مقالات سياسية

دموع الوزير لا تكفي!!

حسن أبوزينب عمر

استوقفني قبل أيام خبر جاء في أحد الصحف تحت مانشيت يقول ان وزيرا دشن مشواره بعد اختياره لأداء مهمته ذارفا غزير الدمع على الحالة التي انتهى بها البلد .الوزير هو وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الامين التوم والسبب تأثره بجيوش الطلاب الذين خارج مظلة التعليم فضلا عن الاوضاع المأسوية والبيئة المتردية للتعليم .
( 2 )
مع كامل ايماننا بحق الوزير في البكاء فان المشهد العام للتعليم في السودان قاتم حالك السواد ليس للطلاب خارج مظلة التعليم فحسب بل داخل حوش التعليم نفسه فلأسباب لا تفهم سوى بأنها بوبار رخيص يفسر كيف أن الانقاذ أهدرت مالا وجهدا بالتركيز على الكم وليس الكيف ..والنتيجة ان التعليم دخل دائرة البيزنيس والثراء السريع وأهم متطلباته بناية في موقع استراتيجي .
(3)
يلفت النظر هنا أيضا ان الانقاذ وبسياسة التمكين شردت الكفاءات البشرية من اساتذة الجامعات وأولت مسئولية تدريسهم الى موالون غير مؤهلين ..أسألكم بالله أن تنظروا الى لافتات الترويج للجامعات والاكاديميات التي تسد الافق في شوارع الستين واوماك وعبد الله الطيب في الخرطوم .. أنها جامعات بائسة تعيسة تقذف كل عام مئات الآلاف من الخرجين الى مصير مجهول في الشارع العام.

(4 )

لازلت اتذكر هنا كيف تحلقنا قبل سنوات حول أحد وزرائنا وكان في زيارة للسعودية في مقره في فندق كارلتون ريتنز وما أدراك ما فندق كارلتون ريتز .. تحفة فنية تقع في الحي الدبلوماسي اذا قيمت درجته من حيث الفخامة والرقى فهامته تستحق ان ترصع ليس بخمس نجوم بل بكل النجوم التي تتلالأ في الفضاء .. تأملت الرجل الذي حاضرنا بحماس وهو يضع رجل على رجل عن الرخاء الذي حل بالسودان .حدثنا عن الطفرة التعليمية في السودان وكيف ان عدد  الجامعات قفز من ثلاثة جامعة الى 26 (هذا كان وقتها ) والله وحده يعلم الى أين تمدد الآن الورم السرطاني .
( 5 )
أوقفه هنا أحد المغتربين وقال أن ابنته تدرس الطب في الجامعة وذكر اسم المدينة التي توجد بها الجامعة وأنه يدفع 7 آلاف دولار سنويا ولكن الاساتذة الذين يقومون بتدريسها طلاب في نفس الكلية ويريد تفسيرا لذلك  .. أنتظرنا رد الوزير الذي كان يستمتع بنعم الفندق الفخم والذي بدا أن القنبلة التي فجرها تحت قدميه زميلنا المغترب أخذته على حين غرة  .
( 6)
تململ الرجل في كرسيه محاولا اخفاء حالة من الخيبة ارتسمت على وجهه وتسائل بصوت خفيض ألا يحملون حتى درجة الماجستير؟  لا ادري لماذا قفزت في ذهني وقتها حكاية فرعون مصر الذي كان يدعي الربوبية ومع ذلك يمشي عريانا .. ولكن سؤال المغترب لازال مطروحا دون اجابة ليس في ساحة الجامعات التي اصبحت بكثرتها كالهم على القلب كما يقول اشقائنا المصرين فحسب بل داخل حوش كل أجهزة الخدمة المدنية .
(7)
يحتار المرء حقيقة أنه وسط الركام الهائل الجاثم على صدر السودان الآن تتعالى علامات استفهام عديدة فمن الذي لا يبكي في السودان ؟ هل يستطيع أحد القول عفا الله عن ماسلف على 350 ألف روح أزهقت في دارفور.. المخلوع أعترف بعشرة آلاف ؟ هل نستطيع اسدال الستار على مؤسسات كانت مليء السمع والبصر وكانت الثدى الذي رضع منه السودان منذ الاستقلال كمشروع الجزيرة والسكة حديد وسودان لاين وسودان ايرويز ثم نهبت وسرقت وبيعت في ظروف غامضة في المزاد العلني .هل نستطيع أن نسد آذاننا بالطين والعجين أمام مجزرة بورتسودان وقتلى المناصير وضحايا الذخيرة الحية التي استهدفت رؤوس الطلاب اليافعين في معسكر الخدمة الوطنية في العليفون ؟
( 8 )
ثم تأملوا هذا الكم الهائل من حملة الدكتوراة الذين تفرزهم جامعات الوهم هذه كل عام والذين يطلقون عليهم بروفيسيرات ..تأملوا المستشفيات التي تعح بها العاصمة وكلها تحمل لقب المستشفىات المتخصصة ..ومع ذلك يعمل المرضى المستحيل لضرب أكباد الطائرات الي مصر والاردن طلبا للعلاج . هل أصبحنا مستنقعا للشعارات للفارغة عديمة المضمون  ؟.
(9 )
سيدي الوزير الذي يلفت النظر هنا ان السودان الآن مؤهل بكل جدارة ودون منافس ان يكون حائطا للمبكي بطول البلاد وعرضها بعد ان قضى جراد الانقاذ النهم على الاخضر واليابس على مدار 30 عاما .  عاما
( 10 )
لكن البكاء وحده لا يجدي والمطلوب فتح كل الملفات التي تنزف الدم والدموع ليس باحكام القبضة الامنية على من تبقي مما أجرم في حق الشعب فحسب بل بمطاردة الذين تسربوا كالنمل من عيوبنا وهو ما فعله جهاز الموساد مع بقايا النازي الذين اختفوا وتشتتوا في فجاج الارض بعد الحرب العالمية الثانية والا فان استمرار مسلسل هروب قادة الانقاذ لا فرق من السجون أو من الحبس التحفظي سيقف دليل ادانة وتشكيك في ذمة الاجهزة الامنية ..ووقتها فمن حق الجماهير المكلومة الغاضبة الصبورة أن تطالب بفلوسها اذا تحول الانجاز التاريخي الى سيما أوانطة .

حسن أبوزينب عمر
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. المدخل الوحيد لتصحيح مسار التعليم في السودان هو كنس موظفي سياسة التمكين الايدولوجيين في الوزراة وتعيين شباب ثوريين على مستوى رؤساء الادارات والوحدات التابعة للوزارة فوراً دون ابطاء….

  2. ليس فقد تصحيح مسار التعليم في السودان بل تصحيح مسار الحياة ودولاب العمل في كل الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية بكنس آثار الكيزان جميعها، لا يستقيم الظل والعود أعوج، لابد من العمل الجاد وعدم الانتظار حتى التصويت على قانون دائم يحكم السودان الشرعية الثورية تتطلب محاسبة المجرمين في حق الأمة والشعب بنفس القانون الذي حاكموا به الشرفاء ظلماً يجب محاكمتهم بالعدل الذي بكل تأكيد سيثبت إجرامهم في حق شعب السودان وأكلهم لأموال الدولة بالثراء الحرام، هذا الطاعون إذا لم يجتث من أرض الوطن فلا تحملوا بوطن معافى، كل الهم يجب أن يتركز على تصفية هذه العصابة المجرمة، وخلال عام أو أكثر بقليل يجب أن لا يكون هناك كوز في منصب حكومي حساس أو صاحب قرار في أي جهة حكومية أو شبه حكومية ………… خلاص كفاية هم وظلم وعذاب
    محاسبة المجرمين حق أصيل لا يسقط بالتقادم أو الحصول على مناصب في مجلس السيادة ….. يابرهان ما تعمل نائم وين الزول الكتل الصائم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..