مقالات سياسية

مجلس السيادة و رعاية الإبداع و الفنون

زين العابدين صالح عبد الرحمن

مقترح مشروع الإبداع و الفنون للشباب

هذا مقال في شكل رسالة غير مباشرة لمجلس السيادة، نطالبه أن يتبني رعاية الإبداع و الفنون في البلاد. إذا نظرنا لكل الثورات و الانتفاضات التي حدثت في السودان، نجد أن ثورة ديسمبر كانت مميزة عن الأخريات لأن عمودها الفقري أعتمد أعتمادا كاملا علي الشباب، خاصة من عمر الثلاثينيات و ما دون ذلك، و هذه تعتبر صحوة حقيقية في المجتمع، و هذه الصحوة هي التي كانت سببا رئيس في أن تتفجر الطاقات الإبداعية لهؤلاء الشباب، و تحمل تلك الصور و لوحات الجمالية في كل مضارب الفنون ” الفن التشكيلي – الشعر – الخطابة – الدراما – الموسيقي – و حتى في قيم التسامح و الأخلاق الفاضلة التي ظهرت من خلال التعامل في ساحة الاعتصام و غيرها” السودان في أمس الحاجة إلي إحياء قيم المجتمع الفاضلة، التي قضت عليها الإنقاذ.

هؤلاء الشباب استطاعوا بإسهاماتهم أن ينقلوا الواقع السوداني بهذه الجماليات من واقع كئيب يملأه الخوف و الزعر و تكميم الأفواه. إلي واقع جديد كان ظاهر علي كمية الفرح المرسومة علي وجوه الناس. لأول مرة بعد ثلاثين عاما يظهر المستقبل بأشراقة جميلة، كانت لوحات هؤلاء الشباب تنطق لوحدها ” سنبنيهو” هذه الكلمة البسيط كانت تحمل حملا ثقيلا يعبر عن أحلام و أمال و طموحات لشباب لديه خيال موار غاية في الاتساع، شباب في لحظة أراد أن يرمي كل مخلفات الفشل و الإنكسار و الهزائم النفسية التي صاحبت المجتمع السوداني منذ الاستقلال حتى اليوم وراء ظهره، و يجعلها تجارب يتعلم منها، و ينطلق في رحاب المستقبل لبناء الوطن الذي يحلم به الجميع. استطاعوا في أيام قليلة أن يحدثوا ثقوبا في الصخور الصماء التي ما كان يخترقها الضوء و لا يمر عبرها الفرح.

أن الذين نفذوا فض ساحة الاعتصام، أرادوا أن يقتلوا هذا الحلم في نفوس الأجيال الجديدة، و يرجعوا عقارب الساعة للوراء، كان يعتقدون أن الساحة تمثل لهؤلاء الشباب موقع للتجمع يتداولون فيه الأفكار و الاحلام، و لأنها كانت ساحة للخلق الإبداعي التي يستمد الكل منها دافع المواصلة، كانت رؤية القوى المحافظة و العقول المظلمة أن تنفذ فض الساحة، حتى لا يجد هؤلاء الشباب موقعا للتجمع الإبداعي. و ينفض الجميع إلي ساحة آخرى فيها الخلاف و الجدل البيزنطي للانتماءات الضيقة. فهل نستطيع إعادة الموقع لكي نعيد لهؤلاء الشباب الحلم من جديد. نعم نستطيع و كيف؟

هل يستطيع مجلس السيادة و مجلس الوزراء، أن يخصصا 4% من المال الذي تقوم بإرجاعه لجنة إزالة التمكين و محاربة الفساد دعم لهؤلاء الشباب في تأسيس مجلس قومي لرعاية إبداع و فنون الشباب، و تقدم إحدي البنايات هدية لهم لكي تكون مقرا للمجلس، و أن يكون للمجلس فروع في كل أقاليم السودان لكي يفجر الطاقات الإبداعية وسط الشباب في كل موقع في السودان. و يصبح السؤال ما هو الهدف من تأسيس المجلس؟ و ما هو النشاط الذي يقوم به؟ و كيف يتم تمويل المجلس، و كيف يتم تكوين المجلس؟
أهداف المجلس القومي لرعاية إبداع و فنون الشباب:-
1- أن المجتمع السوداني في أمس الحاجة لإعادة تأهيل أبنائه بعد هذا الفشل الذي استمر منذ الاستقلال حتى الإنقاذ التي فشلها و فسادها فاق كل تصور، و التأهيل هو خلق جيل جديد لا يرتبط بالثقافة السالبة التي خلفها الفشل السياسي في كل العهود و خاصة في عهد الإنقاذ، أن يرتبط بالمستقبل. أن تكون لديه أحلامه و أماله و يعمل بجد لتحقيقها في الواقع.

2- أن الشباب بتصوراتهم الإبداعية قادرين علي خلق مجتمع جديد خالي من الأمراض النفسية و الانتماءات السياسية و العشائرية و الطائفية الضيقة إلي أنتماء قومي، الذي يحتاج إلي لغة جديدة بعيدة عن الوعظ و الإرشاد، لأنها لغة أصبحت غير مقبولة. فالمجتمع في أمس الحاجة إلي لغة جديدة تنتقل من القلب للعقل، و هي اللغة التي استطاع هؤلاء الشباب أن يخلقوها في ساحة الاعتصام ساحة الإباع من خلال تلك الوحات و الصور الجمالية، التي جذبت الكل و تجاوبوا معها.

3- خلق أرضية جديدة للإنطلاق في رحاب الوطن الكبير، و بناء الوجدان الوطني، ليس عبر مادة نظرية تدرس و لكن من خلال التماذج للتنوع الثقافي عبر اللوحات الفنية و الجمالية التي تتأتي من كل موقع في السودان، إلي جانب توظيف الدرامة لأنها قادرة علي تحريك وجدان الناس.

4- إطلاق الطاقات الإبداعية للشباب في كل أقاليم السودان و رعايتها، و توفير مواد الإبداع و بيعها للشباب بأسعار رمزية لكي يستطيعوا أن ينتجوا ثقافة جديدة تدعم الحرية و الديمقراطية.

5- أن واحدة من أهداف المجلس نقل الشباب من دائرة الحوارات غير المفيدة التي لا تضيف جديدا إلي الاهتمام بقضايا الإنتاج في الزراعة و الصناعة و حتى إنتاج الفنون و فتح فرص كثيرة للعمل الإبداعي للشباب يستطيع أن يتكسب منه.

6- معالجة السلبيات التي تظهر في المجتمع من خلال توظيف الفنون في ذلك و الدراما.
النشاط الذي يقوم به المجلس:

1 – أن يسهم المجلس في تأسيس البنيات الأساسية للإبداع و الفنون من صالات العرض و المسارح و تأهيل النوادي في الأحياء المنتشرة في البلاد، و أكتشاف المواهب و قدرات الشباب في المجالات الإبداعية المختلفة.

2 – قيام المهرجانت الثقافية و مسرحيات و الحفلات الموسيقية و المعارض التشكيلية، و طباعة كل من دواوين الشعر للشباب و القصص القصيرة و الروايات. و بيعها بأسعار رمزية حتى تصبح القراءة متيسرة للجميع و تصبح إشعاء لوع جديد يتماشى مع حلم المستقبل.

3 – قيام السمنارات و الندوات الشبابية في مجالات الفنون المختلفة. أن تفجير الطاقات الإبداعية سوف تمتد إلي كل الصناعات و الحرفيات.

البناء التنظيمي للمجلس:

يتكون المجلس من جمعية عمومية و مجلس أشرافي و الإدارة التنفيذية إلي جانب فروع تنفيذية في مجع الأقاليم.

1 – الجمعية العمومية تتكون من الشباب المبدعين في كل ضروب الفنون الذين ظهروا في ساحة الاعتصام، و يضاف إليهم ممثلين من كل أقليم السودان إلي جانب لممثلين لكل من وزارة الإعلام و الثقافة و وزارة التربية و وزارة المالية و من وزارة الشرطة، و ممثل لاتحاد الفنانين و اتحاد الدراميين و اتحاد الصحافيين و ثلاثة ممثلين من جامعة السودان في الدراما و الموسيقي و الفنون التشكيلية و النحت. ممثلين للهيئة القومية للإذاعة و التلفزيون. و الجمعية العومية تجتمع سنويا تجيز الميزانية و البرامج، و البرامج للسنة القادمة، و أختيار المجلس الإشرافي و اللجنة التنفيذية للمجلس.

2 – اللجنة الاشرافية: يجب أن لا يزيد عدد أعضاء اللجنة علي الأربعين شخصا، و تجتمع كل ثلاثة شهور في العاصمة أو في أحد الأقاليم لكي يكون هناك رابط قوى بين المركز و الأقاليم في شكل تروس دائري يتفاعل مع بعضه البعض علي أن يكون ممثلي الاتحادات و الوزارات و المؤسسات ثابتين في اللجنة و البقية من الشباب في المركز و الأقاليم.

3 – الإدارة التنفيذية هي التي تدير النشاط الإداري و الإبداعي للمجلس إلي جانب الإنتاج في حقول الأبداع المختلفة. الإدارة التنفيذية هي التي تقوم باختيار اللجان التنفيذية في الأقاليم.

التمويل المالي لنشاطات المركز:

1 – يجب أن يعتمد المجلس علي إنتاجه و نشاطاته الخاصة في تمويل المجلس حتى يعطيه مساحة للحرية في العمل، دون تدخل الجهات السياسية. خاصة أن الأحزاب السياسية في السودات تريد أن تدخل أنوفها في كل شيء، و أبتعاد المجلس من الدعم المالي للسلطة التنفيذية سوف يجعله متحرراً.

2 – أن رعاية مجلس السيادة الهدف منها هو الابتعاد عن أي محاولة لتسيس المجلس، لأن التجاذب السياسي سوف يؤثر علي فاعلية المجلس، و إذا كان هناك دعم مالي يجب أن يأتي من الجهة التي تمثل السيادة في الدولة.

3 – يحتاج المجلس في دعم في فترة التأسيس لذلك كان المطالبة بتخصيص 4% من الأموال التي تقوم بإرجاعها لجنة إزالة التمكين و محاربة الفساد، علي أن تخصص بناية تسع عمل المجلس م البنايات التي يتم إرجاعها للدولة و أيضا لفروع المجلس في الأقاليم. و هي تمثل نواة للإنتاج الفنى و الإبداعي.

4 – الاستفادة من الجاليات السودانية في المهاجر التي تستطيع تنظيم مهرجانات و معارض للفن التشكيلي و المسرحيات و بيع الإصدارات.

5 – الاستفادة من دعم المنظمات العالمية إذا كانت في الأمم المتحدة أو في عدد من الدول التي تقدم الدعم و المنح و أيضا بعض الشركات و منظمات للتمويل تسهم في تقديم منح لنشاطات الشباب الإبداعية، و مثل هذا الدعم يتم الاستفادة منه في النشر ” الشعر – قصص قصيرة – روايات – مسرحيات” وبيعها بأسعار رمزية يستطيع أي شاب في الطبقات الفقيرة أن يشتري هذا الإنتاج.
و أيضا توفير أدوات و حاجات الفن التشكيلي من ألوان و أحبار و ورق رسم و أدوات نحت و بيعها باسعار يستطيع الفنانين الحصول عليها و حتى يمكن أن تعطي و يدفع الفنان ثمنها بعد بيع لوحاته.

أن المجلس يستطيع أن يلعب دورا أساسية في تغيير المفاهيم الخاطئة في السودان، و يصبح الوطن هو الأرضية التي يجب أن ينطلق منها الجميع، و أيضا هو محاولة لتغيير طبيعة التفكير التي أورثت العجز و الفشل في البلاد، و الاستفادة من الإبداع في كيفية تعبئة الجماهير من أجل البناء. و تعريف أن الديمقراطية تؤسس علي الواجبات و الحقوق، و علي المواطن أن لا يتأخر عن أداء الواجب و لا يتنازل عن حقوقه. و نسأل الله التوفيق و السداد.

زين العابدين صالح عبد الرحمن
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..