مقالات سياسية

قدر السودان ان يحكمه الفاسدين، و العواطلية

خليل محمد سليمان

اغرب حالة في الكرة الارضية حكاية الحُكم في السودان.

الطبيب يترك سماعته ليتفرغ للسياسة، و المهندس يرمي بمسطرته، و المحامي يخلع بدلته، و الاستاذ يهجر الفصول، و قاعات الدراسة، و الصحفي عاطل بقناع حيث لا إنتاج فكري ذو قيمة، اما المؤسسة العسكرية فهي الحصان الاعرج الذي يمتطي ظهره اصحاب العاهات الفكرية، و المناهج الضالة.

في الدول، والمجتمعات المتحضرة لكل سياسي مهنة، او وظيفة، بمجرد إنتهاء تكليفة إن كان رئساً، او وزيراً يذهب إلي مكان عمله، واكل عيشه، و يتفرغ الي حياته الخاصة، لأن الاصل في العمل السياسي التكليف من اجل خدمة المجتمع.

اعظم ثورة ابهرت العالم تكالب عليها عواطلية ما وراء البحار، و في احسن الاحوال ايقظت شهوة السلطة من هم في القبور ليتقاسموا دماء، و عرق، و تضحيات شباب طاهر بلا حياء.

مجلس سيادة الثورة عبارة عن مقبرة ينقصها حانوتي، و الشارع يغلي بالحيوية، و الثورة، فمجلس الوزراء متكأ للعواطلية، و سواقط التاريخ احزاب عفى عنها الدهر في مشارق ارض الله، و مغاربها.

اعرف بشكل شخصي احد مستشاري رئيس الوزراء، و هو دخل امريكا بفيزا بواسطة زوجته، من دولة افريقية جارة، فمنذ ان دخل الولايات المتحدة فهو عاطل و لم يعمل، عجزت الزوجة في ان تحسه علي العمل، و طبيعة الحياة في الغرب فقامت بطرده، ايّ والله طردته و اصبح homeless، ولكن تكافل السودانيين كان ارحم من الزوجة، التي لا الومها فهي في بلد تقدس العمل، وبدونه لا يسوى الإنسان فيه شيئ إلا رقماً يزيد ساكني الشارع.

إستضافه احد الاصدقاء في بيته برغم انه صاحب اسرة، و وفروا له عمل في اكثر من مكان، و لم يستمر ليومين في اي عمل، و اخيراً قال لهم بالحرف الواحد ” انا والله شغل الشقاوة دا ما بقدر عليهو”.

فحزم حقائبة ميمماً شطر قاهرة المعز التي يجيد التسكع في مقاهيها، و ازقتها حيث الإستهبال، والعيش علي انقاض قضية بلد إتضح انها شماعة للكثيرين، و سلة خبز للمتسكعين، حتي رست وليمة البحر علي شاطئ الدماء، و جثث شباب فض الإعتصام التي تقاذفتها امواج المُكر، و الاطماع، ثورة ديسمبر المجيدة!

كانت اكبر صدمة بالنسبة لي في حكومة حمدوك، و ما الصمت إلا خيانة للدماء، و الارواح، و لأننا ننشد وطن محترم فلا يمكن ان نصمت علي هذا العبث بعد اليوم، فالشباب في السودان احق بان يحكموا بلدهم، و يديروا شأنهم.

ماذا يقدم عواطلية ما وراء البحار لهذا الوطن الجريح، والمكلوم في امنه، وعيشه غير الآلام، و مزيداً من الفساد.

واهم من يعتقد ان فشل الحكومة يعني سقوط الثورة، فالثورة تصحح مسارها، ولا تسقط ثوابتها.

اما من يرى في عودة الكيزان فعليه ان يسأل شباب الثورة الحقيقيين، او ان يسأل كهنة النظام البائد انفسهم.. قسماً بالله لو مات كل اهل السودان و لم يتبقى غيرهم لا يمكن ان يتجرأ احدهم ليحكم.

الكيزان الآن وجدوا ضالتهم و تحكموا فينا بالخوف، والضعف، و الهوان الذي اتى بالعواطلية من اركان الارض، و ازقتها.

خرج الشعب السوداني بثورة عظيمة لا ليرثها العواطلية، وحميدتي و اسرته، و البرهان، و لجنة المعزول الامنية.

علي حمدوك حل هذه الحكومة الفاشلة، و تكوين حكومة محترمة تليق بعظمة الثورة، و تضحيات الشعب السوداني برغم الفقر، و الجوع، والمرض، و المعاناة.

البلاد في حاجة لحكومة قوية تفرض إرادة الشعب علي الجميع، و إعادة النظر في الوثيقة الدستورية العار التي بانت من خلالها عورات الاحزاب الخربة.

و ما تجمع المهنيين الذي كان طوق النجاة الذي تعلق به كل الشعب السوداني، في لحظات كادت ان تتفرق به السبل، حيث التقسيم، و العنصرية، و الجهوية، و الحروب العبثية، و الفساد المُمنهج، للأسف كان خير مثال ترجم فشل احزابنا، و نُخبنا التي لا تجيد سوى الصراع، و التكتيك، و الإحتيال للوصول إلي السلطة بلا اخلاق، او وازع ضمير.

حمدوم لا يزال في الوقت متسع، و إلا القاع اوسع من القِمة.

خليل محمد سليمان
[email protected]

‫18 تعليقات

  1. ما هو السبب في رايك الموقع والشد الاقليمي والتربية التى نتجت كانت مجحفة غي حق الكثير لا اقول الا ان نستمسك بحبل الله المتين

  2. ضربت مثال بشخص وقمت بتعميمه بكل بساطة! رغم عدم المتابعة إلا أن كل المناصب المعروفة بعيدة عن المثل الذي ضربته بل بالعكس تم إيلاءها إلى مهنيين أصحاب مسيرة متميزة وبدون نشاط سياسي ظاهر.
    أعتقد أن استعجال الحكم بالفشل هو أكبر أسباب الفشل، وذلك بالنظر إلى تجاربنا وتجارب غيرنا. الآن لدينا حكومة تعمل في ظل محاولات مستميتة للتفشيل، وفي ظل عدم اكتمال الأجهزة، وفي ظل تساؤلات كثيرة حول سياسات ونوايا القطاع الأمني، الواجب مساعدة هذه الحكومة على اكتساب مساحات جديدة حتى تقدر على التحكم الذي ينبغي لها، عوضا عن دعوات الهدم المستعجلة.

    1. السلام عليكم واستاذن منكم بهذه المداخله المتواضعة .اولا كان المفهوم السائد بعد سقوط النظام أن توكل الفتره الانتقاليه إلى كفاءات ليست ذات صبغه سياسيه حتى تتمكن التنظيمات السياسيه بترتيب بيتها من الداخل تجهيزا لانتخابات يمكن بتكرار الممارسه الديمقراطيه أن تخرج بلادنا إلى بر الأمان وما هو ظاهر لأبسط مواطن سودانى يقتات “الكسره بمويه وملح ” أن الحكومه الانتقاليه بشقيها السياسى والدستورى حكومة أحزاب وهذا شيء لايحتاج الى أدنى ذكاء وقد التزمت بعض التنظيمات التى كان عانت طوال الثلاثين سنه الماضيه من التشريد والفصل من الجامعات والخدمه العامه والخاصة التزمت بعدم المشاركه ،، ثانيا الملاحظ أن نسبه كبيره جدا من هذه الحكومه لها فتره ليست بالقصيره خارج السودان بل إن البعض لم يعمل بالخدمه العامه داخل السودان مما يجعلهم بعيدين عن عامة تفاصيل الحياه فى السودان والمواطن السودانى الذى انتابه كثير من التغيير خلال الفتره المظله لهذا أصبح المواطن مغيب تماما من كل القرارات التى تصدر والشيء الثالث والمهم هو أن إدارة المنظمات العالميه ووكالات الامم المتحده حتى فى أعلى مستوياتها ليست كإدارة الدوله وكل من عمل بالمنظمات يدرك هذا يكفينا مثلا أن جيراننا فى إثيوبيا – كينيا- مصر- تبواوا مراتب عليا بالمنظمات الدوليه ووكالات الأمم المتحده ولا أظن أنهم قادوا مناصب دستوريه فى دولهم ( هذا ليس تقليلا من شأن هذه الخبرات ) وكان من الجيد أن يستفاد من علاقاتهم الخارجيه فى تنفيذ مشروعات التنميه الكبرى والتى تم تنفيذها فى مجتمعات تشبه او لها نفس ظروف المجتمع السودانى . الاحلال والابدال او حتى الاستقاله من المناصب لا تعنى نقص فى الشخصيه او ضعف وعدم القدره على ادارة الازمات فبيقى الاعتراف الذاتى بالقصور فى أداء المهام وعدم تنفيذ الخطط
      – على قلتها- والبحث عن المبررات لايمكن أن يودى إلى النتائج المرجوة ورمى كل من يكون له رأى أو تعليق او وجهة نظر بأنه دوله عميقه لأننا هنا لسنا بصدد جرد حساب ولا نعرف تاريخ الشخص صاحب التعليق كما أننا لا نعرف تواريخ كثير من الذين يرمون الأشخاص بأنهم دوله عميقه فليكن هدف كل من عانى طوال الثلاثين سنه الغابره أن يقدم الرأى الذى يدفع بالبلاد إلى الأمام .

    2. دا كلام ملان كلام فارغ..مجرد انشاء لايزيد ولايقدم لكنه يفقع المرارة..كان من باب أولا يقدم تصور للحل..واحدة من المشاكل البتواجه الحكومة هى الذين لايدرون اهم لايدرون.

  3. مقال رائع
    هنالك أخطاء لغوية (لا تقدح في فائدة المقال)
    – قدر السودان أن يحكمه الفاسدون (بدلاً عن الفاسدين)
    – تحثه على العمل (بدلاً عن تحسه)
    – وفروا له عملاً في اكثر من مكان (بدلاً عن عمل)
    – لأننا ننشد وطناً محترماً (بدلاً عن وطن محترم)
    – سواقط التاريخ احزاب عفى عليها الدهر (بدلاً عن عنهاً)

    تحياتي و احترامي

  4. حكومة ما تمت سنة واحدة طلعوا فيها كل عيوب الدنيا وكأنهم سحرة عليهم أن يبدلوا الحال بعد تعيينهم مباشرة .. ياخي لو عاوز تهد ليك غرفة جالوص في السودان ده وتبنيها تاني سنة ما تكفيك خلي تبني ليك دولة في سنة…. اتقوا الله يا ناس فيما تكتبون.

  5. انت عارف ياخليل هذه اخر فرصة لنا لو تلاعبنا بها لا تقوم للسودان تاني قائمة . فعلا الوضع مسأوي لكن علينا دعم هذه الحكومة.

  6. حكومة لا يدعمها جيش ولا شرطة ولا جهاز امن،،وخدمة مدنية يسيطر عليها اتباع النظام السابق،وبعد ذلك بعض الناس تجغلب وتنتقد وكأن حمدوك ووزراءه سحرة،،صبرنا سنين طوال مع ذل يومي وجوع،افلا نصبر سنة واحدة؟

  7. لاباس بالتوجيه والتوجيه الحار والمثل بقول اسمع كلام الببكيك ولا تسمع كلام البضحكك فعلا نقدك لبعض الوزراء والمسؤولين فى حكومة حمدوك فى محله ولكن نقول لك يا عم خليل يجب ان نصبر عليهم شوية واذا لم ينعدل حالهم فسوف نقلعهم كما قلعنا غيرهم لان عهد المجاملات انتهى .

  8. سبحان الله هؤلاء الذين يتشدقون بنقد الحكومة صحيح هنالك ضعف بائن ولكن المكون العسكرى هو سبب البلاوى لان ضباطه العظام كانوا اليد اليمنى للبشير وزبانيته لذلك يسعون بكل مالهم من قوة لافشال حكومة الثورة لكى يبرروا للشعب تغولهم على السلطة ولكن لابد ان نكون واعين و مدركين لما يخطط له العساكر وفلول النظام البائد وكلهم فى مركب واحد خاصة بعد موضوع كوشيب والحنائية. لذلك لابد من دعم حكومة حمدوك حتى نصل إلى الانتخابات وبعدها سوف نرى سودان حر ديمقراطي بعيدا عن العسكر والكيزان والميرغنى والصادق المهدى بإذن الله. ولكن لاباس ان نصحح مسار الثورة وتبديل من نرى انهم ليسوا بقدر تطلعات الثورة وبرامجها. خاصة فيما يخص التخلص من الكيزان فى الخدمة المدنية والجيش والشرطة والامن لابد من كنسهم. والله الموفق

    1. تجمع المهنيين باع الثوره في أول أيامها عندما اعطي التنازلات للمكون العسكري الذين هم من قتلوا الثوار وقدموا الحمايه لمجرمي الإنقاذ والتآمر في محاكمتهم حتي هربوا كل أموالهم التي سرقوها خارج البلاد وتركوا أنصار النظام المحلول في مناصبهم الي اليوم لذلك هم من يجب محاكمتهم والتاريخ لن يغفر لهم وكل هذا من أجل أن يحظوا بالمناصب

  9. واقعي كتب : ” كل المناصب المعروفة . . . . . . تم إيلاءها إلى مهنيين أصحاب مسيرة متميزة وبدون نشاط سياسي ظاهر”
    مهنيه . . . . ربما . . . . . . سيره متميزه وبدون نشاط سياسي قد يكون للبعض منهم . . . . لكن الاكيد عدم امتلاكهم لاى رؤيه او برنامج واضح وهذا ماتتطلبه هذه المرحله . . . مجموعه هواه يتخبطون في أدائهم يعملون بخطي سلحفائيه لا تحقيق اي تقدم . . . هولاء اخر من تحتاجهم حكومه انتقاليه
    ” استعجال الحكم بالفشل هو أكبر أسباب الفشل ” هذه الحكومه هي جنين الثوره الذي اجبرت على إجهاضه عليه العوض

    حسن حسن كتب: ” حكومة ما تمت سنة واحدة طلعوا فيها كل عيوب الدنيا”
    دي فتره انتقاليه . . . سنه يعنى 1 ÷ 3 من الفتره الكليه . . . . تانى 6 شهور . . . وينتهى نصف الزمن . . .” مادام سنه مرت وماحفرت الساس . . . . بعد سنتين …. إن بقت اوضه قش ماتقوم” خلو الناس تتكلم . . . بعد خراب البصره . . . ماتفيد الحسره

    كافور كتب: ” حكومة لا يدعمها جيش ولا شرطة ولا جهاز امن. . .”
    ماهي الناس جغلبت والحكومه دي جات . . . .عشان تسلط الاجهزه الامنيه و سيطرة النظام البائد . . . .لما الحكومه بعد ماينقضي تلت الزمن . . . تقول العطله عشان تسلط الاجهزه الامنيه و سيطرة النظام البائد . . . وتفسـر الماء بالماء. . . . يبقي الحكومه في واد والشعب في واد . . . ومافي داعي لانتظار خراب سوبا . . . و الحكومه لو كان اصلا عندها دعم الاجهزه الامنيه والسيطر علي الخدمه المدنيه . . . ما كان سموها انتقاليه
    حكومه دعمها شعب . . . شهد له العالم رغبته في التغيير . . . سبحان الله . . . تمخض الجبل فولد فأرا
    ” وكأن حمدوك ووزراءه سحرة ”
    ولا المفروض يكونو سحره. . . بعد التناحر علي الوزارات . . . اقلها رؤيه واضحه … واستراتيجية فاعلة . .. لادارة تغيير يحدث نقلة نوعية مكافئه لتطلعات الشعب وتضحياته . . . . وهدا مايفتقده وزراء قحت . . . بل ان منهم من لايدري مهام الوزاره التي كلف بها.
    افلا نصبر سنة واحدة؟
    صح النوم السنه الواحده عدت وانت في السنه القبل الاخيره . . . حسبنا الله ونعم الوكيل

    1. حكومة لا تفرض سيطرتها على هذه الأجهزة التي ذكرتها،من الصعب أن تنجح،،لان هذه الأجهزة يسيطر عليها أتباع النظام السابق وتعمل بكل جهدها أن لا نفقد امتيازاتها السابقة ومن مصلحتها أن تضع العراقيل حتي تفشل الحكومة المدنية،،ان كان في شكل ازمات إقتصادية أو نزاعات قبلية،،هتاف الشعب وحده لا يكفي،،اي ثورة بدون حماية عسكرية مآلها الفشل

      1. ” لان هذه الأجهزة يسيطر عليها أتباع النظام السابق ……إلخ,,”
        هذا امر بديهى ومن تخيل غير ذلك, فهو مخطئ ومع هذا جيئ بحكومه غير مباليه لهذا الخطر ولم تسعى للتخلص من هذه السيطره, وهنا مربط الفرس فنهجها لا يفيد الا حاضنتها

        هذه الحكومه هي جَنِين الثوره الـمُجْهَض, غير مُخَلَّقَة, التقطها هجين اتي بها عرجاء مبتورة الازرع مكبله الارجل

        “هتاف الشعب وحده لا يكفي” , اربكت مليونيه الثوره حسابات العسكر مالها لا تربك من اجهضها؟ الشعب هو القوه الدافعه, السودان سفينه تبحر عبر امواج تبدو لناظرها هوجاء, ولها قبطان بوسعه ان يرسو بنا على شاطئ الأمان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..