هل نُخدع من جديد..!!

سفينة بَوْح

الذين يُعدِّدون عيوب النظام الديموقراطي وينتقدونه بذهنية إنطباعية تتعلَّق بواقع الممارسة في بلادنا لعهود سبقت ، هم أكثر الناس جهلاً بمردودات الفكر الديموقراطي على الواقع الحقيقي لبلاد مثل السودان أهم سماتها وأكبر مشكلاتها التباين العرقي والثقافي والديني ثم التعدُد السياسي ، وإن كان هؤلاء على دراية تامة بالمنظورات العامة لأسس الفكر السياسي كقوالب أصبحت جاهزة ومُتاحة وتم تصديرها منذ أزمان بعيدة لعلموا بلا شك أن لا خيار لبقاء هذه الدولة وشعبها دون إنتهاج النظام الديموقراطي ، والواقع الراهن الذي يمثُل فيه الحكم الشمولي في السودان عبر وجود حزب المؤتمر الوطني على سُدة الحكم وهو مُحارب و مُطارد من كافة الأغلبيات السياسية على مستواها التنظيمي والتلقائي ، لا يمكن قراءته خارج نظرية أن يبقى هذا البلد أسيراً للحروبات والصراعات والفقر و سيادة الفساد السياسي والإداري والشلل التام لعجلة التنمية القومية ، على هؤلاء المرجفين الذين لا أظنهم بعيدين عن الوقوع في إثم المزايدة والتكسُب المباشر وغير المباشر من وجدو البركة الآسنة لنظام الإنقاذ التي باتت تمثِّل أنسب البيئات لنمو وإنتشار داء الفساد والفهلوة السياسية والنكث بالعهود والسعي في شتى الإتجاهات المناقضة والمعاكسة لمصالح البلاد والعباد ، أن يعلموا بعد أن بدأت ثورة الشارع السوداني بأيدي شعبية حقيقية تنتمي لحزب المعاناة اليومية من أجل الحصول على لقمة العيش والأمن الروحي والتعليم ، فضلاً عن الإستطباب والحصول على الدواء إسوةً ببقية البشر في العالم وكذلك إسوةً بالحيوانات التي تنال هذه الخدمة في المراكز البيطرية ، وأن هذه الثورة لن تتوقف لأن المعاناة والجوع والإفقار لن يتوقف ولن تستطيع حكومة المؤتمر الوطني وإن أرادت أن توقفه لأنها تعوَّدت أن تعيش بترهلها الوظيفي وفعاليات فسادها المستشري على أكتاف المواطن المغلوب على أمره ، هذه الحكومة لم تعُد تجيدُ شيئاً بحصافة ومهارة عالية مثلما تُجيد صب أحمال أخطاءها وأوزارها على أكتاف شعبها ، وذلك بعد أن فرغت من بيع تراب الوطن شبرًا شبراً للمستثمرين الأجانب بأبخس الأثمان ، ورغم أن قناعتي أن ثورة الشوارع الشعبية تحتاج بشدة لأن تُدعم بالعصيان المدني الذي أصبح حدوثه في عداد المستحيلات بعد أن تدَّجنت النقابات المهنية وإستشرى سرطان التمكين وما أحدثه قانون الصالح في جسد الخدمة المدنية ، إلا أن إيماننا بأن القاعدة التي تقول (لابُد أن يُحق الحق ويُبطل الباطل) لا تنثني بغير أن نشحذ النفوس بأن هذا الليل لا بد أن ينجلي ، يا أيها المرجفين يكفي هذه البلاد من الخيرات المتوقعة بعد زوال الإنقاذ أن يعود ريع مال الفساد إلى خزائن الدولة ، وأن ينبري للفساد برلمان حقيقي يمثل غربالاً حقيقياً و نزيهاً لصالح الشعب ضد إنحرافات الإدارة والعدالة والإجراءات الإقتصادية والتوجهات السياسية ، يكفينا أن تتوازن علاقات السودان الخارجية مع جيرانه ومحيطه الأقليمي والعالم بما يتناسب مع مصالحه القوميه وتطلعات شعبه ، يكفينا أن ننفض أيادينا من فاتورة ما تدفعه حكومة الإنقاذ من جيوبنا لسبر أغوار عداءاتها السياسية وترضياتها المصلحية للمنشقين عن عصا طاعتها وما تتطلبه حراسة كرسي جلوسها المقيت على سُدة الحكم من أموال الشعب و الدولة .

صحيفة الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..