التفاصيل الكاملة ليوم 1 / 1 1956/ م

تقرير : فاطمة أحمدون :

شهد 1/1/1956 مولد دولة السودان وانطواء علمي الحكم الثنائي اللذين ظلا يرفرفان في بلادنا منذ الثالث من سبتمبر 1898 بعد اندحار جيش المهدية في كرري ورفع علم السودان يوم 1/1/1956م في حفل رسمي داخل السرايا لم يسبق له مثيل، وحفل شعبي في ميدان كتشنر لم يشهد التاريخ له مثيلاً وفي ذلك اليوم العظيم كان الشعب السوداني البطل يرددها بقوة: اليوم نرفع راية استقلالنا… ويسطر التاريخ مولد شعبنا… يا إخوتي غنوا لنا..

سبق مولد دولة السودان المستقلة الكثير من الأحداث المهمة المتمثلة في الاتفاقية المبرمة بين بريطانيا ومصر في عام 1953 والتي تنص على أن يقرر السودان مصيره عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة تختار بين الاستقلال الكامل والارتباط مع مصر وقيام حكومة سودانية انتقالية لتوفير الجو المحايد الحر لتقرير المصير، وتجلى ذلك بسودنة الوظائف التي كان يشغلها موظفون بريطانيون ومصريون، إضافة إلى جلاء القوات المصرية البريطانية والتي كانت مرابطة منذ 1898م.

ومضت الأيام ونفذت الاتفاقية تنفيذاً دقيقاً، وفي 16 أغسطس 1955 اتخذ البرلمان قراراً يطلب فيه جلاء القوات الأجنبية من السودان ووضع خطط تقرير المصير عن طريق استفتاء شعبي بدلاً عن جمعية تأسيسية كما نصت اتفاقية السودان، وكان هذا القرار قد اتخذ بتوجيه من السيد علي الميرغني زعيم الختمية وباركه السيد عبد الرحمن المهدي زعيم طائفة الأنصار، وبعد وقت قصير من الاتفاق نشرت صحيفة الأيام الخبر الذي بعث به مراسل (التايمز) في القاهرة بأن الاتفاق الجديد يخول للجنة الدولية أن تلغي عملية تقرير المصير أو ترجئها كما يعطي دولتي الحكم الثنائي الحق في ألا تعترفا بإرادة السودانيين إلا بعد التفاوض مع ممثلي البرلمان السوداني بشأن إنهاء الحكم الثنائي وبذلك كانت دولتا الحكم الثنائي قد قدمتا فكرة تقرير المصير في البرلمان القائم وأخذت الأحزاب السودانية تعقد الاجتماعات بهدف تكوين الحكومة الانتقالية.

استقالة الحاكم العام

في تلك الأثناء أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أن حاكم عام السودان السير نوكس هلم قد قرر الاستقالة من منصبه لأسباب شخصية وأن بريطانيا ليست بصدد تعيين حاكم عام وأنها تتفاوض مع الحكومة المصرية وقد استفادت أحزابنا في ذلك الوقت من هذا الموقف وأعلن كل رؤساء وزعماء الأحزاب عن رغبتهم في الاستقلال الكامل.

لحظة الاعتراف

في اليوم التاريخي 1/1/1956 وفي الجلسة (53) وقف إسماعيل الأزهري رئيس الوزراء وطلب الإذن لتلاوة الخطابات التي تسلمها من مندوب كل من الحكومة البريطانية والمصرية.

خطاب عبد الناصر للأزهري

السيد رئيس وزراء حكومة السودان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحكومة المصرية عملاً بنواياها التي جاهرت بها وبمعناها الذي جاهدت لأجله لتحقيق حرية الشعب السوداني تعلن فوراً الاعتراف بالسودان دولة مستقلة ذات سيادة، وقد أصدرت الحكومة المصرية تحقيقاً لهذا الإعلان المرفق اعتمدت إنابة السيد الأميرلاي أركان حرب عبد الفتاح حسن، ولي عظيم الشرف بالأصالة عن نفسي والإنابة عن الحكومة المصرية أن أزجي لسيادتكم خالص التهنئة بهذا اليوم الخالد في تاريخ السودان وأن أبتهل إلى الله أن يسدد خطاه في حاضره ومستقبله.

وتفضلوا بقبول خالص مودتي واحترامي

جمال عبد الناصر- رئيس وزراء حكومة مصر

كما تلى الزعيم إسماعيل الأزهري الإعلان المرفق مع الخطاب والذي جاء نصه كما يلي:

(استجابة للقرار الذي اتخذه البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955 والذي أعلن فيه أن السودان دولة مستقلة ذات سيادة اعتباراً من تاريخ أول يناير 1956م.

وتأمل جمهورية مصر في الوقت الذي تعترف فيه باستقلال السودان، أن تستمر رعاية الاتفاقيات والتي عقدتها دولتا الإدارة الثنائية واتفقتا على تطبيقها على السودان وسيكون من دواعي سرورنا تأييد الحكومة السودانية، كما ترجو جمهورية مصر أن تتعاون معها الحكومة السودانية في كل الخطوات الضرورية لتصفية الإدارة الثنائية في السودان).

الإمضاء

جمال عبد الناصر

كما تلى الزعيم إسماعيل الأزهري خطاب الاعتراف البريطاني والذي نصه كما يلي:

(صاحب السعادة السيد إسماعيل الأزهري

تسلمت حكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا قرار البرلمان السوداني وقد أصبح دولة مستقلة والذي يطالب فيه دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بذلك فوراً وإجابة لهذا المطلب فقد خولتني حكومة المملكة المتحدة بأن أحيطكم علماً بأننا نعترف منذ تاريخ اليوم بأن السودان قد أصبح دولة حرة مستقلة ذات سيادة، وبينما نتقدم بهذا الاقتراح نثق في المملكة المتحدة بأن حكومة السودان ستظل تنفذ الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمت إنابة عنه والتي طبقت على السودان بواسطة دولتي الحكم الثنائي كما تأمل الحكومة البريطانية في أن تتعاون معها حكومة السودان في جميع الخطوات المطلوبة لتصفية الحكم الثنائي- مع خالص التقدير والاحترام).

الإمضاء: سلوين لويد

وبعد أن تلى الزعيم الأزهري هذا الاعتراف وخطاب عبد الناصر قال (أود أن أتقدم للمجلس والرأي العام بتعليق بسيط على ما قرأته الآن وهو ابتداء من انتهاء هذه الجلسة ونبدأ في ممارسة السلطات الخاصة بالشؤون الخارجية والتي كانت من قبل وبمقتضى أحكام الدستور والحكم الذاتي السابق والأوضاع السابقة من اختصاص الحاكم العام، وسوف نتقدم للحكومتين البريطانية والمصرية بطلب تحديد تلك المعاهدات والاتفاقيات التي أشار إليها في خطاب الاعتراف قبل أن نعطي التزامنا وسنعرض على المجلس الموقر بياناً بها).

علم السودان يرفرف

وفي الساعة التاسعة والدقيقة الثانية من صباح يوم الأحد أول يناير 1956 بدأ علما الحكم الثنائي في الهبوط من ساريتهما للمرة الأخيرة وفي تمام التاسعة والدقيقة الرابعة من صباح نفس اليوم السعيد استقر علم السودان في أعلى السارية يرفرف وحده، وقد اشترك السيدان إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب في رفع العلم السوداني.

أصوات النواب

وفي تمام الساعة الحادية عشرة والربع ارتفعت أصوات النواب في قوة وحزم واعتداد تعلن استقلال السودان عندما طرح الرئيس الاقتراح للتصويت، فخرجت كلمة نعم قوية داوية تسجل بداية تاريخ جديد ومولد أمة حرة حطمت قيودها وخرجت ظافرة من معركة التحرير وضجت الشرفات بتصفيق حاد اشترك فيه كل فرد حتى الأجانب، وبينما كانت قاعة المجلس تضج بالفرحة انطلقت المدافع في الخارج ترسل قذائفها وتدوي كالرعد أمام مبنى قوة الدفاع وقد التفت جموع الشعب حولها تهلل وتصفق وتهتف ثم بعد ذلك عرض اقتراح بتكوين لجنة خماسية لتمارس سلطات رأس الدولة، فأجيز الاقتراح بالإجماع وكذلك أجيز الاقتراح بقيام الجمعية التأسيسية وانفضت الجلسة في تمام الساعة الثانية عشرة وأقبل النواب حكومة ومعارضة يهنئون بعضهم البعض، كما أقبل الزوار وفي مقدمتهم الأجانب يتبادلون التهاني ثم اختلط الجميع مع النواب في ساحة البرلمان في عيد من الفرح والغبطة.

الموكب التاريخي

انتهت الجلسة التاريخية وسار الموكب من دار البرلمان إلى سرايا الحاكم العام وانتظم أعضاء الحكومة والمعارضة ووزراء الحكومة وأنصارها خلفهم ويقابلهم في الجانب الآخر وزراء الظل وأنصار المعارضة وفي حدائق السراي وقف السيدان علي الميرغني وعبد الرحمن المهدي وكبار موظفي الدولة يشاهدون احتفال الشعب السوداني باليوم التاريخي وكيف أنزل البوليس علمي دولتي الحكم الثنائي وسلموهما إلى مندوبي الدولتين.

دموع الرجال

بين هتافات الاستقلال وتهليل الجماهير فاضت دموع السيد عبد الرحمن المهدي فرحة بعد أن تحقق للسودان الاستقلال الكامل والسيادة التي نادى بها زعيم الأنصار رئيس حزب الأمة، وكان الموقف بحجم الدموع وشاركه الكثيرون الدموع تعبيراً عن الفرحة وكم هي غالية دموع الرجال.

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. ‎01/01/1956 الاستقلال من المستعمر الانجليزى

    01/01/2013 الاستقلال من المستعمر المجوسى ان شاء الله

    فلنعيد التاريخ ونعلمهم الدرس

    الكنداكه الى القصر .. الكنداكه حتى النصر

  2. الاستقلال الوهم …… حسابات صفريه في كل الاتجاهات.. بصراحه كدا استقلال لم نستحقه من قوله تيت شايتين غلط ,, لحدي وصلت لناس صقيرها حام ,, و تمو المقصر و ضاعت البلد حيث لا عزاء و البقيه في حياتكم………. اول سنه الواحد يتمني لو كان ما استقلينا

  3. *يوم 1/1 شهد مولد جرثومة الحرب الخاصة باقلية الجلابة كما صاغها الغازي الرحل زي ما شايفين بي مزيكة، او كركون شرف!

    *في سبتمبر 1898 لم يندحر جيش دولتنا الفتية او يهزم، ولكنو ابيد، او كلام الغزاة انفسم ياكيزان!

    *الي هذا التاريخ السودان يقررو مصيرو ذات تحالف هكس او علاء، اي الغرب والعرب، لانو محتل بالوكالة الي اللحظة، ومعلن بحد السيف كدولة عربية تبيد الملايين من مواطنيها، لانهم “زرقة” اي سودانيين، والاتفاقية فعلا نفذت تنفيذ دقيق، حيث ابيد بالفعل قرابة ال8,000,000 Negro او زناجري بالعربي، من دون ماهكس ولا العياط يفك طلقة او يخسر فلس!

  4. تستقل الشعوب من المستعمر من اجل النهضة بخيرات بلدانهم .. اما نحن فنلنا استقلالنا من المستعمر .. ولكن انكوينا بمن هم احقر من المستعمر ..
    اذن فكان خير لنا المستعمر بكل المقاييس من هؤلاء …

  5. جزاء الله الاب القائد السيد الرئيس الشهيد اسماعيل الاذهرى خير الجزاء وان يسكنه فسيح جناته مع الصدقين والشهداء وان يجعل كل نضاله من اجل الحرية فى ميزان حسناته نحن نذكرك وسنظل نذكرك لاخر الزمان يااذهرى ياابوالوطنية والنضال

  6. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أمام المتقين سيدنا /محمدالصادق الوعد الأمين وبعد:
    بحمد الله جاء هذا اليوم بعد أن قدم الرجال سيل من التضحيات والدماء.
    كان ثمرة جهد وعزيمة الشهداء طيب الله ثراهم جميعا؟ وعاش السودان حرا مستقلا -ديننا الأسلام ووطننا السودان لا مصر ولا بريطانيا؟ لقد تم طردهم جميعا بتضحية الرجال الأشاوس ياأقزام؟يا أشباه
    الرجال .والسودان أصبح وطن للجميع فيه كل الأعراق والأجناس ؟ والحكم لله الواحد القهار.
    أنا لا أسب أحد فلنتقي الله في وطننا -لمن يكم اليوم أو غدا. والحمد لله بعد الأنفصال جاء الأستقلال
    الحقيقي لأن الجنوبيييييييييييين كانوا أخوة لنا في الوطن ولكنهم يضمرون لنا حقدا دفينا
    زرعه فيهم المستعمر.

  7. اسوأ يوم في تاريخ السودان ليتنا لم نستقل الي الان لان المحتل الانجليزي كان يعمر البلاد اكثر من اهلها الان وما زال بنيانهم شاهدا الي الان لم يتغير فيه شيء(وزارات شارع النيل) ولم تمسه التطوير بل عملت معظم الحكومات المتعاقبة علي تدمير ما بناه الانجليز مثلا السكة حديد لم يتغير مسارها عن القديم ولا شبر التعليم جامعة الخرطوم كانت اعرق جامعة في افريقيا والوطن العربي والان عبارة عن ثانوي عالي الزراعة يكفي القول باننا نستور الطماطم من اثيوبيا الاقتصاد (الفاتحة) ما جاء بعد هذا اليوم عبارة عن اللصوص من اهل البلد مثل ال المهدي الذين يعتقدون ان هذا البلد ملكهم رغم انهم لم يقدموا الا الجهل و تفرقة الناس وجعلهم احزابا واخرها الكيزان الذين امتلاءت كروشهم من المال العام وفصلوا الجنوب واشعلوا نار العنصرية ليتفرق المواطنين من كل البلد ويستاثروا بالحكم ليت المستعمر يرجع من جديدويحتلنا للابد

  8. عرب وافارقه إيه يا جهله كلكم يا ضيقي الأفق السودان يسع الجميع لكن ليس هناك ولا بصيص أمل ان يتقدم هذا البلد ليس لعيب فيه ولكن لسوء أنفسكم جميعاً اتمني يومًا ان آري واسمع رأي ذي نظره ساغبه وبعيده الأمد لا تشيعوا وطن لن تجدوه أبداً فنحن جميعاً هذا الوطن ولا تلثها خلف من يدس لكم العسل في السم ويزين لكم مسوءه بعض ليسلب منكم هذا الوطن وكل عام وسوداننا بخير بافارقته وعربه صغاره وكباره

  9. بصراحة تامة ماذا استفاد السودان منذ استقلاله حروبات ونزاعات لااول لها ولايعرف كيفية انتهائها الا الله عز وجل منذ يوم 1-1-1956 تعاقبت علي السودان المحن والكوارث من حكومات كارثية انتهاء بحكومة الشيطان الاكبر عمر البشير ومعاونوه من المرضي نفسيا وعقليا من المتشددين هذا هو تاريخ السودان حتي 31-12-2012 فهل من جديد لاجديد اطلاقا

  10. قبل أن تكتب في موضوع تاريخي يتوجب ان تبحث المعلومة وتشير الى مصادرك، معظم ما اوردته منافي للحقيقة ولايمت لها بصلة: اولا ما قلته ان (في اليوم التاريخي 1/1/1956 وفي الجلسة (53) وقف إسماعيل الأزهري) لم يكن هنالك جلسة في هذا اليوم ولاعلاقة من قريب او بعيد في اختيار اليوم بالجمعية التأسيسية
    لا بريطانيا او مصر او الازهري او شيوخ الختمية او الانصار لهم علاقة باختيار يوم الاول من يناير!؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..