مقالات سياسية

ثلاث خطوات من الأفضل ألاّ تتخذها مركزية ــ قحت

إبراهيم سليمان

لسنا مبالغين إن قولنا أنّ ما توصلت إليها مركزية ــ قحت مع المكون العسكري الانقلابي ، جهد بشري ليس بالهين ، إبداءً من إجازة مشروع وثيقة المحاميين السودانيين للدستور الانتقالي ، ثم التوقيع على الاتفاق الاطاري ، ليتوقف هذا الجهد السياسي على أعتاب التوقيع على مشروع التسوية النهائية ، لإنهاء انقلاب الـــ 25 من اكتوبر ، وتدشين المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية ، والتي تمّثل الخطوة الأولى في استعادة مسار الدولة المدنية – الديمقراطية ، وفق أسس واضحة ، بصورة غير مسبوقة.

ولخطورة محتويات المشروع السياسي المرتقب ، كان من المتوقع ، أن يجئ المخاض عسيرا ، وألاّ يسّلم العسكر الحكم للمدنيين ، ويعودوا أدراجهم إلى ثكناتهم ، “بأخوي وأخوك”.

لعِظم الجهد الذي بُذل فيما تحقق ، فمن الحماقة أن تعطي مركزية ــ قحت خصما مراوغا كالفريق عبدالفتاح البرهان ، فرصة للتراجع عمّا تم الاتفاق عليه ، ومن البلادة أن تتعامل بردة الفعل لتنقض عزلها بعد قوةٍ أنكاثا.

ألمحت آخر بيان لمركزية – قحت ، إلى إمكانية لجوئها إلى خيارات بديلة ، إذا فشل طرفا المكون العسكري في التوافق على النقاط الخلافية بينهما فيما تخص خطوات وآجال دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة ، وهيكلة مجلس الأمن والدفاع المرتقب وتبعيتها ، ويفهم سياق البيان ، أنّ مركزية – قحت ، قد تتخذ خطوة أحادية وتشّكل الحكومة المدنية ، متجاوزة التوقيع النهائي على مشروع التسوية السياسية.

من رأينا ، أن مثل هذه الخطوة متهورة ، ومجنونة ، يعطي العسكر ، الفرصة على طبق من ذهب للتمّلص مما تم الاتفاق عليه ، والأفضل التريّث ، ذلك أن هامش المراوغة لدى العسكر ، يضيق عليهم من كافة الاتجاهات . فالكرة الآن في معلبهم ، واحتفاظهم بها يفضح نواياهم . كما أنّ مهمة تقريب وجهات النظر ، وتقديم مقترحات وسطية ، هي من مهام الوسطاء الدوليين ، بالدرجة الأولى ، لأن عملية دمج الجيوش وإصلاحها ، عملية ليست بالهينة ، ولا ضير من الاستفادة من الخبرات البشرية “الدولية” في هذا المجال ، رغم أنف المزايدين على التدخل الدولي في الشأن السوداني ، والمغاليين بهتانا في السيادة الوطنية.

نقول هذا لأن مركزية – قحت ، لم تعد طرفا محايداً ، ولن تمكنها موقفها المعلوم من طرفيّ المكون العسكري لتقديم وساطة أو مشورة لهما في الخلاف الماثل الآن.

لكن ، من الأفضل لمركزية – قحت أن تستفيد من الوقت ، وتكسب فرصة “تجميد الكرة” لدى المكون العسكري ، وتشرع بصورة جادة في اختيار رئيس الوزراء ، ورئيس مجلس السيادة ، وعضويته ، وإرجاء اعتماد تعينهم إلى ما بعد التوقيع النهائي على مشروع التسوية السياسية.

ومن جانب آخر ، على مركزية- قحت ألاّ تقبل مقترح تبعية رئاسة مجلس الأمن والدفاع للقائد العام للقوات المسلّحة ، وعليها أن تصرّ على تبعية رئاسته لرئيس الوزراء مهما كلف الأمر ، حسبما ورد في الاتفاق الإطاري فيما نظن ، وإلاّ ظلت للعسكر الكلمة الأخيرة ، واليد العليا على الحكومة الانتقالية المرتقبة.

وليس بعيداً عن هذا الشأن ، رشحت مقترحاً مفاده أنّ مركزية – قحت بصدد تقاسم السلطة “محاصصياً” مع الكتلة الديمقراطية بنسبة 53% إلى 47% على التوالي.

من رأينا أن مثل هذه القسمة ، ناهيك عن رفض مبدأ المحاصصة ، تعتبر مكافأة “للأرادلة” على تحريضهم على تقويض الحكومة المدنية الانتقالية الأولى ، ومساندتهم للانقلابين ، الذين قتلوا بمشاركة هؤلاء مئات الشاب في شوارع مدن السودان المختلفة . والاتفاق الاطاري ، يبعد المكون العسكري عن السلطة ، ويحاكم المتورطين منهم في جرائم ثورة ديسمبر ، وعلى الأرادلة أن يحاكموا على فعلتهم الانقلابية المشينة ، بدلاً عن المكافأة بهذه الصورة السخيّة . نأمل ألا توافق مركزية – قحت على هكذا مكافأة مستفزة ومستخفة لثورة ديسمبر.

‫2 تعليقات

  1. اتابع مقالاتك عن كثب ٠٠٠اجد فيها الكثير من الرصانة وقوة الفكرة٠٠٠اقتراحك بإعلان اسم رئيس الوزراء٠٠٠فيه الكثير من الدهاء ٠٠٠خاصة اذا تم هذا الترشيح على شخصية تتمتع باحترام واجماع كبير من قوي الثورة والشعب السوداني

  2. مسألة تبعية القوات النظامية بقادتها مسألة دستورية تقع ضمن صلاحيات رئيس الحكومة أو رأس الدولة! إذن هي مسألة تاتبعة إما لرئيس الوزراء أو رأس الدولة وكلاهما من مؤسسات السلطة المدنية ومن غباء قحت قولهم أنهم يقفون على مسافة واحدة من الجيش والدعم السريع؟ عليهم افهام الطرفين أن القيادة العامة للقوات النظامية سواء اندمج الدعم السريع في الجيش أم بقيا ذات قيادتين فإنهما يتبعان للقائد الأعلى المدني سواء كان رأس الدولة أم رئيس الوزراء. ومذهب حميدتي صحيح من الناحية الإجرائية إوهو المطالبة بتبعيته للقائد الأعلى المدني إلا أن اتفاق القوى الساسية قد يرى تبعيته إلى رئيس الوزراء باعتبار أيلولة رئاسة الجمهورية الرئاسية لرئيس مجلس الوزراء في النظام البرلماني. كذلك اقتراح الشاويش الأول بتبعية الدعم لقائد الجيش عند الاندماج مع تبعية قائد الجيش الموحد إلى رأس الدولة أو رئيس الوزراء وهذه التبعية الأخيرة يجب أن تقرر فيها الأطراف المدنية الموقعة على الإطاري وإن تعسر الاتفاق بين الشاويشين على الأطراف فرض هيئة قيادة عليا مشتركة للجيش والدعم يحتفظ فيها كل قائد بقيادته مؤقتاً ريثما يقرر القائد الأعلى المدني بعد إنشائه في أمر فرض الدمج بين القوتين. ولا اشكال في ذلك طالما القائد الأعلى للجيش والدعم معاً سيكون رئيس مجلس الوزراء أو رأس الدولة! هسع دا بالله موضوع يؤخر التوقيع ليستمر جبريل ومناوي وأردول وأبونمو في مواقعهم هكذا وبلا سند؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..