ذاكرة المعلمين هل تنسى وعود الإنقاذ الكاذبة ؟ا

ذاكرة المعلمين هل تنسى وعود الإنقاذ الكاذبة ؟

الإنقاذ .. التعليم .. المعلمين .. جرد حساب

طه محمد أحمد حجر الموس
[email protected]

في عام 1992 تم جمع المعلمين من شتى أنحاء العاصمة القومية لمخاطبتهم في إستاد الهلال بمدينة أمدرمان و خاطبهم السيد وزير التربية و التعليم آنذاك الأستاذ عبد الباسط سبدرات بعبارات رنانة و وعود أدركنا فيما بعد أنها كانت جوفاء و للاستهلاك السياسي فقط ثم خاطبهم الأخ و السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير و أطلق وعده الشهير للمعلمين بتحسين أوضاعهم المعيشية و بأن ( رواتب المعلمين ستكون أعلى الرواتب في الدولة خلال الفترة ما بين 1992م ? 2002م ) و مضت الأيام و السنين و لم يتم الوفاء بالوعد و توقفت حتى الزيادات الطفيفة على أجورهم و التي كانت تتم من عام لآخر. و بعد توقيع اتفاقية السلام تردت أوضاع المعلمين المادية و اليوم بلغت بهم المعاناة ما بلغت و لا نصير لهم ، حتى نقابتهم العامة ظلت في ثُبات عميق لأنها نقابة الولاء للحزب الحاكم و التي يود أفرادها البقاء في مناصبهم حباً للسلطة و الجاه . وبلغ تجاهل الحزب الحاكم ( المؤتمر الوطني ) قضايا التعليم و المعلم ما بلغ لاعتقادهم الجازم الذي لا يأتيه الشك ، بأن التعليم استهلاك و استنزاف لمال الدولة بلا إنتاج ، و لأنها أي وزارة التربية ، ليست من وزارات الدولارات البترولية و لا من وزارات الجبايات المليارية لذا لم يعيروها أدنى اهتمام و هي مجرد وزارة موازنات و ترضيات ليس إلا . و لكم أن تقارنوا وضع معلم بلغ أعلى التدرج الوظيفي مع أي موظف آخر في أي مرفق آخر من مرافق الدولة فالفرق شاسع و أبعد من الخيال . ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل توقف تدريبهم و تأهيلهم المهني و كان لذلك أُثره الفني السالب على المعلم وعلى مجمل مخرجات العملية التعليمية و رفعت الدولة يدها عن التعليم تماماً في عهد الإنقاذ و أصبحت بيئة العمل طاردة جداً من حيث البني التحتية للمعلم و التلميذ على حدٍ سواء حيث المباني المتهالكة و الأثاث المتهالك في المكاتب و الفصول و مدارس بلا ميزانيات ، و تستجدي التلاميذ لسداد فاتورة الكهرباء و مواجهة تكاليف التسيير اليومية للمدارس و كذلك ابتدعت إدارات التعليم فرية الامتحانات الموحدة بغرض جمع المال من التلاميذ برسوم ( تتفاوت ما بين خمسة إلى ثلاثين جنيها ) تفوق التكلفة الحقيقية لإعداد هذه الامتحانات و ماذا يعني أن يدفع تلميذ الحلقة الأولي ( الصف الأول و الثاني و الثالث بمرحلة الأساس ) مبلغ خمس جنيهات لثلاث أو خمس ورقات لا تتعدى تكلفة تصويرها في السوق مبلغ جنيه و احد فقط و إمعاناً في جمع المال يُلزم التلميذ بدفع قيمة الشهادة التي تُمنح له ( واحد جنيه ) و أيضا إلزام المدارس بدفع قيمة دفتر رصد الدرجات . كل هذا يحدث لأن حكومة المؤتمر الوطني رفعت يدها عن التعليم تماماً و تركت أمره للتلميذ و بالتالي شغلت المعلمين بالجباية بدلاً من التفرغ لأداء رسالتهم التربوية و التعليمية . و هنا يأتي السؤال الكبير من المنتفع من هذه الرسوم الكبيرة التي تفوق التكلفة الحقيقية لإعداد هذه الامتحانات ؟؟!! إنهم تجار الامتحانات بإدارات التعليم المختلفة بالمحليات .
لقد أطلقت حكومة الإنقاذ وعود سراب للمعلمين عند مقدمها المشئوم و كان أطرفها و أَمَرّها التأمين لدى شركة ( شيطان للتمكين ) أقصد شيكان للتأمين ( تدفع شركة شيكان (شيطان) للمعلم بعد وفاته مبلغاً من المال ) و اعتبرت نقابة الولاء للحزب الحاكم هذا إنجازاً و مفخرةً و كسباً لقواعدها و طفقت تُبشر به المعلمين الغلابة ليموتوا باطمئنان لأن شيكان سوف تُؤمن لهم ما بعد الممات ( تركة كاربة للورثة ) !!! و لتغازل المعلمين بأوهام فارغة صممت لهم بطاقة شخصية سميت بـ (بطاقة المعلم) و صوروها لهم و كأنها ( خاتم المنى أو مصباح علاء الدين السحري ) و أن لها مزايا لا تتوفر حتى لـ ( بطاقة ماستر كارد ) أو ( القرين كارد ) فعاش المعلمون أوهاماً لا تسمن و لا تغني من جوع . و في الجانب الآخر انشغلت نقابة الولاء للحزب الحاكم بإدارة الفنادق و صالات الأفراح و البرج التجاري و امتطوا السيارات اليابانية الفارهة و أسسوا الشركات المضروبة و عقدوا الصفقات التجارية الخاسرة باسم إتحاد المعلمين آخرها صفقة أجهزة الحاسوب الخاسرة بفرع من فروع اتحاد المعلمين بولاية الخرطوم و اليوم يدفع المعلمون خسارة هذه الصفقة خصما من رواتبهم المنهكة أصلاً بينما قواعدهم تشكو لطوب الأرض هوانها و ذلها و ضآلة رواتبهم و سوء أوضاعهم الحياتية .
هذه هي وعود السراب و الوهم التي ساقتها و باعتها حكومة المؤتمر الوطني لجموع المعلمين الغلابة حتى تأمن جانب قوة لا يستهان بها و تشكل أكثر من 70% من الخدمة المدنية ، مُتبعةً معهم سياسة ( جوع كلبك يتبعك ) . و إمعاناً من حكومة المؤتمر الوطني في إسكات صوت المعلمين الغلابة جاءت لهم بنقابات الولاء الحزبي و سمحت للمتقاعدين من معلمي الولاء الحزبي الاحتفاظ بمواقعهم في مكاتب النقابات و الإتحاد المهني للمعلمين حتى بعد التقاعد الإجباري !!! بالله عليكم كيف يسمح للمتقاعد الاحتفاظ بموقعه في مكاتب النقابة و الاتحاد ؟؟!! أي عقل يقبل هذا الوضع المقلوب ؟؟!! و لو كانت نقابة عمال التعليم و الاتحاد المهني للمعلمين يمثلان المعلمين حقاً لما بقي هؤلاء في مواقعهم يوماً واحداً بعد التقاعد ، إنها تمثل الحزب الحاكم فقط و لا صلة لهم بجموع المعلمين الغلابة .
لقد أخذت أوضاع المعلمين تتردى عاما تلو الآخر و ضاعت حقوقهم المادية و المعنوية في ظل حكومة الإنقاذ و يبلغ هوانهم مداه الأقصى في أجور أعمال الامتحانات الشاقة و المضنية خاصة أعمال امتحانات الشهادة الثانوية المصحوبة بالقسوة في التعامل مع المعلمين و الطرد أحياناً من العمل بحجة المحافظة على الانضباط و المحافظة علي هيبة الشهادة الثانوية السودانية و أحياناً يتعللون بأن طبيعة أعمال الامتحانات تتطلب و تستدعي مثل هذا التعامل الفظ و غير اللائق مع المعلمين ( عذر أقبح من الذنب ) وماذا تعني هيبة الشهادة في الوقت الذي اُنتهكت فيه هيبة المعلم و هيبة التعليم وتردي هيبة المستوى الأكاديمي للطلاب؟؟!! و الله لقد ولى العهد و الزمن الذي حُفِظَت فيه مكانة المعلم الرفيعة و عزة نفسه الأبية و عظمة رسالته التربوية … و بعد كل هذا تأتي نقابة الولاء بلا استحياء لتخصم نصيبها من أجورهم الزهيدة هذه بلا أي مقابل أو خدمة تقدم لهم .
و كان نتاج هذه الأوضاع المتردية للمعلمين انهياراً أصاب التعليم في مقتل و ظلت الأقلام الحادبة و الحريصة على التعليم تدبج المقالات و تسود الصحف اليومية بها و لكن لا حياة لمن تنادي و أخيراً و منذ فترة ليست بالقصيرة قررت وزارة التعليم العام التي حُذِفت كلمة التربية منها قررت عقد مؤتمر لمناقشة قضايا التعليم ( المناهج ? السلم التعليمي ? المعلم ) و رغم حيوية هذه القضايا و وضوحها إلا أن و ضع الحلول لها يحتاج لإرادة حقيقية و شجاعة و المسألة ( لا تحتاج لدرس عصر ) فالمناهج يجب عدم تسييسها و يجب أن تكون مواكبة للتطور العلمي المتنامي ، أما السلم التعليمي الذي يسود الآن فقد ثبت فشله بلا أدنى شك ( وبدون لف و دوران ) يجب العودة للسلم السابق 6 ? 3 ? 3 و الذي تعمل به أغلب الدول العربية و إعادة المرحلة المتوسطة للسلم التعليمي أصبح ضرورة لا ينكرها إلا مكابر و الرجوع للحق فضيلة ، و ختاما المعلم ، يجب الاهتمام به من حيث التأهيل و التدريب و الإعداد و الأجر المنصف و العادل نظير العمل و الدور الكبير الذي يقوم به . و لن تقوم لنا قائمة ما لم يسترد المعلم كافة حقوقه الضائعة و المنتهكة . ألا هل بلغت اللهم فاشهد ..

طه محمد أحمد حجر الموس

تعليق واحد

  1. أسسوا الشركات المضروبة و عقدوا الصفقات التجارية الخاسرة باسم إتحاد المعلمين آخرها صفقة أجهزة الحاسوب الخاسرة بفرع من فروع اتحاد المعلمين بولاية الخرطوم و اليوم يدفع المعلمون خسارة هذه الصفقة خصما من رواتبهم المنهكة أصلاً بينما قواعدهم تشكو لطوب الأرض هوانها و ذلها و ضآلة رواتبهم و سوء أوضاعهم الحياتية .

    انا معلمة والخصم الذى ذكر فى الفقرة السابقة حدث بدون اى تنوير لنا والادهى نحن لا نعلم الى متى يعنى هم حا سيتفيدوا من المصيبة ويطلعو رابحاننين كعادتهم
    بس نقول نحن النستاهل لا شفت احتجاج ولا حتى استفسار وسط المعلمين يجى البشيت وكل المرتبات ناقصة ولا قولة ]دا اصله شنو ساااااااااااااااااى

  2. المعلمون بكامل الصراحة وبكل الاسف اصبحوا اجبن فئات المجتمع السوداني بعد ان

    كانوا هم قواد ووقودالمجتمع وشعلته التي لا تنطفي في زمن لا زالوا يتغنون به في

    ونساتهم الخاصة جدا ،ولكن عند اول اجتماع او تجمع نقابي او احتفالي تجدهم من

    يهللون ويكبرون للمؤتمر العفني وكأنهم اعضاء اصيلين فيه !!

    وعلى الرغم من انهم (الواطين الجمرة ) والمكتوين بنار التدهور المريع في العملية

    التعليمية والتربوية بكاملها الا انهم ظلوا يتفرجون وكأن الامر لا يعنيهم في شيئ !!

    واصبح همهم الاوحد والاكبر هو رضاء مدرائهم ومرؤسيهم عنهم لهذا ظهر التملق

    والنفاق كصفتين متلازمتين لمعظم المعلمين والمعلمات تقريبا ..

    لذلك لا تعشموا في ان ينصلح حال المجتمع وحال التعليم والتربية في بلادي مادام

    حال المعلمين على هذه الحال !!

    أخخخخخخخخخخخخخخخخخخ

    😡 😡 😡 😡 😡 😡 😡 😡

  3. الأخ قرفان خالص : ليس فئات المعلمين فقط من رفعوا الراية البيضاء لنظام الانقاذ
    الفاشي بل معظم فئات الشعب السوداني وأصبحوا يدسون رؤوسهم في الرمال …
    بل أصبح معظمهم من فئة دعوني أعيش ..لقد انتهت الوطنية والنضال في السودان مع
    اسماعيل الأزهري والمحجوب ومحمود محمد طه وقبلهم علي عبد اللطيف وعبد الفضيل
    الماظ …الا أن يأتي الله بقوم آخرين يناضلون من أجل هذا الوطن ..

  4. أخي قرفان خالص بعد التحية : اخراج السودان من مأزقه مسؤولية جماعية تنسيقية بين قطاعات هذا الشعب تبدأ من الجامعات حيث هنالك قطاعات الطلاب التي تقيم أركان النقاش ..تبدأ بالاضرابات والاعتصامات من القمة الى الهرم (من الجامعات الى المدارس) ..كيف سقط نظام عبود ومن بعده نظام نميري ..نعم كان فيما مضى اتحاد طلاب ثانويات ولكن انظر الى حال المدارس اليوم تم تجفيفها من هذه المنابر لأهداف سياسية فطالب المدرسة اليوم لا يعنى بالسياسة ولا يعرف حتى تاريخ بلاده السياسي هذا كله بفعل المناهج العقيمة التي وضعها لصوص الجبهة الاسلامية ليغيبوا
    عقول الطلاب عن واقعهم الأليم …..اذا كنت تقصد معلمي المدارس فليبدأ أساتذة الجامعات أولا ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..