مقالات سياسية

إزالة التمكين – سلطة دارفور، هل في بيتنا حرامي ؟!!

د. حامد برقو عبدالرحمن

(١)
كان في نهاية ٢٠٠٧ عندما إتصل بي من أعزه شاكياً و معاتباً إنسلاخ السيد بحر إدريس ابو قردة عن حركة العدل والمساواة و الذي أصبح فيما بعد وزيراً للصحة و حليفاً للبشير ( المجرم الهارب من العدالة الدولية و الذي بسبب جرائمه حمل السيد ابو قردة و من معه السلاح).

الرجل أي المتصل يدرك بأنني لم أنال شرف الإنضمام إلى أي فصيل من فصائل الكفاح المسلح و لكن ربما لمواقفي المناوئة لنظام الإنقاذ الإجرامي أو ربما بسبب صلة الرحم مع رئيس العدل و المساواة الشهيد خليل ابراهيم ، عليه رحمة الله و مغفرته ؛ أظهر المتصل براكين من الغضب تجاه السيد ابو قردة.
رديت عليه في هدوء لم يتوقعه و بأسئلة و نصائح (أحجم عن ذكرها هنا).

لكن استطيع ان أزعم بأن عدم معاودة الاتصال بي مرة أخرى حتى تاريخ اليوم مرجعه تذكيري له بالفرق في الحياة بين أبناء(بعض) قادة الحركات الثورية السودانية في الغرب حيث التعليم المجاني و المساعدات الاجتماعية و أقرانهم من أبناء الثوار المقاتلين العاديين في الداخل الذين تشردوا بسبب عجز أمهاتهم عن دفع الرسوم الدراسية لأنهن اي الأمهات إمنتهن الأعمال الشاقة أو بيع الشاي في غياب الازواج لتوفير خبز الصباح للأبناء و ليس التعليم.

هذا للذين حالفهم الحظ أن يكونوا في المدن و ليست القرى حيث من السماء حمم الأنتينوف و على الأرض الجنجويد.

(٢)
كثيرون الذين إنتهزوا كارثة الغلابة السودانيين في دارفور لنيل اللجوء السياسي على حساب الجوعى الذين يفترشون الأرض في معسكرات المعاناة داخل و خارج الوطن و يطعمهم الأجنبي . و الانتهازيون هؤلاء بعضهم من الإقليم و البعض الآخر من أقاليم أخرى ؛ إلا أن الانتهازيين ملة واحدة .
مرت سبع عشرة سنة على حرق الطائرات الحربية الحكومية في مطار الفاشر و ما برحت الكارثة مكانها.

(٣)
في أكثر من مرة كتبت على موقع سودانيزاونلاين محذراً إستخدام مفردة (الجلابة) و التي تنطوي على الكثير من العنصرية والإستسلام معاً.

معللاً بأن الجلابة كيان إقتصادي براغماتي انتهازي أكثر من كونه قبلي أو جهوي. و مجتمع الجلابة لا يتعدى ثلاثمائة عائلة سودانية، تنحدر من أقاليم السودان المختلفة ، رغم غلبة بعض الأقاليم.

دون ذلك ؛ فالسودان مجرد مجتمع قروي فقير و بسيط.

لكن للأسف هنالك من يتوهم بأنه من (الجلابة) بسبب انتمائه القبلي أو الجغرافي؛ بينما الآخر يتخذ أكذوبة محاربة (الجلابة) وسيلة لنهب القليل الذي قد يُرسل الى أهله في أطراف السودان.
أرأيتم ما نحن فيه؟

(٤)
منذ إتفاقية أبوجا، مروراً بمفاوضات سلام دارفور في الدوحة ضخت الجهات الراعية للحوار و المفاوضات و خاصة دولة قطر الكثير من الأموال في أشكال و “أغراض مختلفة”.

الذي يهمنا هنا هو ما تم دفعه لأغراض إعادة إعمار دارفور، و ذلك ببناء قرى نموذجية.

أتفهم و بعمق أن النظام الذي كان يقوده الرئيس المخلوع عمر البشير لن يسمح ببناء قرى بتلك المواصفات في الإقليم الذي دمره بيديه؛ لكن مع ذلك خُصصت اموال معتبرة لذلك الغرض.

معلوم أن كل الذين كانوا على رأس السلطة الانتقالية لإقليم دارفور هم من أبناء الإقليم نفسه (رغم انني ضد فكرة أن يكون مسؤولي الصف الاول في اي اقليم من أقاليم السودان من أبناء الإقليم، و ذلك لتعزيز الوجدان الوطني المشترك) ؛ يجب التحقيق معهم لمعرفة مصير الأموال القطرية في ظل عدم وجود أي دليل على الأرض هناك في دارفور المنكوب.
برغم أن البعض من الذين كانوا على رأس السلطة المذكورة قد تطاولوا في البنيان بعد اتفاقية الدوحة. إلا أننا لسنا في وضع نتهم فيه الآخرين.

فقط نطمح لسماع إجابة لجنة إزالة التمكين بأن لا حرامي في بيتنا.
ببساطة لأنه بيت كل السودانيين و ليس الدارفوريين وحدهم فحسب.
لأننا في سودان الثورة!!

د. حامد برقو عبدالرحمن
[email protected]

‫7 تعليقات

  1. الحياة مسرح كبير ، أو هكذا اعلق مخاطبا نفسي كلما تأملت مسرح العبث الذي يجري على الأرض المكلومة الجريحة البائسة المسماة السودان ، تراجيديا الصراع ما خلفته لنا ممالك علوة والمقرة وسوبا ولاحقا مملكة سنار ومملكة المسبعات وسلطة المهدية وأخيرا سلطنة دارفور . طبقة تمارس السياسة وتبيع الوهم للشعب ولا ترعوي عن ممارسة كل أنواع الدجل والفساد والافساد والتفريط في مقدرات البلاد ولا تقوم بأدنى واجبات المسئولية حين تعتلي كرسي الحكم وترتكب الموبقات حين تكون خارج الحكم .
    ينفطر قلبي كلما تأملت في تاريخنا ورأيت حجم الظلم الذي وقع على المواطن البسيط الذي يسعى جل وقته لتأمين لقمة العيش الشريفة له ولأفراد عائلته ثم لا يجد رعاية من الدولة لا صحة ولا تعليم ولا ماء نظيف ولا طرق ولا كهرباء ولا احترام لانسانيته .

    1. الاخ ابن ام درمان
      تحية طيبة
      وهو بحق أمر محزن .
      أليس من الجنون أن نتسول لدي من لم يكونوا دولة عندما كانت عملتنا الوطنية تعادل ثلاث دولارات؟؟

  2. قرأت لك كثيراً كواحد من المتابعيين…. وكنت أعجب بالكتابات..
    لكن كانت المفاجأة حينما قلت في مقالك ….

    (( الرجل أي المتصل يدرك بأنني لم أنال شرف الإنضمام إلى أي فصيل من فصائل الكفاح المسلح و لكن ربما لمواقفي المناوئة لنظام الإنقاذ الإجرامي ))

    لماذا لم تنل شرف الإنضمام لأي جهة والنظام يقتل ويغتصب حرائر دارفور ؟؟؟؟ النظام يقذف أطفال هيبان؟؟؟ وووووو.

    مقوله هامة باللغة الإنجليزية مفادها..
    ( إن لم تسيس نفسك فتأكد أن يحكمك في يوماً من الأيام ((غبي)) )

    1. الاخ السيد الطاهر سيزار
      لك التحية.
      أتشرف بإهتمامك.

      لا أدعي القومية ، لكن وجدت نفسي على مسافات تكاد تكون متساوية من معظم حركات الكفاح المسلح .
      و الأمر الآخر و رغم وحدة الهدف وجدت انها تتناكف و تتنافس في جزئيات قاتلة .
      فآثرت الحياد في الإنتماء لأي فصيل من الفصائل.
      و لرفض الظلم العديد من الصور و المواقع .

      تحياتي

  3. اخي الدكتور شكرا ليك علي التوضيح في هذا المقال الجميل من حيث السرد
    لكن لدي سؤال لماذا ذكرت واحد فقط من الذين خانوا اهلهم في دارفور و باعوا كل شي مقابل الثروة و السلطة
    هم كثر و حتي اليوم يتهافتون علي السلطة و الثروة بعد الثورة و هم في فنادق جوبا بدلا عن فنادق الدوحة
    نحن ابناء السودان نعرفهم جيدا من حيث المبدأ و لكن للاسف استغلوا ثورة الشباب و اعادوا موضوع المخلوع لنبش القبر من جديد بما يعرف بالحركات لتظهر علي وجه الارض كما شاركت المخلوع في كل جرائمه
    انتهاء زمن المخلوع و بها إنتهت كل الحركات و قوي المعارضة و كان من الأثاث عدم الاستجابة لهم كحركات و حضورهم الي الخرطوم و الانضمام للقاعدة العريضة و كل واحد وخبرته و كفاءاتهم لخدمة الوطن العزيز
    و شكرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..