مقالات سياسية

متى  يستحون ..؟!

هيثم الفضل

سفينة بَوْح

الصحفيَّين الطاهر حسن التوم وعبد الماجد عبد الحميد ، لا يخفى على الجميع إنتمائها الفكري والآيدلوجي والسياسي لنظام الإنقاذ البغيض ، ووقوفهما المهني المُخزي ضد الثورة والثوار ثم إنحيازهما التعُصبي للنظام البائد ، حتى بعد أن حاد بتوجهاته وسياساته عن المراجع الأساسية لمنظومة الإتجاه السياسي الإسلامي ، وهما حين كانا يمارسان ذلك الإنفصام القيِّمي والمهني عن عامة الشعب السوداني وجميع إتجاهات الحق والصواب والعدل في الحكم على ما كان يحدث من دمار للبلاد والعباد ، كان يدفعهما حُب الذات ونهم الإستزادة من الغنائم والمنافع التي كانت تنكبُ آنذاك على المُطَّبلين من الصحفيين والإعلاميين دون غيرهم من الشرفاء والمحايدين ، ولكن الآن وقد حصحص الحق وإنبلجت إشراقاته ، ليتبيَّن للناس الصالح من الطالح ، والحق من الباطل واللص من الأمين والوفي من الخائن ، لا يمكن أن نمُرِّر تباكيهما المُخزي على المخلوع البشير وإصرارهما على وصفه بالكرامة والشجاعة والنُبل ، وإستهجانهما لمثوله أمام العدالة وسيادة القانون ، والوقوف خلف قفص حديدي كمتهم  وهو الذي كان وكان ، هكذا أعلن الطاهر حسن التوم وعبد الماجد عبد الحميد حزنهما على البشير وتمنيا بالضمير المُستتر أن لا يُعتقل ولا يُحاسب وألا تسري عليه قواعد العدالة والقانون وربما ذهبا إلى أكثر من ذلك وتمنيا أيضاً أن ينتصر على إرادة الجماهير ويستمر في سحق الضعفاء وتبديد آمال هذا الوطن وتطلعات شعبه المغوار.

إن خصلة عدم الحياء كانت في عهد الإنقاذ واحدة من (المؤهلات الأساسية) التي يجب أن يحوز عليها كل من أراد أن يرتقي موقعاً متقدماً في مجالٍ من المجالات ، أما المجال الإعلامي فقد إمتلأ حتى فاض بأمثال هؤلاء حتى باتوا بعد أن ضاقت بهم مستنقعات الخيانة والقذارة المهنية يتناطحون فيما بينهم حتى بانت للناس عوراتهم وسؤاتهم ، ولله الحمد لم يتباكى حتى الآن الهندي عز الدين ولا الطيب مصطفى وغيرهما على البشير لأنه مُعتقل  ويحاكم في أقل ما يمكن أن تتم محاكمته فيه من جرائم ، ذلك أن الإنسان السوي إذا ثبت على عزيز لديه الجُرم المشهود لا يستنكر حالة محاسبته على جُرمه بقدر ما هو مُطالب بالندم على الظروف والملابسات التي جعلته ينتمي إليه  ولو كان في صلة القرابة أباً أو إبناً ، الأسوياء فقط هم الذين لا يستهجنون محاسبة ومقاضاة ومعاقبة من يُحبون إذا ثبت عليهم بالأدلة والإعتراف الجرم المشهود.

أقول لهما أن ما يُحاكم عليه البشير الآن ليس جُرماً ذو أبعاد سياسية ، بقدر ما هو جرم جنائي وإجرائي يتعلَّق بمخالفة الدستور والقانون عبر سرقة المال  العام وحقوق الشعب والدولة ، فإن كنتم من أحبابه  وحوارييه عليكم أن تشعروا بالخزي والخجل ، فالمقام ليس مقام تباكي تشهدون من خلاله على خصالٍ نبيلة لم تكن يوماً فيه ولا هو إدعاها ، الرئيس البشير عاجلاً أم عاجلاً لن ينال ما تخطِّط له دوائركم للإكتفاء بمحاكمته على جرائمه المالية ، لأنه عما قريب سيواجه بلاغات حول جرائم متعلِّقة بالتآمر والإنقضاض على نظام الحكم الديموقراطي وفصل الجنوب وحقوق من تمت تصفيتهم بالجور والبهتان ومن فقدوا حياتهم في السجون تعذيباً ، مضافاً إليها جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والآيدلوجي في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة ، لن نزرف عليه ولا على أعوانه دمعةً واحدة ، ليس إنتقاماً ولا كراهيةً محضة ، بل إمعاناً منا في إرساء قواعد العدالة وإنحيازاً للأغلبية المسحوقة التي دمر عمر البشير وحزبه ماضيها وحاضرها ، أما مستقبلها فهو بإذن الله أفضل وأكثر إشراقاً.

هيثم الفضل
[email protected]
صحيفة الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..