التوقف معه هنا هو أن هؤلاء السكان بأقسامهم الخمسة قد أطلق عليهم ود دوليب اسم السودان ووصفهم بأهل الوطن. ولو نظرنا إلى مواطن أولئك السكان لوجدناها في حدود السودان الحالية. ورغم أنه لم يوضح صراحة اسم ذلك الوطن ولكن يفهم ضمنياً أن الوطن هو بلد هولاء القوم الذين اسمهم السودان، فوطنهم هو بلاد السودان. وكأنّ ود دوليب قد حدد الوطن الذي جمع أولئك الناس وانتموا إليه وهو السودان، ومواطنوه هم السودانيون. ويلاحظ أن المخطوطات التي تناولناها أعلاه قد نصت صراحة إلى موطن تلك القبائل الذي هو السودان.
ويبدو معقولا أن ارتباط اسم السودان على قطرنا الحالي قبل العصر التركي – كما رأين افي مقالنا السابق – قد بدأ ينتشر بين سكان السودان مع دخول الاسلام واللغة العربية. وبدأ اسم السودان كعلم عام على السكان يحل محل اسمي النوبة والعنج، فانحسراسم النوبة ليعيش فقط في كردفان والجزء الشمالي من السودان وانتهى استخدام اسم العنج وظل حياً فقط في قليل من الآثار وفي ذاكرة السكان في شمال وغرب ووسط السودان. ونمى اسم السودان للدلالة المواطنين في الممالك التي حكمت البلاد قبل الغزو التركي.
فالسودان في مفهوم أجدادنا بعد انتشار الاسلام والثقافة العربية هو بلدنا بحدوده الحالية، ولنا أن نفتخر بهذا الاسم الذي استأثرنا به من باقي إخواننا سكان افريقيا جنوب الصحراء. وقد أوشكت مالي التي كان يطلق عليها السودان الفرنسي أن تستأثر بهذا الاسم إذ كانت تود أن تطلقه على دولتها الوليدة بعد الاستقلال إلا أننا سبقناها على ذلك. فاختارت اسم مالي وهو اسم المملكة الاسلامية القديمة في المنطقة. ومثال ذلك اختيار سكان ساحل الذهب اسم غانة لدولتهم بعد الاستقلال بالرغم من أن مملكة غانة القديمة كانت في حدود دولتي السنغال ومورتانيا الحاليتين بعيدا جداً عن حدود ساحل العاج

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بارك الله فى سعيك يا دكتور ولكن محاولاتك المتكررةلايجاد رابط ما بين ولا اقول الشعب لان لذلك شروطا يعلمها علماء المجنمع لا تتوفر فينا ولكن اقول شعوب ما يعرف ببلاد السودان تفضحها اختلاف السحنات والالسن والثقافات والمسافات الشاسعة والموانع الطبيعيةوجاذبية شد الاطراف الى ميتافيزيقا الجوار وما هو واضح من تصارع تلك الانتماءات وتنافرها على اركانها الاربعة كل ذلك يجعل من تلك الحيل هباء منثوراتذروه الرياح مما يجعل حالك مثارا للشفقة ولا اقول الازدراء…..وكما يقول المثل ( جا يكحلها قام عماها) قد تطرب معزوفاتك التاريخية بعضا ممن يبحثون عن قشة يتعلقون بها لتبرير تواجدهم الطارىء الحديث على ارض لم تكن لهم بها ارتباط ولا علاقة على مدى التاريخ فتعطيهم حقوقا لم تكن لهم وتسلب من اخرين تاريخهم وحضارتهم وارثهم وارضهم رغم كونهم مازالوا على قيد الحياه يتعبدون فى محاريب حضارتهم وارث اجدادهم ……وذلك دون وجه حق وتحمل وزهم الى يوم القيامة فما بين من حظوا وما بين ما احتظوا به بعد المشرقين…وتكون بذلك حاملا شعل تجديد وايقاد فتن تتكىء على تاريخ مصطنع لاشواهد له ولادلائل قطعية تكون سببا لمزيد من ازهاق الارواح وفساد الحرث والنسل لم تنقطع اسبابه بعد وتعين على تحويل الصراع الذى كان يدور فى الاطراف من اطره العرقية والثقافية الضيقة الى اطر وافاق جديدةواوسع لم تكن فى الحسبان فتكون النتيجة نقيض ما تسعى الوصول بالمجتمعات اليها …وما يلح من سؤال أليس من الاجدى ترك الماضى البعيد والتركيز على عناصر الحاضر الماثل للوصول الى حلول تفضى الى الاستقرار والسكون …؟….,شكرى لك

  2. الأخ الوجيع … وكلنا يشعر بالوجع
    إذا كان في الماضي البعيد ما يربطنا ببعض فلمادا لانبحث عنه
    وقد أكدت فحوص الجينات الوراثية الحمض النووي DNA ذلك. نحن شعب تربطنا علاقات دماء منذ آلاف السنين علينا التعرف عليها عن طريق نتائج الابحاث العلمية … لقد مضى زمن الاعتماد على شجر النسب … وليس من الضروري أن تكون اللغة عاملا في تصنيف المجموعات البشرية… أزال الله أوجاعنا بمعرفة أصولنا

  3. استاذى الكريم شكرا على ردك المقتضب ولكن هل ترى ان البحث عن علاقات الدماء ستوصلنا الى مبتغانا المنشود؟…. لا اعتقد ذلك لان سلوك ذلك الطريق لن ينتهى عند حدود السودان الجغرافيه بل هو طريق سالكة الى مالانهايةحتى تنتهى الى ادم عليه السلام ..فالتباين واضح فى الاعراق والثقافات مهما تقاربت الجينات لكون الجينات البشرية كلها متقاربة لاصلها الواحد ولا تصمد امام اختلاف الاعراق والثقافات والعادات والتقاليد التى تفرق بين القوميات وتكون حائلا دون نظمها فى خيط واحدولا تصلح ان تكون وعاء لتوحيد وجدان وشعور ومصير وطنى واحد يجمع الكل … وقد كان ذلك متوفرا بين الاعراق الثلاثة المكونة لشعب السودان القديم من النوبيين الشماليين والبجاممن تضافروا على بناء اولى الحضارت الانسانية ومن ثم دخول العرب وامتزاحهم بهما دونما اراقة دماء وفى سلاسة وتؤدة وقبول بالاخر من جميع الاطراف ولم يسجل تاريخ تلك البقعةالمباركةعلى مدى قرون واحقاب اية شواهد لصراع او نزاع استند على فوارق عرقية او ثقافية بين تلك المكونات الى ان جاء الطرف الاخير بالتوسع وضم اقاليم جديدة فى العهدين العثمانى والانجليزى فبرزت النزاعات والصراعات على السطح والى يومنا هذا ولا امل فى قبول للاخر او تعايش سلمى فى الاجل القريب وهو تاريخ حديث تعرفه انت ونحن والاخرون والمشكلة من الوضوح ما لايحتاج الى تفسيرفهل توافقنى على تلك الحقيقة فان كان ردك بالايجاب فلنتخذ منها نقطة بداية لالتقاط راس الخيط والبحث عن حل ناجع يوقف سفك الدماء وانهيار ما بناه اجدادنا على مدى تاريخ السودان الطويل من الاستقرار والامن والسلم الاجتماعى والبناء والتطور …اليس كذلك ؟ ولك ودى واحترامى

  4. أستاذنا أحمد الياس .. نحن نقرأ كل ما تكتب بإهتمام شديد لكون ما تكتب هو ما نفتقده في بحثنا عن الهوية السودانية .. وما يعطي كتاباتك قوة المنطق الذي يعجز الكل عن القول بخلافها هو إعتمادك على مصادر راسخة وإرث سوداني مكتوب ومتواتر إلى حد كبير (كتاب الطبقات ، الدواليب ألخ ألخ) .. لذا ضعف المنطق في الإنتقادات التي توجه لما تكتب إنما يجعلها مادة للتندر والضحك من فرط عجزها عن مقارعة ما تكتب .. وهي على كل حال ربما كانت صادرة على الأرجح من بعض أنصاف المتعلمين من العروبيين الموتورين الذين لا يحسبون ضمن من توجه لهم المادة التي تكتب عنها ..

    نسال الله أن يمد في أيامك ويوفقك فيما تفعل ..

  5. الأخ الوجيع … وكلنا يشعر بالوجع
    إذا كان في الماضي البعيد ما يربطنا ببعض فلمادا لانبحث عنه
    وقد أكدت فحوص الجينات الوراثية الحمض النووي DNA ذلك. نحن شعب تربطنا علاقات دماء منذ آلاف السنين علينا التعرف عليها عن طريق نتائج الابحاث العلمية … لقد مضى زمن الاعتماد على شجر النسب … وليس من الضروري أن تكون اللغة عاملا في تصنيف المجموعات البشرية… أزال الله أوجاعنا بمعرفة أصولنا

  6. استاذى الكريم شكرا على ردك المقتضب ولكن هل ترى ان البحث عن علاقات الدماء ستوصلنا الى مبتغانا المنشود؟…. لا اعتقد ذلك لان سلوك ذلك الطريق لن ينتهى عند حدود السودان الجغرافيه بل هو طريق سالكة الى مالانهايةحتى تنتهى الى ادم عليه السلام ..فالتباين واضح فى الاعراق والثقافات مهما تقاربت الجينات لكون الجينات البشرية كلها متقاربة لاصلها الواحد ولا تصمد امام اختلاف الاعراق والثقافات والعادات والتقاليد التى تفرق بين القوميات وتكون حائلا دون نظمها فى خيط واحدولا تصلح ان تكون وعاء لتوحيد وجدان وشعور ومصير وطنى واحد يجمع الكل … وقد كان ذلك متوفرا بين الاعراق الثلاثة المكونة لشعب السودان القديم من النوبيين الشماليين والبجاممن تضافروا على بناء اولى الحضارت الانسانية ومن ثم دخول العرب وامتزاحهم بهما دونما اراقة دماء وفى سلاسة وتؤدة وقبول بالاخر من جميع الاطراف ولم يسجل تاريخ تلك البقعةالمباركةعلى مدى قرون واحقاب اية شواهد لصراع او نزاع استند على فوارق عرقية او ثقافية بين تلك المكونات الى ان جاء الطرف الاخير بالتوسع وضم اقاليم جديدة فى العهدين العثمانى والانجليزى فبرزت النزاعات والصراعات على السطح والى يومنا هذا ولا امل فى قبول للاخر او تعايش سلمى فى الاجل القريب وهو تاريخ حديث تعرفه انت ونحن والاخرون والمشكلة من الوضوح ما لايحتاج الى تفسيرفهل توافقنى على تلك الحقيقة فان كان ردك بالايجاب فلنتخذ منها نقطة بداية لالتقاط راس الخيط والبحث عن حل ناجع يوقف سفك الدماء وانهيار ما بناه اجدادنا على مدى تاريخ السودان الطويل من الاستقرار والامن والسلم الاجتماعى والبناء والتطور …اليس كذلك ؟ ولك ودى واحترامى

  7. أستاذنا أحمد الياس .. نحن نقرأ كل ما تكتب بإهتمام شديد لكون ما تكتب هو ما نفتقده في بحثنا عن الهوية السودانية .. وما يعطي كتاباتك قوة المنطق الذي يعجز الكل عن القول بخلافها هو إعتمادك على مصادر راسخة وإرث سوداني مكتوب ومتواتر إلى حد كبير (كتاب الطبقات ، الدواليب ألخ ألخ) .. لذا ضعف المنطق في الإنتقادات التي توجه لما تكتب إنما يجعلها مادة للتندر والضحك من فرط عجزها عن مقارعة ما تكتب .. وهي على كل حال ربما كانت صادرة على الأرجح من بعض أنصاف المتعلمين من العروبيين الموتورين الذين لا يحسبون ضمن من توجه لهم المادة التي تكتب عنها ..

    نسال الله أن يمد في أيامك ويوفقك فيما تفعل ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..