الإنتهازية.. سرطان السياسة السودانية

أحمد الفاضل هلال

إن الإنتهازية تبدو تماماً كالعاصفة فعندما تصحو فإنها لا تعرف حدوداً أو معاييراً. وما نشاهده اليوم في بادية السياسة السودانية من ترحال من حزب إلى حزب ومن مائدة إلى مائدة دون تفسير يعكس حالة البداوة في السياسة.

تبدو بعض المفاهيم في غاية البساطة ونحن نلوكها ونبصقها في أحاديثنا اليومية ولكننا نصاب بالإرتباك عندما نشهر مشارطنا لتشريح هذه المصطلحات، فمثلاً عندما نتحدث عن مفهوم الحرية تتوه زوارقنا الصغيرة في فنجان العيفات الواسع. ولكن وفي النهاية العبرة في الفعل والممارسة وليس في إلباس المصطلحات ثياب الخير والشر.

إن الإنتهازية كظاهرة وموقف وسلوك في الحياة ليست جديدة. وهي ليست مرتبطة بجهة ،حزباً أو طائفة ،نظاماً شمولياً أو ديمقراطياً. لكنها موجودة في كل الكيانات وبنسب ومقادير تختلف بإختلاف الظروف ،وحدة المنعطفات التأريخية وغياب المؤسسية والشفافية. وهنا لا نود أن نحشد موكباً من الكلمات للنقد. إن المصلح يعبر عن محتواه الأخلاقي تماماً وبدون إضافات.

إن ظاهرة الإنتهازية تستدعي وقفة من الجميع لخطورتها فهي لم تحتل موقعاً متقدماً في سلم الظواهر السالبة فحسب بل أصبحت واحدة من مهددت النظام السياسي والإجتماعي بل ساهمت في فترات مختلفة في إجهاض تجارب عديدة. أنها كالنباتات المتسلقة لا تكتفي فقط بحجب ضوء الحقائق ولكنها تؤدي في النهاية إلى موت الآليات والوسائل التي تسلقت بها.

إن الإنتهازيين لا يعبرون عن أنفسهم عندما يكون إتخاذ الموقف ضرورة ،أو عندما تتخذ القضايا شكلها الحاسم والذي لا رجعة فيه. حينها يفضلون الإختفاء بين المتاريس ويرفعون رايات التأييد لأول منتصر. إنهم يجيدون لعبة الإلتفاف ثم إحتواء المنتصرين ليكونوا هم أصحاب التأثير في مواقع صنع القرار. وبكل البساطة الإنتهازيون حرباء السياسة والخفافيش التي لا تعرف العيش إلا في الظلام وأجواء إنعدام المعلومات وهذا لحياكة المؤامرات وصناعة الدسائس وتسيير الأمور العامة بالأكاذيب والنفاق ولا يفوتهم حرق البخور والإستعانة بالجن لتحقيق أحلام هؤلاء الذين شكلت الأساطير وعيهم .إن الإنتهازي يسرق جهد غيره وإبداع الملاين لينسبها كإنجازات له. ببيع قضية زملائه في سبيل راحته ويمتدح القبح ويكون عين السلطات عندما ينفض الشرفاء من حوله. وهم أبناءالمصارين البيضاء لا يعرفون مناطق الشدة والحرب والمواجهات فهم للراحة والفرجة أنهم نباتات الظل.

وعندما تسقط هذه الظاهرة على واقعنا السياسي فإننا نصاب بالصدمة والحيرة ونشعر بالأسى لإستشراء هذا الوباء وسط قطاعات من المتعلمين والمثقفين. يحس الإنسان بالألم لأن المثقف مفترض فيه أن يكون الضمير الحي والصوت القوي لأمته. والمنحاز والمنتمي للحق والمدافع المخلص عن مصالح الفقراء والمهمشين.

إنه حق وخيار ديمقراطي للإنسان وأن تغيير مواقفه والإلتزام لا يعني الثابت الأجوف ولكن أن يغير الشخض مواقفه بالإغراءات والشراء والسكوت وكل يوم في تنظيم فهذه القضية التي يجب التوقف عندها.

إن هنالك أعداد من الناس إتخذت مواقف لا تنسجم مع قناعاتها وضميرها وارتضوا أن يكونوا رصيداً وأبواقاً للإستبداد والكذب والتلفيقات. وهنالك من هرول نحو السلطة بصورة لافتة لا يدرك بأنه في الظروف العادية لا يكسبون سلطة ولا جاهاً وهنالك أيضاً من إحترف التصيد والمتاجرة بقضايا ومطالب الناس العادلة في سبيل منزل وعربة وهنالك مزوري المعلومات وكتبة التقارير السرية ولكن ليس للمصلحة العامة وإنما لإزاحة المنافسين والخصوم،والكفاءات لإختلال مواقعهم بالمواقف الإنتهازية. إن الصورة تبدو قاتمة عندما تنظر في الأفق لدي اللاهثين وراء المصالح والسلطة الثراء المغشوش بأي ثمن. والإنتهازيون كالطفيلية بلا أخلاق أو دين ووطنهم الأنانية والمصالح. إن للنظام الديمقراطي إنتهازيوه ولكن مناخات الإستبداد والإقصاء تبقى هي الأنسب لإنتشار الظاهرة. ففي كلا النظامين عندما تغيب المؤسسة والمحاسبة وتتراجع العلنية والشفافية وتوضع المساءلة في المتحف ويغيب دور الشعب كأهم عنصر للمراقبة ساعتها تظهر خفافيش العتمة ويطفو الفساد الذي يفتح شهية الإنتهازيين.

أن أضواء الديمقراطية الكاشفة والمؤسسات القوية وحكم القانون وإنهاء إدارة الدولة بعقلية المؤامرات وإخفاء المعلومات وإستقلالية أجهزة القضاء وحرية الإعلام والمشاركة الفعالة للشعب وتنظيماته السياسية والمدنية تعتبر وسائل مهمة في محاصرة الظاهرة. ولابد من التصدي لدولة العنف والفساد والصوت الأحادي.

وإلا سوف تظل مقولة إن الثورة والتغيير يصنعها المفكرون ينفذها الشجعان ويكسبها الخونة والإنتهازيون صحيحة إلى حين إشعار آخر.

الميدان

تعليق واحد

  1. نماذج : اسماعيل االحاج موسى .. سبدرات (شقيق المناضل فاروق) .. مزمل غندور .. بهاء الدين ادريس (حتى ولو توفى .. هذا تاريخه) .. عمر الحاج موسى (صاحب المعلقة الشهيره) فى مدح عسكرى ابله مثله لا لشئ الا لانه متربع على السلطة وبقوة السلاح .. ابو ساق .. الخ انتهازى الاتحاد الاشتراكى .. على كل حال القائمة تطول لكن لى سؤال اخير الى الانتهازى اسماعيل الحاج موسى : اين ذهب الفكر المايوى ؟؟ اليس انه كان فكرك ؟؟ ولماذا لا تناضل اليوم من اجل احياء الفكر المايوى ؟؟ وهل الفكر يموت ؟؟

  2. انتو نسيتو واحد من كبار الانتهازيين منذ نعومة أظفاره ومن زمن كوستي الثانوية في قوز أبو شريف وربما قبل ذلك التور أحمد بلال عثمان بتاع محطة قلبك كان من الواجب وضع صورته مع رفيقه في الانتهازية والرقة على المكشوف

  3. والله يا جماعة صورة الزول ده تذكرني حكاية الرجال البلهاء.
    انا ما عارف ده وزير كيف ؟ والله محن سودانية

  4. من الاشياء التي برع فيها السودانيين وحققوا فيها الريادة عالميا
    اولا : الفساد .. وقد حقق السودانيين تقدما ملحوظا في هذا المضمار شهد به العالم اجمع فلماذا لا يتم افتتاح كليات بالجامعات السودانية تسمى .. كلية الفساد التطبيقية يقبل فيها الا ابناء النافذين وبالعملة الصعبة
    ثانيا: التزلف والتملق والعيش على بقايا الاخرين مثل الصراصير تماما وقد حقق بعض السودنيين تقدما واضحا وملحوظا اذ ظلت الكثير من الاحزاب التى لا وزن جماهيري لها ولكنها تملك ورق مروس واختام ورئيس ونائب رئيس واعتادت العيش على مدح القادة او تكسير الثلج كما يحلو للسودانيين ان يطلقوا عليه فيرضيهم ما يرضي القادة ويزعجهم ما يزعج القادة ولا ينامون الا بعدهم ولكنهم يستيقظون قبلهم ويمتزون بحناجر تطلق اصوات مجلجلة ورؤوس مطأطأة على الدوام فلا يرون قبيحا ولا جميلا لانهم لايرون باعينهم ولا يسمعون باذانهم ولا يفكرون بعقولهم ولا يتكلمون بالسنتهم انما ياكلون فقط لبطونهم وهم دائما في حالة جوع ولا يخجلون ابدا ابدا مهما كان دواعي الخجل

  5. بسبب الفقر والجهل والمرض والتخلف اصبح اى سودانى يتوارى خجلا من جنسيته متحججا بانها لاتشرفه وهذا اسرع طريقة للهروب من المسئولية مما يثبت ان الزول السودانى جبان وليست لديه قدرة للمجابهة والتضحية بل كل ما يدور بخلده هو النوم والاكل والشرب والجنس فقط فهذا اسمى ما يطلبه وان سالله تخرب البلد على دماغو ودماغ ابوه هذا ما فهمه الانقاذيون ولعبوا عليه لذا عندهم قناعة بان كل السودانيين الذين يحكموهم ما هم الا عبيدا ولهم الحق فى الحياة الذليلة وخدمتهم فقط

  6. كل السودانيين كدة. ورونى سودانى و احد ما انانى و لا انتهازى . دا ذاتو سبب بلاوينا و بلاوى بلدنا . اختشوا شوية يا ناس و خافوا اللة … عليكم اللة.

  7. من هم الانتهازيون في السودان؟ اكثر من 90% من المثقفين السودانيين. وقد فهمت الحكومات العسكرية نميرى والإنقاذ هذه الصفة الملازمة للمثقف واستخدمتهم بشتى الطرق لاطالة أمد الحكم العسكرى الى 41 عام منذ استقلال السودان. لكن حكومة الإنقاذ استغلت انتهازية المثقف بذكاء شديد حيث اشترت الضمائر بقطع الاراضى والرخص التجارية والوظائف بكل ما تحمل من مصالح إضافية. ان مشكلة السودان الأساسية هي كيفية تغيير العقلية الانتهازية للمثقف، بالرغم من ان العلم والمعرفة وسائل القضاء على الانتهازية، لكن الحالة السودانية ترجع جذورها الى العقلية البدوية والفكر الجمعى والسذاجة الفكرية والانغلاق على الذات.

  8. الانتهازية وما ادراك ما الانتهازية تلك الكلمة التي نلقيها ونظل نرددها بملء فمنا علي اناس رحلوا عنا وزي ما بقول المثل الجفلن خلهن اقرع الواقفات … كثر هم ولا يمكن ان نعدهم في اشخاص او نعدهم باصابعنا فالكل يعمل ليلقي الجزاء ولا يمكن لسعب صبر وناضل وحارب من اجل وطنه ويحصل عليه مثل هذا الهوان الذي يحصل عليه .. اكرموا عزيز قوم زل فقد زل الشعب السوداني في لغمة عيشه ومسكنهوزل شر زل وخرج منكسر من كل حروبه ودما ابنا وطنه بيعت رخيصة ومازال نظام الاستبداد موجودا وفصلت اعضا الوطن الواحد واخاف عل ان ينقسم الي ثلاث دون كسب لحياة كريمة او روئية واضحة لمستقبل اجيالنا القادمة …. الجفلن خلهن اقرع الواقفات كلمة اقولها لكم ولكل سوداني قلبه علي الوطن ان وجد وطن بعد ذلك وان لم يبيعونكم في مزاد علني بعد ويوقعوا عليكم اتفاقية ويقبضوا الثمن .. ارجوكم اصحوا من سباتكم ولتكن عينكم علي السودان لا علي اشخاص بعينهم فالوطن وطن للجميع لا يباع ولا يشترى اصحوا لعل الله ينصركم ادخلوا عليهم واسالوهم في هذه الدنيا قبل الاخرة ولا تتباكوا علي اللبن السكوب لقد تقدم العالم من حولكم ومازلتم تقطون في نوم عميق …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..