نعي رجل من عامة الناس

نعي رجلٌ من عامة الناس
بقلم: إسماعيل آدم محمد زين
نعاه إلي الناعي بكلمات قليلات وهي تُلخص حياة الرجل بشكل رائع ، قال ” كان حتي في موته خفيفاً علي الناس ، كما كان في حياته” .غادر دنيانا بعد صبر لا نظير له علي مرضٍ عُضال و ظل لأعوام قعيد الفراش- تقلص الجسم ، نحُل و خف الوزن، إلا أنه ظل يملك القدرة علي التعبير و الإبانة. تسأله ” كيف الحال يا خال؟” فيجيبك في غير شكوي ” الحمد لله ، الحال كويسة” و قد يضيف ” قاعد أستعمل حبتين أسبرين، و ببلع حبة عند اللزوم من الدواء ده ? شايفو في الزجاجة الحمراء، جابو لي د. عوض و د محمد أحمد ، جزاه الله خيراً” لم تكن هذه الجملة شائعة وقتها ! و تعلم أنه لا يوجد تأمين صحي أو معاش للمزارع ! ولا تنشط المنظمات التي تعين الناس .و تنظر إلي الجسد المسجي علي العنقريب و الأسي يعتصرك و لا سبيل إلي تقديم عونٍ ذي بال ? تحاوا أن تمد له يدك ببضعة جنيهات ، فيرفض بطريقةٍ رائعة ? ثم يأخذها بطريقة أروع ،إزاء إصرارك ، تطييباً للخاطر كما يقولون ! كلمة لا أعلم نظيراً لها في اللغات التي أعرف !
قبل إسبوع من سماعي لنعيه كانت تأتي ذكراه أو خياله و تمنيتُ زيارته في قريته- قنب ، و لكن كان الموت أسرع في الزيارة و يقيني أنه أبطأ كثيراً كما أبطأنا في آخر يوم في رمضان في أواخر التسعينات من القرن الماضي.أخيراً أسلم الروح و خلدُ إلي نوم طويل و تنحبس الأنفاس الرقيقة في نهاية الشهر الجميل ?رمضان ، و يأتي الناس الطيبون من قريته و من القري المجاورة …. و يجتمعوا حول موائد الإفطار ، بعد سماع الآذان و قد تسمع أحدهم يهمس “ما قربت تغرب ؟” و قد يضيف آخر” خلاص باكر العيد ” ” أوحشنا رمضان” .يتناولولون العصيدة و يشربون الآبري و موية الليمون و غير ذلك من مأكولات رمضان ? مائدة بسيطة !
و ينفض المأتم في ذلك المساء و يستعد الناس للعيد ? دوائر الفرح و الحزن ، البهجة و الغم و يصبح العيد و يفيض الدمع دافئاً علي الذكري الطيبة لرجل عاش خفيفاً علي الناس و غادر دنياهم خفيفاً عليهم ، كعصفور …

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..