مقالات وآراء سياسية

فشلت الحكومة لأن الوثيقة الدستورية مكتوبة بقلم الرصاص..!

عثمان محمد حسن 

* ” نعم ، النظام السابق وصل في سنواته الأخيرة مرحلة العجز التام، أصبح غير قادرٍ على إيجاد الحلول ولا توفير الإجابات، ولا هَش الذباب عن شفتيه! ولكن ما انتهى إليه خلال ثلاثين عاماً بين يسرٍ وعسرٍ ومحن ومنح، بلغته حكومة حمدوك في أقل من خمسة عشر شهراً..!”
* أعلاه كلمات حقٍّ، يستبطنها باطلٌ واضحٌ، أصدرها الصحفي المدجَّن ضياء الدين بلال وتلقفها الصحفي المدجن الآخر الطاهر حسن التوم، وسرت بين الفلول سريان النار في الهشيم لتأكيد أن النظام المنحل كان أفضل للشعب السوداني من النظام الانتقالي القائم.. وللايحاء بأن قيام الثورة المجيدة لم يكن له ما يبرره طالما أوصلت البلاد إلى هذه الدرجة من التردي..!
* يبدو أنهم لا يفهمون، بل لا يريدون أن يفهموا أن تداعيات فساد النظام المنحل لا حدود لها امتداداً لعقود وعقود في عمق المستقبل. ولا يدركون أن في علم الاقتصاد ما يُسمى بعوامل المضاعف السلبي، Negative multiplier effects.. وأن هذا المضاعف السلبي يؤدي إلى  تدمير المنشأة/ الاقتصاد الكلي وتخريبه بمتواليات هندسية لا تتوقف إلا بزوال مسبباتها..
* و إيقاف تلك المسببات هو ما فشلت الحكومة الانتقالية في تحقيقه حتى الآن.. وبينما تبذل لجنة  إزالة التمكين، وهي الحسنة الوحيدة المتبقية للثورة، جهدها الجهيد في تقويم ما يمكن تقويمه،  تتصدى لها عناصر من الجنرالات المتسلطين والفلول وتوابعهم من الصحفيين المدجنين ويحفزهم أصحاب الغرض من الذين اتخذوا (سلام جوبا) مطية للوصول إلى المناصب الدستورية لتحقيق أحلامهم بإعادة الأمور (سيرتها الأولى).. وتكشف شيئاً من ذلك زيارة جبريل خليل ابراهيم لمواساة أسرة أبيه الروحي عبدالله  حسن الترابي بالمنشية..
* نعم، الحكومةالانتقالية فشلت، حتى الآن، ومرد فشلها أنها تنازلت عن الكثير من صلاحياتها للمكوِّن العسكري.. ولم تقم بما يقتضيه واجبها من إمساك كامل لمفاتيح الاقتصاد- حسب الشحيح من معطيات الوثيقة الدستورية لها- وارتأت ترك الجنرالات يفتحون ويغلقون الأبواب حسب ما تتطلبه مصالحهم الفردية والجماعية المرتبطة بمصالح بعض دول المنطقة..
* و للوثيقة الدستورية نصيب كبير في تلك الخيبة التي لا تزال تلازم مسيرة الثورة.. والوثيقة ذاتها أشبه ما تكون بصفحة من صفحات كراسة لتلميذ بالمدارس الابتدائية مكتوبة بقلم الرصاص، يمسحها التلميذ متى شاء..
* و على هذا المنوال يمسح تلاميذ السياسة بالمجلس السيادي بنود الوثيقة كلما عنَّ لهم مسحها لإشباع رغباتهم ورغبات شركائهم في مبدأ المحاصصات وتثبيت الهيمنة على الجاه والمال وامتلاك ناصية مصير السودان حاضراً ومستقبلاً.. !
* مؤسسات الحكومة الانتقالية تفتقر إلى المؤسسية.. فالوصف الوظيفي للمؤسسات مرتبك.. ومهام أعضاء مجلس السيادة لا حدود لها.. فتدخل المجلس السيادي في مهام مجلس الوزراء لا حدود له..
* ولا نستطيع التفريف بين الوصف الوظيفي لعضو المجلس السيادي (السيادي) و عضو المجلس السيادي (الوزير).. بعد أن فرض أعضاء المجلس السيادي أنفسهم، فرضاً، على الحكومة الانتقالية، بإذن أو بدون استئذان..
* نعم،  فشلت الحكومة لأن
الوثيقة الدستورية مكتوبة بقلم الرصاص.. وسوف يستمر فشلها ما لم تتصدى لجان المقاومة لما يحدث حالياً من مضي متنفذي المجلس السيادي  في كتابة وثيقة دستورية تتناقض بنودها تناقضاً تاماً مع ما قامت ثورة ديسمبر المجيدة لأجله..
حاشية:- جاء في الأنباء أن وفدا إسرائيلياً يزور السودان للتباحث حول سير تطبيع العلاقات بين البلدين.. ولما سئل السيد فيصل محمد صالح، وزير الثقافة والإعلام  عن الزيارة، أجاب بأنه لا علم له بها! ومن المؤكد أن العلم لدى المجلس السيادي..
محن!
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..